أحمد مغربي
أكد رئيس ديوان الخدمة المدنية عبدالعزيز الزبن ان العلاقة بين المؤسسات في القطاعين الحكومي والخاص لم تعد علاقة تقليدية كسابق عهدها، بل اصبح الاندماج والتنافس والجودة والتكامل هي الغاية والنهج والسبيل الى تحقيق الأهداف التي تسعى اليها تلك الأجهزة لاسيما شركات المال والأعمال التي تؤثر وتتأثر ببعضها البعض في ظل النظم العالمية الجديدة.
حديث الزبن جاء على هامش افتتاحه لملتقى «تنافسية قطاع الأعمال العربي.. الفرص والتحديات» الذي افتتحه امس نيابة عن وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء روضان الروضان وتنظمه المنظمة العربية للتنمية الادارية في مقر المعهد العربي للتخطيط.
وأوضح الزبن ان هناك العديد من الصعوبات والتحديات التي تواجه منظمات الأعمال على جميع المستويات الاقتصادية، كما تتواجد فرص مجالات عديدة لمواجهة تلك المخاطر والعقبات والتغلب عليها بل واستثمارها بشكل أكثر ايجابية وفاعلية من خلال الرغبة الأكيدة لدى الدول والمؤسسات والأفراد لتجاوز الأزمات بالاستفادة المثلى من الموارد والامكانيات المتاحة وحسن استثمار القدرات وتشجيع المبادرات.
وأشار الزبن الى ان هذه الصعوبات تحتاج الى بذل الكثير من المجهود وإجراء العديد من البحوث وتوفير الموارد وانجاز البرامج وإثبات القدرة على التكيف مع الظروف والمتغيرات العالمية، والسعي الدائم للوصول الى الحلول المتطورة بما يتوافق مع طبيعة المناخ والسمات المميزة لاقتصاداتنا وعوامل وأدوات التنمية الشاملة.
وأضاف قائلا: لاشك، ان عالمنا المعاصر اليوم يتميز بالسرعة والديناميكية والتغيرات المستمرة في كل شيء حتى باتت الكيانات والمنظمات في حالة حراك وتطوير دائم.
من جانبه، قال رئيس وحدة الاستشارات بالمنظمة العربية للتنمية الادارية د.عبدالرحيم علام ان بيئة الأعمال على المستوى العالمي تتسم بعدد من الخصائص التي تؤثر على المؤسسات وذلك نتيجة تحديات عديدة أفرزتها متغيرات عديدة من عالم سريع التغير، مشيرا الى ان العولمة تكاد تشكل صلب التحديات التي تواجهها أغلب المؤسسات.
وأوضح ان المنافسة تزداد حدتها وتتعدد منابعها فهناك منافسة أنشأتها تكتلات وتحالفات المؤسسات الكبيرة مع تنامي عمليات المؤسسات العالمية متعددة الجنسيات، وكذلك المنافسة الشديدة التي تزيد حدتها مع تزايد عدد التكتلات الاقليمية بين دول متعددة من بقاع العالم، إضافة الى أزمات مالية نقدية واقتصادية تضغط على مؤسسات الأعمال العربية بين الحين والآخر.
وبين ان معظم المؤسسات العربية وجدت نفسها في منافسة صعبة مع مؤسسات تميزت بالتوافق مع معايير الجودة العالمية، وكل هذا يجري في سوق أصبحت عالمية بفعل اتفاقية التجارة العالمية وتنامي استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات المتقدمة التي جعلت الأسواق مفتوحة امام منتجات منافسة.
وأشار الى ان عددا قليلا من المؤسسات العربية استطاعت الدخول الى الأسواق العالمية والتنافس الفاعل بها، وذلك بتأثير مباشر من القيود المتمثلة في المعايير العالمية للمتطلبات البيئية والايكولوجية والجودة والتي قد تمثل أحيانا عوائق كبيرة للموقف التنافسي لمؤسسات الأعمال العربية.
وذكر انه في ظل هذه التغيرات والتطورات الجديدة والمتنامية برزت لدى المؤسسات اهتمامات عديدة ومتجددة انصبت أساسا في كل ما له علاقة بالتنافس والبيئة التنافسية، وفي إطار البحث عن الاستراتيجية التنافسية المناسبة لمجابهة هذا التحدي لتحقيق أحسن أداء، وبالتالي تحقيق أهداف من أهمها ميزة تنافسية دائمة ومستمرة، ويستعرض هذا الملتقى العناصر الداعمة لتحقيق هذه الأهداف ومن أهم هذه العناصر الحوكمة والمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات.
من ناحيته، قال المدير العام بالإنابة في المعهد العربي للتخطيط د.علي عبدالقادر علي ان المعهد عكف منذ عام 2003 على اصدار تقرير حول التنافسية في الدول العربية، وهو تقرير دوري يصدر كل عامين، وقد صدر منه 3 أعداد حتى الآن.
وأوضح ان تقرير التنافسية يميز بين مستويين للتنافسية هما:
أ ـ التنافسية الجارية والتي تركز على الأداء الجاري للاقتصاد والعوامل التي تؤثر عليه مثل (الأسواق ومناخ الأعمال وعمليات الشركات واستراتيجياتها).
ب ـ التنافسية الكامنة والتي تعنى بالقدرات بعيدة الأثر على التنافسية بما في ذلك الطاقة الابتكارية، ورأس المال البشري، ونوعية البيئة التحتية التكنولوجية. وأشار الى ان المعهد قام منذ العام الأكاديمي 2006/2007 بتعديل أنشطته التدريبية وذلك باستحداث أنشطة متخصصة حول التنافسية تندرج تحت دبلوم تدريبي لمدة سبعة أسابيع يحمل عنوان «التنمية والعولمة والتنافسية» اشتملت برامجه الأسبوعية على: اقتصاديات العولمة، تحديات العولمة وآثارها، تحليل القدرة التنافسية، سياسات تطوير القدرة التنافسية، التجارة الخارجية، الاستثمار الأجنبي المباشر.
وأضاف علي قائلا: «بالإضافة الى تقرير التنافسية العربية، والأنشطة التدريبية المتخصصة في مجال التنافسية تلقي المعهد خلال الفترة منذ عام 2004 حتى الآن 13 طلبا استشاريا للتدريب على مختلف مجالات قياس التنافسية وصياغة السياسات الملائمة لدعمها، وذلك من عدد من الدول العربية شملت الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة والجزائر وسورية وتونس».
وذكر علي ان الأدبيات المتخصصة في مجال النمو الاقتصادي، وهو مجال يعتمد على تنافسية الدول من خلال تنافسية شركاتها، توضح ان المؤسسات تعد من أهم محددات هذا النمو على المدى الزمني الطويل. وكما هو معروف يُقصد بالمؤسسات في هذا الصدد كل أنواع القوانين والأعراف التي تبتدعها المجتمعات لضبط التبادل والتعامل فيما بين أفرادها وكل أنواع المنظمات والشركات التي تقوم بالسلوك على هدي هذه القوانين والأعراف. ومن منطلق مثل هذا الفهم، نجد ان المنظمة العربية للتنمية الإدارية مؤهلة تأهيلا عاليا لتحليل ودراسة ودعم قضايا التنافسية، خصوصا فيما يتعلق بالمحورين الثالث (حول السياسات الداعمة لتنافسية الشركات)، والرابع (حول المسؤولية الاجتماعية للشركات).
وفي ختام كلمته، أشاد علي بالجهود التي بذلتها المنظمة العربية للتنمية الإدارية في الإعداد للملتقى، خصوصا فيما يتعلق بتحديد أهدافه، واختيار محاوره، واستهداف الجهات الملائمة للمشاركة فيه. ويهمنا في هذا الصدد التأكيد على اتفاقنا مع المنظمات في شأن تعريف تنافسية الدول انها تتحدد بـ «التنافسية الوطنية لشركاتها ومؤسساتها في مختلف القطاعات»، وان الاستراتيجيات التنافسية لشركات القطاع الخاص تهدف الى «تعزيز القدرات التنافسية والاجتماعية على جميع مستويات النشاط الاقتصادي».
من ناحيتها، قالت المنسق العام للملتقى رانيا عبدالرازق ان المنظمة العربية للتنمية الإدارية قامت بتبني فكرة تنفيذ ملتقى تنافسية قطاع الأعمال العربي نتيجة للحاجة الملحة لتناول قضية القدرة التنافسية والإنتاجية على جميع مستويات النشاط الاقتصادي في الدول العربية، الأمر الذي يؤدي لزيادة الناتج القومي لتلك الدول، وكذلك لكون المنظمة بيت الخبرة العربي المعتمد والمعني بتنمية الإدارة في الدول العربية وجسرا لنقل وتبادل الخبرات العربية.
وقالت ان تعاون المنظمة العربية للتنمية الإدارية مع المعهد العربي للتخطيط باعتباره مؤسسة عربية إقليمية عريقة تهدف لدعم المسيرة التنموية في الأقطار العربية، يمثل ترجمة للعلاقات التاريخية الوثيقة والمستمرة بين المنظمة والمعهد.
كما يعتبر المعهد رائدا في مجال التنافسية في الوطن العربي وله العديد من الإسهامات والدراسات في هذا الإطار، ويعتبر تقرير التنافسية العربي الذي يصدره المعهد مرجعا مهما لجميع المهتمين بموضوع التنافسية بما يساعد على بلورة ومعالجة التحديات التي تواجهها الدول العربية في الأسواق الدولية.