تدخل اسبانيا عام 2011 وقد هزتها مشكلات اقتصادية كبيرة وازمة ديون متفاقمة بعد تمكنها من التغلب على أكبر حالات الركود التي خاضها الاقتصاد الاسباني في تاريخه وسط خشية المحللين الاقتصاديين من وقوعه في حلقة جديدة من دوامات الازمة.
وشهد الاقتصاد الاسباني الذي يعد خامس اقتصاد في الاتحاد الاوروبي من حيث الكبر ركودا اقتصاديا نتيجة انفجار الازمة المالية العالمية التي عصفت بالبلاد في 2008 تجسدت آثاره في تجاوز معدلات البطالة 20% وارتفاع العجز العام في ميزانية الدولة بنسبة 10% مقارنة بعام 2009 ليبلغ 38.8 مليار يورو خلال الاشهر بين يناير ونوفمبر الماضيين.
وتفيد تقارير صادرة عن بنك اسبانيا المركزي بأن الديون العامة سجلت زيادة قدرها 16.26% خلال الاشهر التسعة الاولى من عام 2010 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2009 لتبلغ 611 مليار يورو مستقرة عند 57.7% من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد ومقتربة جدا من النسبة القصوى التي حددتها معاهدة ماستريخت التي تنص على ألا تزيد نسبة ديون أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي على 60%من إجمالي ناتجها المحلي.
وكانت الحكومة الاسبانية قد سعت الى اغلاق عام 2010 بنسبة ديون عامة تبلغ 62.8% من الناتج المحلي الاجمالي وخفض العجز العام الذي بلغ 11.1% من الناتج المحلي الاجمالي عام 2009 الى 9.3% في 2010 والى 6% عام 2011 والى 3% بحلول عام 2013.
ولتحقيق تلك الاهداف اتخذت الحكومة الاسبانية مجموعة من التدابير والاجراءات الاقتصادية في مايو من العام الماضي تهدف الى طمأنة الاسواق الى صلابة النظام الاقتصادي الاسباني لاسيما بعد انهيار اقتصاد اليونان ولجوء دول المنطقة الى تفعيل خطة انقاذ بقيمة 110 مليارات يورو التي لم تكن كافية لتهدئة هواجس انتشار العدوى الى اسبانيا والبرتغال اللتين عانتا من تخفيض تصنيفاتهما قبل وكالات التصنيف الاستثمارية العالمية.
وتضمنت التدابير التي هدفت الى توفير خمسة مليارات يورو خلال 2010 وعشرة مليارات يورو في عام 2011 تخفيض رواتب موظفي القطاع العام بنسبة 5% خلال عام 2010 وتجميد أي زيادة خلال عام 2011 وخفض مرتبات أعضاء الحكومة بنسبة 15% وتخفيض الاستثمارات العامة والمساعدات المخصصة للتنمية فيما اتخذت في سبتمبر الماضي قرار اصلاح سوق العمل الذي اثار سخط وغضب نقابات العمال. وتضمنت تلك التدابير التي اثارت جدلا كبيرا في البلاد تخفيضات ضريبية جديدة للشركات الصغيرة والمتوسطة وإلغاء المساعدات المالية للعاطلين عن العمل الذين انتهت مدة تقديم معوناتهم الاجتماعية وخصخصة 49% من شركة الملاحة الجوية والمطارات الاسبانية الرئيسية الى جانب خصخصة ما يصل الى 30% من نصيب الدولة سعيا الى دفع عجلة النمو الاقتصادي وتسريع عملية خلق فرص عمل جديدة.
من جهة اخرى أكد مسؤولون صينيون امس ان بكين مستعدة لمساعدة اسبانيا على الخروج من الازمة الاقتصادية التي تواجهها وستواصل شراء دينها العام.
فقد كتب نائب رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ في افتتاحية نشرتها صحيفة البايس امس ان الصين تثق في السوق المالية الاسبانية وستواصل شراء دينها العام. وقال المسؤول الصيني ان «الصين بصفتها بلدا مستثمرا مسؤولا على الامد الطويل في السوق المالية الاوروبية وخصوصا الاسبانية، تثق بالسوق المالية الاسبانية». واضاف ان هذا الموقف «ترجم بشراء جزء من دينها العام وسنواصل ذلك»، مؤكدا ان بكين «تدعم الاجراءات التي تبنتها اسبانيا للإصلاح الاقتصادي والمالي وواثقة من ان هذا البلد سيتوصل الى انتعاش اقتصادي عام». وتأتي تصريحات لي قبل بدئه زيارة تستمر ثلاثة ايام لاسبانيا حيث يفترض ان تتناول محادثاته الصعوبات المالية لمدريد في اطار المخاوف من ازمة الديون السيادية في اوروبا، اول سوق للصادرات الصينية.