احتفل بنك الكويت الوطني امس - كما يحدث في شهر نوفمبر من كل عام - بذكرى افتتاح أبوابه للجمهور لأول مرة، حيث تم ذلك في عام 1952 كأول بنك وطني وأول شركة مساهمة في الكويت ومنطقة الخليج العربي.
وقال تقرير اعده البنك بهذه المناسبة ان احتفال العام الحالي يحمل معاني خاصة كونه يأتى مواكبا للذكرى الـ55 لبدء نشاط البنك الفعلي وتقديم خدماته للعملاء والتي تمثل تتويجا واستمرارا لمسيرة من النجاح تحول خلالها الوطني من بنك صغير انطلق من مساحة ثلاثة دكاكين وبضعة موظفين يعملون بالأساليب اليدوية البدائية الى واحد من أكبر مصارف المنطقة وأكثرها ربحية وريادية وابتكارا.
ففي عام 1952 ظهرت الى الوجود شركة مساهمة صغيرة لم يتجاوز رأسمالها ما يعادل مليون دينار فقط وحملت اسم بنك الوطني المحدود لتعلن عن بدء عهد جديد من الحرية والاستقلال الاقتصادي للكويت التي عاشت سنوات طويلة تحت الانتداب البريطاني ولتعلن استقلال المنطقة ككل حيث لم تكن تضم مؤسسة مالية وطنية واحدة في ذلك الوقت.
ولم يكن في الكويت قبل عام 1952 سوى بنك أجنبي واحد هو البنك البريطاني للشرق الأوسط الذي تم افتتاحه رسميا في فبراير من عام 1942 أثناء الحرب العالمية الثانية.
ومنذ العام 1949 شعر القائمون على البنك البريطاني في الكويت بعدم رضا المواطنين الكويتيين عن نشاطاته وخدماته كما علموا أن هناك تفكيرا لدى بعض التجار الكويتيين وميلا لتأسيس بنك خاص بهم.
وكان ان كتب المعتمد البريطاني في الكويت انذاك عددا من الرسائل السرية الى وزارة الخارجية البريطانية يعبر فيها عن قلقه وتخوفه من تأسيس البنك الوطني وكيفية القيام بمحاولات لعرقلة تأسيسه واستمراره.
وهكذا ظـــهرت لأول مرة فكرة تأسيس بنك كويتي وطني يخدم المصالح الوطنـــية بالدرجة الأولى ويأخذ على عاتقه تطوير وتنمية الاقتصاد الكويتي وانعاش السوق التجاري وتنمية مدخرات المودعين وحفظها.
وكان عقد تأسيس فرع البنك البريطاني في الكويت مع حكومة الكويت ينص على عدم السماح بانشاء بنوك اخرى في الكويت وكان رأي أمير الكويت الشيخ عبد الله السالم في حينها أن ذلك لا ينطبق على انشاء بنوك كويتية داخل البلاد.
وهكذا سمح بانشاء بنك الكويت الوطني في 19 مايو من عام 1952 حيث صدر المرسوم الأميري الخاص بانشائه وفي 15 نوفمبر 1952 افتتح بنك الكويت الوطني للعمل رسميا باعتباره شركة مساهمة كويتية للقيام بالأعمال المصرفية وبهذا يعد أول مصرف وطني في دولة الكويت ومنطقة الخليج العربي على الاطلاق.
وتأسس البنك برأسمال قدره 13.100 مليون روبية أي ما يعادل مليون دينار كويتي فقط موزعة على 13 ألفا ومائة سهم بقيمة ألف روبية للسهم الواحد.
وفي مبنى صغير يقع في (الشارع الجديد) بدأ العمل بعدد قليل من الأفراد لم يتجاوز عدد أصابع اليد وبمساحة لا تتجاوز ثلاثة دكاكين وزاول في بداياته أعمالا مصرفية بسيطة وبدائية تتلخص في الاعتمادات التجارية وتبادل العملات وحوالات مصرفية بسيطة وايداعات وسحوبات.
واثبت الوطني مع مرور الأيام كفاءته وجدارته مساهما وراعيا لحركة النهضة في الكويت وليقدم كل انواع الدعم للأفراد والمؤسسات لتمويل انشاء مشاريع البنية التحتية في كويت الخمسينات حيث كان هو البنك الكويتي الوحيد انذاك.
ولعب البنك الوطني دورا رئيسيا في استبدال العملة المحلية مرتين أولاهما في شهر مايو من عام 1959 عندما استبدلت أوراق النقد من الروبية الهندية بأوراق روبية جديدة سميت بروبيات الخليج.
اما الاستبدال الثاني فقد كان في شهري ابريل ومايو من عام 1961 عندما أصدر مجلس النقد الكويتي دنانير كويتية بدلا من أوراق النقد من روبيات الخليج وكان هذا الاستبدال ضرورة من ضروريات الاستقلال واعطاء طابع الشخصية المستقلة لتتمتع الدولة بالسيادة على اقتصادها ونقدها.
وفي سبعينيات القرن الماضي استمر البنك الوطني في تمويل مشروعات البنية الأساسية والتنمية في الكويت الحديثة وتمثلت تلك المشاريع في محطات تحلية المياه والكهرباء وشبكات الطرق وبناء وتطوير حقول ومصافي النفط والخدمات المساندة لها وخدمات الاستيراد وبناء المستشفيات والمدارس ودعم حركة التوسع العمراني في البلاد.
وبدأت الشخصية المؤسسية الحقيقية للبنك بالتشكل من خلال خطط التطوير واعادة الهيكلة والتنظيم وقد كانت هذه الفترة اللبنة الأساسية التي قامت عليها نهضة بنك الكويت الوطني.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )