رغم تعالي أصوات المدافعين عن البيئة في فرنسا من أجل التوقف عن إنتاج الطاقة النووية بعد قرار ألمانيا إغلاق جميع محطاتها النووية بحلول عام 2020 خوفا من تكرار كارثة فوكوشيما إلا أن فرنسا ليست ألمانيا، ففرنسا لن تستطيع الاستغناء عن الطاقة النووية مهما كان لون الحكومة التي تحكمها لأن ذلك يعني ببساطة شديدة أن تحل كارثة باقتصاد فرنسا التي تعتمد على الطاقة النووية بنسبة 80% مقابل 22% فقط في ألمانيا.
كما أن استغناء فرنسا عن الطاقة النووية يعني إنزال كارثة بصناعة بناء المحطات النووية المزدهرة في وقت تعد فيه مجموعة «أريفا» النووية الفرنسية أهم مجموعة في العالم تعمل في مجال بناء المحطات النووية وإنتاج اليورانيوم ومعالجة النفايات النووية ودفنها. أما أكثر ما يخشاه الفرنسيون المدافعون عن البيئة من قرار ألمانيا بالاستغناء عن الطاقة النووية هو أن يؤدي ذلك إلى زيادة أعداد المحطات النووية في فرنسا لتلبية مطالب ألمانيا من الطاقة بضغوط من اللوبي النووي الفرنسي الرهيب.
فقرار ألمانيا بإغلاق محطاتها النووية سيدفعها للبحث عن مصادر أخرى بديلة لتعويض النقص المتوقع في الطاقة بنسبة 22% وهنا لن يكون أمامها أفضل من الطاقة النووية الفرنسية لأنها أقل ضررا على البيئة الألمانية فالفحم الذي يوفر لألمانيا 43% من طاقتها يعد ملوثا للبيئة لمسؤوليته عن تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.
وزيادة اعتماد ألمانيا أيضا على الغاز الروسي يعني خضوعها للدب الروسي الذي لا يرحم عندما تتضرر مصالحه ولايزال عالقا في الأذهان تعرض ألمانيا لمخاطر نقص الطاقة خلال أزمة الغاز بين روسيا وأوكرانيا عام 2007.
وكانت دراسة فرنسية قد كشفت عن أن فرنسا تحتاج لأكثر من 25 عاما للاستغناء عن الطاقة النووية بشكل نهائي مقابل 10 سنوات فقط بالنسبة لألمانيا، وطالبت هذه الدراسة بضرورة استبدال الطاقة النووية بالطاقة الجديدة والمتجددة لاسيما طاقة الرياح والطاقة الشمسية على أن يتم استيرادها من صحراء شمال أفريقيا. ويرى البروفيسور ايلى كوهين مدير إدارة الأبحاث بالمجلس القومي الفرنسي للعلاقات الإستراتيجية أنه لن يكون بمقدور أية حكومة فرنسية مهما كانت توجهاتها السياسية الاستغناء عن الطاقة النووية في المستقبل المنظور لسببين رئيسيين أولهما أن الطاقة الجديدة والمتجددة غير قادرة في الوقت الحالي على تعويض الطاقة النووية رغم التقدم التكنولوجي الذي أحرزته هذه الطاقة. أما السبب الثاني فهو أن فاتورة توليد الطاقة في فرنسا تقل بنسبة 25% عن تكلفة توليدها في ألمانيا المجاورة بفضل الطاقة النووية مما يعد عنصرا مهما في تهدئة مخاوف الرأي العام الفرنسي بعد كارثة فوكوشيما. ويؤكد البروفيسر كوهين لمجلة «لكسبريس» الفرنسية أنه في حال قررت فرنسا الاستغناء عن الطاقة النووية بطاقة بديلة سواء أخذت صورة الطاقة الجديدة والمتجددة أو الفحم أو البترول أو الغاز فإن ذلك يعني تحميل الخزانة الفرنسية خسائر فادحة تصل إلى 40 مليار يورو سنويا. من جهة أخرى، وقعت محافظة بغداد أول من امس اتفاقية مع شركة «الستوم ترانسبورت» الفرنسية لإنشاء مشروع قطار بغداد المعلق بكلفة 1.5 مليار دولار. وقال صلاح عبد الرزاق محافظ بغداد في تصريح صحافي بعد توقيع مذكرة التفاهم مع مدير شركة «الستوم» «جيان لوكا ايرباشي» لتنفيذ مشروع قطار بغداد المعلق بحضور ممثلين من السفارة الفرنسية ووزارة النقل العراقية وأمانة بغداد ومديرية المرور العامة واعضاء من مجلس محافظة بغداد « وقال وقعنا اتفاقية مع شركة الستوم ترانسبورت الفرنسية لانجاز مشروع قطار بغداد المعلق بقيمة مليار ونصف المليار دولار يتم تنفيذه خلال 5 سنوات». واوضح ان هذا الجسر سيربط «مناطق المستنصرية والشعب والوزيرية والكاظمية اضافة الى مطار المثنى ومحطة سكك حديد العلاوي».