تشير التوقعات الاقتصادية الى ان العام الحالي سيكون سيئا بالنسبة للاقتصاد العالمي، بفعل عدة مؤشرات منها:
أزمة القروض العقارية الاميركية المتوقع ان تستمر تفاعلاتها السلبية في العام الحالي وتعكس الأسواق المالية قلقا وتوترا شديدين، وعمدت المصارف في جميع أنحاء العالم الى تشديد شروطها لمنح القروض ما أثر في النمو الاقتصادي. ولا تشير التوقعات الى تحسن على هذا الصعيد في العام الحالي.
ويعترف الخبراء بأن الولايات المتحدة في منطقة الخطر، محذرين من امكانية حصول انكماش اقتصادي. وهم لا يتوقعون ان يزيد معدل النمو بكثير على 2% في الولايات المتحدة ما سينعكس سلبا على باقي العالم.
توقع استمرار هبوب رياح قوية معاكسة في منطقة اليورو، منها أسعار النفط المرتفعة وسعر اليورو القوي وانعكاسات أزمة القروض. ويرى المحللون ان سعر اليورو قد يصل الى 1.55 دولار بحلول منتصف العام الحالي، وان تلقى الأزمة الاميركية أصداء قوية في عدد من الأسواق العقارية الاوروبية وفي طليعتها الأسواق الاسبانية والبريطانية والايرلندية.
ولكن بعض المتفائلين يتوقعون تحسن الأوضاع الاقتصادية منتصف السنة، وان تشهد الولايات المتحدة انتعاشا مع تراجع اليورو في مواجهة الدولار، وانخفاض أسعار النفط.
ومع تفاقم الأزمة المالية، تراجعت الى المرتبة الثانية المخاوف المرتبطة بالصين، غير ان النمو الاقتصادي القوي الخارج عن أي ضوابط في هذا البلد قد تترتب عليه انعكاسات في نهاية السنة. اشارة الى ان تقارير اقتصادية اوروبية خفضت توقعاتها للنمو في الدول الاوروبية من 2.7 الى 2.3% خلال العام الحالي، فيما يتوقع ان يحذو صندوق النقد الدولي حذوها بعدما خفض توقعاته بشأن النمو الاقتصادي العالمي الى 4.8%، لقد نعم العالم في السنوات الخمس الأخيرة، تدفعه القوة في الأسواق الناشئة، بفترة من النمو الاقتصادي الأكثر سرعة والأطول مدة منذ الستينيات من القرن الماضي.
لكن القلق على النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة ومنظمة التعاون والتنمية الاوروبية يدفع معدلات الفائدة الى الأدنى، وعلى العكس فثمة عدة بلدان ناشئة تواجه نموا مطردا واختلالات بنيوية تجعل من الضروري ان ترتفع معدلات الفائدة لتحتوي التضخم.
غموض المناخ الاقتصادي الشامل للنفط، ان السؤال المطروح في العام الحالي هو هل يستطيع الطلب على الطاقة ان يظل قويا؟ تشير التقارير الى انه فيما يبقى التضخم في الأسواق الناشئة معضلة، وسيكون لارتفاع الفائدة في الأسواق الناشئة أثر محدود قصير المدى على طلب الطاقة.
وفي وجه الدعم الناجم عن الطلب، تبقى امدادات النفط الخام العالمية والمشتقات محدودة بناء على: خفض توقعات نمو امدادات الدول خارج منظمة أوپيك 925 الف برميل يوميا في العام الحالي - سعر 100 دولار للبرميل لا يبرر بالضرورة، حسب منظمة أوپيك، زيادة الامدادات - صعوبة تلاشي الاختناقات في المصافي قبل مرور 9 أشهر. من هنا ستبقى الامدادات العامل الضاغط على الطلب في العام الحالي، لكن العدوى المحتملة على اقتصاد الولايات المتحدة المتقهقر بسرعة، الى الأسواق الناشئة، قد ينطوي على أخطار نزولية مهمة في أسعار النفط في النصف الثاني من العام الحالي.
ويتفق الخبراء على ان المعطيات المتوافرة تدل على ان العالم دخل حقبة جديدة من الأسعار العالية. وسيكون من الصعب جدا العودة الى الأسعار القديمة أي أقل من 50 دولارا للبرميل. وبالفعل تخطط الدول النفطية موازناتها المقبلة على أساس المستوى الجديد، كشركات النفط العملاقة التي تخطط مشاريعها الجديدة على سعر لا يقل عن 50 دولارا.
ترى مجموعة «سيتي غروب» ان الثروة العالمية تعيد تشكيل نقاط ثقلها عبر الانتقال نحو الشرق، متوقعة تراجع دور نيويورك لمصلحة مراكز مالية أخرى مثل سنغافورة ولندن ودبي. وتقول رئيسة مجلس ادارة وحدة «ادارة الثروة العالمية» في المجموعة (تدير أصولا تقدر بـ 1.8 تريليون دولار) ان المنطقة ستحافظ على معدلات النمو القياسية حتى ان تراجع سعر النفط. ودعت الى مقاربة جديدة لقضية الصناديق السيادية مخافة ابتعادها عن الولايات المتحدة واوروبا.
تضيف، ان المرحلة الاقتصادية الحالية مذهلة، لأن العالم يشهد حالة تعاني فيها الولايات المتحدة ودول اوروبا المتقدمة من شح السيولة، فيما تشهد دول الشرق الاوسط وآسيا دفقا هائلا من الأموال. ليس من الضروري ان يبقى سعر النفط عند مستوياته الحالية كي نشهد هذه الظاهرة في الشرق الاوسط، فحتى لو تراجعت الأسعار الى 70 او 60 او حتى 40 دولارا فسنبقى أمام حالة نشهد خلالها دخول أموال طائلة الى هذه الأسواق.
ان الميزة الأساسية التي ستحافظ على ديمومة النمو في المنطقة تتمثل في الانفاق والاستثمار الحكومي، ما يضمن استمرار التطور والانتقال الحالي للنشاط الاقتصادي العالمي من الغرب باتجاه الشرق الاوسط وآسيا.
ولدى سؤالها عن تزامن تأثير ظهور أسواق المال الجديدة مع تراجع الدولار والأزمة الحالية في الاقتصاد الاميركي بسبب أزمة الرهن على دور وول ستريت المالي، ردت، ما من شك ان نيويورك بدأت تفقد دورها كمركز مالي عالمي، بسبب مجموعة عوامل أبرزها التعقيدات القانونية والتشريعية التي تعترض الاستثمار في الولايات المتحدة، وارتفاع معدلات الضرائب وكثرة الدعاوى القضائية.
وفي الوقت ذاته هناك الأسواق الناشئة. لذلك تتجمع رؤوس الأموال خارج الولايات المتحدة. هناك أمور سلبية بالنسبة الى الاقتصاد الاميركي وأمور ايجابية بالنسبة الى أسواق أخرى.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )