عمر راشد
نصح نائب الرئيس التنفيذي في مؤسسة بيمكو الاستثمارية د.محمد العريان الصناديق السيادية بالتجديف بعيدا عن مخاطر الاقتصاد العالمي الذي شهدت آلياته تغيرات حادة بموجبها انتقلت الثروة العالمية من الدول المتقدمة الى نظيرتها النامية.
وقال في ندوة «تأثير أزمة الرهن العقاري الاميركي على الاقتصاد العالمي»، التي نظمتها الهيئة العامة للاستثمار أمس بحضور العضو المنتدب بدر السعد، وعدد من القيادات المصرفية والمحللين الماليين، ان على الهيئة العامة للاستثمار التأني في قرار الدخول الى الاستثمارات العالمية واختيار محفظتها الاستثمارية بصورة أقل مخاطرة وأكثر ربحية، مدللا على ذلك بالتجربتين الصينية والكورية.
من جانبه، قال بدر السعد في تصريح نشرته رويترز على هامش الندوة ان الهيئة مهتمة بالاستثمار في مؤسسات الخدمات المالية والعقارات الاميركية والاوروبية، حيث يوجد الكثير من الفرص الاوروبية والاميركية مع انخفاض الاسعار ومعاقبة المتسببين في القروض العالية المخاطر.
واستهل د.العريان محاضرته بالقول ان الازمة الائتمانية نالت من المركز العصبي لأسواق رأس المال الدولية بما قلل من كفاءتها، وذهبت الى درجة كبيرة من الخسائر الاقتصادية بالتأثير سلبا على اداء الاقتصاد العالمي سواء على مستوى الدخل أو الثروة.
وأشار الى ان المؤسسات المالية عليها أن تخلق ادوات ابتكارية جديدة تزيد من درجة تقليل المخاطر والدخول في استثمارات على درجة كبيرة من الامان بعيدا عن تأثيرات أزمة الائتماني العقاري.
وقال د.العريان ان ما حدث لسوق العقار الاميركي جاء نتيجة بعض الممارسات الخاطئة في أساليب التمويل التي اتبعتها بعض المؤسسات المالية بتقديمها معايير ائتمان متساهلة تسببت في خسائر كبيرة وصلت فقط في مجال الائتمان العقاري الى 450 مليار دولار تحملت المؤسسات المالية منها 180 مليار دولار بما يقارب 40%، في حين تحمل المستثمرون 60% من الخسائر بمقدار 270 مليار دولار، موضحا ان خسائر القروض المنزلية تراوحت بين 5 و10 مليارات.
وأشار الى ان الاضطراب المالي احدث تأثيراته في اسواق النقد وزاد من حدة الضغط والاختلاف في اسعار الفائدة، وادى الى استجابات طارئة من قبل البنوك المركزية للتخفيف من وطأة تلك الاختلالات، موضحا ان احتمال امكانية تكرار السيناريو مرتفع خاصة في بريطانيا.
وأوضح ان الضغوط التي تعرضت لها المؤسسات المالية في الولايات المتحدة وأوروبا أثرت وبشدة على ارباحها السنوية، وكذلك على صافي القيمة، حيث الخسائر التي تحملتها تلك المؤسسات 850 مليار دولار اميركي، مع تناقص ارباحها السنوية، وفي الاطار ذاته اشار المتحدث الى ان الازمة اثرت سلبا على اسعار الاسهم لكبريات مؤسسات المال العالمية متمثلة في خفض اسهم ميريل لينش بمقدار 32% تقريبا وسيتي جروب بمقدار 42%.
وقال ان استجابات طارئة من قبل البنوك المركزية للتخفيف من وطأة تلك الاختلالات لن يعفي الاوروبيين من تكرار الازمة لديهم مجددا.
وقال ان اعلانات الافصاح للبنوك الاميركية والاوروبية عن حجم خسائرها الائتمانية الضخمة في ميزانياتها والمخاوف من التصريح بخسائر اخرى ادى الى انخفاض اسعار اسهم تلك المؤسسات المالية مؤخرا.
وحول ابرز تداعيات أزمة الائتمان العقارية
على الاقتصاد العالمي، اشار العريان الى حدوث تغيرات كبيرة على اداء الاقتصاد الحقيقي في اميركا من خلال زيادة الادخار وانخفاض الاستثمار، الأمر الذي تولد عنه اثران مهمان وهما اثر الدخل واثر الثروة، مشيرا الى ان اثر الدخل تمثل في انخفاض ايجارات المنازل وتزايد معدلات البطالة لمستويات عالية اضافة الى خفض ارباب العمل للرواتب، وبالاضافة الى اثر الدخل هناك اثر الثروة الذي ادى الى خفض اسعار المنازل والاصول بمقدار الضعف او الضعفين، موضحا ان خفض الاستهلاك وتراجع معدلات الاستثمار مع تزايد معدلات الادخار دليل واضح على تراجع الاستثمارات ودخول الاقتصاد الاميركي في مرحلة النمو البطيء الطويلة.
وتوقع ان يشهد الاقتصاد الاميركي انخفاضا في نمو ناتجه المحلي الاجمالي الحقيقي الى اقل من 1.5% خلال 2008 و2009.
وانتقل بعد ذلك المتحدث الى تداعيات الازمة على الاقتصاديات النامية والتي على عكس التيار حدثت لاقتصادياتها انتعاشة حقيقية وتحقيق معدلات نمو مرتفعة حيث تخطت تلك الدول ازمتها الاقتصادية واستطاعت ان تساهم بفعالية وادت الى انتقال الثروة العالمية من الدول المتقدمة اليها.
ففي الفترة من 2002 - 2006 بلغ نمو الاقتصاد العالمي 6.1% بنسبة نمو 4.6% في الناتج المحلي الصناعي وبلغت معدلات الزيادة في النواتج المحلية الاجمالية سنويا 10.2% كما زادت المساهمات في الناتج العالمي الى44% تقريبا.
وقال العريان ان الادوات المالية المبتكرة تتقدم بخطى مبتكرة عن التشريعات والسلطات الرقابية سواء على صعيد الشركة او المستويات المحلية والعالمية، موضحا ان اعادة التسلح بادارة المخاطر مع تعزيز الرقابة يشكلان اهمية كبيرة لوجود انظمة مالية صحيحة.
وقال انه على المدى القريب سيتلاشى الحماس بشأن التكامل والعولمة المالية التي سمحت بوجود الاستثمارات الضارة بالاقتصاد، وسيواصل النظام المالي تغيير هيكله سعيا الى التطور، مشيرا الى ان العولمة والتكامل سيستمران لان مارد العولمة قد خرج بالفعل من قمقمه واوضح ان على المستثمرين تحليل المؤشرات التي تتضمنها المجريات الحالية مع تقييم اساليب التكيف اللازمة لاقتناص الفرص وتقليل التعرض لانواع المخاطر الجديدة التي يمكن ان تنشأ من الاختلال المالي الحالي.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )