هشام أبو شادي
على الرغم من اقتصار حركة التداول في سوق الكويت للاوراق المالية على يومين فقط خلال الاسبوع الماضي الا ان مؤشري السوق سجلا ارقاما تاريخية خاصة المؤشر السعري الذي يمثل المؤشر النفسي لاوساط المتعاملين، فيما ان المؤشر الوزني يمثل المقياس الحقيقي للسوق خاصة لدى كبار المتعاملين والصناديق الاستثمارية والمحافظ المالية الكبيرة.
فقد سجل المؤشر السعري رقما تاريخيا لم يصله من قبل ليغلق على 14009.6 نقاط محققا ارتفاعا قدره 94.6 نقطة في يومي التعامل الاسبوع الماضي ليختتم السوق تعاملات شهر فبراير مرتفعا بمقدار 509.9 نقاط ما نسبته 3.8% مقارنة باغلاق شهر يناير الماضي، لتصل المكاسب التي حققها المؤشر السعري منذ بداية العام الى 1450.7 نقطة بارتفاع قدره 11.6%، وهذا يعني ان المكاسب التي حققها المؤشر السعري في شهر يناير تعادل اكثر من ضعفي المكاسب التي حققها في شهر فبراير، وذلك يعود الى كثرة العطل في شهر فبراير مقارنة بشهر يناير، فضلا عن ان عدد ايام شهر يناير اكثر من شهر فبراير.
كذلك بلغت مكاسب المؤشر الوزني الاسبوع الماضي نحو 12.58 نقطة ليغلق على 803.03 نقاط لتصل مكاسبه في شهر فبراير الى نحو 28.85 نقطة بارتفاع نسبته 3.7% لتصل مكاسبه منذ بداية العام الى نحو 88.03 نقطة بارتفاع نسبته 12.3%، ما يعني ان مكاسبه في شهر يناير كانت اعلى بكثير من مكاسبه في شهر فبراير.
وخلال تداولات يومي الاربعاء والخميس من الاسبوع الماضي بلغت كمية الاسهم المتداولة 799.9مليون سهم نفذت من خلال 19436 صفقة قيمتها 404.5 ملايين دينار.
اما في شهر فبراير، فقد بلغت كمية الاسهم المتداولة نحو 7.3مليارات سهم بانخفاض نسبته 14% مقارنة بشهر يناير، كما بلغت الصفقات المنفذة في شهر فبراير نحو 174.439 صفقة بانخفاض نسبته 21.8% مقارنة بشهر يناير، كما بلغت قيمة الاسهم المتداولة في شهر فبراير نحو 3.4مليارات دينار بانخفاض نسبته 20.3% مقارنة بشهر يناير، وهذا يظهر ان المتغيرات الثلاثة سجلت تراجعا ملحوظا في شهر فبراير مقارنة بشهر يناير.
وقد حققت القيمة السوقية ارتفاعا في شهر فبراير قدره مليار و547مليون دينار لتصل القيمة السوقية الاجمالية الى 63 مليارا و224مليون دينار بارتفاع نسبته 2.5% مقارنة بشهر يناير، لتصل المكاسب السوقية المحققة منذ بداية العام الى اربعة مليارات و481مليون دينار بارتفاع نسبته 7.6%، ما يعني ان المكاسب السوقية في شهر يناير تمثل اكثر من ضعفي المكاسب السوقية المحققة في شهر فبراير.
يلاحظ من الارقام السابقة ان الاداء العام للسوق كان اقل بكثير من اداء شهر يناير على مستوى جميع المؤشرات، بل ان المكاسب التي حققها مؤشرا السوق خاصة المؤشر السعري كلها أو 90% منها جاءت بفعل التصعيد المتعمد للسوق في الثواني الاخيرة وكأن هناك هدفا واضحا لتصعيد المؤشر الى حاجز الـ 14 الف نقطة، الامرالذي يعطي قراءة غير حقيقية للواقع الفعلي للسوق والمتمثل في ان هذه المكاسب لم تقابلها ارباح فعلية لاوساط المتعاملين، بل انه من خلال اتصالات «الأنباء» مع عدد كبير من المتعاملين، كان هناك شبه اجماع على انهم لم يحققوا ارباحا من السوق، بل ان الغالبية تكبدت خسائر، وعدد محدود حقق أرباحا متواضعة، وهذا يعود الى سرعة التغيرات في المراكز المالية والاتجاه السريع لتغير مسار الأسهم التي تشهد نشاطا.
بمعنى انه خلال شهر فبراير، كانت أكثر الأسهم التابعة لعدد كبير من المجاميع الاستثمارية الكبيرة، خاصة مجموعة شركات الخرافي تراجعت اسعارها في شهر فبراير مقارنة بشهر يناير، كذلك الأمر ينطبق على أغلب أسهم المجاميع الاستثمارية، حيث كان ينشط بشكل سريع عدد محدود من أسهم كل مجموعة استثمارية.
ومن أبرز الجوانب السلبية في السوق منذ بداية العام، والتي كانت أكثر وضوحا في شهر فبراير، التي سبق الاشارة لها الصعود المفتعل للمؤشر في الثواني الأخيرة، فمن مخاطر هذا الصعود انه يعطي قراءة غير حقيقية للأداء العام، كما انه لا يعطي فرصة للسوق ليؤسس بقوة خاصة عند مستوى الـ 13700 نقطة الذي كان من المفترض ان يؤسس عليه السوق بقوة الا انه تجاوزه دون مقاومة ليصل بشكل سريع الى حاجز الـ 14 ألف نقطة الذي تم في الثواني الأخيرة أو في آخر خمس دقائق من تعاملات يوم الاربعاء الماضي التي ارتفع فيها المؤشر 90 نقطة، لذلك فإن أي حركة تصحيحية للسوق ستكون عنيفة وسريعة.
الأسهم الرخيصة
على الرغم من المكاسب الكبيرة التي حققها السوق منذ بداية العام، الا ان الأسهم التي يطلق عليها الشركات الرخيصة لم يستفد أغلبها من المكاسب التي حققها السوق باستثناء بعض الشركات التي ارتفعت بشكل كبير بسبب عمليات الدعم التي تحصل عليها من قبل ملاكها، ويأتي في مقدمة هذه الشركات اسهم اكتتاب القابضة والعراق القابضة ولؤلؤة العقارية ومجموعة الصفوة وياكو الطبية والافكو، فيما ان باقي الاسهم لم تستفد لأسباب معظمها يعود الى افتقاد الثقة في ملاك هذه الشركات، والتذبذب التاريخي الذي تشهده سواء على مستوى اسعارها السوقية أو نتائجها المالية، الأمر الذي جعل الكثير من المتعاملين والصناديق الاستثمارية لا يغامرون بالدخول على هذه الأسهم، الا من باب المضاربات السريعة، خاصة في الأوقات التي يقود فيها الملاك الكبار حركة النشاط على هذه الأسهم.
وتاريخيا، تشهد اغلب اسهم الشركات الرخيصة نوعا من النشاط الملحوظ في الربع الثاني من كل عام، وذلك بعد ان تكون معظم الشركات القيادية الكبيرة أخذت حاصلها من النشاط وعقدت جمعياتها العمومية، وهذا يعني ان الفترة القادمة ستشهد فيها أغلب اسهم الشركات الرخيصة نشاطا خاصة الشركات التي شهد أداؤها المالي تطورا أو ان لها ملكيات في شركات قيادية كبيرة أو مرتبطة بمجموعة استثمارية كبيرة.
فليس من المعقول ان يكون المؤشر العام وصل الى 14 ألف نقطة، وهناك أسهم اسعارها السوقية أقل من 150 فلسا، وأخرى اقل من 200 فلس، وعدد كبير من الأسهم اسعارها تتراوح بين 200 و350 فلسا، لذلك يلاحظ ان هناك عمليات تجميع على بعض اسهم الشركات الرخيصة التي قامت اداراتها بتطوير ادائها واعادة هيكلة اصولها واستثماراتها.
النتائج المالية
مع نهاية شهر فبراير الماضي، اعلنت نحو 91 شركة من اصل 195 شركة مدرجة عن نتائجها المالية لعام 2007، وقد بلغت ارباح هذه الشركات نحو 3.3 مليارات دينار بارتفاع نسبته 62.6% مقارنة بارباحها في عام 2006 والتي بلغت نحو 2 مليار دينار، وتنتهي الفترة القانونية لاعلان الشركات عن نتائجها السنوية بنهاية شهر مارس الجاري، ما يعني انه من المفترض ان تعلن 104 شركات عن نتائجها المالية خلال شهر مارس، ومن الطبيعي ان نتوقع مفاجآت سلبية في ارباح وتوزيعات بعض الشركات، بمعنى ان هناك عددا كبيرا من الشركات التي لم تعلن عن نتائجها المالية او ارباحها غير المحققة ستكون اعلى بكثير من ارباحها الفعلية، كما ان الكثير من الشركات يتوقع ان تعلن عن ارباح في نهاية العام 2007 اقل بكثير من ارباحها التي اعلنت عنها في الشهور التسعة الاولى من عام 2007، وذلك بسبب الانخفاض الكبير للسوق في الربع الاخير من العام الماضي الامر الذي اثر على اداء هذه الشركات نتيجة انخفاض قيم استثماراتها خاصة الشركات التي تمتلك بعضها في بعض.
ويلاحظ ان بعض الاسهم استبقت اسعارها نتائجها المتوقعة، بمعنى ان اسعارها السوقية شهدت هبوطا كبيرا في الفترة الماضية قد تشهد المزيد من الهبوط في حال الاعلان عن نتائج اكثر تواضعا مع عدم توزيع ارباح.
مقومات استمرار النشاط
على الرغم من حالة الاستياء التي تسود اغلب اوساط صغار المتعاملين نتيجة مكاسبهم المحدودة في السوق، بل ان بعضهم تكبد خسائر رغم الارتفاع الكبير في مؤشري السوق والقيمة الرأسمالية، الا ان هناك من يرى ان السوق لايزال مرشحا لتحقيق المزيد من المكاسب للاسباب التالية، اولا: وفرة السيولة المالية، فمع انخفاض العائد المحقق من الودائع والعائد الثابت، واحتمالات حدوث المزيد من خفض الفائدة، فان العائد الجاري والاستثماري المحقق من السوق يظل الافضل، وهناك وفرة في السيولة المالية على المستويين المحلي والخليجي، ومنذ بداية العام، اثبت السوق الكويتي انه الافضل الامر الذي جعله اكثر جاذبية للسيولة المالية الخليجية.
ثانيا: ندرة الفرص الاستثمارية، ففي ظل تأكيد التقارير الصادرة من البنك المركزي ووزارة التجارة والصناعة حول ارتفاع نسب التضخم في الاسعار خاصة في القطاعات العقارية، فان الفرص الاستثمارية في البورصة تعد الافضل، فمع الارتفاع الكبير في القطاعات العقارية اصبحت الفرص الاستثمارية للافراد صعبة، فمنذ خمسة اعوام كان من لديه سيولة 200 الف دينار يستثمرها في العقار، الآن اصبح ضعف هذا المبلغ لا يمكن صاحبه من الاستثمار في العقار.
فيما انه يمكن لمن لديه خمسة آلاف دينار ان يستثمرها في البورصة، نظرا لوجود عدد كبير من الاسهم الرخيصة، وفي هذا الصدد، فاننا ننصح من يملكون سيولة مالية فائضة وليست لديهم خبرة في البورصة، ان يستثمروها في الصناديق الاستثمارية.
ثالثا: التطلع لنتائج الربع الاول من العام الحالي، ففي حال استمرار الاتجاه الصعودي للسوق اغلب مراحل التداول في شهر مارس، فان النتائج المالية للعديد من الشركات في الربع الاول من العام الحالي يتوقع ان تكون اكثر من جيدة، فمع نهاية شهر مارس الجاري تنتهي فترة الربع الاول من العام الحالي تزامنا مع نهاية الفترة القانونية لاعلان النتائج المالية السنوية للشركات، وقد بدا الكثير من المتعاملين ينظرون الى اداء الربع الاول عند اتخاذ قرارات الشراء، الامر الذي يمثل حافزا جيدا للشراء.
ويجب الاشارة الى ان جزءا من ارباح الشركات في الربع الاول، خاصة الشركات التي لها استثمارات في السوق، يعتمد على ارباح التوزيعات السنوية والتي تحصل عليها من الشركات التي تعقد عموميتها قبل نهاية الربع الاول، واغلب الشركات التي اعلنت عن نتائجها حتى الآن لم تعقد عموميتها، وخلال الشهر الجاري يتوقع ان تعقد الكثير من الشركات جميعتها العمومية، كما يجب الاشارة الى ان قرارات البورصة تلزم الشركات بأن تعقد جمعيتها العمومية خلال 45 يوما من تاريخ موافقة البورصة على نتائجها المالية.
اسعار النفط
يبدو ان الاسبوع الماضي هو اسبوع الارقام القياسية، ففي الاسبوع الماضي وصلت مؤشرات السوق لأرقام تاريخية، اما اسعار النفط فإنها تجاوزت حاجز الـ 100 دولار للبرميل والذي لم تصله منذ عام 1980، ومع وصول اسعار النفط لهذه المستويات فإن الفوائض المالية في الميزانية العامة للدولة سجلت ارقاما قياسية، ففي الاشهر العشرة الاولى من ميزانية الدولة لعام 2007/ 2008 ارتفعت ايرادات الدولة لاكثر من 15 مليار دينار، فيما انها مقدرة في الميزانية بحوالي 8 مليارات دينار، وهذا يعني ارتفاعا كبيرا في الفوائض المالية، وبالتالي فمن المفترض ان تكون هناك زيادة كبيرة في حجم الانفاق الرأسمالي للحكومة، لكن الفعاليات الاقتصادية ترى ان الحكومة ليس لديها حتى الآن برنامج اقتصادي واضح لاستغلال الفوائض المالية في مشاريع التنمية الاساسية، وهذا ما دفع الكثير من الشركات للبحث عن فرص استثمارية خارج الكويت في ظل حالة استياء شبه عامة تجاه عدم انجاز القوانين الاقتصادية المحفزة للتنمية الاقتصادية، بل ان ما تم انجازه من بعض القوانين يرى القطاع الخاص انها غير محفزة، خاصة قانون املاك الدولة والذي تم ربطه بقانون الـ b.o.t الذي يراه القطاع الخاص بأن فيه الكثير من المعوقات التي ستجعل المشاريع التي تقام وفق هذا النظام غير جاذبة للقطاع الخاص، وبالتالي فإن هناك شعورا سلبيا لدى القطاع الخاص الذي يرى ان الدول الخليجية والعربية اكثر جاذبية للاموال الكويتية، الامر الذي يزيد من تأخر الكويت عن قطار التنمية الاقتصادية الذي يسير بسرعة كبيرة في العديد من الدول العربية، ويرى القطاع الخاص ان من ابرز مخاطر تأخير مشاريع التنمية الاقتصادية في الكويت عدم توفير فرص عمل للمواطنين، الامر الذي يزيد من الانفاق الحكومي في الباب الاول من ميزانية الدولة.
الأموال الأجنبية
مع اقرار التعديلات على قانون الضرائب، فإن الطريق اصبح مفتوحا امام دخول الاستثمارات الاجنبية للكويت، وحتى الآن فإن الباب الاكثر سهولة امام الاموال الاجنبية هو البورصة، فوفقا لمعلومات حصلت عليها «الأنباء» من مصادر في شركات وبنوك فإن هناك مؤسسات مالية عالمية قامت بفتح محافظ لشراء اسهم في السوق الكويتي، ووفقا لهذه المصادر فإن هذه المؤسسات تستهدف عددا محدودا من الاسهم لا يتجاوز اصابع اليدين، ومن هذه الاسهم البنك الوطني وبيت التمويل الخليجي ومجموعة الصناعات الوطنية وزين واجيليتي والتمويل الخليجي، ورغم ان الاستثمار في السوق الكويتي من قبل الشركات والمؤسسات المالية الاجنبية متاح منذ اكثر من خمسة اعوام وليس هناك ضرائب تفرض على الاجانب المستثمرين في السوق الكويتي، الا ان القطاع الاكثر جاذبية للشركات والمؤسسات العالمية هو قطاع النفط والذي لايزال مغلقا امامها بسبب عدم اقرار قانون تطوير حقول الشمال.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )