عمر راشد
أكد عدد من الاقتصاديين والمعنيين ان تخفيض سعر فائدة «المركزي الأميركي» من جديد سيخلق ضغطا متزايدا على السياسة النقدية للبنك المركزي وسيؤدي تكيف الأوضاع معه الى خلق مزيد من السيولة ومن ثم مزيد من التضخم، وكذلك إبطال مفعول السياسة النقدية في مواجهة غول الغلاء والحفاظ على قيمة الدينار.
زيادة معدلات الخفض
وتوقعوا لـ «الأنباء» زيادة معدلات الخفض في سعر الفائدة الى أكثر من 50 نقطة وليس ربع نقطة كما تشير أغلب التوقعات خلال مارس الجاري.
ووصفوا السياسات المالية بـ «الفاشلة» كونها أثرت بالسلب على أداء السياسات النقدية على المدى القصير، مشيرين الى ان البنك المركزي يسير على أشواك المطالبات الشعبية واستقرار قيمة الدينار مقابل الدولار.
ورفض البعض ان تكون سياسة المركزي باتجاه الخفض في سعر الخصم، مشيرين الى ان هناك بدائل أخرى منها آلية سعر الصرف.
الضغط على المركزي
وأضاف الاقتصاديون ان الضغط على المركزي سيجعل من السياسات النقدية مجرد قرارات مفرغة من مضمونها على المدى في ظل غياب السياسات المالية الرشيدة التي تسير عكس التيار وتوطن مفهوم الدولة الريعية على حساب مبادئ الدولة المنتجة، وتساعد في الوقت ذاته على تراجع الخطط التنموية لصالح القروض الاستهلاكية واستنزاف موارد الدولة بما يعد هدرا لحقوق الأجيال القادمة.
وفيما يلي التفاصيل:
في البداية توقعت رئيسة الجمعية الاقتصادية د.رولا دشتي ان يخفض المركزي سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة وذلك تحت تأثير الضربات الموجعة التي يتلقاها الاقتصاد الاميركي بسبب أزمة الرهن العقاري وتبعاتها السيئة التي تزداد سوءا يوما بعد يوم، موضحة ان الفيدرالي الاميركي يسعى لانقاذ الاقتصاد من خلال خفض الفائدة وانعاش الاستثمارات وانقاذ الاقتصاد من مخاطر الانكماش.
حالة من الارتباك
وقالت: بلا شك، سيؤثر خفض سعر الفائدة على السياسة النقدية التي يتبعها المركزي الذي يعيش حالة من الارتباك بسبب هاجس التضخم وغلاء الأسعار، فالبنك المركزي سيجد نفسه، مثله مثل البنوك المركزية الخليجية الأخرى، مضطرا للتكيف مع قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ما يعني مزيدا من السيولة وزيادة في معدلات التضخم.
وأضافت ان زيادة الرواتب تعني ارتفاعا في قدرة الأفراد على الاقتراض ومن ثم تعظيم مشكلة القروض والمعسرين وضياع أداء العمل الحكومي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقالت د.دشتي هناك عبث في السياسة المالية بالكويت وليست هناك رؤية واضحة فيها وهذا سيولد ضغوطا على المركزي في الفترة المقبلة.
عدم احتساب العلاوة
وقالت د.دشتي ان على البنك المركزي ان يصدر تعليمات للبنوك المحلية بعدم احتساب علاوة غلاء المعيشة ضمن الراتب للحد من الاقتراض خلال المرحلة المقبلة.
واشارت الى ان هناك الكثير من الآليات التي ستؤثر سلبا، بلا شك، على أداء السياسات النقدية والمتمثلة في المطالبات الشعبية المستمرة بزيادة الرواتب واسقاط الديون وغيرها.
ومن جهته، قال رئيس مجلس ادارة شركة مجموعة الاوراق المالية علي الموسى ان تحرك الاحتياطي الفيدرالي باتجاه خفض جديد لفائدته سيحرك بلا شك البنوك المركزية «شاءوا ام أبوا» باتجاه اتخاذ سياسات نقدية معينة لارتباطهم بصورة او بأخرى بالعملة الاميركية.
سعر صرف الدينار
وذكر ان التكيف مع قرارات الاحتياطي الفيدرالي لا يعني بالضرورة الاتجاه نحو خفض سعر الخصم، ولكن هناك آليات أخرى مثل سعر صرف الدينار مقابل العملات التي تعطي للمركزي هامش حركة مقارنة بالبنوك المركزية الخليجية الاخرى، وقال الموسى ان هناك الكثير من البيانات بحوزة البنك المركزي يستطيع من خلالها الاستمرار من عدمه في اتجاه العمل بسياسات نقدية من شأنها الحفاظ على استقرار قيمة الدينار مقابل الدولار وفي الوقت نفسه تساهم في الحفاظ على معدلات التضخم ضمن الحدود المقبولة.
ربط الدينار بالدولار
ورأى نائب رئيس اتحاد الشركات الاستثمارية حامد السيف ان سعي المركزي الاميركي الى خفض جديد للفائدة يأتي في اطار سعيه للحفاظ على قدراته الاقتصادية بعيدا عن الدخول في نفق الركود الاقتصادي، مشيرا الى ان البنك المركزي لايزال يمتلك من الادوات والفاعليات ما يساعده على الحفاظ على قيمة الدينار والحد من التضخم.
وقال ان ربط الدينار بالدولار سيساعد الحكومة بلا شك على تنويع وارداتها من الخارج وعدم الاقتصار على الولايات المتحدة، وذلك من خلال الدخول الى الاسواق الاوروبية واليابانية وغيرها، مشيرا الى انه امام الحكومة قدرة على المناورة والتحرك في اكثر من جهة على جميع المسارات الاقتصادية.
واوضح السيف ان الربط بسلة عملات سيمكن «المركزي» من احداث التوازن الاقتصادي المطلوب وبالطريقة التي تحدث التوازن المطلوب بين الحفاظ على قيمة الدينار والحد من التضخم.
تأثير سعر الفائدة الأميركية
وفصل الاقتصادي حجاج بوخضور تأثير انخفاض سعر الفائدة الاميركية على السياسات النقدية التي يتبعها «المركزي» خلال المرحلة المقبلة بالقول ان هناك الكثير من الامور التي ينبغي اخذها بعين الاعتبار في التعامل مع تلك القضية اولها ان السياسات النقدية للفيدرالي الاميركي تعكسها الاوضاع الاقتصادية التي تشهدها هذه المرحلة وهي ترجمة لما يمكن ان تحدثه السياسات الاميركية لمعالجة التباطؤ في انتاجية قوة العمل وهذه ستنعكس على الصادرات وارتفاع معدلات البطالة وكذلك الاختلال في الميزان التجاري الاميركي.
واشار بوخضور الى ان تداعيات ازمة الرهن العقاري لاتزال في بداياتها وبالتالي تصبح الوصفة التي يمكن ان تحد من هذه الاوضاع هي تخفيض سعر الخصم او الفائدة باعتبارها الأسلم لإنعاش حركة الاقتصاد، وقال ان المشكلة ليست في اتخاذ الفيدرالي المركزي خطوة الخفض ولكن توقيت ومقدار الخفض هو ما تسعى البنوك المركزية الى اتخاذه.
مزيد من التعويم
وتوقع ان يقوم المركزي الكويتي بمزيد من تعويم الدينار مقابل الدولار وخفض الفائدة وذلك للحد من آثار التضخم.
وقال ان التضخم الذي يعانيه الاقتصاد يأتي معظمه من السياسات الخاطئة التي تأتي للاستهلاك الانتخابي فقط.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )