اشار بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي الاخير حول التطورات النقدية في الكويت الى توسع عرض النقد خلال شهر مارس بما نسبته 1%، محافظا بذلك على وفرة نموه نفسها للشهرالسابق، ومع ذلك فإن العوامل التي كانت وراء هذا النمو تختلف تماما عن مثيلاتها في الشهر السابق، فالنمو في القروض قد تسارع خلال شهر مارس الماضي مما يشير الى ان التراجع الذي شهده معدل نموها في الشهر السابق لم يدم طويلا، هذا الى جانب استمرار الطلب القوي على القروض من جانب العملاء ورغبة البنوك في الاقراض، كما تعززت السيولة بدفعة اضافية من التوزيعات النقدية لارباح البنوك على المساهمين والمودعين، حيث قامت 6 بنوك بتوزيع ما قدره 400 مليون دينار، فيما انعكست هذه العوامل كزيادة في الودائع تحت الطلب، الا ان تراجع الموجودات الاجنبية لدى بنك الكويت المركزي يوحي بحدوث تدفق مالي كبير نحو الخارج.
وضمن جهوده لضبط النمو الجامح في الاقراض وارتفاع مديونية المستهلكين، قام البنك المركزي باصدار تعليمات جديدة للقروض الاستهلاكية وحجم الاقساط الشهرية المرتبطة بها، مشيرا في الوقت ذاته الى ان الحاجة تقتضي تقييد النشاط الاقراضي الى جانب حماية جودة الموجودات لدى البنوك والمؤسسات المالية، وهذه التعليمات سيتم تطبيقها بشكل صارم على جميع القروض التي تمنح بعد 30 مارس من العام الحالي، وتضمنت التعليمات الجديدة تخفيض الحد الاقصى لنسبة القسط الشهري العائد للقروض الاستهلاكية والمقسطة ليصبح 40% بدلا من 50% من صافي الراتب والى 30% للمتقاعدين، كما قام البنك المركزي بخفض الحد الاقصى لسعر الفائدة على القروض الاستهلاكية والمقسطة بالدينار بما لا يزيد على 3% على سعر الخصم، وبالنسبة للقروض المقسطة فإنها تمنح بأسعار فائدة ثابتة لفترة خمس سنوات، ومن ثم تتم مراجعتها على الا يتجاوز مقدار التغيير في سعر الفائدة 2%.
ولاحظ الوطني ان القروض قد سجلت ارتفاعا قدره 430 مليون دينار خلال شهر مارس او ما نسبته 2.1% وذلك في اعقاب تباطؤ النمو الذي شهدته في الشهر السابق والبالغ 105 ملايين دينار، وقد اتجه ما يزيد على نصف الزيادة المسجلة في القروض خلال شهر مارس الى قطاع العقار والمؤسسات المالية من غير البنوك، حيث شهد حجم القروض المقدم لهذه القطاعات زيادة قدرها 168 مليون دينار و94 مليون دينار على التوالي، في المقابل فإن الزيادة في حجم التسهيلات الشخصية مازالت متواضعة وبواقع 35 مليون دينار، ليصل بذلك اجمالي النمو في هذه التسهيلات خلال الربع الاول من العام الحالي الى 119 مليون دينار.
وعلى صعيد الربع الاول من العام، اشار الوطني الى ان القروض قد سجلت زيادة قدرها 1.22 مليار دينار مسجلة بذلك نموا نسبته 6.1% وذلك مقابل زيادة قدرها 1.45 مليار دينار سجلت في الربع السابق، وبذلك تكون القروض خلال الربع الاول من العام قد سجلت ثالث اكبر زيادة ربعية لها على الاطلاق الامر الذي يفسر مخاوف البنك المركزي التي دفعته الى تبني الاجراءات السالف ذكرها.
هذا وسجلت ودائع القطاع الخاص خلال شهر مارس زيادة قدرها 154 مليون دينار وذلك مقابل زيادة قدرها 244 مليون دينار في فبراير، وقد جاء هذا التباطؤ على الرغم من التوزيعات النقدية الكبيرة للارباح لدى عدد من البنوك والتي تجاوزت 400 مليون دينار، ويشير التراجع المصاحب في الموجودات السائلة لدى البنوك الى حدوث تدفقات مالية كبيرة الى خارج الجهاز المصرفي، كما يلاحظ ايضا ان النمو المسجل في الودائع خلال شهر مارس قد تركز في ودائع الدينار، جاء معظمها في الودائع تحت الطلب، وفي المحصلة فقد وصل معدل النمو في الودائع خلال الربع الاول من العام الى 1.38 مليار دينار وذلك مقابل زيادة قدرها 1.23 مليار دينار سجلت خلال الربع الاول من العام السابق.
على صعيد آخر، اشار الوطني الى ان شهر مارس قد شهد تراجعا في الموجودات الاجنبية لدى البنك المركزي بما يعادل 205 ملايين دينار متابعة بذلك مسيرة هبوطها التي بدأتها منذ شهر نوفمبر من العام الماضي، كذلك الحال، فقد تراجع صافي الموجودات الاجنبية لدى البنوك المحلية بنحو 397 مليون دينار وذلك بسبب ارتفاع ودائع غير المقيمين لدى البنوك بالدرجة الاولى.
وفي تطور آخر، لوحظ ان الارصدة النقدية وشبهها العائدة للبنوك قد تراجعت خلال شهر مارس بما مقداره 247 مليون دينار، مسجلة بذلك اول تراجع شهري لها منذ ثمانية اشهر، في حين لم يطرأ اي تغير يذكر خلال شهر مارس على ودائع البنوك لاجل لدى البنك المركزي او في مقتنيات البنوك لسندات البنك المركزي، مع ان مقتنيات البنوك من اذونات الخزينة قد انخفضت بنحو 142 مليون دينار، وفي المحصلة فإن احتياطيات البنوك السائلة قد تراجعت 382 مليون دينار مما دفع بنسبة هذه الاحتياطيات الى اجمالي الودائع بالدينار للانخفاض الى 19.6% منخفضة بذلك عن نسبة 20% التي يفرضها البنك المركزي، وقد تكون ازمة الائتمان العالمية قد دفعت المضاربين على الدينار لخفض مراكزهم على الدينار، خاصة من طرف اولئك الذين يرون ان العائد المتوقع على عمليات المضاربة حاليا قد اصبح محدودا، وفي الوقت ذاته تراجعت نسبة الموجودات السائلة الى جملة الموجودات لدى البنوك بعد استثناء ودائع البنوك فيما بينها الى 10%، والتي تعد من ادنى معدلاتها على الاطلاق، وفي حال تم الاخذ بعين الاعتبار صافي ايداعات البنوك المحلية لدى البنوك الخارجية ضمن الموجودات السائلة فإن هذه النسبة ستتراجع بنحو 3 نقاط مئوية لتصل الى 13.8%، وهو ادنى مستوى لها في اربع سنوات.
ولحظ الوطني ان متوسط سعر كايبور تراجع خلال شهر مارس ولجميع الآجال، حيث تراوح حجم هذا التراجع ما بين 37 و48 نقطة اساس، وليصل بذلك متوسط سعر كايبور لآجال شهر واحد و3 اشهر و6 اشهر و12 شهرا الى 1.67% و1.96% و2.21% و2.47% على التوالي، ويعكس هذا التطور كل من التخفيضات السابقة لسعر الريبو التي قام بها البنك المركزي، الى جانب تزايد السيولة بالدينار في سوق ما بين البنوك، كما تراجع سعر الفائدة على الدولار الاميركي (لايبور) ما بين 32 و41 نقطة اساس للآجال المختلفة، ومحصلة لذلك فقد توسع الفارق ما بين الكايبور واللايبور لمصلحة اللايبور بنحـو 72 نقطة اساس و41 نقطـــة اساس لاجل 3 اشهر و6 اشهر على التوالي، وباستثناء شهر واحد فقط خلال العام السابق، فإن الفارق ما بين سعري الفائدة لاجل 3 اشهر لمصلحة اللايبور يعكس سياسة البنك المركزي في التصدي للمضاربين على رفع محتمــل لسعر صرف الدينار.
كذلك الحال، فقد واصلت اسعار الفائدة على ودائع العملاء تراجعها خلال شهر مارس الماضي، وان كان بدرجة اقل من حجم التراجع في سعر فائدة الريبو، وقد تراوح حجم التراجع ما بين 1 و10 نقاط اساس للآجال المختلفة، وبلغ سعر الفائدة المدفوع على ودائع الدينار 3.47% و3.63% و3.83% و3.94% لآجال شهر 1 و3 اشهر و6 اشهر و12 شهرا على التوالي.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )