أحمد يوسف
أكد خبراء اقتصاديون على ان فك ارتباط العملات الخليجية بالدولار سيعود بالفائدة على المنطقة، وقال الخبراء ان دول الخليج التي تدرس فك ارتباط عملاتها بالدولار أو إعادة تقييمها ستجد ان أثر ذلك على الاقتصاد سيكون ايجابيا إلى حد بعيد.
وذكر بنك «ميريل لانش» الأميركي للاستثمار ان الإمارات وقطر قد تفكان ارتباط عملتهما بالدولار وتنتقلان إلى سلة من العملات في غضون الأشهر القليلة القادمة بعد ان سمحت الولايات المتحدة بذلك من أجل مكافحة التضخم.
وترتبط عملات جميع الدول الخليجية باستثناء الكويت بالدولار، الأمر الذي يجبر البنوك المركزية على اقتفاء أثر السياسة النقدية للولايات المتحدة ويحد من قدراتها على خفض التضخم الذي ارتفع إلى معدلات قياسية في جميع انحاء الخليج.
وقال سايمون وليمز وهو أحد خبراء الاقتصاد في بنك «إتش إس بي سي» في دبي: «أعتقد انه لن يكون هناك إلا عدد قليل جدا من الخاسرين جرّاء القيام بهذا التعديل، لأن المنطقة تعتمد بشكل كبير على الاستيراد ولان نسبة كبيرة من السكان هم من المغتربين الذين يحولون قدرا كبيرا من دخلهم».
وقال ماريوس ماراثفتيس مدير البحوث الإقليمي في ستاندر تشارترد : «على العموم أعتقد انه سيكون أمرا ايجابيا إذا ما شهدنا اجراء نوع من الإحكام في السياسة النقدية» و«ان كان أفضل للاقتصاد برمته فسيكون أفضل للجميع بشكل عام».
وذكر التقرير الصادر عن بنك ميرل لانش باسم «الضوء الأخضر الأميركي لدول مجلس التعاون الخليجي» انه في الوقت الذي ستتخذ فيه كل من الإمارات وقطر خطوات باتجاه تبني سلة العملات خلال الأشهر القليلة القادمة، فمن غير المحتمل ان تحذو السعودية حذوهما قبل نهاية العام المقبل.
وبالإشارة إلى تقرير صادر عن الخزانة الأميركية حول دول مجلس التعاون الخليجي قال بنك الاستثمار ان الحكومة الأميركية أصبحت أكثر ثقة بشأن وضع الدولار وليست بحاجة إلى دعم دول الخليج لعملتها.
وقال البنك: «نرى ان التضمين يعطي وبشكل فعّال دول مجلس التعاون الخليجي الضوء الأخضر لاتخاذ خطوة التغيير».
مع هذا فان خبراء الاقتصاد في المنطقة منقسمون حول ما اذا كان على أي من دول الخليج إعادة تقييم عملاتها أو فك ارتباطها بالدولار، وحول الموعد الذي يجب ان يتم فيه ذلك.
وذكر ماراثفتيس حول موقف ستاندرد تشارترد من العملات الخليجية: «كان رأينا على الدوام ان المنطقة بحاجة إلى إحكام السياسة النقدية من أجل التعامل مع النهضة الاقتصادية الحاصلة بشكل أكبر».
لان التحديات التي نواجهها في المنطقة تختلف عن التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأميركي.
فالسياسة النقدية غير محكمة تماما وهو ما يؤدي إلى المزيد من الضغوط التضخمية.
ونعتقد ان أمثل طريقة للتعامل مع الضغوط التضخمية هي بالعمل على تغيير الارتباط بالدولار، سيكون هذا الحل الأفضل ولكن في اعتقادنا ان إعادة التقييم يمثل ثاني أفضل حل وسيكون مفيدا هو الآخر.
من جهة أخرى، قال آخرون انه قد لا تنتقل الإمارات وقطر إلى سلة العملات خلال الأشهر القليلة المقبلة.
إذ قال وليمز «أرى انه أمر غير محتمل خلال الأشهر الاثني عشر القادمة.
اعتقد ان دول الخليج مازالت غير مقتنعة بالحجج التي تصب في صالح التغيير».
«فهم يتوقعون ان يستعيد الدولار عافيته خلال النصف الثاني من العام الحالي ليخفف بعض الضغوطات التي يواجهونها نتيجة للضعف الذي ألمّ به خلال العامين المنصرمين».
ومنذ سبتمبر تحوّل المستثمرون إلى جمع العملات الخليجية لاعتقادهم ان بعض الدول في المنطقة والتي تعد أكبر مصدر للنفط في العالم ستقتفي اثر الكويت وتفك ارتباط عملاتها بالدولار الذي انخفض إلى مستويات قياسية مقابل اليورو وبعض العملات العالمية الأخرى.
وحذر ماراثفتيس من المبالغة بالانفعال تجاه الأسواق في المنطقة بقوله: «تطرقت الخزانة الأميركية في تقريرها إلى الشرق الأوسط كما تطرقت إلى دول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص».
وقال «إن الذي عجز الناس عن فهمه هو الإصدار المنتظم لهذا التقرير فقد أصدروا تقريرا قبله في ديسمبر من العام الماضي وذكروا فيه الأمر ذاته».
وبعيدا عن التأثيرات في المنطقة، يرى ماراثفتيس ان فصل العملات الخليجية عن الدولار قد يكون له أثر ايجابي على العملة الأميركية.
إذ قال: «اعتقد انه سيثبت بان لذلك أثر ايجابي على الدولار.
ربما ستبرز بعض الأفكار السلبية في أول الأمر والتي من شأنها تسليط ضغط معتدل على الدولار ولكني اعتقد ان ذلك سيكون على المدى القريب ليس إلا».
كما قال ماريوس ان الاختلال في توازن الاقتصاد العالمي يشكل العامل الرئيس وراء تدهور قيمة الدولار خلال الأعوام السبعة الماضية.
فعلى حد قوله: «نشهد الآن ونحن نجري حديثنا هذا اتساع الاختلال في التوازن العالمي، واعتقد انه حين تصبح العملات في منطقة الشرق الأوسط أقوى فان ذلك سيساعد على التعامل مع هذا الاختلال في التوازن».
واشار: «لدينا حاليا مبالغ كبيرة من فائض النقد في الحسابات في منطقة الخليج.
وستعمل العملات التي تتمتع بالقوة على معالجة هذا الاختلال في التوازن العالمي وسيكون لها لهذا السبب اثر ايجابي على الدولار خلال المدى المتوسط».
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )