عاطف رمضان
أكد مدير عام الهيئة العامة للصناعة د. علي المضف ان اسواق الاتحاد الأوروبي التي تمثل 27 دولة من أهم الاسواق العالمية واسرعها نموا، مشيرا إلى أنها تستحوذ على نسبة تقدر بنحو 39% من اجمالي واردات العالم، وهو ما يدعونا للبحث عن جميع الوسائل لزيادة صادراتنا من المنتجات الصناعية لهذه الاسواق الحيوية التي يصل فيها معدل النمو الى 16% تقريبا.
واضاف د. المضف خلال افتتاحه امس الندوة التعريفية بنتائج دراسة تصدير منتجات الصناعات التحويلية الكويتية نحو اسواق الاتحاد الأوروبي بمقر الهيئة العامة للصناعة والتي اعدها معهد الكويت للابحاث العلمية بالتعاون مع شركة kpmg، أن مركز الصادرات في الهيئة العامة للصناعة عكف على دراسة افضل السبل والفرص لترويج ودعم الصادرات الكويتية وهو ما يتماشى مع اهدافنا الاستراتيجية في تشجيع الصناعة المحلية وزيادة قدرتها التنافسية على اقتحام الاسواق العالمية.
واوضح انه نظرا للتعاون المثمر والبناء بين الهيئة العامة للصناعة ومعهد الكويت للابحاث العلمية في اعداد اغلب الدراسات المتعلقة بنشاط الهيئة والتي كان لها اثرها البالغ في دعم وتطوير الصناعة المحلية، فقد طلبت الهيئة العامة للصناعة من المعهد اعداد دراسة متكاملة لزيادة حجم الصادرات من منتجات الصناعات التحويلية الكويتية الى اسواق الاتحاد الاوروبي.
ولفت إلى أن الدراسة اجرت مسحا شاملا لتحديد المنتجات الكويتية المرشحة للتصدير والكشف عن مدى مطابقتها للمواصفات والمقاييس العالمية، والاجراءات القانونية والادارية لدخول الاسواق الاوروبية، وانتهت بتحديد قطاعات المنتجات الكويتية المرشحة لدخول تلك الاسواق واقترحت استراتيجيات واضحة لرفع اداء وكفاءة القطاع الصناعي الكويتي.
واشار د. المضف الى ان الدراسة دعت القطاع الصناعي الكويتي الى تضافر الجهود لدفع عجلة التنمية وتحقيق الطموحات المرجوة من هذا القطاع، معربا عن امله في استفادة المصانع الكويتية من نتائج ومخرجات هذه الدراسة وتطبيق التوصيات الخاصة بدفع اداء المنتج وكفاءة المصنع.
هذا وقد ترأس الندوة مدير ادارة تنمية الصادرات والارشاد التصديري في الهيئة العامة للصناعة عبدالله الهاجري، وحاضر في الندوة مدير دائرة الدراسات الاقتصادية في معهد الكويت للابحاث العلمية د.محمد العنزي، ود.محمد الرمضان باحث علمي في الدراسات الاقتصادية بمعهد الكويت للابحاث العلمية.
وذكر مدير دائرة الدراسات الاقتصادية بمعهد الكويت للابحاث العلمية د.محمد العنزي ان هناك تعاونا قديما بين الهيئة العامة للصناعة ومعهد الكويت للابحاث العلمية، مشيرا الى ان «معهد الكويت» شريك «الهيئة» في تطوير وتنمية القطاع الصناعي في الكويت حيث تم التعاون مع الجهتين في العديد من الدراسات التي كانت بداياتها عام 1990 عندما تم وضع خطة لـ 14 دراسة علمية بحثية، لافتا الى ان هذه الندوة هي المتممة لرقم 14 للدراسات المعدة.
واضاف د.العنزي ان هناك 3 اسئلة لابد ان ينظر اليها بعين الاعتبار وهي عن الاهتمام بقطاع صناعي صغير في دولة غنية مثل الكويت، مشيرا الى انه بالرغم من النمو الاقتصادي الذي بلغ 6% في الفترة من عام 2000 الى عام 2005 الا ان المعضلة الاساسية التي تواجه الاقتصاد تكمن في هيكل الاقتصاد الكويتي الذي يعتمد بشكل اساسي على النفط كمورد رئيسي للبلد.
ولفت الى ضرورة التوجه لتوسيع القاعدتين الصناعية والانتاجية.
وتطرق ايضا الى الاهتمام بالصادرات، متسائلا كذلك عن اسباب فكرة الدخول في الاسواق الاوروبية.
وقال ان السوق الاوروبي يمثل نحو 18% من حجم التجارة الدولية، موكدا انه للدخول في السوق الاوروبي لابد من وجود استراتيجية واضحة المعالم بالاضافة الى دعم مؤسس.
ولفت الى اهمية السوق الاوروبي كمقياس معياري بين المنتجات المحلية ونظيرتها الاوروبية، مبينا اننا اذا استطعنا الدخول بمنتجاتنا الصناعية الى هذا السوق الاوروبي بالتالي نستطيع دخول اي سوق آخر في العالم، ولهذا السبب تم اختيار السوق الاوروبي في هذه الدراسة.
وفي الاطار ذاته قدم د.محمد الرمضان «باحث علمي في الدراسات الاقتصادية بمعهد الكويت للابحاث العلمية» ورقة عمل بعنوان «تصدير منتجات الصناعات التحويلية الكويتية لاسواق الاتحاد الاوروبي»، حيث تطرقت محاورها الى طبيعة الوضع الاقتصادي وتحدياته، واهداف المشروع، ومهام المشروع، وعرض المنتجات الصناعية، وطلب السوق الاوروبي على المنتجات الصناعية، وتحليل الفجوات بين الطلب والعرض، واستراتيجية دخول الاسواق الاوروبية، واهداف خطة العمل.
واوضح د.الرمضان ان الهيئة العامة للصناعة عهدت لمعهد الكويت للابحاث العلمية مهام القيام بمشروع بحثي يهدف الى تحفيز صادرات منتجات الصناعة التحويلية الكويتية ذات الجودة العالية لاسواق الاتحاد الاوروبي، حيث عملت الدراسة على تحقيق اهداف محددة وهي:
تحديد المنتجات الوطنية المرشحة للتسويق في اسواق الاتحاد الاوروبي.
بناء قاعدة بيانات حول صادرات الصناعة التحويلية الكويتية.
الكشف عن مدى مطابقة المنتجات الصناعية الوطنية المرشحة للتصدير مع المقاييس والمواصفات العالمية.
الكشف عن الجوانب القانـــونية لدخــــول اسواق الاتحاد الاوروبي واجــــراءات التـــصدير المرعية.
الاستفادة من الخبرات الدولية وخاصة تلك الدول التي تتمتع باقتصاديات مشابهة للكويت في اختراق اسواق الاتحاد الاوروبي.
اقتراح استراتيجية وخطة عمل تهيئ دخول المنتجات الصناعية الوطنية لاسواق الاتحاد الاوروبي.
تجدر الاشارة الى ان الدراسة قامت بتحليل المنتجات الصناعية حتى مستوى الحد السادس فقط ولم تستطع الوصول الى الحد الثامن بسبب عدم استجابة الشركات لتوفير بيانات لمستوى الحد الثامن، وعلى الرغم من ذلك يعتبر التحليل المتبع في هذه الدراسة مهما جدا ويحقق معظم اهداف الدراسة ويعتبر قاعدة اساسية لدراسات تفصيلية لاحقة تحتاج الى بيانات تفصيلية من الشركات التي ترغب في تصدير منتجاتها للاسواق الخارجية، ويأتي هذا التقرير لعرض اهم نتائج الدراسة لمتخذي القرار والمعنيين.
وقال د.الرمضان ان الاقتصاد الكويتي يعتبر من بين الاقتصاديات الجيدة في العالم نظرا لتمتعه بمتوسط دخل فردي يفوق 20000 دولار سنويا ومعدل بطالة اقل من 5%، وقد تجاوزت الكويت تداعيات الاحتلال العراقي وخطت نحو تحقيق نمو اقتصادي عال وحققت زيادة في صادراتها، بيد ان الكويت حققت معدل نمو متراكما لاقتصادها يعادل 6.7% خلال الفترة من 2000 و2005 وهو معدل نمو لافت للنظر، كما يلاحظ ارتفاع مساهمة الناتج الاجمالي غير النفطي بمنتصف التسعينيات احصائيا فقط كنتيجة لانخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية، ولهذا ومن منظور حسابي بحت فقد ارتفع نصيب الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي من 45% قبل الاحتلال العراقي الى 60% في منتصف التسعينيات.
وبمقارنة الاقتصاد الكويتي مع اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي يتضح مدى الاختلال الهيكلي للاقتصاد الكويتي وعدم توازنه بشكل عام.
وللتدليل على ذلك يتضح تواضع مساهمة القطاع الصناعي الكويتي في الناتج المحلي الاجمالي الذي لم يتجاوز 8% وهي ثاني اقل مساهمة مقارنة بباقي دول مجلس التعاون الخليجي.
ومن ملامح الاختلالات الرئيسية الاخرى للاقتصاد الكويتي هو ارتفاع مستوى الانفاق الحكومي الجاري مقارنة بالانفاق الرأسمالي، حيث بلغت نسبة الانفاق الحكومي الجاري في حدود 30% خلال السنوات الماضية في حين تراوحت نسبة الانفاق الرأسمالي ما بين 3 و2% خلال نفس الفترة.
وعلى الرغم من الاداء الايجابي للاقتصاد، ما زال هناك جانب مهم يسترعي الاهتمام وهو الاعتماد المفرط على النفط في النمو الاقتصادي، فإذا ما رغبت الكويت في استدامة نموها الاقتصادي فعليها تنمية وتطوير وتنويع قاعدتها الانتاجية كما يجب عليها خلق بيئة اقتصادية عامة مشجعة على الاستثمار بما يؤدي الى التحول من الانتاج لسوق صغير نسبيا الى استهداف فرص تصديرية واعدة، فعلى مستوى الاقتصاد الكلي، توجد على الاقل خمسة عوائق تحول دون تحقيق ذلك التحول وهي كالآتي:
أولا: صغر حجم القطاع الخاص: ظل حجم القطاع الخاص في الكويت لعدة سنوات ثابتا، حيث ان حجم القطاع الخاص قد تقلص منذ الاحتلال العراقي للكويت، حيث تفيد احصائيات صندوق النقد الدولي بأن نصيب القطاع الخاص من القطاع غير النفطي في الكويت قد تقلص من 54% في عام 1989 الى 43% في عام 2001، ولا يقتصر الامر على صغر حجم المنشآت الصناعية الخاصة في الكويت وانما يمتد ليشمل صغر حجم عملياتها التشغيلية.
ثانيا: انخفاض معدل الاستثمار: ومن اهم معوقات النمو الاقتصادي في الكويت انخفاض معدل الاستثمار الحكومي على الرغم من تمتعها بمعدلات ادخار جيدة.
ثالثا: انخفاض الانتاجية: شهدت الكويت انخفاضا ملحوظا مستوى الانتاجية في الاقتصاد الوطني، حيث يؤكد صندوق النقد الدولي أن معدل الانتاجية العام في الكويت قد تناقص بمعدل سنوي قدره 3.3% خلال الفترة من 1980 و2002.
رابعا: قلة الموارد: من اهم العوامل التي تحد من تنويع الموارد الاقتصادية وتعوق نمو الاقتصاد في الكويت هي قلة المواد الطبيعية غير النفطية كتوافر المواد الاولية والتكنولوجيا الحديثة وتوفير الموارد البشرية المؤهلة.
خامسا: إرث السياسة الصناعية: يمكن ارجاع الوضع الحالي المتمثل في محدودية انتاجية القطاع الصناعي الى تراكمات ممارسات لسياسات صناعية سابقة ركزت على احلال الواردات وافتقرت للإجراءات الداعمة لتصدير المنتجات المحلية.
لذلك افرزت تلك المعوقات اداء متواضعا لصادرات المنتجات غير النفطية، والذي لا يرقى لمستوى الطموحات، حيث بلغ اجمالي الصادرات الكويتية في عام 2004 نحو 30 مليار دولار بما فيها اعادة التصدير، حيث شكلت الصادرات النفطية ومنتجاته نحو 90% (26.7 مليار دولار).
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )