يحفل التاريخ الاقتصادي بالعديد من الأخطاء الفادحة التي ترتبت عليها خسائر مادية ضخمة، ويذكر التاريخ أنه من بين أفدح تلك الأخطاء هناك 8 أخطاء حدثت عبر القرون الأربعة الماضية والتي تضمنت قصصا للأخطاء في العديد من مجالات الصناعة والعقارات والتكنولوجيا.
ووفقا لتقرير ذكرته مجلة «فوربس» حول أسوأ الأخطاء الاقتصادية عالميا، قالت المجلة هناك 8 أخطاء نتج عنها أخطاء فادحة منها خسائر «فورد» الأميركية والتي جاءت في الترتيب الأدنى للشركات، ففي منتصف الخمسينيات وبعد أن حققت سيارات «ثاندر بيرد» نجاحا كبيرا، أراد «فورد» أن يبتكر طرازا جديدا من السيارات لكي يتنافس مع سيارة «أولدز موبيل» التي تنتجها شركة جنرال موتورز.
وقد أنتجت الشركة سيارة «ايدسيل» لتحقيق هذه الفرص، غير أن هذه المحاولة تعثرت، لأن طراز السيارة الجديدة لم يختلف كثيرا عن السيارات السابقة للشركة، كما أن حجم السيارة كان كبيرا جدا، فضلا عن ارتفاع ثمنها، الأمر الذي كبد شركة فورد خسائر بلغت 2.5 مليار دولار نتيجة لهذا الخطأ، الأمر الذي جعل الشركة تتوقف عن إنتاج سيارة «ايد سيل» في نوفمبر 1959.
وكان انهيار إنرون للطاقة الأميركية ثاني أفدح تلك الأخطاء في القائمة حيث كان الجشع والخداع اللذان اتصف به كل من مسؤولي التشغيل جيفري سكيلينج، وكبير المسؤولين الماليين اندرو فاستو، وراء الخسارة التي تكبدتها الشركة، وبلغت 93 مليار دولار.
وبعد أن كان رأسمال الشركة 78 مليار دولار في عام 2001 أصبح حجم أسهمها ضئيلا لا قيمة له، وقد حصد من تسببا في انهيار الشركة العقاب الذي يستحقانه، حيث يقضيان عقوبة السجن حاليا.
أما ثالث تلك الأخطاء فكان قيام القيصر الكسندر الثاني قيصر روسيا في عام 1867 أن يعرض ألاسكا للبيع للأميركيين، حيث كانت تسيطر عليه مخاوف أن يفقد هذه الجزيرة بالقوة، ودفع الأميركيون في ذلك الوقت 7.2 ملايين دولار مقابل شراء أرض غنية بالذهب والنفط، في حين أن قيمتها الحالية هي 100 مليار دولار.
وفي أوائل السبعينيات قامت شركة زيروكس بتطوير تكنولوجيا الكمبيوتر المتطورة التي أطلقت عليها اسم تكنولوجيا «gui»، وفي أواخر الثمانينيات أقامت شركة زيروكس دعوى قضائية ضد شركة «أبل» التي استخدمت هذه التكنولوجيا التي قامت بتطويرها زيروكس، وتسبب هذا الخطأ من جانب «أبل» أن تتكبد زيروكس خسائر بلغت 107 مليارات دولار.
وذكر الإحصاء أن خطأ بيع نظام التشغيل «dos» في عام 1980 لشركة مايكروسوفت من الأخطاء الاقتصادية القاتلة والتي جاءت في الترتيب الخامس ضمن أفدح الأخطاء الاقتصادية، حيث قام بيل غيتس بشراء نظام التشغيل مقابل 50 ألف دولار من شركة سياتيل، وعندما اكتشفت شركة سياتيل الخطأ الذي ارتكبته بأن جعلت فرصة انفرادها بامتلاك نظام التشغيل تضيع من بين أيديها بسبب افتقارها للحرص، اتهمت شركة مايكروسوفت بالنصب والخداع لعدم الكشف عن أن «آي. بي. إم» هي التي ستشتري نظام التشغيل.
وأدى بيع نظام التشغيل وامتلاك شركة مايكروسوفت لهذا النظام أن تحقق الشركة الهيمنة والسيطرة في عالم برامج الكمبيوتر، حيث تبلغ قيمة هذه البرامج في الوقت الحالي 253 مليار دولار.
وفي عام 1803 قام نامليار ببيع لويزيانا، حيث كان نامليار يناضل للدفاع عن الأراضي التي حصلت عليها فرنسا من العالم الجديد، وخاصة هاييتي، وحيث ان جيش نامليار لم يكن راغبا في التخلي عن هاييتي قام بعرض إقليم لويزيانا للبيع بدلا من ميناء نيو أورلاينز فقط، كما تم بحث ذلك قبلا.
ثم عرض البيع مقابل 15 مليون دولار، وتذكر مؤسسة «كاشمان آند ويكفيلد» للعقارات التجارية العالمية أن السعر الحالي لهذه المنطقة التي تضم الآن 15 ولاية أميركية ومقاطعتين كنديتين حوالي 750 مليار دولار، وهذه هي قيمة الخسارة التي تكبدتها فرنسا نتيجة بيع هذه المنطقة في ذلك الوقت.
وفي صفقة تدل على قصر النظر قام السكان الأصليون في عام 1262 ببيع جزيرة مانهاتن مقابل بعض المجوهرات، ويعتبر الكثيرون من سكان نيويورك أن جزيرة مانهاتن هي مركز الكون.
ومما يوضح قيمة الخسارة التي حلّت عند بيع هذه الجزيرة نذكر أن الثمن الحالي للجزيرة هو تريليون دولار وفقا لتقديرات مؤسسة «كاشمان آندويكفيلد» للعقارات التجارية الدولية.
وفي صفقة أخرى تدل على قصر النظر قام الهولنديون بعد ذلك ببيع نيو أمستردام إلى بريطانيا مقابل الحصول على منطقة تعرف الآن باسم جمهورية سورينام، وهي دولة صغيرة في أميركا اللاتينية، والتي يبلغ إجمالي الناتج المحلي لها 2.9 مليار دولار.
وجاءت أزمة الائتمان العالمية في أسوأ الأخطاء الاقتصادية على الإطلاق، حيث ذكر رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بن برنانكي ونظرائه في أنحاء العالم أن يعيدوا الانتعاش إلى الاقتصاد العالمي أو يستخدموا أساليب تؤدي إلى عدم تحقيق النجاح.
ويذكر روبرت مونديل الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 1999 أن السياسة التقديرية الخاطئة في فترة العشرينيات والثلاثينيات أدت إلى حدوث انخفاض عام في مستويات أسعار السلع والخدمات، مما أدى إلى زعزعة الاستقرار في العالم.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )