رغم أن سوق الكويت للأوراق المالية (البورصة) التي تعد ثاني أنشط أسواق المال في المنطقة فإنها تعاني ظاهرة تتفاقم بصورة متكررة تتمثل في غياب «الثقافة الاستثمارية» بأصول التداولات الأمر الذي يكبد صغار المتعاملين خسائر مالية كبيرة لاسيما مع الانخفاضات المتتالية التي شهدتها البورصة خلال الفترة الماضية.
ولم تعبأ شريحة المتعاملين في السوق كثيرا بقراءة البيانات المالية الأمر الذي يفقدهم عشرات الملايين من الدنانير شهريا بسبب تكاسل في فهم سيكولوجيات الاطراف التي تتحكم في مجريات الأداء في سوق تلعب فيه العمليات المضاربية دور البطولة بعيدا عن العمل الاستثماري المفترض وجوده في السوق.
وبما أن هذه الشريحة تعتبر القاعدة الأعرض في البورصة التي كثيرا ما توجهها الشائعات وبالتالي دائما ما تكون هي الوقود الاساسي لحركات التصحيح العنيفة في وقت تميل فيه الكفة الراجحة الى كبريات المجموعات التي تمسك بزمام الأمور مع انعدام دور صناع السوق.
وما بين مصطلحات معدل دوران الأسهم والربحيات غير المحققة وقياس الوحدات وعوامل الدعم تاهت شريحة المتعاملين في دهاليز العمل البورصوي ما دفع بالبعض الى الاتكالية في قراره الاستثماري تجاه أوامر الشراء أو البيع على حد سواء.
والامر لم يختلف كثيرا أيضا في القاعة النسائية حيث تتبارى المتعاملات على اتباع مبدأ «سياسة القطيع» هبوطا او صعودا ما ينم عن غياب الوعي رغم التحذيرات التي دائما ما تطلقها بعض الشركات الراصدة لمجريات حركة السوق ويتم نشرها بصفة دورية في وسائل الاعلام لكن بعضهن لا يعبأ بالنصيحة وبالتالي يتكبدن مزيدا من الخسائر.
وقد استطلعت «كونا» آراء شرائح متعددة من المتعاملات والمتعاملين في سوق الكويت للأوراق المالية حول مدى انصياعهم الى تغليب الفكر الاستثماري من عدمه قبل الولوج في تنفيذ الأوامر لتقف على مدى تفاقم هذه الظاهرة التي تتطلب مزيدا من الوعي لايقاف نزيف الخسائر المتكررة لصغار المتعاملين في سوق تحكمه كبريات الشركات بصناديق ومحافظ قوية.
ويروي المتعامل مشعل السبيعي قصته مع بداية دخوله السوق في عامه الاول حيث أوضح أن تنفيذ أوامر الشراء أو البيع عادة ما كانت تتم وفق قناعته الشخصية دون سند من بيانات مالية أو حتى الاهتمام بمطالعة ما يقوله بعض المحللين الماليين الذي وصفهم بأنهم مضللين لمصالح خاصة.
ويستذكر السبيعي الخسائر التي مني به خلال العام الأول من ولوجه للاستثمار في السوق حيث مازال مصرا على عدم درايته ببعض الأمور الفنية التي ترجح كفة اسهم على أخرى ومع ذلك فلا يعتمد على ما تشير اليه البيانات التاريخية التي تضيء الطريق الى استثماراته متكفيا بفطانته التي اكتسبها بخبراته السابقة رغم قساوة التجربة.
وقال المتعامل فيصل الشمري ان الواقع العملي لسيناريو تداولات السوق المتسارعة لا يعطي للبعض فرصة القراءة أو حتى التمعن في منهجية من يتحكمون في السوق حتى يتقي شرهم المضاربي ولذا القرار اللحظي هو الذي يحكم الأوامر على الرغم من أن ذلك من الناحية النظرية خطأ ولكن البعض أيضا لا يفقه شيئا في بعض الأمور الفنية المتعلقة بالتداولات.
وأضاف الشمري ولكن المتعامل طويل الاجل قد يستفيد الى حد ما من قراءة البيانات المالية التي يبني عليها قراره الاستثماري وهم قلة في السوق أما الشريحة العريضة اعني الصغار الذين دائما ما يأخذون قراراتهم وفق مستجدات السوق على مدار الجلسة الواحدة وهم دائما المتضرر الأكبر من الخسائر.
وقال المتعامل عايد العنزي ان قراءة البيانات المالية ليست بالأمر اليسير الذي يستطيع منه خلاله المستثمر العادي فهم ما يدور فيها كما الحال للمحلل المالي الذي عادة ما يكون أكثر عمقا في تفسير هذه البيانات والتعامل معها بورصويا.
واضاف العنزي قائلا ان مصادر معلوماته شأنها شأن بقية المتعاملين تعتمد في المقام الاول على ما يتم ترويجه من داخل قاعات السوق المتناثرة والتي يكثر فيها الحديث عن صعود اسهم أو هبوط أخرى ولكن ذلك دائما ما يتم بطريقة عشوائية دون دراسة تحليلية.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )