ارتفعت حصيلة الحصص التي تملكتها دول مجلس التعاون الخليجي في مؤسسات حول العالم خلال العام الماضي، إلى أكثر من 83 مليار دولار تشكل نحو نصف الصفقات العالمية (48.8%) والمقدرة بـ 170 مليارا.
فيما استحوذت الصين والهند معا على حصص بـ 55 مليارا.
وحضّت دراسة إماراتية دول مجلس التعاون، على الاستفادة من عمليات الاستحواذ على حصص في رؤوس أموال المؤسسات العالمية، من خلال نقل التكنولوجيا الحديثة وتدريب الأيدي العاملة الخليجية.
وأفادت الدراسة، التي أصدرها مصرف الإمارات الصناعي، بأنه مع استمرار ارتفاع أسعار النفط على مدى السنوات الثلاث الماضية وبلوغها أرقاما قياسية بتجاوزها 139 دولارا للبرميل، يدخل الاقتصاد العالمي مرحلة جديدة أفرزت مستجدات أعادت اصطفاف القوى الاقتصادية الفاعلة في العالم.
ويشهد العالم، إلى ارتفاع الأسعار والتضخم وأزمة الغذاء، عمليات تملك تتمثل أساسا في صفقات شراء ضخمة لمؤسسات عالمية عريقة، من دول مصدّرة للنفط توافّرت لديها سيولة كبيرة بفضل مضاعفة أسعار النفط، ومن قبل بلدان مثل الصين والهند اللتين حققتا معدلات نمو مرتفعة ومكاسب في تجارتيهما الخارجية.
وأوضحت أن الصفقات الخليجية والصينية والهندية، تركزت في أوروبا والولايات المتحدة، وشملت قطاعات وأنشطة فاعلة تعرّض بعضها لصعوبات مالية بسبب أزمة الرهن العقاري، من ضمنها مؤسسات مالية ذات طابع عالمي، كما شملت القطاع الصناعي والاتصالات والمواصلات ومرافق البنية الأساسية وتجارة التجزئة.
وأضافت: «نظرا إلى حجم السيولة الكبيرة المتوافرة لدى البلدان المصدّرة للنفط وبعض البلدان الناشئة الأخرى مثل سنغافورة والصين والهند، فإن ذلك يعتبر توجها صحيحا يرمي إلى اقتناص فرص استثمارية جديدة تتيحها العولمة وانفتاح الأسواق وحرية انتقال السلع والخدمات، ما سيؤدي إلى تنويع مصادر الدخل القومي والحصول على عوائد مجزية من الاستثمارات الخارجية، إضافة إلى تنمية اقتصاديات البلدان الشارية وحصولها على تقنيات متطورة بفضل امتلاكها حصصا في مؤسسات عالمية راقية».
وأشارت الدراسة إلى أن عمليات تملك البلدان النامية مؤسسات في البلدان الصناعية المتطورة، أثارت جدلا واعتراضات غير مبررة، إما بادعاء المحافظة على الأمن القومي للبلدان الصناعية أو بحجة تعرض هذه المؤسسات للخطر في ظل المساهمات الأجنبية.
وأوضحت أنه رغم هذه الاعتراضات، فان عمليات الشراء استمرت بمعدلات أكبر، مدعومة بالتغيرات الكبيرة في خريطة العالم الاقتصادية والظروف المستجدة التي جاءت بها العولمة، وازدياد احتياج العالم إلى مصادر طاقة، خصوصا النفط والغاز الطبيعي، ما سيدفع أسعارها إلى مزيد من الارتفاع.
ولم تنحصر عمليات الاستحواذ، بحسب مضمون الدراسة، في البلدان الصناعية، بل شملت مرافق البنية التحتية والاتصالات في البلدان النامية أيضا، بحيث أدى ضخ استثمارات جديدة في مؤسساتها، إلى تطوير الأخيرة وتزويدها بالتقنيات الحديثة وتوفير آلاف فرص العمل.
واعتبرت صفقات الاستحواذ، عمليات تبادل للمصالح بين الأطراف كافة، فرضتها التغيرات الجذرية الجارية في العلاقات الاقتصادية الدولية، مؤكدة أن محاولات عرقلتها ستضر بالاقتصاد العالمي، وتؤدي إلى تجميد مئات المليارات، في وقت تعاني مؤسسات عالمية مهمة، نقصا في السيولة بسبب أزمة التسليف العقاري والتقلبات الناجمة عنها في أسواق المال العالمية.
وأكدت الدراسة، أن عمليات التملك والمساهمات في رؤوس أموال الشركات العالمية، قادت معظمها الصناديق السيادية عامي 2007 و2008، وأدت إلى إنقاذ شركات من انهيار محتّم، ما ساهم في التخفيف من حدة الانعكاسات السلبية للأزمة العالمية على اقتصادات العالم.
وان إفرازات العولمة لن تتوقف عند هذا الحد إنما ستؤدي في العقدين المقبلين، إلى اصطفاف جديد للقوى الاقتصادية الفاعلة في العالم، ما يتطلب من كل البلدان، التعامل بموضوعية مع هذه المستجدات.
فالبلدان الصناعية في الغرب لن تبقى وحدها مركز الثقل الاقتصادي، وهو المركز الذي ظلت تتربع على عرشه على مدى عقود، كما أن البلدان الناشئة كالصين والهند والبرازيل أصبحت تمثل مكانة بارزة ومتزايدة الأهمية في الاقتصاد العالمي.
وأوضحت أن البلدان المصدرة للنفط، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي، استكملت تقريبا بنيتها الأساسية، وهي تتمتع حاليا ببنية متطورة تمكّنها من تنمية قطاعات اقتصادية، وأن ارتفاع عائدات النفط وفر لها قدرات استثمار هائلة تمكنها من لعب دور أساسي في خريطة الاستثمارات العالمية.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )