- الأوضاع الاقتصادية الصعبة نتاج تراكمات كبيرة وثقيلة لقوانين وقرارات غير صائبة أدت إلى «فوضى» عارمة
- الاقتصاد المحلي يعاني من ثلاثة تشوهات هيكلية
- على الفريق الاقتصادي الحكومي مراعاة أن تولد حزمة القرارات والبرامج التي سيتم الإعلان عنها مستوى مرتفعاً من الثقة المطلوبة
- ينبغي وضع تصور واضح وسليم لعملية إصلاح اقتصادي شامل يحظى بإجماع وطني
- ما نحتاجه من السياسة المالية هو إحداث صدمات مالية إيجابية على جانبي الميزانية العامة للدولة
خص محافظ بنك الكويت المركزي السابق الشيخ سالم العبد العزيز «الأنباء» برؤية متكاملة بشأن الحلول الاقتصادية والمالية للمرحلة الراهنة، مرتكزا إلى 15 تصورا مبدئيا ومترابطا كفيلة، في حال تنفيذها، بتحقيق هدف الإصلاح المنشود.
فقد استهل المحافظ السابق لبنك الكويت المركزي رؤيته بالإشارة إلى الخبر الذي تصدر صحف يوم الاربعاء الموافق 19 سبتمبر الماضي حول لقاء صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد ـ يحفظه الله ـ بالفريق الاقتصادي الحكومي المكلف بمعالجة الاوضاع الاقتصادية وسبل تنشيط العجلة الاقتصادية في البلاد.
ثم شرع الشيخ سالم العبدالعزيز في التمهيد لرؤيته قائلا: «حقيقة، انني ادرك تماما مدى اهتمام صاحب السمو الأمير يرعاه الله بموضوع الاقتصاد الوطني، وحثه الدؤوب والمستمر على تحسين الأوضاع الاقتصادية للوطن وللمواطن».
من جانب آخر، فإني ادرك ايضا، بل اعلم علم اليقين، ان الاوضاع الصعبة، وغير السليمة، التي يعاني منها الاقتصاد الوطني ما هي الا نتيجة لتراكمات كبيرة وثقيلة لقوانين ولقرارات غير صائبة، بل في الواقع ضارة ومؤذية للاقتصاد الوطني، وأدت الى نشوء حالة «فوضى اقتصادية «عارمة economic chaos، مما زاد من مستوى التشوهات في الاقتصاد المحلي distortions المتمثلة باختلالات اقتصادية هيكلية رئيسية ثلاثة structural imbalances: اولها اختلال الموازنة العامة للدولة على جانبيها الإنفاقي والإيرادي، وثانيها اختلال في تدني نسبة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي ومن ثمة في الناتج المحلي الاجمالي، وآخرها اختلال سوق العمل الوطني من حيث توظيف الكم الكبير من العمالة الوطنية في القطاع العام.
وأضاف بالقول: «بالاضافة الى ذلك، ينبغي الا يغيب عن ذهننا مدى الضرر البالغ الذي أصاب بيئة الاعمال business environment في الكويت حيث اصبح مناخ الاستثمار طاردا.
وهذا امر بالغ الأهمية ويجب ان تتصدى الحلول والمعالجات له لكي يصبح مناخا جاذبا للمستثمر المحلي والاجنبي ان رغبنا في معالجة وتحسين الوضع الاقتصادي بشيء من الشمولية.
وهذه الاختلالات الهيكلية الثلاثة ان لم يتم التصدي لها بشكل عاجل وحاسم، فسوف يتم تدمير ما تبقى من الاقتصاد المحلي، وسوف تنشأ عنها بيئة حاضنة وخصبة لانبثاق مشاكل سياسية واجتماعية مستقبلا قد تعصف بأوضاع البلاد.
ولنا من التاريخ المعاصر كثير من الدروس والعبر».
واستعرض محافظ «المركزي» السابق تفاصيل التوجيه السامي السليم لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد للفريق الاقتصادي الحكومي، والذي تمثل بالاتي:
- ضرورة وأهمية معالجة الوضع الاقتصادي المتردي الراهن.
- عدم الحاجة الى إجراء مزيد من الدراسات حيث يتوافر كم كبير منها.
- مراعاة أهمية عنصر الوقت من حيث الاسراع في تنفيذ المعالجات المطلوبة.
وقبل الولوج الى تصورات المعالجة اللازمة للشأن الاقتصادي الراهن في البلاد، أشار الشيخ سالم العبدالعزيز إلى أهمية تقديم عرض موجز لأهم صفات وخصائص الاقتصاد الكويتي.
وفي هذا السياق، استطرد بالقول: «إن الاقتصاد الكويتي اقتصاد صغير الحجم نسبيا (يبلغ الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية لعام 2011 حوالي 44.4 مليار دينار اي ما يعادل حوالي 158 مليار دولا، وهو اقتصاد يفترض ان يكون رأسماليا (وهو ليس كذلك في الواقع)، ثم هو اقتصاد يتمتع بعدم وجود أي قيود على حرية حركة رأس المال دخولا وخروجا، كما انه اقتصاد يكاد يكون معتمدا كليا على استيراد كافة احتياجاته ومتطلباته من السلع والخدمات من الخارج من جهة اولى، ويهيمن النفط ومشتقاته على جل مداخيل صادرات الدولة من جهة اخرى (علما بأن النفط مادة آيلة للنضوب وتشكل ايراداته اكثر من 90% من جملة الايرادات العامة للدولة، وهنا مكمن الخطورة على المالية العامة ومن ثم الاقتصاد الوطني)، كما تقوم الحكومة بتقديم وتلبية معظم احتياجات مواطنيها مجانا، وتوظف معظم العمالة الوطنية لديها، وأخيرا هو اقتصاد يتصف بوجود قطاع خاص دوره محدود جدا في النشاط الاقتصادي المحلي».
وتابع بالقول: «لقد تشرفت بمشاركة وترؤس عديد من اللجان المعنية بشأن الاصلاح الاقتصادي منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي، والتي زاد عددها على ست لجان، حيث اتفقت آراء هذه اللجان على ضرورة التصدي للاختلالات الهيكلية الثلاثة المذكورة دون أي تباطؤ ولقد تراكمت كميات كبيرة من الدراسات والتوصيات لو تم تنفيذ وانجاز نصفها لكان الاقتصاد الكويتي على المسار الصحيح الآن، ولكان وضعنا الاقتصادي افضل بكثير من الوضع الحالي».
وفي ضوء هذا التمهيد، اقترح الشيخ سالم العبدالعزيز على الفريق الاقتصادي الحكومي الحالي بألا ينطلق من فراغ، حيث تتوافر لديه دراسات وتوصيات جاهزة، يحتاج فقط الى تحديث بياناتها وتنقيحها، وفق آخر المستجدات التي تمت بعد تقديم تلك الدراسات، مع تحويل توصياتها الى برامج تنفيذية زمنية، ومع مراعاة اهمية عنصر الوقت.
وذكّر الفريق الاقتصادي الحكومي الحالي بضرورة واهمية ان تولد حزمة القرارات والبرامج التي سيتم الاعلان عنها مستوى مرتفعا من الثقة المطلوبة، لافتا الى انه من نافلة القول ان تكون الحلول الموضوعة ذات طابع شمولي تتصدى للعديد من المشاكل، ويستفيد منها معظم المواطنين ومعظم القطاعات الاقتصادية، مع سهولتها وقابليتها للتنفيذ، وان تكون لها ابعاد استراتيجية متماشية مع اهداف التنمية الحقيقية السليمة والمستدامة، كما انه من الاهمية بمكان ان تكون تلك الحلول عامل تنشيط ومساعدة في انتشال العديد من القطاعات الاقتصادية المحلية من حالة الركود التي تمر بها وابعادها عن عدة مخاطر مختلفة، بالاضافة الى مساعدتها على القيام بدورها في الاقتصاد الوطني، وبما يؤدي الى زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي، مشيرا الى أن من شأن ذلك الحد من المخاطر التي ربما قد تنشأ مستقبلا وتحيق بالقطاع المصرفي، «حيث ينبغي الا يغيب عن ذهننا ان الدولة مازالت تضمن ودائع القطاع الخاص لدى البنوك المحلية».
ومن منطلق ما تقدم، طرح الشيخ سالم العبدالعزيز رؤيته وتصوراته الأولية بشأن ملف المعالجات المنتظر، لافتا الى ان هذا الطرح إنما يتضمن حلولا ومعالجات للوضع الاقتصادي الراهن وليس مقترحات تتعلق بملف الاصلاح الاقتصادي الشامل، مشيرا إلى اننا «مازلنا تواقين للاعلان عن ماهية القرارات والمعالجات الحكومية، حيث ان سقف التوقعات قد ارتفع كثيرا، وأي مزيد من التأخير في الاعلان عن حزمة تلك المعالجات قد يؤدي الى وقوع بعض الانتكاسات، لا سمح الله، وذلك في حالة عدم احتواء تلك الحزمة على المعالجات الاقتصادية والمالية السليمة»، ومؤكدا أن «فعالية اي قرار او برنامج معالجة تكمن في: توقيت طرحه، محتواه، وضوحه، مهنيته، عدالته، شفافيته، قابليته للتنفيذ، واخيرا انسجامه مع الخطط الموضوعة لتحقيق الاهداف المنشودة».
وفي بيانه لملامح رؤيته وطرحه في هذا الصدد، قال محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح: «بادىء ذي بدء، فإن البلاد تحتاج الى منظومة كاملة ومتكاملة من السياسات والحلول والمعالجات تنتشل الاقتصاد الوطني من حالته الواهنة الحالية وتجعله في مصاف اقتصادات الدول الواعدة، حيث تمتلك الدولة كافة الامكانيات اللازمة لتحقيق ذلك، ما تحتاجه هو الرؤية الصحيحة والبرامج والسياسات والقوانين اللازمة لتحقيق ذلك، بالاضافة الى جهاز تنفيذي كفؤ وقادر.. وبإختصار نحتاج الى ادارة كفؤة وقادرة، تتمتع بدرجة عالية من المصداقية والوعي والإقدام، وتكون مؤمنة بتلك المنظومة، تنطلق بعملها بداية من نكران الذات، وتمتاز بالمواقف الصلبة مدعومة بالمثابرة والاستقرار في سبيل تحقيق هذا الهدف للبلاد وفق خطة طموحة قابلة للتنفيذ مستعينة بأفضل الخبرات المحلية والاجنبية».
وتابع مبينا بالقول: «لابد من الاقرار ان اعباء الحلول والمعالجات للوضع الاقتصادي الراهن تقع بالدرجة الاولى على عاتق السياسة المالية كونها هي المحرك والقاطرة الاساسية للنشاط الاقتصادي في دولة الكويت، حيث ينبغي زيادة حجم الانفاق الرأسمالي (الاستثماري) على المشاريع الكبرى والتنموية المختلفة، مع وضع المعالجات اللازمة لما يتعلق بالمستوى المهول والمقلق لحجم الانفاق الجاري (وتوابعه) ذو الاثار السلبية الوخيمة، مع العمل الحثيث والعاجل نحو ايجاد موارد مالية غير نفطية مجزية.. وبإختصار، ما نحتاجه من السياسة المالية هو احداث صدمات مالية ايجابية على جانبي الميزانية.
وما نحتاجه ايضا، وينبغي ان يحظى باجماع وطني بشأنه، هو ضرورة وجود تصور واضح وسليم لعملية اصلاح اقتصادي شامل economic reforms comprehensive تنطلق من خلاله الحلول والمعالجات السليمة مؤسسيا ومهنيا بموجب رؤية واضحة وسليمة، وبحيث تكون نصب اعيننا خصائص وصفات الاقتصاد الكويتي، بهدف اجراء تغيير جوهري في الثقافة السائدة (culture)، وذلك لكي يتحول المجتمع من سلوكيات الاستهلاك الى سلوكيات الادخار والاستثمار والانتاج».
«الإصلاح الاقتصادي الشامل»
وفي سياق تعريفه للمقصود بـ «الاصلاح الاقتصادي الشامل»، قال الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح: «ان من افضل التعاريف الحديثة للاصلاح الاقتصادي الشامل التي اطلعت عليها هو ذلك الذي ذكر بأنه «عملية اقتصادية – اجتماعية – سياسية حضارية شاملة ومستمرة، تستدعي فك الارتباط بين المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية السائدة واعادة صياغتها من جديد بحيث يؤدي ذلك لظهور افكار وقيم وممارسات وعلاقات اقتصادية واجتماعية جديدة، ينجم عنها زيادة في معدلات النمو الاقتصادي وتطوير مستوى المعيشة للمواطنين، والقضاء على البطالة، وتحسين توزيع الدخل، والحد من الفقر وصولا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، كما انه عملية اعادة تنظيم لاستغلال الموارد الاقتصادية المتوافرة في المجتمع وتخصيصها بشكل اكثر كفاءة وفاعلية، مع الاستفادة القصوى من الفرص التي اتاحتها الثورة العلمية والتقنية والمعلوماتية المعاصرة».
واضاف بقوله: «من جانب آخر، فإني ارى ان من شأن اعادة النظر في المنظومة الاقتصادية للدولة مساعدتها على تلبية وتحقيق متطلبات العصر وتحديات المستقبل.
لقد اصبح محور الاصلاح الاقتصادي يرتكز على توفير متطلبات الحوكمة، والمساءلة، والشفافية، والديموقراطية، مع التركيز على متطلبات التنمية الحقيقية المستدامة للاجيال الحالية والمستقبلية.
كما ينبغي ان يصاحب تلك العملية تطبيق الثالوث اللازم لنجاحها المكون من العدالة، والشفافية، ومحاربة الفساد.
الهدف من الإصلاح الاقتصادي
وتساءل الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح: «لكن، ماذا نريد تحقيقه من خلال تبني وتنفيذ برنامج «الاصلاح الاقتصادي»؟ ان الاجابة السليمة عن هذا السؤال من شأنها ان تحدد اتجاه «بوصلتنا» الاقتصادية بشكل دقيق وواضح بحيث يمكن معرفة الاهداف المنشودة واتجاهات العمل لتحقيق تلك الاهداف.
إن من شأن تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي ان ينجم عنه اقتصاد معاد هيكلته بشكل سليم وشامل، بحيث يصبح اقتصاد حديثا ومتطورا ومتماشيا مع روح العصر، يتسم بالاداء الجيد والقدرة على امتصاص الصدمات المختلف.
وهذا بالفعل ما نصبو اليه وما ينبغي ان نعمل نحو تحقيقه» ولفت إلى أن «كل ما تقدم ينبغي ان يتم وفق افضل الممارسات العالمية في هذا الشأن best international practices.
ولا بأس من الاستفادة من نماذج تجارب مشابهة سارت عليها بعض الدول وحققت نجاحات باهرة.
ولنستفد، على سبيل المثال، من تجارب وممارسات كل من سنغافورة والنرويج في الشأن الاقتصادي والمالي والتنموي، حيث لهاتين الدولتين عديد من الخصائص والصفات الاقتصادية التي تتشابه مع مثيلاتها في دولة الكويت».
واكد قائلا: «مما لا شك فيه ان عملية الاصلاح الاقتصادي تحتاج لبعض الوقت لتصميمها، ولتنفيذها، ولجني ثمارها المرجوة التي لن تكون على المدى القريب، حيث ان برنامج الاصلاح الاقتصادي الشامل يتطلب اصدار عديد من التشريعات الجديدة مع تعديل بعض القوانين السارية لتتماشى مع ذلك البرنامج.
ومن الانسب البدء بشكل عاجل بعملية «اصلاح مالي «حيث اتفقت كافة اللجان والجهات المتخصصة المحلية والاجنبية على ان المدخل السليم والعاجل لمعالجة اختلالات الوضع الاقتصادي الراهن ينطلق اولا من معالجة الاختلال الهيكلي في الموازنة العامة للدولة (الاصلاح المالي)، سيما ان مستويات اسعار النفط المرتفعة حاليا، لاسباب لا تدعمها عوامل اقتصادية بحتة، لازالت تحجب كثيرا من نتائج الاثار السلبية للتشوهات الاقتصادية الخطيرة لدينا».
وفي ضوء ما سبق، حدد الشيخ سالم الصباح اربعة مجالات قال إن ينبغي ان يتناولها ملف المعالجات المطلوبة في المرحلة الحالية، وهي تصب اساسا في: المجال الاقتصادي والمالي، والمجال التشريعي، ومجال تحسين بيئة الاعمال، واخيرا في المجال الاداري والاعلامي الحكومي، مؤكدا مرة اخرى بأن» ليس الهدف من هذه المقالة تقديم بحث او برنامج عمل متكامل او الدخول بتفاصيل الحلول والمقترحات لمعالجة الوضع الاقتصادي الراهن، بل عرض تصورات واطار عام لذلك».
وعرض محافظ بنك الكويت المركزي السابق بعض المقترحات للمرحلة الحالية، باعتبارها مقترحات لمعالجة الوضع الاقتصادي الحالي وليست برنامجا للإصلاح الاقتصادي الشامل الذي تم التطرق له سابقا، وذلك على النحو التالي:
1- زيادة حجم الانفاق الرأسمالي (الاستثماري) في الموازنة العامة للدولة، والاسراع بإطلاق عجلة المشاريع الرئيسية الكبرى، والمشاريع المهمة الاخرى الموجهة لزيادة كفاءة البنية التحتية في البلاد، دون تأخير، مع تسهيل وتبسيط اجراءات الدورة المستندية حتى نبتعد عن الروتين والبيروقراطية اللذين يعتبران من اهم الاسباب المؤثرة سلبا في بيئة الاعمال السائدة في البلاد، العمل نحو ازالة المعوقات التي تؤدي الى بطء معدلات الصرف على تلك المشاريع، لافتا الى انه من الاهمية بمكان ان يكون احد شروط العمل بتلك المشاريع هو قيام من يتم ترسية المشاريع عليهم بشراء معظم احتياجاته المختلفة من السوق المحلي، خصوصا ما يتم انتاجه محليا، ما دامت تلك المنتجات او الخدمات مطابقة للمواصفات الموضوعة بهدف تشجيع المنتج المحلي، كذلك ينبغي عدم المغالاة في وضع مواصفات المواد المطلوبة لتلك المشاريع، مع ضرورة عدم إغفال اهمية عنصري الجودة والسلامة، وذلك حتى تتمكن وحدات القطاعات الاقتصادية المحلية ذات الشأن من المشاركة في تلك المشاريع ومن ثم القيام بدورها في الاقتصاد المحلي.
وعلى جانب آخر، ينبغي على وحدات القطاع الخاص المختلفة ان تبادر بتقديم افضل المنتجات والخدمات وبافضل الاسعار لتلك المشاريع.
2- معالجة موضوع ندرة الاراضي لما لهذا الموضوع من اهمية سواء على صعيد النهضة الاقتصادية، او على صعيد العيش الكريم للمواطن.
3- اعداد دراسة على وجه السرعة لمعرفة مدى جدوى تأسيس شركه لشراء الاصول المختلفة، تعمل وفق اسس تراعي العدالة والشفافية والمهنية في هذا الشأن، ولا تهدف عملياتها الى انقاذ اشخاص او شركات معينة، بل تهدف الى المحافظة على اوضاع الاقتصاد الكلي للبلاد، مع ضرورة قيام كافة الاطراف ذات العلاقة بهذا الامر بتحمل جزء من تكاليف هذه المعالجة، ووضع الضوابط الكفيلة بتقليل مختلف المخاطر ما امكن وذلك بتوجيه جزء من حصيلة هذه العمليات الى الجهات الدائنة ذات العلاقة.
4- دراسة مدى اهمية وجدوى تغيير استراتيجية الدولة الاستثمارية (من خلال مؤسساتها المختلفة) بحيث تقوم بزيادة استثماراتها في الاقتصاد المحلي بالاشتراك مع القطاع الخاص المحلي والاجنبي، وذلك بموجب رؤى استراتيجية بعيدة الاجل تخدم مصالح دولة الكويت ومواطنيها واقتصادها.
5- الاسراع بتفعيل العديد من القوانين ذات الشأن الاقتصادي (مثل قانون الخصخصة)، وضرورة تعديل بعض التشريعات القائمة التي تعتبر مكبلة للنشاط الاقتصادي ومهمشة لدور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني.
6- نقل ادارة انشطة مختلفة الى القطاع الخاص عوضا عن ادارتها حاليا من قبل اجهزة الدولة وذلك لتحسين مستوى كفاءة الادارة، ولزيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
7- دراسة مدى الحاجة لوجود صناع للسوقين المالي والعقاري.
8- التركيز على اهمية وضرورة انجاح كل ما يتعلق بموضوع المشروعات الصغيرة والمتوسطة مع تقديم الدعم اللازم لهما، حيث من المفترض ان يكون لهما آثارا ايجابية مستقبلية في مجال معالجة الاختلالين الهيكلين الثاني والثالث اللذين سبق الاشارة اليهما.
وحبذا لو يواكب ذلك تغيير جذري في فلسفة كل من السياسة التعليمية والسياسة الاعلامية لتكونا داعمتين لهذا الموضوع الحيوي والهام.
9- من المفيد، بل من الضروري، ان تحتوي الحلول المقترحة على محفزات تشجع على اطلاق المبادرات لدى وحدات القطاع الخاص المختلفة.
10- النظر في مدى الحاجة لمزيد من التطوير في مجال عمل المحفظة العقارية.
11- انشاء شركات ذات كيانات كبيرة وذلك من خلال تشجيع عمليات الدمج بين الشركات المساهمة العامة المدرجة في السوق (ثم غير المدرجة بعد ذلك مع اشتراط ادراجها في السوق)، مع تقديم حوافز لذلك.
وينبغي ان يصاحب ذلك تذليل لاجراءات تلك العمليات من خلال ادخال تعديلات تشريعية متعلقة بعمليات الدمج سواء كان ذلك من خلال المزج او الضم.
12- معالجة موضوع الاختناقات الادارية والقانونية التي تعرقل كفاءة وسرعة انجاز الدورة المستندية للمعاملات ذات الشأن الاقتصادي والمالي وغيرها.
13- اهمية الاسراع بإصدار التشريعات اللازمة والمنظمة للسندات وللصكوك، ولاي اوراق مالية اخرى.
14- اتباع الحكومة لسياسة اعلامية اقتصادية تكون موضوعية وشفافة وذكية، تتعامل مع كافة اطياف وشرائح المجتمع، من شأنها مساندة مراحل تنفيذ كافة الامور المعنية بتحسين الوضع الاقتصادي الراهن.
15- واخيرا، فإنه من الضروري العمل نحو رفع كفاءة اداء بعض الاجهزة والجهات الحكومية المعنية بالشأن الاقتصادي.
واختتم الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح رؤيته متمنيا ان تسود حالة «الانضباط» «discipline» في كافة اوجه ومجالات العمل الاقتصادي في البلاد، مع الالتزام التام باتباع النهج الرأسمالي السليم وفق افضل الممارسات العالمية في هذا الشأن.
كما أكد على انه لا يمكن الوصول الى وضع اقتصادي سليم ومستقر دون وجود حالة من الاستقرار السياسي.
وقال: «في الحقيقة، ان الوضع الاقتصادي والمالي المستقبلي للدولة مقلق للغاية، كما ان الوضع الحالي آخذ بالانزلاق نحو المخاطر بشكل متسارع، ومن الضروري الادراك بمدى اهمية عنصر الوقت في تقديم واعلان حزمة الحلول الاقتصادية المنتظرة، بالاضافة الى الاستعجال برسم وتصميم برامج «الاصلاح الاقتصادي» المنشود، كما اتمنى ان تتم معالجة حالة تبعثر «ملفات الشأن الاقتصادي» لدى عديد من الجهات في الدولة، حيث ارى انه من المفيد حصر تلك الملفات ومسؤولية تنفيذها لدى جهة واحدة، ومحاسبة تلك الجهة في حالة تقصيرها واخلالها بالدور وبالمسؤليات التي ستلقى على عاتقها».
وفي السياق ذاته، اقترح الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح على الحكومة بأن تبدأ بشكل عاجل بتطبيق مبادئ الحوكمة على كافة اجهزتها، مع مراعاة اتباع المرتكزات الخمس للنجاح، وهي: الشفافية والعدالة والمهنية والنزاهة والكفاءة في سائر مجالات ومناحي العمل في القطاع العام، مشددا على انه يتعين «علينا جميعا ان نعي تماما أن البلاد تقبع الان على مسافة قريبة من حالة يطلق عليها اقتصاديا مصطلح «لعنة الموارد» resources curse، فبدون الاسراع بتطبيق عملية اصلاح اقتصادي شامل، سوف تلبس دولة الكويت رداء تلك الحالة وستعاني كثيرا من تبعاتها وويلاتها».