مرت أسواق الأسهم الخليجية بتغيرات درامية خلال التسعة أشهر المنقضية من العام 2008، حيث وقعت تلك الأسواق تحت تأثير ثقيل لعوامل اقتصادية وسياسية إقليمية ودولية، فضلا عن العوامل الاقتصادية والفنية المتعلقة بكل سوق.
وقد افتتحت الأسواق عام 2008 وهي واقعة تحت تأثير أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية وتداعياتها.
حيث تنبأ العديد من المحللين أنها قد تكون مقدمة لانكماش اقتصادي للولايات المتحدة الأميركية.
ولم تكن أزمة الرهن العقاري هي المؤثر الوحيد السلبي الذي استقبلته أسواق الأسهم الخليجية عام 2008، إذ ألقى ارتفاع أسعار النفط بدوره بآثار متباينة على الاقتصادات الخليجية، حيث أدى ذلك إلى زيادة المعروض النقدي لدول مجلس التعاون الخليجي في حين لم تسجل زيادة مماثلة في الإنتاج السلعي والخدمي، كما أدى ارتفاع أسعار النفط إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع المستوردة والتي زادت تكلفة إنتاجها ونقلها على حد سواء، وقد أسفر ذلك عن ارتفاع واضح في معدلات التضخم استدعى تدخل البنوك المركزية بدول مجلس التعاون بسياسات نقدية وائتمانية تهدف لمكافحة التضخم، والذي زاد من تأثيره تراجع سعر صرف الدولار الأميركي الذي ترتبط به أغلب العملات الخليجية.
وتمكنت تلك الأسواق رغم ذلك من التخلص من آثار تلك الأزمات وسجلت اتجاها عاما صاعدا لمؤشراتها باستثناء سوق دبي المالي والسوق المالي السعودي، اللذين ظلا تحت إقفالات 2007 باستثناء شهر واحد لسوق دبي المالي.
غير أن شهر يوليو مثل نهاية رحلة الصعود لباقي الأسواق حيث أقفلت فيه على تراجع أو مراوحة، إذ ضربت أسواق الأسهم الخليجية موجة عنيفة من التراجعات تعدت في بعض الأسواق مفهوم الحركة التصحيحية إلى الانهيار، وكان لهذا التراجع أكثر من أب، حيث كان شح السيولة هو التبرير الظاهر على سطح الأحداث، غير أنه في حقيقة الأمر كان عرضا لمشاكل أخرى تسببت فيه.
فخلال تلك الفترة جرى الإعلان عن عدد من الاكتتابات الكبرى في أكثر من سوق وفي إطار زمني ضيق قياسا مع حجم الأموال المطلوبة لتلك الاكتتابات، وقد أدى ذلك لظهور موجات بيعية قوية من المستثمرين الذين رغبوا في تسييل جزء من أصولهم للمشاركة في كعكة الاكتتابات، كما اشتدت الحرب الكلامية بين أطراف الأزمة السياسية الإقليمية مما خلق مناخا عاما من القلق.
وفي ظل تلك العوامل وتتابع عمليات البيع طفت على السطح مرة أخرى الأزمة الاقتصادية الأميركية والتي تحولت إلى مشكلة عامة بالقطاعين المصرفي والائتماني، ووصلت إلى الحد الذي استدعى نية الحكومة الأميركية البدء بخطة إنقاذ عملاقة ذات موازنة تبلغ 700 مليار دولار، وقد حذا عدد من الدول الكبرى على المستوى الاقتصادي حذو الولايات المتحدة الأميركية حيث قررت التدخل عن طريق بنوكها المركزية لإنقاذ الأسواق المالية من الانهيار.
وقد تراجعت أسواق الأسهم الخليجية تحت ضغط هذه العوامل بشكل كبير وفقدت كل الأسواق مكاسبها السنوية في الأشهر الأربعة الأخيرة، في حين ظل سوق الكويت للأوراق المالية وحيدا في تحقيق مكسب سنوي بسيط بنهاية التسعة أشهر من العام 2008.
المؤشرات الرئيسية
بنهاية فترة التسعة شهور من عام 2008، كان سوق الكويت للأوراق المالية وحيدا في خانة تسجيل المكاسب لمؤشره، وذلك رغم تآكل تلك المكاسب بفعل خسائره الأخيرة إلى 2.23%، في حين سجلت مؤشرات باقي الأسواق خسائر سنوية، وجاء السوق المالي السعودي في مقدمة الأسواق المتراجعة بعد أن سجل مؤشره خسارة سنوية نسبتها 33.26% بعد ان أنهى التسعة أشهر عند مستوى 7.458.50 نقطة.
جاء بعده سوق دبي المالي والذي أغلق مؤشره عند 4.127.62 نقطة مسجلا تراجعا سنويا نسبته 30.42%.
حل سوق أبوظبي للأوراق المالية ثالثا من حيث الخسارة السنوية بعد أن فقد مؤشره 13.07% من قيمته عند إغلاق 2007 لينهي التسعة أشهر المنقضية من العام 2008 عند مستوى 3.956.72 نقطة. أما أقل الأسواق تكبدا للخسائر، فكان سوق الدوحة للأوراق المالية والذي أغلق مؤشره عند 9.314.53 نقطة بتراجع نسبته 6.00%.
بمتوسط نسبة تراجع 3.78%.
أما من ناحية الأسواق التي حققت نموا في متوسطات التغير، فكان أفضلها أداء من حيث متوسط تغير الكمية هو سوق البحرين للأوراق المالية، إذ بلغ 20.47%، فيما كان أقل متوسط لنمو الكمية المتداولة من نصيب سوق مسقط للأوراق المالية والذي بلغ 4.39%.
أما القيمة المتداولة، فكان سوق البحرين أيضا هو صاحب أفضل متوسط نمو بين أسواق الأسهم الخليجية، إذ بلغ 37.95%، في حين كان سوق مسقط للأوراق المالية أيضا هو صاحب أقل متوسط نمو من حيث القيمة المتداولة، حيث بلغ 6.68%.
وقد كان سوق الكويت للأوراق المالية هو صاحب أكبر كمية تداول خلال الاشهر التسعة المنقضية من العام 2008، إذ بلغ إجمالي ما تم تداوله خلال تلك الفترة 63.90 مليار سهم، في حين كان أقل مجموع من نصيب سوق البحرين للأوراق المالية والذي بلغ حجم التداول فيه لنفس الفترة 1.20 مليار سهم تقريبا.
من ناحية أخرى، تمكنت السوق المالية السعودية من شغل المرتبة الاولى من حيث مجموع القيمة المتداولة في فترة التسعة اشهر الماضية، اذ بلغت 436.95 مليار دولار، بينما كانت اقل قيمة تداول لنفس الفترة من نصيب سوق البحرين للأوراق المالية حيث بلغت 1.59 مليار دولار.
مؤشرات التداول
سجلت أربع من أسواق الأسهم الخليجية تراجعا على مستوى متوسطات التغير في فترة الأشهر التسعة المنقضية من عام 2008 سواء على مستوى الكمية أم القيمة، فمن ناحية الكمية المتداولة كان أكثر الأسواق تضررا هو السوق المالي السعودي الذي كان متوسط نسبة تراجع الكمية المتداولة فيه 7.56%، كما كان هو أيضا صاحب أكبر متوسط نسبة تراجع للقيمة المتداولة اذ بلغ 12.51%.
الشركات الجديدة المدرجة خلال الشهور التسعة الأولى
بلغ عدد الشركات الجديدة المدرجة خلال الشهور التسعة الاولى من عام 2008 في اسواق الاسهم الخليجية 32 شركة.
واستأثر شهر يونيو بأغلب الادراجات الجديدة، اذ تم ادراج 25% من الشركات الجديدة خلاله، في حين كان اقل عدد للشركات المدرجة في شهر سبتمبر الذي شهد ادراج شركة واحدة فقط.
من ناحية اخرى، استأثرت السوق المالية السعـودية بـالنـصيـب الاكـبر مـن تـلك الادراجات، اذ كانـت حصتـهـا 46.88%، فــي حــين كان سوق ابوظبي للاوراق المالية صاحب اقل حصة من الشركات الجديدة المدرجة، اذ تم ادراج شركة واحدة فيه خلال الشهور التسعة الاولى من عام 2008.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )