محمود فاروق
وصف محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم العبدالعزيز الأزمة العالمية بأنها جاءت غير مسبوقة على مر التاريخ ولم تشهد لها البلاد في السابق أي مظهر من المظاهر التي عليها الآن سواء من حيث تشابكها أو كلفة حلولها قائلا انها بمنزلة عاصفة مالية مدمرة أفقدت الأسواق العالمية توازنها والثقة في جميع القطاعات المالية والاستثمارية، حيث أدت تلك الأزمة الى نشوء أجواء شديدة من عدم الاستقرار.
واستعرض المحافظ خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد امس بداية الأزمة المالية العالمية منذ 8 أكتوبر الماضي والتي كادت تصل الى حافة انهيار كامل للمصارف العالمية، حيث توقفت البنوك الرئيسية عن الإقراض سواء للعملاء أو الشركات بعد ان اهتزت الثقة وتراجعت لدرجة ان البنوك العالمية أصبحت لا يثق بعضها في بعض خاصة بعد ان أوضحت الأرقام خلال الأسبوع الأول من شهر اكتوبر حجم الأزمة الكبيرة التي جاءت على غير المتوقع، بداية من الأرقام التي أعلنت عنها بريطانيا والتي جاءت مخيفة حيث جاءت حزمة الحلول الأميركية بضخ 700 مليار دولار مبدئيا وبينما جاءت بريطانيا بضخ 40 مليون استرليني، اضافة الى حلول واقتراحات لإنهاء الأزمة في بنوك اوروبا والمانيا وبلجيكا ليتم ضخ 57 مليار يورو في جميع المصارف العالمية خلال الأسبوع الأول من الأزمة العالمية.
سياسة نقدية
وأضاف المحافظ انه كان على «المركزي» التحرك بسرعة لتغيير دفة السياسة النقدية في المرحلة الاولى من الأزمة وذلك لتوجيه السفينة الى سلامة النظام المصرفي وتعزيز أجواء الثقة بالكويت.
قرارات حاسمة
وعلى غرار ما سبق قال المحافظ ان المركزي اتخذ صباح يوم 8 اكتوبر عدة قرارات مهمة تضمنت تخفيض سعر الخصم 125 نقطة أساس لتصبح 4.5% حيث استخدم المركزي أسلوب الصدمة الشديدة للجميع لاحداث صدمة ايجابية تعطي الثقة وتنعكس بالايجاب على العملاء والمستثمرين وعلى صعيد العمليات المالية ذكر المحافظ انه في 25 سبتمبر الماضي قام المركزي بتدخل مباشر في سوق الانتر بنك حيث لوحظ مبالغة في اسعار الفائدة ومع اقفالات خلال الفترة الماضية اصبحت الفائدة 2.8% وهي مستويات مناسبة لتنعكس على مقدار السيولة بالبنوك الكويتية.
جهات رقابية
وعلى صعيد الجهات الرقابية، قال المحافظ انه تمت زيادة نسبة التسهيلات على الودائع من 80% الى 85% وتم تعديل نسب النمو المقررة 5% كما سمح المركزي بأن تستخدم البنوك العقارات كأداة مؤهلة للائتمان، مؤكدا المحافظ ان جميع الاجراءات التي اتخذها المركزي منحت الائتمان مساحة من 8 ملايين الى 200 مليون دينار، حيث توسع منهج الائتمان في البلاد مع المحافظة على رأس المال بمقدار 12% على عكس ما يتضمن في اتفاقية بازل والتي تنص على 8% فقط.
واضاف المحافظ ان بنك الكويت المركزي طالب البنوك باجراء تأجيل المطالبة في التسهيلات الائتمانية للشركات حتى لا يضيق الخناق على الشركات والمؤسسات وعدم اجراء عمليات بيع للأسهم وتم السماح للشركات الاستثمارية باجراء عمليات تمويلية مختلفة من الهيئات والبنوك خلال الأسبوعين الماضيين.
الأسهم المرهونة
وفي رد على سؤال حول خسائر الأسهم المرهونة وهل هناك امكانية لتعريض تلك الخسائر، قال المحافظ: ينبغي ان تتوافر كل الجهود من افراد ومؤسسات وبنوك ايضا مع الدولة والتي أودعت وستودع مبالغ مهولة خلال الفترة الحالية، وما يمر بالبلاد ما هي الا مرحلة استثنائية غير طبيعية.
وعن ازمة شركات الاستثمار قال المحافظ ان هناك شركات ستقوم بعمليات المرابحة الاسلامية وباستخدام أدوات مختلفة للخروج من أزمتها.
فلابد من تقييم وضع الازمة لشركات الاستثمار، فهناك 95 شركة استثمارية يراقبها البنك المركزي منها 43 شركة مدرجة بسوق الكويت للاوراق المالية، وعلى ذلك طالبنا من البنوك عدم الاقراض اكثر من الحد المسموح به حتى لا يتم خلق ازمة أخرى.
التضخم بالكويت
ذكر المحافظ ان معالجة التضخم حاليا ليست هي الهدف الرئيسي الاول، ولكن الاولوية خلال المرحلة الحالية تكمن في تعزيز مكانة الثقة بالسوق الكويتي، أما التضخم فهو يقال بأسعار المستهلك حيث بلغ خلال شهر يوليو من العام الماضي 11.3% بينما بلغت نسبة التضخم منذ بداية العام الحالي 10.6% حتى الآن، ونطمح الى ان تصل الى 8.5% وتنخفض اكثر على نهاية العام الحالي.
نظرا للازمة المالية وما ستؤدي اليه من ركود وانخفاض في اسعار النفط، وبالتالي انخفاض في اسعار المواد الغذائية فجميعها عوامل ستساعد على انخفاض التضخم بالبلاد.
ضمان الودائع
وعن توجه لضمان الودائع والمخاطر المصرفية قال المحافظ ان الكويت تجني ثمار الجهود التي اجراها المركزي منذ عام 2003 حيث تم اعطاء تصورات مستقبلية منذ عام 2006 لاستقبال اي توسع مفرط في الائتمان.
مشيرا الى ان الكويت من اولى الدول التي طبقت نظام الودائع منذ عام 1986 لتكفل كل حقوق المودعين، واكد المحافظ ان الظروف المالية للبلاد جيدة وهي اكثر مما توقعه العملاء.
مضيفا ان المركزي لم يتردد في اتخاذ اي قرار لتعزيز القدرات التنافسية خاصة بعد اعلان المملكة العربية السعودية بضمان الودائع.
جرعة مناسبة
واكد المحافظ ان جميع اجراءات وقرارات «المركزي» جاءت في الوقت المناسب وبالجرعة المناسبة نظرا للاجراءات التي تم وضعها في السابق تحسبا لأي ازمة مالية، سواء كانت ائتمانية او غير ذلك.
واشار المحافظ الى مبدأ تعويض الشركات الاستثمارية بعدما قامت البنوك بتسييل اسهمها وان «المركزي» ليس بجهة خيرية تسدد الديون.
واضاف المحافظ ان «المركزي» وضع اجراءات تصب في تعزيز اجواء الثقة وانهاء حالة الذعر، فـ «المركزي» وضع جميع الامور لتسهيل عمليات الاقراض وذلك لبث اجواء الثقة ولاعطاء اجواء مريحة لجميع الاطراف من شأنها تعزيز الامور المالية، مؤكدا ضرورة اجراء تنسيق عمليات الايداع في البنوك بين الجهات المختصة وبعضها.
الاستثمارات الخارجية
وقال المحافظ ان الاستثمارات الخارجية للكويت شأنها شأن اي استثمار بدولة عربية او اجنبية، فجميع الاسواق تعرضت لانخفاضات حادة، وعلى الرغم من ذلك فان المكونات الاساسية للاستثمار الكويتي مازالت جيدة ومنها ما يحافظ على كيانه المالي والاقتصادي، فانعكاسات الازمة المالية العالمية لابد ان تصل لجميع الجهات والمؤسسات المالية نظرا لأن الكويت ليس في يدها «عصى سحرية» للخروج من ذلك المنعطف.
معايير إقراض الشركات الاستثمارية
وذكر المحافظ ان معايير اقراض الشركات الاستثمارية ليست بجديدة والاجراءات الائتمانية مازالت وفق المعايير المصرفية التي وضعت منذ عام 1990.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )