عمر راشد
الأوقات غير العادية والعصيبة تحتاج دائما إلى اقتراحات وحلول مختلفة خاصة في ظل الأزمة الطاحنة التي فقد على أثرها سوق الكويت للاوراق المالية 40% من قيمته وتسببت الازمة في عدم قدرة العديد من شركات الاستثمار على الوفاء بالالتزامات الآنية نتيجة عدم تطابق استثماراتها في اصول طويلة الأجل باستخدام تسهيلات وخطوط ائتمان قصيرة الاجل.
وفي اطار فقدان المال العام اكثر من 4 مليارات دينار وضياع مدخرات الأسر الكويتية بمقدار 10 مليارات دينار، بات العمل على حل الازمة من خلال حزمة إجراءات متكاملة تنقل الاقتصاد من حالة الوهن إلى حالة الاستقرار واجبا في ظل تداعيات الأزمة المالية الحالية وأثرها على الاقتصاد الكويتي.
وفي حلقة نقاشية أقامتها الجمعية الاقتصادية دارت حول استراتيجية مخاطر الأزمة، حاول المتحدثون فهم واقع الأزمة التي يعيشها القطاع المصرفي حاليا وكذلك الشركات الاستثمارية وما تعانيه من أزمة سيولة حاليا.
طرحت رئيسة الجمعية الاقتصادية د.رولا دشتي وجهة نظر الجمعية في الازمة المالية الحالية وطرق العلاج التي يقوم بها فريق الانقاذ للحل والتي امتزجت بالتشاؤم والأمل في آن واحد مشيرة في الوقت نفسه الى ان الامر والتوقيت غير عاديين ويحتاجان الى تضافر الجهود والبدء في العلاج على الفور وبالسرعة المطلوبة.
دشتي اشارت إلى أن خطورة الازمة ادت الى تغيير مفاهيم اقتصادية استمرت لقرون وحركت العالم كله لتبني حلول غير تقليدية في أوقات غير عادية.
فقد اوضحت ان خطورة الازمة المالية التي نمر بها واضحة للجميع، لذا فإن التحرك دون ابطاء لمعالجة ما يرتبط بها من مخاطر امر في غاية الاهمية.
تطول هذه الازمة عددا كبيرا ومتنوعا من اللاعبين على الساحة الاقتصادية كالبنوك، وشركات الاستثمار، والقطاعات الاقتصادية الحقيقية، والبنك المركزي، والهيئة العامة للاستثمار وسوق الكويت للاوراق المالية والحكومة ومجلس الامة الامر الذي يبرز الحاجة الى تنسيق الجهود، كما ان وتيرة هذه الازمة سريعة للغاية، وعليه فإن علينا ان نتحرك سريعا لمعالجتها.
وقالت قبل شهرين، دعونا في الجمعية الاقتصادية الى تبني خطة انقاذ وقائية، لاننا كنا على قناعة بأن القطاع الخاص لن يستطيع ان يتغلب وحده على هذه الازمة وان الاجراءات العلاجية ستصبح اكثر كلفة على المال العام بمرور الوقت.
واضافت اليوم نحن غير راضين عما تم القيام به من عمل حتى الآن، فقد ادى البطء في اتخاذ القرار والتراخي في التطبيق الى خسارة في الاموال العامة تقدر بأربعة مليارات دينار على الاقل، ناهيك عن استنزاف ما لا يقل عن 10 مليارات دينار من مدخرات الاسر الكويتية.
وبلغة تحذيرية قالت دشتي: مع كل يوم يمر، يكلف هذا التراخي الامــوال العامــة عبئا يقدر بحوالي 75 إلى 100 مليون دينار، الوقت ليس في صالحنا، لذلك فنحن بحاجة الى العمل بسرعة، وبصفة خاصة فاننا نحث فريق الانقاذ على ان يقدم حزمة متكاملة تتسم بالصلابة والعملية والمرونة، بالاضافة الى خطة تطبيق منسقة كما يتعين على جميع الاطراف ذات الصلة ان يتحلوا بالشفافية في اعمالهم، والواقعية في مطالبهم، والتعاون في تعاملاتهم.
وقالت دعوني اوضح لكم ما يلي:مهما كانت الاغراءات، فليس هذا وقت الطمع، او الانتقام، او الادارة غير المسؤولة، او تغليب الوضعية السياسية او الاستعراض، فالسوق هو الذي سيعاقب هذه النوعية من التصرفات على الفور وستتحمل الاموال العامة عبء الكلفة الثقيلة لذلك.
واشارت الى ان هذا هو وقت العزيمة المقرون بالبراجماتية وتحمل المسؤولية، واقول لجميع المشاركين والاطراف المعنية ينبغي ان تكون خطة الانقاذ عادلة، فلا مكان هنا لتطبيق نفس الاستراتيجية التي اتخذتها الحكومة لحل مشاكل المديونيات الصعبة وبغض النظر عن ماهية استراتيجية الانقاذ ينبغي ان يكون للاموال العامة نصيب من المكاسب المستقبلية عقب انحسار الازمة، فالتاريخ لن يغفر لنا اذا اخفقنا في التصرف وفق هذا المبدأ، فخبرة صندوق النقد الدولي عبر 122 ازمة بنكية تبين انه اذا تم ادارة الازمة بشكل جيد، لأمكن تقليل التكلفة الواقعة على الاموال العامة الى صفر، ربما تحقيق عوائد.
كما يتعين علينا ان ننظر الى المديين المتوسط والطويل، حيث تدعو الحاجة الى تشريعات ملائمة لاستعادة الثبات والديمومة مرة اخرى للاسواق المالية، لقد قلناها من قبل، وهانحن نقولها مرة اخرى: بالاضافة الى معالجة ازمة السيولة والضغط الائتماني الخانق، فاننا بحاجة الى ضخ المصداقية الى السوق، فاسلوب مكافحة الحرائق لا يكفي، علينا ان نظهر اننا قد تعلمنا الدروس المطلوبة لبناء الاطار التنظيمي الصحيح، وان نقوم بما يلزم من مراقبة واشراف للحد من المخاطر في الازمات المستقبلية.
ومن الناحية التشريعية قالت اننا نحث مجلس الامة على تعديل قانون الشركات للسماح باستغلال الاموال العامة بطريقة اكثر كفاءة.
وفي الختام اوضحت دشتي: هذه ليست اوقاتا عادية، هناك لحظات غير مسبوقة تتطلب منا جميعا، الحكومة، ومجلس الامة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني ان نكون على قدر التحدي.
معا، نوحد جهودنا في الدعوة والعمل من اجل مواجهة شاملة للازمة المالية بناء على مبادئ المجتمع المدني المعلنة، فهذا دين علينا تجاه مواطنينا وبلدنا.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )