نفت دبي أن تكون لجأت إلى بيع جزء من أصولها في عدد من الشركات الكبرى لمواجهة ديونها الخارجية.
وقال رئيس المجلس الاستشاري الذي شكلته الحكومة لمواجهة تداعيات الأزمة المالية ورئيس شركة إعمار محمد العبار إن ما أشيع عن بيع الحكومة لـ 50% من شركة إعمار أو لحصة في طيران إمارات غير صحيح بالمرة رغم أن ذلك قد يكون مقبولا من الناحية الفنية.
وقال العبار في كلمته الرئيسية في افتتاح أسبوع مركز دبي المالي العالمي امس إن ديون حكومة دبي تقدر بنحو 10 مليارا ت دولار في حين أن الأصول السيادية الأساسية تبلغ حاليا 90 مليار دولار ليكون اجمالي الدين العام 80 مليار دولار، ولا يتضمن هذا الرقم المطارات والمترو والجسور والرعاية الصحية، في حين يبلغ إجمالي ديون الشركات التابعة للحكومة 70 مليار دولار، وأوضح العبار أن إجمالي أصول الحكومة والشركات التابعة لدبي يبلغ 1.3 تريليون دولار بخلاف البنية التحتية الجاري تنفيذها وأكد أن الحكومة قادرة على الوفاء بالتزاماتها، وليس هناك شك في ذلك، مضيفا ان دبي لم تقترض لتغطية نفقاتها أو لاستهلاك الوقود أو لتقديم الإعانات، بل لتمويل بنية تحتية خالية من المخاطر.
وأكد أن المجلس الاستشاري الذي شكلته حكومة دبي لمواجهة الأزمة يعكف حاليا على مراجعة كل المشاريع والقطاعات الاقتصادية، ومراقبة التمويلات، وسيراقب كل شيء على الأرض، ومدى تأثر هذه المشاريع بالأزمة المالية، على أن يرفع تقارير بالحلول إلى نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد.
القطاع العقاري
وشدد على أن القطاع العقاري في دبي يواجه حالة تصحيح صحية نتيجة الأزمة المالية التي أثرت على العالم كله وليس دبي فقط، غير أن الشركات العقارية الثلاث الكبرى في دبي، وهي إعمار ونخيل ودبي القابضة والتي تستحوذ على 70% من السوق والتي كانت تتنافس في السابق فيما بينها دخلت في تعاون وتنسيق لضبط الوضع في السوق من خلال التحكم في العرض والطلب.
واعتبر العبار أن دمج شركتي تمويل وأملاك في المصرف العقاري والذي اندمج بدوره في المصرف الصناعي لتشكيل بنك الإمارات للتنمية سيساهم في تعزيز السيولة في القطاع العقاري، مستبعدا قيام شركة إعمار التي يترأس مجلس إدارتها بإلغاء أي مشاريع، مشيرا إلى أنه تم إنجاز نحو 50% من عملية الدمج، وأن باقي الخطوات تتم بسلاسة، وإن قال إن مواعيد الانجاز ربما تتغير بعض الشيء.
وقال إن الحكومة الاتحادية ممثلة في وزارة المالية ستعلن خلال أيام كل تفاصيل الاندماج الجديد، معتبرا أن وقف التداول لليوم الثاني على التوالي على سهمي أملاك وتمويل يأتي بهدف، واعتبر أن ما يحدث في أسواق الأسهم المحلية جزء مما تعيشه البورصات العالمية، مؤكدا أن الشركات المدرجة في الأسواق ذات قيمة عالية وتملك أصولا وأرصدة ضخمة.
سهم إعمار
وفيما يتعلق بمسألة إعادة شراء سهم شركة إعمار قال العبار: «إن الاحتفاظ بالسيولة المتوافرة لدى الشركة في هذه الظروف الصعبة أمر ضروري وغاية في الأهمية للحفاظ على وضع الشركة وحقوق المساهمين على المدى البعيد».
وحول ما يتعرض له سهم الشركة من تراجع حاد قال العبار: «لا أحد يمكنه أن يغير ظروف الأسواق التي تتحكم فيها قوى السوق، وهذا ما يحدث في جميع الأسواق العالمية، فالشركات حاليا تواجه الحقائق الجديدة للأسواق».
وأشار العبار إلى أن مشاريع الشركة خارج الإمارات مستمرة وتتأثر بوضع الأسواق التي نعمل فيها، حيث يصعب السيطـرة علــى عمليــة العــرض والطلــب في هــذه الأســواق.
وأعاد العبار تأكيده على أن حكومة دبي تقف وراء جميع المؤسسات، لافتا إلى أنه لا توجد مؤشرات على دمج شركات كبيرة في دبي في الوقت الراهن بعد اندماج «أملاك» و«تمويل» والمصرفين الصناعي والعقاري.
وقال إن تأثير المصارف في الإمارات لم يكن لأخطاء في النظام، ولكن نتيجة لانسحاب الأموال الضخمة التي دخلت البنوك من الخارج بعد أن فضل المستثمرون سحبها لتعديل مراكزهم في أسواق أخرى.
مواجهة التحديات
وأكد على أن حكومات المنطقة - وفي مقدمتها حكومة دولة الإمارات- لديها القدرة والإمكانيات لمواجهة تحديات الأزمة بما تملكه من ميزانيات واحتياطات ضخمة، مشددا على أن دبي تتمتع بوضع مالي مميز، وما يحدث من إجراءات للتعامل مع الأزمة يهدف فقط لإعادة ترتيب الأولويات لحماية المكتسبات والإنجازات والتعامل مع الأزمة بواقعية.
من جهته أوضح مدير الدائرة المالية في حكومة دبي ناصر بن الشيخ أن وكالات التصنيف الائتماني أخطأت في احتساب ديون الشركات على أنها ديون الحكومة، كما تحسبها من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، وهذا خطأ آخر في ربط الأشياء التي لا يجوز ربطها، مؤكدا أن حكومة دبي لديها من الأموال والفوائض ما يجعلها قادرة على الوفاء بالتزاماتها.
أولويات الإمارات
وأكد ناصر بن الشيخ أن أولويات الإمارات ودبي هي تأمين وضعها المالي الداخلي أولا قبل التطلع إلى مساعدة أماكن أخرى في العالم، مضيفا أن قواعد اللعبة تغيرت مع هذه الأزمة، فالحكومات التي كانت تحاول السيطرة على التضخم تتسابق الآن في ضخ المزيد من الأموال، وهو ما يرفع من التضخم، غير أن الأهم الآن هو البقاء، كما أن «موانئ دبي» واحدة من أفضل شركات دبي منعت من العمل في الأسواق الأميركية، ولو تقدمت اليوم ربما رحب بها خير ترحاب.
واعتبر الرئيس التنفيذي لشركة زين الكويتية سعد البراك أن دول الخليج قادرة أكثر من غيرها على مواجهة تداعيات الأزمة المالية، حيث تعتمد اقتصاداتها بنسبة 90% على النفط، كما تمتلك فوائض مالية ضخمة، علاوة على استثمارات في الخارج بتريليونات الدولارات، كما يقدر حجم الاقتصادات الخليجية بحوالي 800 مليار دولار.
قطاع الاتصالات
واستبعد البراك تأثر قطاع الاتصالات في المنطقة كثيرا بالأزمة المالية، قائلا: في الأوقات الصعبة وفي الأزمات الاقتصادية يشتد الطلب على الاتصال أكثر من ذي قبل، ويميل الناس إلى التعاضد والتواصل في مثل هذه الظروف، لذلك لا نزال عند توقعاتنا بتحقيق نمو كبير، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وأن نكون من أكبر عشر شركات للاتصال في المنطقة.
تشدد البنوك
غير أنه توقع أن تواجه شركات الاتصالات كغيرها من الشركات تشددا من قبل البنوك في الحصول على التمويل، ولكن يتعين على البنوك الاستفادة من الأزمة في أن تعطي أولوية إلى الاقتصاد الحقيقي، ومن بينها قطاع الاتصالات، وأن تستثمـــر في مثــل هذه القطاعات الاقتصادية وليس في المقامرة كما في المشتقات المالية.
وكان محافظ مركز دبي المالي العالمي د.عمر بن سليمان قد افتتح أسبوع المركز المالي بكلمة أكد فيها أن المجتمع العالمي يدخل اليوم أزمة لم يسبق له أن خاض مثيلا لها، مما يجعله يتلمس طريقه بحذر مشوب بالشك.
الإدارة التقليدية
وقال بن سليمان لقد مرت أوقات كنا نأخذ فيها نمونا على أنه تحصيل حاصل والنتائج الإيجابية أمر مؤكد، وكانت أساليب الإدارة التقليدية في ذلك الحين جيدة بما يكفي، وأما اليوم، فإن تحقيق النمو المستدام يتطلب تفكيرا إبداعيا وأفكارا جديدة، وهذا هو التحدي الحقيقي الذي يواجه كل واحد منا.
وأضاف بن سليمان: «على مدى السنوات العشر الماضية، لطالما كانت دبي مرادفا لكلمة «فرصة»، وبالفعل، فإن الدلائل تحيط بنا من كل جانب، وإذا ما أردنا الاستفادة من هذه الطاقة الإيجابية التي تميزنا، فإنني أدعوكم إلى أن تضعوا جانبا الأساليب التقليدية المريحة لمزاولة الأعمال، وأن يصغي واحدنا إلى الآخر بذهن متفتح.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )