فواز كرامي
لعل الازمة المالية العالمية التي عصفت بالعالم والتي لم يشهدها التاريخ منذ عام 1929 الحدث الابرز في عام 2008 حيث تركت بالغ الاثر في قطاع النقل الجوي شأنه شأن باقي القطاعات الاقتصادية الاخرى في العالم لتكون تداعياتها على قطاع السياحة بشكل عام وشركات الطيران العالمية بشكل خاص هي الاحداث اللاحقة، فيما كان الحدث الابرز من مطار الكويت هو اتفاقية الدوحة التي وقعت بين الاطراف السياسية لبنانية والتي تركت اثرها البارز على الواجهات السياحية لدى المصطافين والسياح الكويتيين اذ انه في اللحظات الاخيرة قام العديد منهم بتغيير البلاد التي يرغبون في زياراتها لقضاء اجازاتهم الصيفية وتوجهوا للحجز على طائرات الكويتية والميدل ايست والجزيرة المتوجهة الى بيروت والتي استطاعت ان تتجاوب مع الطلب المرتفع بشق الانفس، اضافة الى الاعلان عن تأسيس الخطوط الوطنية الكويتية كأول شركة نقل جوي مملوكة بالكامل للقطاع الخاص.
فيما كانت الاحداث العالمية الاخرى تندرج بين الولادة المتعثرة للبوابة الخامسة «تيرمنال 5» في مطار هيثرو الدولي الخاص بطائرات الـ «بريتش ايروايز» والاندماج بين شركة دلتا ايروايز و شركة «نورث ويست» لتكون اكبر شركة طيران في العالم كاسرة الاحتكار لشركة «اير فرانس وكي ال ام» بينما كانت عمليات الاستحواذ الاخرى التي حاولت القيام بها العديد من شركات الطيران العالمية فيما بينها والخسائر التي منيت بها بعض هذه الشركات احداثا ذات صدى خفيف بسبب تداعيات الازمة على قطاعات اقتصادية اخرى ذات اهمية اكبر، كما كان قرار خصخصة الخطوط الجوية الايطالية (اليتاليا) من الاحداث البارزة للعام 2008 لاسيما ان الشركة دارت حولها العديد من التكهنات والتوقعات، ولتبقى النجاحات ونسب النمو المرتفعة التي شهدتها شركات الطيران في منطقة الشرق الاوسط والخليج الاكثر اهمية.
الشركات العربية
وبدأ العام المنصرم بداية متواضعة بالنسبة لمحطات سياحية مهمة بالنسبة للمصطافين الكويتيين كلبنان الذي عانى من مشاكل امنية وسياسية اثرت بصورة سلبية على اقبال السائحين اليه رغم المكانة المهمة والكبيرة التي يتمتع بها على خريطة السياحة الاقليمية اضافة الى العلاقة المميزة التي جمعته بالسائح الكويتي لتأتي اتفاقية الدوحة بين الاطراف السياسية في لبنان لتعلن رسميا بدء الموسم السياحي الفعلي على لبنان وليقوم العديد من السائحين بتغيير تذاكرهم وحجوزاتهم واستبدالها بمحطة جديدة هي بيروت وليكون الموسم السياحي في لبنان عن عام 2008 من انجح المواسم السياحية قياسا بالسنوات الثلاث التي سبقته بحسب وزارة السياحة اللبنانية حيث ازداد عدد السياح في النصف الاول بنسبة 14.94% وتركزت الزيادة في شهر يونيو حيث واصل السياح لاسيما الخليجيون منهم تمديد إجازتهم حتى نهاية شهر رمضان المبارك الذي أعلن رسميا انتهاء موسم التشغيل العالي على المحطات الأوروبية فيما استمر التشغيل المرتفع على المحطات العربية حتى الوقت الحالي مدفوعا بعيد الفطر وتلاه عيد الاضحى المبارك وعيد الميلاد ورأس السنة الميلادية ليترك مقاعد شركات الطيران العربية محجوزة طوال هذه الفترة حتى وقتنا الحالي، وبالاخص الكويتية والقطرية والاماراتية والاتحاد للطيران وطيران الخليج والميدل ايست والمصرية والسورية والتونسية مما أدى الى ارتفاع في أسعار التذاكر من منتصف مايو الماضي مدفوعا بارتفاع الطلب على الحجوزات مع بداية الموسم السياحي انطلاقا من مطار الكويت إضافة إلى العامل الرئيسي الذي بقي مؤثرا على امتداد الفترة المتبقية من العام وهو ارتفاع أسعار النفط الذي حقق ارقاما قياسية لم يصلها من قبل، ليكون الموسم السياحي في 2008 من حيث الوجهات المفضلة للسياح منطلقا من اوروبا التي احتلت المرتبة الاولى وتلتها دول الشرق الاوسط في محطات دبي والبحرين وبيروت والقاهرة ودمشق واخيرا دول الشرق الاقصى التي عانت انخفاضا طفيفا بسبب الكوارث الطبيعية التي ضربت دولا مختلفة من تلك المنطقة السياحية المميزة، فيما ادت الازمة المالية العالمية الى انخفاض الطلب على اميركا الشمالية.
الشركات الأوروبية والأميركية
وفيما كانت شركات الطيران العربية لاسيما الخليجية تبتهج بنسبة النمو العالية التي حققتها من خلال ارتفاع عدد المسافرين على متن طائراتها وعدد صفقات شراء الطائرات التي وقعتها مع المصنعين محتلة المرتبة الاولى على مستوى العالم كانت شركات الطيران الاجنبية «الاوروبية والأميركية» تعاني صعوبات تشغيلية هائلة من حيث ارتفاع تكاليف التشغيل لهذه الشركات بسبب ارتفاع اسعار الوقود ووصلت كلفة التشغيل في هذه الشركات الى 40% مما انهك هذه الشركات واثر على قدرتها التنافسية في العالم لاسيما في منطقة الشرق الاوسط ليجعلها عاجزة عن منافسة العديد من الشركات العملاقة في منطقة الشرق الاوسط كالقطرية والاماراتية والاتحاد حتى على خطوط هذه الشركات الرئيسية ولتستطيع شركات الطيران العربية ان تحول منطقة الخليج الى محور مواصلات جوية بالفعل مدفوعة بموقع المنطقة بين القارات المختلفة والشبكة العريضة من المناطق التي تغطيها هذه الشركات بالاضافة الى سياسة الاجواء المفتوحة التي اتبعتها العديد من دول المنطقة كالكويت.
ولتأتي الازمة المالية العالمية لتترك العديد من شركات الطيران لتواجه مصيرها وتفتح الباب واسعا امام استحواذات وشراء بعض الشركات لشركات اخرى معلنة عن نشوء عمالقة في عالم الطيران كاستحواذ شركة دلتا ايرلاينز الأميركية على شركة «نورث ويست» لتحتل المرتبة الاولى عالميا ولتكسر احتكار عملاق الطيران الذي نشأ من تحالف «اير فرانس وكي ال ام» حيث أسفر الاستحواذ عن ولادة شركة طيران جديدة تضم اكثر من 800 طائرة وتقدم خدمات الى 375 وجهة عالمية ڤي 66 دولة بما فيها الكويت حيث سيرت الشركة الجديدة رحلتها الاولى من مطار الكويت الدولي الى ولاية اتلانتا الأميركية في نوفمبر من عام 2008 بمعدل اربع رحلات اسبوعيا على متن طائراتها من طراز بوينغ 777، كما شهد العام الماضي بيع شركة الخطوط الجوية الايطالية «اليتاليا» الى كونسورتيوم يضم شركات طيران ايطالية خاصة بـ 1.052 مليار يورو بعد مخاض وتعثر صعب عانت منه الشركة رافقه العديد من العروض التي قدمتها شركات عملاقة لشراء الشركة جاءت من «اير فرانس وكي ال ام» وغيرها، كما حققت الپولندية للطيران (ال او تي) خسائر وصلت الى 70 مليون دولار بانتظار عرض من لوفتهانزا ليساعد الشركة على تجاوز الازمة المالية العالمية بينما باعت شركة «ساس الاسكندنافية» حصصا لها في شركة سبان اير لمستثمرين اجانب بعد ان حققت الاخيرة خسائر وصلت الى 163 مليون يورو، كما فشلت مفاوضات الاندماج بين «بريتش ايروايز» البريطانية و«كانتاس» الاسترالية اللتين تنظمان لتحالف عالمي من شركات الطيران يدعى «وان وورلد»، بينما اعلنت اكثر من عشر شركات اميركية افلاسها متأثرة بالازمة المالية من جهة واسعار الوقود من جهة اخرى مفضلة الخروج من ساحة التنافس مما ترك الباب واسعا للشركات العملاقة والتحالفات الكبيرة.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )