زكي عثمان
عكست تداولات سوق الكويت للأوراق المالية أمس ملامح المرحلة المقبلة وذلك بعد ان سجلت قيمة التداولات أدنى معدل لها في 10 سنوات تقريبا عندما بلغت 13 مليون دينار فقط أمس، في اشارة واضحة للوضع المؤلم الذي تعيشه البورصة حاليا.
مصادر متابعة ومسؤولة في عدد من الشركات المدرجة أكدت لـ «الأنباء» ان تداولات الأمس جاءت لتكون بداية مرحلة «الانهيار» للسوق بعد محاولات «يائسة» لتعديل مساره المتراجع منذ 4 أشهر والتي وصفها البعض بمرحلة «التصحيح» ومرحلة تشكيل لجان «الانقاذ»، غير ان ديون شركات الاستثمار وحجم القروض الكبيرة التي وجهت لشراء الأوراق المالية على مدار السنوات الماضية وتحديدا خلال العام الماضي والتي قاربت على مشارف الـ 5 مليارات دينار وعدم المقدرة على تسديدها، تمثل حاليا العقبة الكبرى أمام البنوك المحلية.
المصادر اضافت أن تقسيم مبلغ الـ 5 مليارات دينار ما بين نحو 3 مليارات دينار موجهة بشكل مباشر من الجهات التمويلية الى الراغبين من الأفراد والشركات في شراء الأوراق المالية يصعب تحصيله الآن في ضوء أزمة شح السيولة وصعوبة تسييل الأسهم نظرا للتراجع الحاد لقيم معظم، ان لم يكن كل الأسهم المدرجة، في حين ان الشق الثاني من هذا المبلغ الكبير قد وجه للشركات الاستثمارية والشركات القابضة والشق الثالث الى أفراد وشركات بغرض استثماره في أنشطة تجارية وصناعية الا انه تحول لشراء الأسهم بشكل أو بآخر وهو ما ينذر بوقوع «كارثة» حقيقية في السوق. محفظة القروض
وتابعت المصادر قائلة ان محفظة القروض التي وجهت لشراء الاسهم بالبورصة قد اصبحت هاجسا لدى البنوك المحلية التي تهاوت في هذا الجانب، مما دفعها للبحث عن اي طريقة لتحصيله الآن، بل انها بدأت تصنيف هذه المحفظة بين قروض يمكن تحصيلها واخرى معدومة وثالثة يصعب تحصيلها، وهو الامر الذي يعني ان البنوك المحلية ستواجه ازمة سيولة قريبا خاصة اذا ما اضفنا الى محفظة القروض المحلية، ما قامت البنوك بفتحه لجهات وشركات اجنبية مما يعني ان رقم الـ 5 مليارات دينار كرقم اجمالي للقروض من البنوك قد يرتفع الى نحو 6 او 6.5 مليارات دينار على اقل تقدير.
وضربت المصادر مثالا بأحد البنوك المحلية الكبيرة الذي بلغ حسب بياناته المالية في 30/9 الماضي اجمالي قروضه 1.6 مليار دينار وعلى افتراض انه يجد صعوبة في تحصيل 50% من هذا المبلغ فانه قد يخسر نحو 600 مليون دينار على اقل تقدير من وراء ذلك، وبالتالي سينعكس هذا على مركزه المالي وحقوق المساهمين.
صعوبة التسييل
على صعيد متصل قالت المصادر ان الشركات القابضة التي لجأت للحصول على قروض تمويلية بهدف شراء الاسهم تعاني هي الاخرى من «مصيبة» التسديد المستحق عليها بعد المستوى المتدني لاسعار الاسهم حسب المستويات الحالية في السوق وبالتالي فهم لا يستطيعون «التسييل» او بيع اسهمهم في ظل هذه المستويات التي تعني خسائر كبيرة لهم.
مشاكل تفريخ الشركات
في حين رأت المصادر ان الوضع اكثر خطورة على الشركات الاستثمارية الكبيرة التي انتهجت مبدأ تفريخ الشركات منذ فترة وبدأت في عمليات بيع وشراء الاسهم فيما بين تلك الشركات وهو ما ادى للتداخل بين هذه الشركات ووقوعها «اجباريا» في مشكلة الشركة الام.
وخلصت المصادر الى ان الوضع الراهن ينذر بوقوع حالة «انهيار» للسوق في ضوء المعطيات السابق ذكرها وفي ضوء عدم وجود علاج حكومي سريع لازمة المديونيات، وهو الامر الذي نادت به جميع الاوساط الاقتصادية منذ بدء وقوع الازمة، حيث ان مخاطر الازمة تزيد يوما بعد الآخر واطراف المشكلة يزيد عددهم وهو ما يعني ان كلفة العلاج ستكون اكبر بكثير مما كانت عليه مع بدايات الازمة.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )