قال الرئيس التنفيذي لمجموعة الخليج عدنان الحداد ان النصف الثاني للعام الحالي يحمل الكثير من المصاعب، فنقص التمويل وعدم التوسع في الصرف على المشاريع سيؤديان إلى انعكاسات خطيرة ويزيد من حالة التدهور الاقتصادي والمالي والاجتماعي في البلاد، فدول العالم تعيش الآن في أزمة مالية مدمرة وغير مسبوقة من حيث حجمها لا شكلها، وقد ألقت بظلالها على اقتصاديات دول العالم قاطبة وأثرت بأشكال مختلفة على البنوك والشركات والهيئات وأسواق المال والبورصات مما استدعى النظر بجدية أكثر للمخاطر الناتجة على التعامل في أسواق المال العالمية وإيجاد سبل جديدة للتوقع والتنبؤ لمدى وحجم المخاطر في المستقبل.
وأشار الحداد إلى إن دور إدارات المخاطر في الأزمة المالية كان ضعيفا للغاية وليس على القدر المطلوب في التعاطي الايجابي مع الأزمة بكل طرقها، مبينا ان إدارة المخاطر هي النشاط الذي يهدف إلى التحكم في المخاطر وتخفيضها إلى مستويات مقبولة، لكن حدث العكس حيث انها فشلت فشلا ذريعا في التنبؤ أو لم تكن قادرة على المعالجة أو حتى قياس حجم المشكلة التي تواجه المؤسسات المالية بكل مكوناتها من بنوك وشركات ومؤسسات.
بداية الكارثة
وبين التقرير الشهري لمجموعة الخليج ان بداية الكارثة انطلقت من مشكلة الرهن العقاري، حيث بدأ تسويق العقارات في أميركا لمحدودي الدخل بطريقة كانت في مجملها التفاف على قوانين البلد والحد الائتماني، وكانت عقود الشراء محبوكة بطريقة جشعة تجعل القسط يرتفع مع طول المدة، وعند عدم السداد لمرة واحدة تأخذ فوائد القسط 3 أضعاف عن الشهر الذي لم يتم سداده، ليس هذا فحسب بل هناك بنود في العقود ترفع الفائدة عند تغيرها من البنك الفيدرالي الاميركي.
نجحت شركات العقار في تسويق المنازل لمحدودي الدخل، ونجحت بالالتفاف على قوانين الحد الائتماني مما نتج عنه ارتفاع في أسعار العقار. وبعد أن ارتفعت أسعار العقار وأصبحت منازل محدودي الدخل بمبلغ قدره يتعدى قيمه الشراء الحقيقة لأوائل المشترين، بدأ محدودو الدخل بأخذ قروض من البنوك بضمان منازلهم التي لم تسدد في الأساس، وكان الاعتماد بصرف هذه القروض على فرق السعر بين المطلوب والقيمة في السوق.
بعد فترة وبعد أن بدأت سلبيات العقود المحبوكة تطفو على الساحة وأصبحت الأقساط الشهرية لا تطاق، امتنع كثيرون عن الدفع وبدأت أسعار العقار تهوي للأسفل.
معظم البنوك وشركات العقار أحست بالخطر، فقامت ببيع ديون المواطنين على شكل سندات لمستثمرين عالميين بضمان المنازل، لجأ بعض المستثمرين العالمين بعد تفاقم مشكلة الرهن العقاري إلى شركات التأمين التي وجدت في أزمة الرهن العقاري فرصة للربح، وذلك بضمان المنازل، فيما لو امتنع المواطنون محدودو الدخل عن سداد قيمة رهن منازلهم، لذلك قامت شركات التأمين بتصنيف سندات الديون إلى فئتين: الفئة «أ» قابلة للسداد، والفئة «ب» لا يمكن سدادها، ثم بدأت شركات التأمين بأخذ أقساط التأمين على السندات من المستثمرين العالميين.
المشكلة باتت معقدة، فالمواطن محدود الدخل يظن أن المنزل له، وشركات العقارات التي لم تتسلم قيمة المنازل كاملة تظن أن المنازل لها، وفي الوقت نفسه تظن البنوك أن المنازل لها بحكم ما أخذه محدودو الدخل من قروض بضمان المنازل، وفي المركب نفسه تظن شركات التأمين أن المنازل لها بحكم التزامها بدفع مبالغ السندات للمستثمرين الدوليين وذلك في حال عدم سداد قيمة الرهن للمواطنين محدودي الدخل.
حدوث الأزمة
وأشار التقرير ان المشكلة حدثت عندما توقف محدودو الدخل عن دفع أقساط رهن منازلهم بعد أن أرهقتهم الأقساط المتزايدة، مما اضطر الشركات والبنوك إلى محاولة بيع المنازل لحل النزاع، فأدى إلى احتجاجات أصحاب المنازل المرهونة والذين رفضوا بدورهم الخروج منها، مما دفع بقيمة العقار إلى الهبوط، ثم ما لبث بعد أن اكتشف أن قيمة الرهن المدفوعة ما عادت تغطي تأمينات البنوك ولا شركات العقار ولا التأمين، مما أثر بدوره على سندات المستثمرين الدوليين، فطالبوا بحقوقهم عند شركات التأمين، فأعلنت أكبر شركة تأمين في العالم (إيه.آي.جي) عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه 64 مليون عميل تقريبا، مما دفع بالحكومة الأميركية إلى منحها مساعدة بقيمة 85 مليار دولار مقابل امتلاك 79.9% من رأسمالها، ولحقها كثير من البنوك الأميركية مثل: مورغان ستانلي وغولدمان ساكس.
ومازالت أزمة الرهن العقاري محلك سر، فلا محدودو الدخل سيخرجون من منازلهم.
ولا المنازل تساوي قيمة الشراء أو قيمة القروض. فالمنزل الذي سعره 20 ألف دولار عليه ديون تبلغ 100 الف دولار (أرقام تقريبية).
إدارة المخاطر
فحسب الأبحاث الصادرة، يبين التقرير أن الشركات الإقليمية باتت تدرك المميزات التي توفرها البرامج المتكاملة للمخاطر التي تخطت نطاق توفير الفوائد الكمية.
ووفقا للدراسة التي أجرتها «إيكونوميست إنتليجينس يونيت»، فإن أكثر من 70% من أصل 316 مسؤولا تنفيذيا في مجال الخدمات المالية يعتقدون أن الفشل في معالجة مسائل إدارة المخاطر قد ساهم بشكل كبير في أزمة الائتمان العالمية الحالية.
ونتيجة لذلك، فإن 59% من المستجيبين للاستطلاع قد بادروا إلى التحقق من ممارسات إدارة المخاطر لديهم بشكل مفصل.
إستراتيجيات إدارة المخاطر
تتضمن هذه الإستراتيجيات نقل المخاطر إلى جهة أخرى وتجنبها وتقليل آثارها السلبية وقبول بعض أو كل تبعاتها، إن إدارة المخاطر التقليدية تركز على المخاطر الناتجة عن أسباب مادية أو قانونية مثال: الكوارث الطبيعية أو الحرائق، الحوادث، الموت والدعاوى القضائية.
من جهة أخرى، فإن إدارة المخاطر المالية تركز على تلك المخاطر التي يمكن إدارتها باستخدام أدوات المقايضة المالية.
بغض النظر عن نوع إدارة المخاطر، فإن جميع الشركات الكبرى وكذلك المجموعات والشركات الصغرى لديها فريق مختص بإدارة المخاطر، وفي حالة إدارة المخاطر المثالية فإنها تتبع إستراتيجية إعطاء الأولويات، حيث إن المخاطر ذات الخسائر الكبيرة واحتمال حدوثها عال تعالج أولا، بينما المخاطر ذات الخسائر الأقل واحتمال حدوثها أقل تعالج فيما بعد.
عمليا قد تكون هذه العملية صعبة جدا، كما أن الموازنة ما بين المخاطر ذات الاحتمالية العالية والخسائر القليلة مقابل المخاطر ذات الاحتمالية القليلة والخسائر العالية قد تتم بشكل سيئ.
كذلك تواجه إدارة المخاطر صعوبات في تخصيص وتوزيع المصادر، وهذا يوضح فكرة تكلفة الفرصة حيث أن بعض المصادر التي تنفق على إدارة المخاطر كان من الممكن أن تستغل في نشاطات أكثر ربحا.
ومرة أخرى فإن عملية إدارة المخاطر المثالية تقلل الإنفاق في الوقت الذي تقلل فيه النتائج السلبية للمخاطر إلى أقصى حد ممكن.
ثقافة إدارة المخاطر
قال التقرير إنه حسب الاستطلاعات والدراسات الأخيرة فإن إمكانية الوصول إلى البيانات المعنية والثابتة في الوقت المناسب قد تم تحديدها من قبل العديد من المسؤولين التنفيذيين في شركات الخدمات المالية كأحد أهم العراقيل التي تعيق تطور ممارسات إدارة المخاطر في مؤسساتهم.
كما عمد المستجيبون إلى تحديد البيانات وثقافة الشركة كأحد أهم التحديات التي تؤثر على تنفيذ مناهج شاملة للمخاطر، حيث يعتقد 50% من المستجيبين تقريبا أن مسألة تعزيز ثقافة إدارة المخاطر هي أكثر التحديات الراهنة على نطاق واسع، كما تعمد الهيئات التنظيمية إلى إجراء عمليات التفتيش الدورية مما يدفع العديد من المؤسسات إلى إعادة النظر في ممارسات إدارة المخاطر الخاصة بها.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )