قال التقرير الشهري لشركة بيان للاستثمار ان أسواق الأسهم الخليجية استقبلت عام 2009 وهي مثقلة بالخسائر الفادحة التي تكبدتها مؤشراتها في نهاية عام 2008، بتأثير من عوامل عدة داخلية وخارجية، غير أن عوامل ثلاثة كان لها الدور الرئيسي في ذلك التراجع الدرامي.
واوضح التقرير ان أول تلك العوامل كان سياسي الطابع وهو التوتر الناجم عن اشتداد حدة أزمة الملف النووي الإيراني والذي ألقى بتأثيرات متفاوتة على أسواق الأسهم الخليجية في النصف الأول من العام، وثانيها كان تدهور أسعار النفط والذي مثل مقدمة لا تخطئها العين لتراجع متوقع للنمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة مع توقعات تراجع الطلب على المحروقات في شتاء 2009، كنتيجة للركود العالمي الذي باتت معالمه واضحة للعيان.
وأخيرا وخلال الربع الأخير من العام، وقعت الأسواق تحت تأثير اشتداد الأزمة المالية العالمية والتي عصفت بأسواق الأسهم الرئيسية على مستوى العالم.
واضاف التقرير ان دول مجلس التعاون الخليجي قد بادرت للتفاعل مع الأزمة المالية العالمية بتحركات إستراتيجية، عن طريق تحريك أدوات عبرت عن نفسها في شكل خطط إنقاذ اقتصادية وحزم من السياسات المالية، والتي تستهدف دعم الاقتصادات الوطنية ومحاولة وقف تدهور أسواق الأسهم الخليجية.
ولجأت عدة دول في مجلس التعاون الخليجي إلى تأسيس محافظ أو صناديق دعم لأسواق الأسهم مثل ما عرف بالمحفظة المليارية بسوق الكويت للأوراق المالية، أو صندوق التوازن بسوق مسقط للأوراق المالية.
حزمة من السياسات
كما ظهرت حزمة من السياسات النقدية والمالية والتي تهدف إلى تشجيع وتنشيط عملية الإقراض مثل خفض أسعار الفائدة، وهذه السياسات كانت ضرورية لدعم الاستثمار وكذا تنشيط الاستهلاك للحد من تأثير الركود الاقتصادي، كما قامت الحكومات بدعم القطاع البنكي لديها بشكل واضح كي يتمكن من الصمود في وجه التأثير السلبي للأزمة المالية العالمية ويحافظ على دوره كدعامة لنمو الاقتصادات الوطنية.
من ناحية أخرى، كانت حالة الهلع التي سادت بين المستثمرين في نهاية عام 2008 قد خفت حدتها نسبيا، وبدأ العديد منهم في تقييم آثار الأزمة الاقتصادية على أسواق الأسهم المحلية، خاصة أن الكثير من الأسهم ذات الأداء المالي الجيد تعرضت لانخفاضات حادة في أسعارها إلى ما دون قيمها العادلة وبشكل واضح.
ونتيجة لذلك بدأت العوامل الداخلية في أسواق الأسهم الخليجية في البروز على السطح لتأخذ إدارة دفة الأحداث من الأزمة المالية العالمية، حيث أصبح المحرك الرئيسي للأسواق هو أخبار خطط الدعم وصناديق التدخل الحكومية من ناحية، وترقب إعلانات النتائج المالية السنوية للشركات من ناحية أخرى، فيما ظل أداء أسواق المال العالمية مؤثرا وإن بدرجة أقل من السابق، كما لعبت العوامل السياسية الداخلية دورها خاصة في سوق الكويت للأوراق المالية.
رحلة الهبوط
وفي خلال شهر يناير، ظهرت بوادر كون المؤشرات قد تكون اقتربت من الوصول لنهاية رحلة الهبوط، إذ بدا من تراجع معدل التغير اليومي أن المؤشرات قريبة من الوصول إلى القاع، وقد ساهم في ذلك عودة المستثمرين وإن بتحفظ إلى معاودة الشراء متأثرين بكل العوامل السابقة، كما عادت الأموال الأجنبية إلى الظهور مجددا على مسرح الأحداث، بعد أن كانت الكثير من المحافظ الأجنبية قد صفت العديد من أصولها في فترات سابقة.
ونتيجة لذلك تمكنت أغلب الأسواق من تحقيق بعض التماسك حيث مثل شهرا يناير وفبراير القاع المنشود لاقفالات أسواق الأسهم الخليجية باستثناء سوق مسقط للأوراق المالية.
وقد عانت الأسواق من ظهور عمليات جني أرباح سريعة كثيرا ما عرقلت نمو مؤشراتها، وهذه العمليات كان ظهورها أمرا طبيعيا لغياب الثقة من جانب المستثمرين بعد الخسائر الجسيمة التي تكبدوها في عام 2008، واحتياج الكثير منهم إلى السيولة.
كما تميزت التداولات بظهور مضاربات سريعة نتيجة سيادة حالة الترقب وضبابية الاتجاه خاصة في بداية العام، وبنهاية الربع الأول من عام 2009 يمكن القول ان أسواق الأسهم الخليجية تمكنت من إيقاف تدهور مؤشراتها، وهو ما يوفر لها فرصة لمعاودة النمو، غير أن تلك الفرصة تبقى رهنا في يد العديد من العوامل التي قد تجهضها.
المؤشرات الرئيسية
وبين التقرير ان جميع مؤشرات أسواق الأسهم الخليجية أنهت الربع الأول من عام 2009 متكبدة خسائر متفاوتة، فيما كان مؤشر سوق أبوظبي للأوراق المالية الاستثناء الوحيد.
وجاء مؤشر سوق الدوحة للأوراق المالية في المقدمة كونه أكثر المؤشرات انخفاضا، واستقبل عام 2009 بخسائر فادحة، حيث أغلق مع نهاية يناير خاسرا ربع قيمته تقريبا، فيما تمكن من تحقيق ارتفاع مع نهاية شهر مارس خفف به من خسائره السنوية، وأنهى المؤشر الربع الأول من العام الحالي مسجلا خسارة نسبتها 29.03% حين أغلق عند مستوى 4.887.02 نقطة.
اما المرتبة الثانية فكانت من نصيب مؤشر سوق مسقط للأوراق المالية، حيث لم يتمكن المؤشر من تحقيق أي ارتفاع سوى في شهر فبراير وإن كان بنسبة طفيفة، لم تواز نسبة خسائره والتي بلغت مع نهاية الربع الأول 14.93% وذلك بعد أن أغلق عند مستوى 4.628.64 نقطة.
وحل سوق الكويت للأوراق المالية في المرتبة الثالثة، حيث استفاد مؤشر السوق من الارتفاع الذي حققه في شهر مارس والذي كان الشهر الوحيد الذي أنهاه المؤشر مرتفعا، ليقلص بذلك خسائره بعض الشيء، وأنهى مؤشر السوق فترة الأشهر الثلاثة الأولى عند مستوى 6.745.30 نقطة متراجعا عن إقفاله بنهاية 2008 بنسبة 13.33%.
أما السوق المالية السعودية، فكانت أقل الأسواق خسارة في الربع الأول، حيث لم يتمكن مؤشرها من تحقيق المكاسب بالرغم من إغلاقه مرتفعا في شهرين من أصل ثلاثة أشهر، وأغلق منخفضا بنسبة 2.07% عند مستوى 4.703.75 نقطة بنهاية الربع الأول.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )