زكي عثمان
اعتبر رئيس مجلس ادارة شركة كي جي ال بتروليوم ووزير التجارة والصناعة الأسبق د.يوسف الزلزلة ان الحكومة فشلت في تسويق مشروع قانون تعزيز الاستقرار المالي وهو ما تسبب في الهجمة التي تعرض لها مؤخرا من قبل بعض نواب مجلس الأمة السابق فضلا عن حالة الضبابية وعدم الوضوح للقانون في الشارع الكويتي.
جاء ذلك خلال ندوة «انعكاسات الأزمة المالية وكيفية تغلب القطاعات عليها» التي نظمتها امس شركة المستشارون العالميون بمشاركة الزلزلة والمستشار الاقتصادي ومدير ادارة التداول في البورصة سابقا محمد الثامر، حيث اوضح الزلزلة ان الحكومة كانت مطالبة بأن تهيئ الأجواء المناسبة في الشارع الكويتي حتى تنقل الصورة بشكل واضح للمواطن العادي، لاسيما ان هذا القانون خطوة مهمة ضمن خطوات إنقاذ الاقتصاد الوطني.
وذكر ان الازمة بدأت منذ 7 أشهر واستمرت دون اي تدخل مباشر لحلها حتى صدر مرسوم الضرورة بالقانون، ورغم هذا التأخر الكبير الذي اصاب العديد من المستثمرين ورجال الاعمال بخسائر كبيرة، الا ان صدوره يعتبر انجازا بحد ذاته، مبينا ان دخول المحفظة الوطنية لم يسعف السوق كما انه لم يكن القرار الانسب لحل الازمة في ضوء تعثر العديد من الشركات في تسديد التزاماتها.
وقال الزلزلة ان البورصة كانت متعطشة لأي حل قد يساهم في تجاوز المحنة المالية التي مرت بها الكويت، وهو الأمر الذي كان يتطلب تفعيل كل عناصر الاهتمام من قبل السلطتين لإنقاذ الوضع العام للبلد، مع ترك الحديث عن اسعار النفط جانبا وعدم الربط بين تراجعها ومستقبل النمو الاقتصادي في الكويت.
واشاد الزلزلة بجهود فريق الانقاذ التي تكللت بإقرار القانون وصدور مرسوم الضرورة به، مؤكدا انهم اجتهدوا بما فيه الكفاية للخروج من الازمة، مبينا ان الاتهامات الموجهة لهم بأن القانون قد انصب وركز على إنقاذ البنوك، جاء بشكل مبالغ فيه نظرا لأهمية هذا القطاع القصوى في دعم الاقتصاد الوطني، وفي حال نجاح محاولات دعمه فإن الخروج بالشركات المتعثرة من مشاكلها المالية سيكون امرا مفتوحا وميسرا.
واكد الزلزلة ان التحرك السريع هو السمة الابرز في مواجهة اي مشكلة مالية، ضاربا المثال في ذلك بالرئيس الاميركي السابق جورج بوش الذي نجح في تخصيص 760 مليار دولار للتدخل المباشر في إنقاذ الشركات المتعثرة، وذلك في خلال 4 ايام فقط، في حين ان الكويت احتاجت لـ 7 اشهر حتى تقر قانونا لا يحمل الحكومة دفع فلس واحد لإنقاذ الشركات المتعثرة، حيث جاء القانون بصورته كضمان للقروض الجديدة من البنوك للشركات.
واستغرب الزلزلة تضارب تصريحات بعض الوزراء خلال الازمة المالية وحول قانون الاستقرار المالي وهو ما سمح لبعض النواب بالدخول على خط الهجوم الناري على هذا القانون ومحاولة تمرير بعض القوانين التي تخدم مصالحهم الانتخابية.
واختتم الزلزلة بالتأكيد على ان مرسوم الضرورة لقانون الاستقرار المالي قد ألقى بظلاله الإيجابية المتفائلة على عموم المستثمرين وهو ما يمكن ملاحظته من خلال التداولات النشطة للسوق خلال الايام الماضية، مبينا ان الشعور العام بتدخل الحكومة لإنقاذ الوضع العام للاقتصاد الوطني قد ساهم في عودة هذا التفاؤل من جديد، فضلا عن قرارات قمة الـ 20 الاخيرة في لندن التي اثبتت للعالم ان هناك تحركا بمقدار 6 مليارات دولار حتى 2010 لمساعدة الاقتصادات العالمية وهو ما انعكس على اسواق المال العالمية.
تنويع مصادر الدخل
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي محمد الثامر ان الكويت تعاني بشكل رئيسي ومباشر من مشكلة الاعتماد على مصدر دخل وحيد وهو «النفط» الذي يتحرك ارتفاعا وهبوطا بشكل يؤثر على قراراتها التنموية، الامر الذي انعكس بوضوح على الوضع العام للاقتصاد الوطني وجعله عرضة للتقلبات بشكل عنيف.
وطالب الثامر بالعمل على تغيير نظام الاقتصاد الوطني وانشاء هيئات رقابية ذات أداء فعال بما يساعد القطاعات الاقتصادية المحلية وتحديدا القطاع الخاص على القيام بدور مهم ورئيسي في الاقتصاد الوطني، مبينا ان فتح قنوات جديدة للاستثمار سيكون العامل الداعم للاقتصاد الوطني بعد ان لجأ عموم المستثمرين في الكويت الى البورصة لتكون الملاذ الاول لهم للاستثمار بعيدا عن دعم القطاع التنموي بالكويت.
واكد ان صدور مرسوم قانون الاستقرار المالي كان له مفعول ايجابي على السوق الذي تجاوب معه بشكل مباشر نظرا لأهمية دعم القطاع المصرفي الذي بدوره سيسهل عملية معالجة اوضاع الشركات المتعثرة وبالتالي عودة النشاط التنموي من جديد.
وبين ان علاج الازمة المالية يتطلب مجموعة من القرارات والقوانين الداعمة وفي مقدمتها تفعيل قانون الاستقرار المالي بشكله السليم، هذا الى جانب تفعيل ظاهرة الاندماجات والاستحواذات التي ستساهم في تقليص حجم الشركات وتحديدا ذات الاداء الضعيف.
وحول توقعاته لأداء السوق خلال المرحلة المقبلة، قال الثامر ان ظاهرة الارتفاعات المتتالية في البورصة من الامور غير الصحية التي يجب ان تتوازن معها عمليات تصحيح بين الحين والآخر، لاسيما ان عمليات التصحيح مهمة جدا لعودة الاسعار الى اوضاعها الطبيعية ومن ثم تقييمها بشكل صحيح.
وطالب الثامر فريق الانقاذ باستمرار جهوده لعلاج الازمة وعدم الاكتفاء بصدور قانون الاستقرار.
ملاحظات على القانون
هذا، وقال المدير التنفيذي في شركة المستشارون العالميون هشام سرور ان الشركة نظمت تلك الندوة بهدف التطرق لأحد المواضيع المهمة على الساحة الاقتصادية المحلية ألا وهو قانون رقم 2 لسنة 2009 بشأن تعزيز الاستقرار المالي، الذي أقر بمرسوم ضرورة وصدرت لائحته التنفيذية بتاريخ 2 ابريل 2009.
واستعرض أهم المقتطفات من القانون ولائحته كما يلي:
بالنسبة لقطاع البنوك، اقر القانون جواز ضمان الدولة ولمدة لا تتجاوز خمس عشرة سنة، الانخفاض الذي قد يطرأ في قيمة كل من محفظة الاستثمارات المالية والمحفظة العقارية القائمة لدى البنوك، كما في 31 ديسمبر 2008، وما يترتب عليه من انخفاض خلال السنوات 2009/2010.
بالنسبة لقطاعات النشاط الاقتصادي المحلي المنتجة، فإن الدولة تضمن 50% من التمويل الجديد الذي تقدمه البنوك المحلية الى عملائها من كل قطاعات النشاط الاقتصادي المحلي المنتجة والذي يتم استخدامه محليا، وبحد اقصى اربعة مليارات دينار كويتي لإجمالي التمويل الجديد خلال العامين 2009/2010، على ان يراعى عند تحديد الملاءة مدى كفاية اصول الشركات لمقابلة سداد التزاماتها قصيرة وطويلة الاجل، اخذا في الاعتبار تحديد مدى جودة الاصول من خلال تقييم حديث، والتدفقات النقدية المستقبلية، ووضعت اللائحة معايير للتقييمات العقارية، اذ اشارت الى انها يجب ان تجري سنويا على الاقل لدى جهتين احداهما «بيتك» أو «الدولي» بالنسبة للعقارات المحلية، واشارت اللائحة الى ان «ضمان الدولة يقرر بصفة فصلية والبنوك تكوِّن مخصصات لتغطيتها».
ومما سبق نستطيع أن نستشرق الدعم القوي الذي تتجه به الحكومة لدعم جميع القطاعات المنتجة، ومحاولة حمايتها من التعثر المالي نتيجة الأزمة المالية العالمية التي أثرت في الاقتصاد بشكل قوي، وهذا ما يعكس واقع أو جوهر القانون، أما المأمول منه فهو الكثير والكثير بما يتعدى فحوى القانون ولوائحه ولكن يجب ان نسأل أنفسنا إلى متى ستنتظر الشركات الحلول الآمنة من الدولة دون ان تجتهد لتحسين ذاتها وهيكلتها.
وعن العقبات التي تواجه الشركات للاستفادة من قانون الاستقرار المالي قال سرور إنها تتمثل في:
ان هناك عقبة قد تحول دون استجابة البنوك المحلية وبنك الكويت المركزي لإقراض العديد من الشركات الاستثمارية المدرجة ضمن قانون تعزيز الاستقرار المالي، وأن هذه المعضلة تتمثل في فوائد الديون، حيث ان معظم الشركات التي ستتقدم للاقتراض أو التمويل من قبل البنوك لديها ديون قائمة وهذه الديون مصحوبة بفوائد خدمة دين عالية وإذا لم يتم حل هذه المعضلة وإعادة جدولة هذه الفوائد فلن يقبل «المركزي» ولا البنوك الكويتية باعتبارها ضمن الشركات المليئة، حيث إن العديد من هذه الفوائد قد تأخرت الشركات في سدادها أو تعثرت في إعادة جدولتها بعيدا عن اصل الدين مما يعتبر دينا اضافيا على هذه الشركات.
عدم استيفاء متطلبات التمويل المقررة حسب اللائحة التنفيذية للقانون إما لانخفاض قيم الأصول عن المديونيات او لعدم جودة هذه الأصول.
حلول مقترحة
وذكر سرور أن الشركة أوصت في هذا الصدد ببعض الحلول المقترحة ومنها:
إعادة هيكلة الديون والالتزامات على الشركات وذلك بالتفاهم مع الدائنين.
زيادة رأسمال الشركة عن طرق مساهمين جدد.
زيادة رأسمال الشركة عن طريق دعوة الدائنين للمساهمة في الشركات.
الاندماج مع الشركات ذات طبيعة النشاط المتماثلة للاستفادة من حصتها المشاركة من السوق وحجم اعمالها.
وفيما يخص مفهوم الاندماج نقول وبصورة مبسطة إن مفهوم الاندماج بين الشركات عبارة عن توجه من جانب شركتين او اكثر نحو التكتل او التحالف او التكامل لخلق كيان جديد يكون قادرا على تحقيق الاهداف التي لا تستطيع ان تحققها الشركة بمفردها او للتغلب على مشاكل قائمة حاليا او متوقعة في المستقبل، مؤكدا في الوقت ذاته ان لهذه العمليات دورا في تعزيز الموقف المالي للمحافظة على التنافسية.
وعن أنواع الاندماجات قال سرور إن هناك نوعين من الاندماج الأول: رأسي والآخر: افقي، والفرق بينهما ان الرأسي هو اندماج شركة شركة مع اخرى تمارس نشاطا آخر أو تكون الشركة احد مورديها او عملائها، بحيث تكون مجموعة من النشاطات المتكاملة مثلا شركة في مجال التطوير العقاري، واخرى تعمل في مجال المقاولات، والنوع الثاني هو استحواذ افقي بين شركات تعمل في نفس النشاط.
وبتقييم فكرة الاندماج، نجد أنها مازالت احد اهم الحلول الآمنة لبعض العثرات التي تقابلها الشركات، خاصة الشركات التي تنتمي لنفس المجموعات الاستثمارية، والتي يسهل عليها الاندماج لتناغم مصالح المساهمين والمؤسسين بها.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )