قاد رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الكويتي عبد المجيد الشطي حملة للدفاع عن البنك المركزي رافضا كل الاتهامات التي تحاول تشويه دوره خلال الأزمة، مؤكدا أهمية دوره والجهد الذي قام به والذي لا يعلمه إلا القليل.
كما رفض الشطي خلال الجلسة الثانية لمنتدى الشفافية اتهام البنوك الكويتية بأنها كانت سببا في تفاقم حدة الأزمة المالية على الكويت، لافتا إلى أن البنوك الكويتية ساهمت بشكل كبير في تنمية الكويت من خلال دعمها لجميع الانشطة التجارية والصناعية وبناء المساكن وتوظيف العمالة الوطنية.
وردا على اتهام البنوك الكويتية بتخليها عن المساهمات الاجتماعية رد الشطي بأن للبنوك المحلية أيادي بيضاء في مجال الأعمال الخيرية والأنشطة الاجتماعية والتعليمية وأنفقت ما يزيد على 300 مليون دينار في هذا الشأن.
وطالب البنوك الكويتية بالتخلي عن الحذر والتشدد في عمليات التمويل، كذلك تخلي التجار عن الخوف والإقدام على الاستثمار بشكل أكبر، لافتا إلى أن حجم التسهيلات الائتمانية الممنوحة بلغ 20 مليار دينار.
وأشار الشطي إلى أن النتائج المالية لعام 2009 ستكون صعبة على المصارف الكويتية نظرا لتوجيهات المركزي بنهاية 2008 بأخذ المزيد من المخصصات وترحيل الكثير من الأرباح.
وتعليقا على سؤال أحد الحضور بأن توجه المركزي لشراء نسب من البنوك الكويتية يوحي بتحول الاقتصاد الكويتي إلى النظام الاشتراكي، أكد الشطي أن الاقتصاد الكويتي لا يستطيع الأخذ بالنظام الاشتراكي وهو مازال بعيدا جدا.
ونفى الشطي ما يتردد عن توتر العلاقة بين البنوك الكويتية والبنك المركزي مؤكدا تعاون الجهتين والتعامل مع الاختلافات في إطار من المهنية، وأشار الشطي إلى أن مطالبة البنك المركزي بالحد من فتح فروع للبنوك الأجنبية في الكويت يتناقض مع توجه الكويت للتحول إلى مركز مالي وتجاري عالمي وإذا شددنا على فتح الفروع الأجنبية في الكويت فإن البنوك الكويتية ستلاقي نفس المعاملة عند الرغبة في فتح فروع لها في الخارج.
واضاف الشطي ان الأزمة المالية الراهنة تعد الأعنف منذ حوالي قرن تقريبا، فحجم الخسائر المالية المباشرة تجاوزت 1.5 تريليون دولار، بالإضافة إلى حجم الخسائر غير المباشرة والمترتبة على انخفاض قيم الأصول والزيادة في البطالة والانكماش في اقتصادات العالم.
وأوضح الشطي أن أسباب الأزمة المالية العالمية باتت معروفة وأهمها:
الائتمان المفرط والذي أدى إلى التضخم غير المبرر في أسعار الأصول وخاصة العقار ومن ثم خلق فقاعة كبيرة.
غياب الشفافية والرقابة والقوانين المنظمة وخاصة فيما يخص الصناديق الاستثمارية والمشتقات والأدوات الاستثمارية الأخرى المعقدة.
وأكد الشطي أن القطاع المصرفي الكويتي شهد العديد من الانجازات والتي باتت علامة بارزة في تاريخ القطاع وتجلت من خلال التصنيفات والتقييمات الائتمانية المرتفعة التي حصلت عليها المصارف الكويتية.
واضاف أن القطاع المصرفي الكويتي حقق أرباحا متميزة خلال عام 2008 حيث حققت المصارف الكويتية مجتمعة أرباحا بلغت 332 مليون دينار، أما بالنسبة لحجم أصول القطاع المصرفي فقد نمت الأصول خلال السنوات الأربع الماضية من 19 مليار دينار في عام 2004 إلى 43 مليار دينار بنهاية عام 2008، وارتفعت حقوق المساهمين من 2 مليار دينار إلى ما يزيد على 4 مليارات دينار في عام 2008، أما فيما يتعلق بمعيار كفاية رأس المال ونسبته المحددة بموجب تعليمات بنك الكويت المركزي وتعليمات لجنة بازل 2 على اساس 12 % فنجد أن البنوك الكويتية تحتفظ بنسب تفوق النسب المحددة بموجب التعليمات الرقابية المتعلقة بمعيار كفاية رأس المال.
وأشار الشطي إلى أن تأثر القطاع المصرفي بالأزمة المالية العالمية جاء بفعل انفتاحه على الاسواق العالمية، إلا أن تأثره كان محدودا بسبب قوة المصارف الكويتية ومتانة القاعدة الرأسمالية للبنوك الكويتية تقليدية كانت أو إسلامية.
وفيما يخص السلطة النقدية والرقابية أكد الشطي أن تلك السلطة تتمثل في قوة وفاعلية بنك الكويت المركزي الذي يقوم بتوجيه السياسة الائتمانية للمؤسسات المصرفية والمالية الخاضعة لرقابته، والإشراف والرقابة على وحدات الجهاز المصرفي والمالي بإصدار التعليمات والضوابط الرقابية التي تساهم في تعزيز سلامة ومتانة الجهاز المصرفي والمال.
وقال الشطي انه على الرغم من وجود جميع المقومات اللازمة لتحويل الكويت إلى مركز مالي إقليمي وتجاري مرموق، هناك العديد من التحديات التي تتطلب تفعيل عجلة التنمية والتعاون الوثيق بين كل الجهات والأطراف المعنية بمشروع تحويل الكويت لمركز مالي إقليمي خاصة بين السلطة التشريعية والتنفيذية، والعمل على البدء بالمشاريع الرامية إلى تنويع مصادر الدخل بزيادة الايرادات غير النفطية وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ووضع القوانين الجاذبة للاستثمار وإلغاء تلك المقيدة له.
واوضح الشطي أن قانون الاستقرار المالي قدم فكرا اقتصاديا متقدما، والقانون سيسهم في دعم الاقتصاد عبر معالجة جملة من تداعيات الأزمة المالية، ومن الأمور الهامة التي يجب معالجتها لتنشيط الاقتصاد:
أن تقلع البنوك عن حذرها البالغ في عمليات التمويل وتكون أكثر تحفزا لذلك في المرحلة المقبلة لاسيما أن القانون يقدم ضمانات حكومية مساعدة.
قيام الحكومة بإطلاق المشاريع الجديدة وبأحجام مختلفة بهدف دفع عجلة التنمية إلى الامام.
قيام التجار والصناعيين والمستثمريين بتخفيف حالة الخوف التي انتابتهم والاقدام على استثمارات ذات قيمة.
التطلع إلى مجلس أمة جديد أكثر احساسا بقضايا التنمية، وحكومة لديها خطة طموح تسعى لتنفيذها بالتعاون مع مجلس الأمة.
لدينا كل الامكانيات
من جهة أخرى أكد رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة بيت الأوراق المالية أيمن بودي ان تحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي لن يتحقق بالكلام والأحاديث في المنتديات فقط، ويجب أن يدرك الجميع حجم هذا الطموح والهدف المنشود والرغبة السامية لأمير البلاد.
وتساءل بودي من المسؤول عن عرقلة تحقيق هذا الهدف بعد أن أصبح المسار واضحا، مؤكدا أنه لا يتهم أحدا بعينه سواء كان المجلس أو الحكومة، لافتا إلى أن هذا التحول مازال يبحث عن أصحاب المبادرة فيه.
وأوضح بودي أن الكويت تمتلك كل المقومات للتحول إلى مركز مالي وتجاري من حيث الموقع الجغرافي المتميز والعقول القادرة على إدارة هذا التحول خصوصا في ظل تراكم خبرات جيدة لدى تجار الكويت تاريخيا.
ورفض بودي اتهام البعض باستباحة المال العام مؤكدا أن مشاركاته في اجتماعات المركزي لمناقشة قانون الاستقرار رسخت اليقين بأن المال العام مصان «ومن يمد يده يتم قطعها».
واستعرض بودي تجربة بيت الأوراق المالية في بناء مركز صباح الأحمد المالي العالمي وقيام الشركة بشراء الأرض بثلاثة أضعاف ثمنها، وقيام سمو أمير البلاد بمنحنا اسمه على المركز مبديا ترحابه بذلك، ولكن العراقيل التي وضعتها البلدية أصبحت حجر عثرة أمام تحقيق المشروع خصوصا أننا أدركنا أن من بيننا من يحارب النجاح.
وأضاف بودي أن متطلبات تحول الكويت لمركز مالي وتجاري تكمن في جاهزية الاجراءات والنظم لهذا التحول، والبنى المؤسساتيه لهذا التحول والبيئة المعلوماتية، والبيئة القانونية، والبيئة البشرية، وبيئة الاعمال، ومستويات الكفاءة للبنوك المحلية والشركات في مواجهة البنوك العالمية.
وأشار بودي إلى أن تحول الكويت إلى مركز مالي إسلامي قد يكون أقل طموحا ولكن أكثر واقعيا لتوافر مقومات نجاحه من الخبرات والأدوات الاستثمارية الاسلامية المطورة في شتى المجالات والتي تمنحنا مؤشرا قويا للتحول إلى مركز مالي إسلامي.
وثمّن بودي قرار بنك الكويت المركزي بالسماح للمؤسسات الأجنبية فتح فروع لها داخل الكويت وهذه خطوة إيجابية يجب تفعيلها لضمان نجاحها وإلا قامت هذه المؤسسات المالية بإلغاء الترخيص ما يعطي انطباعا بعدم جدوى مناخ الاستثمار في الكويت، مؤكدا أن الجميع يفتخر بمستوى البنك المركزي وتعامله مع الأزمة المالية بمهنية عالية، وهو دائما الجندي المجهول في التعامل مع الأزمات، ورغم أنه ضغط على البنوك من قبل إلا أنه كان يستشرف المستقبل وتنبأ به ما خفف من أوجاع الأزمة الحاضرة.
وطالب بودي بتحسين بيئة الأعمال ورفع المستوى المهني لشركات الوساطة وتنويع أدوات التداول والبيوع الآجلة وربطها بأسواق المنطقة.
ولفت إلى أهمية الاستقرار السياسي على المستوى الداخلي للدولة والمستوى الإقليمي لها، مؤكدا أن تواجد الكويت في عمق الخليج والذي بدوره يعد أعلى مناطق السيولة في العالم يجعل فرص التحول لديها عالية.
الضوابط والمعايير
من جانبه أكد مدير إدارة الرقابة في بنك الكويت المركزي يوسف العبيد، أن البنك المركزي الكويتي يتمتع بثقة الجهات التي تخضع له واشادتهم الدائمة بدوره كذلك اشادة البنوك المركزية العالمية والوكالات العالمية، خصوصا أن دور البنك واضح ليس محليا فقط بل إقليميا.
واضاف العبيد أن التشدد في تطبيق الضوابط والمعايير جاء بهدف دعم المؤسسات المصرفية الكويتية وحصولها على الاعتراف العالمي، مؤكدا أن الأزمة المالية كان يحتمل أن تكون لها عواقب وخيمة وأكثر شدة على الاقتصاد الكويتي لولا الملاءة المالية للدولة، والدور الذي قام به البنك المركزي.
ورفض العبيد اتهام البعض بأن المركزي يكيل بمكيالين في رقابته على البنوك الأجنبية العاملة في الكويت مؤكدا أنها تخضع لرقابة صارمة شأنها شأن البنوك المحلية.
وتعليقا على قانون الاستقرار المالي أوضح العبيد أن المركزي أخذ بكثير من الملاحظات التي تم طرحها خلال مناقشات اللجنة المالية لمجلس الأمة لمشروع القانون، لافتا الى أن القانون خرج بالشكل المناسب لظروف وأوضاع الاقتصاد الكويتي، وأبرز ايجابياته تعزيز الثقة في البنوك، كذلك تعزيز ثقة المجتمع الدولي في الاقتصاد الكويتي.
وأكد العبيد أن القطاع المصرفي الكويتي لم يكن سببا في تفاقم الأزمة ولكن الأزمة المالية العالمية قطعت خطوط الاتصال الائتمانية العالمية مما كانت سببا مباشرا في انتشار توسيع دائرة الأزمة.
وزاد العبيد بأنه في إطار عملية التنظيم والإشراف المصرفي من أجل تعزيز بيئة العمل التنافسي والعمل باتجاه تطوير الكويت كمركز مالي، مارس البنك المركزي دورا مهما في مجال دعم التشريعات الخاصة بتنظيم العمل المصرفي الإسلامي، والتشريعات الخاصة بتوسيع عمليات التحرير المالي، وفي هذا الشأن شهدت الصناعة المصرفية في الكويت تطورات تشريعية تمثلت في صدور قانون رقم 30 لسنة 2003 في شأن تنظيم العمل المصرفي الإسلامي، حيث قام البنك المركزي بإصدار التعليمات الخاصة بالإشراف على أعمال البنوك الإسلامية، وقد ساهمت هذه التشريعات في توسيع مجالات الاستثمارات والتمويل القائم على أحكام الشريعة الإسلامية، وبما يخدم قطاعات اقتصادية واسعة في البلاد.
وأضاف العبيد أنه تم الترخيص لافتتاح تسعة فروع لبنوك أجنبية، منها ثلاثة فروع لبنوك عالمية:
بي ان بي باريبا، اتش اس بي سي، وسيتي بنك، وستة فروع لبنوك من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، منها ثلاثة فروع باشرت نشاطها وهي بنك أبوظبي الوطني، بنك قطر الوطني، وبنك الدوحة، وثلاثة فروع في مرحلة التأسيس تمهيدا لمباشرة نشاطها: بنك مسقط، بنك المشرق، ومصرف الراجحي، وقد ساهمت عملية التحرير المالي في توسيع وتنويع قاعدة الجهاز المصرفي وتعزيز البيئة التنافسية ودعم الجهود القائمة باتجاه تحويل الكويت إلى مركز مالي.
وأشار العبيد إلى أنه ينبغي التنويه بأن ارتفاع مستوى الشفافية يجب أن يواكبه وعي وإدراك من قبل الأطراف المشاركة في السوق.
التخطيط الإستراتيجي
من جهة أخرى قال مدير عام إدارة المخاطر والمتابعة في «بيتك» عبدالعزيز البدر ان الرؤية التي أطلقها صاحب السمو الأمير بتحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري عالمي، تعتبر أهم محاور التخطيط الاستراتيجي لمستقبل وتبوؤ الكويت مركزا رياديا في المنطقة بما تملكه من موارد وقدرات تؤهلها لهذه المكانة.
ومن نافلة القول ان تحويل الكويت لمركز مالي وتجاري في المنطقة يحتاج إلى تضافر كل الجهود وإجراء ثورة تصحيحية لتذليل المعوقات والدفع باتجاه التطوير والتنمية، ولعل من أهم محاور التطوير والتنمية محور المؤسسات المصرفية والمالية التي تعتبر عصب أي اقتصاد ناجح حيث ان ما تقوم به تلك المؤسسات يعد دورا مغذيا بالموارد اللازمة لقطاعات النشاط الاقتصادي لغرض تحقيق التوازن فيما بينها بشأن أعمال التطوير والتنمية وبما يسهم في تعزيز القدرة الإنتاجية لجميع القطاعات.
وأكد البدر أن البنك المركزي يلعب الدور الأكبر والأهم في إدارة أمور السياسة النقدية والائتمانية من خلال الأدوات التي تمكنه من ذلك والتي منها سعر الخصم، أسعار الفوائد الدائنة والمدينة، السندات الحكومية، رقابة المؤسسات الائتمانية.
واقترح البدر وجود جهاز خاص معني بأغراض المركز المالي والتجاري بعيدا عن البيروقراطية الحكومية وتوزيع الاختصاصات بين أكثر من وزارة وجهة حكومية، ويتولى هذا الجهاز إدارة الشؤون الاقتصادية والمالية والإدارية الخاصة بالمركز المالي والتجاري حيث تحدد اختصاصاته ويمنح الصلاحيات التي تمكنه من إنجازها وأن تكون تبعيته لجهة عليا بالدولة (مثل مجلس الوزراء) وذلك لتعزيز الجدية والثقة في هذا الجهاز.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )