أكد محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم العبدالعزيز ان قانون تعزيز الاستقرار المالي يمثل خطوة علاجية واحترازية في الوقت نفسه كونه يتعامل مع التحديات التي فرضتها تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
وقال العبدالعزيز في إجابات عن اسئلة طرحتها «كونا» ان المرسوم بقانون بشأن تعزيز الاستقرار المالي جاء ليعكس في نصوصه المختلفة قراءة موضوعية متأنية لطبيعة التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي والمالي المحلي على وجه الخصوص والاقتصاد الوطني عموما في المرحلة الراهنة وهي تحديات فرضتها تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
وأضاف «مع أن المرسوم بقانون بأجزائه المختلفة يمثل برنامجا متكاملا لتعزيز الاستقرار المالي في الدولة إلا انه يقوم على 3 محاور أساسية تشكل الجوانب الاحترازية في مواجهة انعكاسات الأزمة المالية العالمية والجوانب التحفيزية للاقتصاد الوطني والجوانب العلاجية لحالات فرضتها تداعيات الأزمة المالية العالمية».
قيم الأصول
وأوضح انه بالنسبة للجوانب الاستباقية والاحترازية فإنه تحسبا لأي انعكاسات سلبية قد تؤثر على قيم الأصول لدى البنوك المحلية مما قد تكون لها تأثيرات معاكسة على الأوضاع المالية للبنوك فقد جاء الباب الأول من المرسوم بقانون المتعلق بأوضاع البنوك ليعكس السياسات والإجراءات الاحترازية لبرنامج تعزيز الاستقرار المالي.
وأضاف ان ذلك يتمثل في ضمان الدولة لأي عجز محتمل قد يواجهه أي بنك في المخصصات المحددة لمحفظة التسهيلات الائتمانية والتمويل والانخفاض الذي قد يطرأ على المحفظتين المالية والعقارية وذلك وفقا لمجموعة الضوابط التي تضمنها المرسوم بقانون.
وأشار الى أن مثل هذه الخطوة الاحترازية لتحصين القطاع المصرفي وحمايته من أي انعكاسات للازمة المالية العالمية تمثل المدخل الأساسي لتعزيز الاستقرار المالي في الدولة نظرا لأن البنوك هي القلب النابض للاقتصاد ومن خلالها تتم حركة تدفقات الأموال بين مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني وبين الاقتصاد الوطني والعالم الخارجي.
وأضاف أنه من الواضح أيضا أن هذا الجانب الاحترازي من المرسوم بقانون يأتي تدعيما لإجراءات احترازية أخرى اتخذتها الدولة وتتمثل في صدور قانون ضمان الودائع في البنوك بتاريخ 3/11/2008.
تحفيز الاقتصاد
وحول الجوانب المتعلقة بتحفيز النشاط الاقتصادي قال محافظ «المركزي» ان الباب الثاني من المرسوم بقانون تضمن أحد المحفزات القوية لحث البنوك على تمويل قطاعات النشاط الاقتصادي المحلية المنتجة ويتمثل في ضمان الدولة لنسبة 50% من التمويل الجديد الذي تقدمه البنوك المحلية لجميع عملائها من أفراد ومؤسسات وشركات من جميع قطاعات النشاط الاقتصادي المنتجة وبحد أقصى قدره 4 آلاف مليون دينار لإجمالي التمويل الجديد المقدم خلال العامين 2009 و2010.
وأضاف ان هذين العامين يعتبران الأكثر حسما في انعكاسات الأزمة المالية العالمية ومن الواضح أن هذا الجانب التحفيزي في المرسوم بقانون كان ضروريا في ظل انعكاسات الأزمة المالية العالمية نظرا لان البنوك تكون متحفظة في أوقات الأزمات في تقديم التمويل حتى لأفضل عملائها.
حثّ البنوك
وأشار الى ان ذلك يتطلب حث البنوك وتشجيعها على التخلي عما لديها من تحفظات ومحاذير في منح الائتمان المصرفي وبما يتيح عودة الانسياب للائتمان بالشكل المناسب وإعادة التفاعل الضروري بين القطاع المصرفي والقطاعات الاقتصادية الأخرى من خلال انتظام حركة تدفق الأموال بين مختلف القطاعات المالية والاقتصادية وبما يساهم في مكافحة أي انكماش اقتصادي محتمل.
وأضاف انه من الواضح ان هذا الضمان الحكومي هو نتيجة لكون ما ستقدمه البنوك من قروض وتمويل هو من أموال البنوك وليس من أموال الدولة وذلك وفقا للضوابط التي تضمنها المرسوم بقانون.
وبالنسبة للجوانب العلاجية للمرسوم بقانون قال المحافظ ان الباب الثالث من هذا المرسوم بقانون والمتعلق بشركات الاستثمار يمثل ما يمكن اعتباره إجراءات علاجية لما تواجهه شركات الاستثمار من مشاكل مالية نتيجة لانعكاسات الأزمة المالية العالمية والمتمثلة في قطع خطوط التمويل الخارجي عن تلك الشركات والتراجع في قيم الأصول المالية والعقارية.
وأضاف ان هذا المرتكز يقوم على أساس ضمان الدولة لنسبة 50% من التمويل الجديد الذي تقدمه البنوك لشركات الاستثمار خلال عامي 2009 و2010 وذلك وفقا لمجموعة الضوابط التي تضمنها المرسوم بقانون في هذا الشأن والتي تؤكد بداية على أن الشركات التي ستتم معالجة أوضاعها المالية هي الشركات التي تتمتع بملاءة جيدة ولديها القدرة على مواصلة نشاطها وتواجه مشاكل سيولة وتحتاج لمعالجة بما يساعدها على الاستمرار والوفاء بالتزاماتها وذلك بناء على دراسة وتقييم من قبل جهة استشارية مالية متخصصة تبين الوضع المالي الحقيقي للشركة.
ليست منحة أو هبة
وقال ان هذا الباب من المرسوم بقانون تضمن مختلف الضوابط والشروط المتعلقة بهذه المعالجات، مؤكدا ان «المرسوم بقانون لا يتضمن الاشارة الى أي جهات محددة ستستفيد من أي تمويل أو قروض إضافة الى التأكيد على أن التمويل الجديد الذي ستحصل عليه أي شركة هو في صورة قروض وتمويل من البنوك وهذه الأموال ليست منحة أو هبة من الدولة وإنما هي تمويل من البنوك وبشروط إقراض عادية من حيث التكلفة وفترة التسديد والضمانات ومختلف شروط الاقراض الأخرى».
وأوضح انه يتبين مما تقدم وبصورة واضحة أن المحاور الثلاثة الأساسية التي سبقت الاشارة اليها تشكل في واقعها محاور متداخلة في اطار متكامل لسياسات واجراءات تعتبر احترازية بطبيعتها وسياسات تحفيزية لتنشيط النشاط الاقتصادي بالاضافة الى ما هو منها في صورة اجراءات علاجية ومن واقع نظرة شمولية تأخذ بالاعتبار طبيعة الأوضاع في المرحلة الحالية للازمة المالية والاقتصادية العالمية.
وحول الخطوات الأخرى قال العبدالعزيز انه ليس هناك حل نموذجي ناجع يمكن من خلاله تجاوز التحديات التي تفرضها تداعيات الأزمة المالية العالمية لأن تلك التحديات قد أصابت صميم النظام المالي في مختلف دول العالم حيث اهتزت دعامات الثقة التي تشكل العصب الرئيسي لأي نظام مالي.
وأضاف ان استعادة الثقة على أسس راسخة لابد أن تكون مسيرة متواصلة وجهودا مكثفة ومستمرة وفي كل الأحوال فان الاستقرار المالي ونعني به الثقة بسلامة ومتانة أوضاع الجهاز المصرفي والمالي يمثل شرطا ضروريا وان لم يكن كافيا للنمو والتطور الاقتصادي.
النمو المستدام
وأوضح انه ومن اجل ترسيخ دعامات ذلك الاستقرار المالي وزيادة متانة قواعده فلابد من خلق بيئة اقتصادية كلية محفزة للنمو المستدام وهنا يأتي دور السياسات الاقتصادية الأخرى بخلاف السياسات النقدية والرقابية للبنك المركزي وفي مقدمتها السياسة المالية باعتبارها الأداة الأكثر تأثيرا على اتجاهات النشاط في قطاعات الاقتصاد الوطني المختلفة.
وأشار الى ان الأزمة المالية العالمية وتداعياتها المتنوعة أبرزت الحاجة لفتح المزيد من القنوات الاستثمارية المحلية بخلاف تداول الأصول المالية والعقارية فالاقتصاد الكويتي في هذه المرحلة يحتاج الى جهود مركزة للتنويع الاقتصادي وتحفيز المستثمرين لزيادة أنشطتهم في العديد من مجالات الإنتاج السلعي والخدمي وتقليل التركيز على مجال تبادل الأصول المالية والعقارية.
وأفاد بإنه في هذا الصدد لابد أن تصاغ السياسات الاقتصادية العامة لتخلق المناخ الملائم والأجواء المناسبة لزيادة توجه المستثمرين نحو القطاعات الاقتصادية في مجالات الخدمات المختلفة كالاتصالات والخدمات اللوجستية والصناعة والإنشاءات والمقاولات والتجارة والخدمات التعليمية والصحية أخذا في الاعتبار محدودية تعرض الاستثمارات في تلك المجالات للهزات العنيفة أحيانا التي تتعرض لها أسواق تبادل الأصول المالية وبدرجة أقل الأصول العقارية، مضيفا انه غني عن البيان أن مثل هذا التوجه أصبح امرأ تحتمه الحاجة لخلق فرص العمل المنتج للاعداد المتزايدة من المواطنين الداخلين لسوق العمل.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )