منى الدغيمي
أفادت وزيرة الاقتصاد والصناعة والتوظيف الفرنسي كريستين لاغارد بأن الوضع الاقتصادي الفرنسي يعتبر أفضل مقارنة بالبريطاني في ظل الأزمة المالية العالمية الراهنة. وأضافت في سياق ردها على استفسارات الصحافيين في مؤتمر صحافي على هامش اجتماع اللجنة الوزارية الكويتية ـ الفرنسية المشتركة للتعاون الاقتصادي والصناعي في دورتها الـ 12، ان عدم تأثر الاقتصاد الفرنسي التأثير الكبير بالأزمة يعود الى تنوع استثماراته من ناحية وتصنيف الاقتصاد الفرنسي على أنه اقتصاد استهلاكي . وأوضحت لاغارد أن الاقتصاد الفرنسي يعتمد بشكل رئيس على الاستهلاك والاستثمار الأهلي والتجارة الخارجية، مشيرة إلى أن معدلات الاستهلاك والاستثمارات الأهلية ارتفعت خلال الأزمة المالية العالمية، بيد أن التجارة الخارجية واجهت تعثرا كبيرا، لكن فرنسا تبقى بلدا لا يعتمد على تجارة التصدير. وعن مدى تأثر الاقتصاد الفرنسي بتداعيات الأزمة المالية العالمية أعربت لاغارد عن اعتقادها بأن «فرنسا تتعامل مع الركود الاقتصادي بشكل افضل من شركائها الأوروبيين»، لافتة الى انه بينما تشير التوقعات الى أن معدل النمو الاقتصادي لفرنسا سيبلغ خلال العام الحالي 2009 نحو 3% دون مستوى الصفر فإن هذه النسبة تبلغ في ألمانيا 6% دون مستوى الصفر. وبينت ان «النظام المصرفي في فرنسا يتمتع برؤوس اموال كافية ولا يحتاج الى رؤوس اموال اضافية وان البنوك الفرنسية تمتلك سيولة جيدة» موضحة ان هذه العوامل وفرت بيئة اقتصادية اكثر امانا وايجابية.
قطب للخدمات الإسلامية
وعن الخطة الفرنسية لجعل باريس قطبا رئيسيا للخدمات المالية الإسلامية أوضحت انه رغم أسبقية بريطانيا في هذا المجال ودخول المصارف الإسلامية الى لندن بشكل سريع، إلا أن هذا لا يمنع من استقطاب هذه الصناعة داخل الدولة الفرنسية.
وأضافت ردا على سؤال خاص بـ «الأنباء» أنه جاء الآن دور فرنسا لتهتم بالنظام التمويلي الإسلامي، لافتة إلى أنها سبق ان اقترحت على المستثمرين في الصناعة المالية الإسلامية وكذلك البنوك ودعتهم إلى التوجه نحو باريس وعزت ذلك إلى أن الموقع المالي بالنسبة لباريس يعتبر مستقرا وقويا ومراقبا بصفة جيدة ويمنح الأمان المطلوب، مضيفة في ذات السياق ان فرنسا تعتبر من الدول المتفوقة في مجال جذب الاستثمارات الخارجية المباشرة إضافة إلى أنها تتمتع بنظام ضريبي تنافسي مقارنة بدول أوروبا ولاسيما بريطانيا.
وعلى صعيد متصل كشفت أن كل العوامل الايجابية التي ذكرتها تعتبر محفزة لاستقطاب اكبر عدد من البنوك الإسلامية إلى باريس.و أشارت إلى أن النظام الضرائبي الفرنسي وكذلك القانوني خلق أرضية صلبة تنافسية، لافتة إلى أن النظام الضرائبي قد قلص من عدة عراقيل تحيل دون تواجد المؤسسات المصرفية الإسلامية داخل باريس خاصة فيما يتعلق بالضرائب وتسعيرتها ومن هذا المنطلق أكدت على انه لا وجود لأي عراقيل حاليا بعد كل الخطوات الجيدة التي قامت بها فرنسا من تعديل للقوانين الفرنسية وجعلها تتماشى مع الشريعة في مجال الصناعة المالية الإسلامية.
وكشفت لاغارد عن أن فرنسا بصدد الانتهاء من التعديلات الخاصة بالقوانين وكذلك كل الإجراءات التي من شأنها أن تسهل عمل المؤسسات المالية داخل فرنسا. وأكدت على أن فرنسا اليوم تتمتع بمناخ اقتصادي صحي ومتشوق لاستقطاب كل الجهات المالية الإسلامية. وذكرت أن هناك 3 بنوك إسلامية خليجية تقدمت بطلبات للعمل داخل فرنسا، مشيرة إلى أن بعض هذه البنوك قد حصلت على موافقة في هذا الشأن وألمحت الى أن من هذه البنوك بنك قطر الإسلامي وبيت التمويل الكويتي.
وأكدت على ان التعديلات شملت قوانين الضرائب لاسيما أدوات المصارف الإسلامية الصكوك والمرابحة والتي يمكن ان تستخدم في السوق الفرنسية «دون تمييز»، لافتة إلى ان فرنسا ستكون مكانا رحبا جدا للمصارف الاسلامية.
أسعار النفط
وأشارت الى ان الرئيس الفرنسي طرح مبادرة حوار مع زعماء الاتحاد الاوروبي بهدف البحث عن آليات لتعزيز استقرار اسعار النفط دون المساس باستقرار الأسواق العالمية والقوى المحركة لها. واعتبرت لاغارد أن اجتماعات اللجنة المشتركة تصب في الجهود المستمرة بين الكويت وفرنسا الرامية إلى تعميق العلاقات الثنائية وفق توجيهات قيادتي البلدين خلال زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى الكويت في فبراير الماضي.
ولفتت إلى ان اللجنة الوزارية الكويتية ـ الفرنسية المشتركة للتعاون الاقتصادي والصناعي لم تعقد اجتماعات منذ اربع سنوات. وأوضحت ان اجتماعاتها مع صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد وسمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد أسفرت عن التأكيد على أهمية تسريع وتيرة التعاون والشراكة في قطاع الطاقة النووية السلمية.
الطاقة النووية
وعن المباحثات في مجال الطاقة النووية، أوضحت لاغارد أن التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية سيشهد تطورا أكبر من خلال الاجتماعات المقرر عقدها في الأيام القادمة بين شركة أريفا للطاقة النووية الفرنسية والسلطات الكويتية.
وقالت: «نأمل في تحقيق تقدم ملموس قريبا». وأكدت أنه لم توقع أي اتفاقية للطاقة النووية خلال زيارتها. واشارت الى انه في مارس صرح نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك بأن الكويت ستتعاون مع فرنسا في مجال الطاقة النووية، ملمحا إلى احتمال شراء حصة في مجموعة أريفا النووية.
البنية التحتية
وأضافت أن التعاون الفرنسي الكويتي سيشمل عدة قطاعات أخرى لاسيما البحث العلمي والبنية التحتية والتعاون الإداري والصحي، ودعت إلى مزيد من الارتقاء والنهوض بالعلاقات الثنائية إلى مستوى الطموحات التي ينشدها كلا البلدين في إطار المنافع المشتركة والمتبادلة بينهما. وأكدت على أن التعاون على مستوى دعم البنية التحتية سيدفع المؤسسات الفرنسية إلى الاستثمار داخل الكويت وإلى الاستفادة من الخبرات الفرنسية في مجال تنمية الصادرات الصناعية وتعزيز القدرات التصديرية.
وأشارت إلى عقد اتفاقية قريبا في المجال الصحي بين وزارة الصحة الكويتية ومعهد «كوستاف روسي» وهو من المراكز الكبرى والمهمة للبحوث العالمية لمرض السرطان. وذكرت في ذات السياق انها اجتمعت مع النائبات الأربع في مجلس الأمة، مشيرة إلى أنهن قد تبادلن مختلف تجاربهن في الحياة السياسية والاجتماعية والعملية، مشيدة بما وصلت إليه الكويت من رقي وتقدم في المجال السياسي والديموقراطي.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )