أرخت الأزمة الاقتصادية العالمية بظلالها على الصناعة المحلية، والبحث عن التسهيلات هو الأمر الملح الذي ينادي به الصناعيون للخروج من الأزمة بأقل الخسائر الممكنة.
الجميع يعرف أن الصناعة السورية تتميز عن الصناعات الأخرى في المنطقة بقدمها وتعدد أنشطتها وريادتها، حيث أسهم الصناعيون السوريون وبشكل كبير في نشر الصناعة في الدول العربية من المغرب إلى تونس ولبنان والأردن، وحتى إلى جنوب تركيا، حيث تشكل الصناعة أولوية استثمارية سواء للقطاع العام أو الخاص، نظرا إلى قدرتها على النمو، وتوليدها الدخل واستيعابها أعدادا متزايدة من العمال، وذلك نتيجة للتطور السريع في مجال الصناعة والتغيير الحاصل في حاجة السوق الداخلية والتغير الواسع في التجارة الخارجية.
الصناعيون السوريون في الوقت الحالي يستصرخون الحكومة لدعمهم، والبحث عن أفضل السبل للوقوف إلى جانبهم، فلا الخطوات الـ 12 التي صدرت مؤخرا بالقدر الكافي للقول إن الصناعة بألف خير، ولا توصيات المؤتمر الصناعي الثاني تحولت من حبر على ورق إلى فعل على أرض الواقع.حيث أشار رئيس مجلس إدارة شركة دعبول الصناعية محمد دعبول إلى أن مقررات المؤتمر الصناعي الأول والثاني لم تؤخذ كلها وتنفذ، على سبيل المثال ـ حسب دعبول ـ موضوع التأمينات الاجتمطاعية، التي تشكل عبئا على الصناعي، كان المقترح أن تنخفض إلى 10% أو 14% ولكن إلى الآن لم يحصل أي شيء وبقيت على ما هي عليه 25%.
وهذا ما أكده د.عوض عمورة، رئيس مجلس الإدارة في مجموعة عوض عمورة الصناعية، بقوله: «إن ما يريده الصناعيون هو أن يتم تطبيق القرارات التي خرجت إلى النور، لا أن تبقى حبيسة الأدراج»، موضحا أن موضوع المازوت الذي يتم الحديث عنه، في دول الجوار أرخص من سورية، والطاقة الكهربائية أرخص منها في سورية، فكيف سينافس الصناعي في ظل هذه الظروف؟
الصناعيون يؤكدون أنهم جاهزون للعمل، وللاقتراح، لكنهم ينتظرون أن تقوم الحكومة بتنفيذ ما وعدت به، ويؤكد د.عمورة مرة أخرى، أن الصناعيين يريدون تطبيق ما صدر، رغم أن د.فؤاد عيسى الجوني، وزير الصناعة، يقول: «إن المطلوب من القطاع الصناعي الخاص، التعاون الكامل مع الوزارة والحكومة، وذلك من خلال تقديم المقترحات التي يراها مناسبة لتجاوز الأزمة على أسس علمية واقعية ودارسة موضوعية».
للتمويل قصة
التمويل أو إيجاد المال الكافي للمشاريع الاستثمارية، المشكلة الأكبر في وجه الصناعيين، ففي حال كان وقع الأزمات والمصاعب التي تواجههم كثيرة، يبقى التمويل أو القروض التمويلية هي الحل بالنسبة إلى البعض، فالدكتور عمورة يشير إلى أن الصناعي غير قادر على تمويل جميع المشاريع، ولا يوجد دولة في العالم قادرة على ذلك، وإنما المشكلة تحتاج إلى قروض تمويلية، ويجب أن يعالج موضوع التمويل بشكل فعلي، موضحا أن المصارف العاملة في سورية لا يوجد لديها وحدات للاستثمار، وإنما قروض استهلاكية.
إعفاءات
لكن، وفي ظل تراكم الديون المالية على الصناعي، اقترحت غرفة تجارة دمشق في مذكرة لحل المشكلات الحالية، أن يتم إعفاء الديون المصرفية المستحقة من الغرامات والفوائد وزيادة المدة الزمنية للجدولة، وإعفاء المستحقات من الضرائب والرسوم من غرامات التأخير والفوائد، وإمكانية تقسيطها بعد دراسة كل حالة، خاصة بالنسبة إلى المدينين إلى المصارف، وتمويل عمليات الاستيراد والتصدير بضمان البوالص، ومنح المستثمر المحلي المقيم إعفاءات وتسهيلات أكبر عند قيامه باستثمارات مباشرة تعود بالفائدة على الوطن. وهذا ما أتى في منتصف الشهر الماضي، حينما صدر المرسوم رقم 217 الخاص بالتسويات المصرفية لقروض الصناعيين، والذي يعطي أصحاب القروض المتعثرة تسهيلات مرنة وحلولا لمشكلاتهم مع المصارف العامة، حيث تضمن المرسوم ثلاث نقاط مهمة، الأولى توخي المرسوم عامل المرونة في إجراء التسويات من حيث المدة الزمنية التي هي 10 سنوات. أما الثانية، فإن المرسوم يمكن من إجراء تسوية لكل تسهيل على حدة. والنقطة الثالثة والمهمة، تتعلق بالمدة الزمنية، وهي موضوع الفائدة العقدية لمنح القرض وإمكانية إجراء جدولة الديون، حسب ما أشار أنيس المعراوي، المدير العام للمصرف الصناعي، حيث اعتبر المعراوي أن للمرسوم انعكاسا على المصرف العام الصناعي: «حيث يسهم في تحسن مباشر لسيولة المصرف، وإمكانية دعم عمليات التوظيف، وكذلك الدخول في مجالات جديدة من التسهيلات والخدمات التي يقدمها المصرف الصناعي، ما ينعكس على أرباحنا».
الأزمة والصناعة
الحكومة من ناحيتها، تعتبر أنها اتخذت الإجراءات اللازمة لحماية المنتج المحلي، كما أكد وزير الصناعة، حيث قال: «إن مجلس الوزراء ناقش الأزمة، واتخذ عددا كبيرا من الخطوات والقرارات التي تتم متابعة تنفيذها، حيث تم تنفيذ الجزء الأكبر منها، وتتم اليوم متابعة هذه الأزمة باتخاذ قرارات جديدة، فالقرارات مهمة جدا، وتساعد بشكل كبير على مواجهة الأزمة»..لكن للصناعيين رأيهم، حيث يقول دعبول: «موضوع أن الحكومة قدمت والصناعيون يطلبون، أمر تجاوزناه، فنحن قطاع صناعي وطني، بالنسبة إلينا، نحن لانزال تحت تأثير ضغوط عالية جدا، وهذه الضغوط تأتينا من قبل شرق آسيا، وحتى من بعض الدول العربية، التي تصدر شهادات منشأ من دون الرجوع إلى أصل المنشأ».أما عمورة فيقول: «المساعدة في الأمور البسيطة تكفل خروجنا من الأزمة، فالصناعة السورية جيدة، والصناعي السوري يحاول المنافسة، فهناك العديد من الواجبات التي نحاول قدر الإمكان تنفيذها، لكن لنا حقوق نريدها بصفتنا صناعيين، فيجب أن يكون هناك تكامل بين الطرفين، فالدولة أصدرت قوانين وتشكر عليها، لكن في بعض الأمور وفي ظل الظروف الحالية، يجب أن يعاد النظر فيها.
صفحة شؤون سورية في ملف ( pdf )