منى الدغيمي
تباينت الآراء حول أسباب التراجع الحاد الذي شهده سوق الكويت للأوراق المالية خلال اليومين الماضيين والذي كبد المؤشر خسائر قدرها 443.5 نقطة، حيث اجمع الاقتصاديون الذين استطلعت «الأنباء» آراءهم على أن انعدام الثقة في المؤشرات الاقتصادية العالمية والأحداث السياسية على المستويين المحلي والعالمي إضافة إلى عوامل أخرى اعتبرها البعض أساسية ومفسرة للتراجع لاسيما القرارات الأخيرة للجنة البورصة بوقف التسويات وإدخال تعديلات جديدة على شروط البيوع المستقبلية، كذلك انكشافات بعض البنوك على مجموعة سعد والقصيبي أما البعض الاخر فقد عزا التراجع إلى أسباب غير مبررة وغير واضحة ولا تعكس حقيقة التراجع الحاد الذي شهدته أغلبية الأسهم القيادية مع العزوف عن الشراء رغم وفرة العرض في مستويات سعرية دنيا لأغلب الأسهم، هذا وقد أكدوا أهمية سن تشريعات تخدم السوق من ضمنها قانون هيئة سوق المال وأوضحوا أن السوق الكويتي في أمس الحاجة إلى مثل هذه القرارات في الوقت الراهن. وفيما يلي التفاصيل:
في البداية عزا نائب الرئيس ونائب العضو المنتدب في شركة الاستشارات المالية الدولية «ايفا» صالح السلمي أن التراجع الحاد للتداول في سوق الكويت للأوراق المالية في الأيام القليلة الماضية لا يمكن تفسيره وشدد على العامل النفسي، لافتا إلى انه يمثل سببا من الأسباب التي وراء التراجع الحاصل.
تقرير بلير
وعلى صعيد متصل أوضح السلمي أن أقرب الأسباب التي تفسر وضع البورصة هو التقرير الأخير لبلير الذي كشف فيه انه «في ظل سيناريو بقاء الحال على ما هو عليه، فان مستقبل الكويت سيكون غامضا وقد يكون قاتما».
وقال انه من ضمن الأسباب الأخرى لتراجع السوق قرار توقف صناع السوق عن تقديم خدمة البيوع المستقبلية والآجل وعدم تفعيل قانون الاستقرار المالي، مشيرا إلى انه من الممكن أن يكون اثر انكشافات بعض البنوك من ضمن الأسباب وقال: «رغم كل هذه الأسباب، تراجع السوق غير مبرر ولا وجود لأسباب واضحة مفسرة لتراجعه الحاد».
سوق المقاصة
ومن جانبه رأى أمين سر مجلس الإدارة ومدير البحوث الاقتصادية في بنك الكويت الدولي د.صادق ابل أن التطبيق الأخير للقرار المتعلق بسوق المقاصة حد كثيرا من التبادل وفضل الاحتفاظ بـ«الكاش» الذي يفتقر إليه أغلبية المتداولين.
وعزا أبل التراجع إلى تغيير شروط الأجل اضافة إلى رواج الإشاعات في الفترة الأخيرة على انكشافات بعض البنوك المحلية على مجموعة سعد والقصيبي التي أثرت على الشركات والبنوك مشيرا إلى انه رغم أن التصريح غير واضح لكن هذا أدى إلى خوف الكثير من المستثمرين. ولفت إلى أن هذه الإشاعة ومجموع التصريحات حول هذا الموضوع يمكن أن يفسر التراجع الذي شهده القطاع البنكي على مستوى التداول أمس.
واستنكر أبل الوضع في سوق الكويت للأوراق المالية واعتبره غريبا ومفاجئا خاصة في ظل وفرة العرض بأسعار منخفضة جدا مقابل شح في الطلب، لافتا إلى أن هذا يعتبر مؤشرا خطيرا جدا.
وأكد على ضرورة التدخل لمنح استقرار السوق وانتشاله من حالة العشوائية اللامبررة. وتوقع أبل أن يكون هناك تلاعب داخل السوق تحركه أيد خفية مما نتج عنه هذا الخلل غير مرغوب في الوقت الراهن. وتوقع أن تنقشع موجة الغبار التي سيطرت على السوق في بداية الأسبوع القادم محذرا من أن استمرار التراجع الحاد سيدمر كل الجهود السابقة التي بذلت من أجل تعافي البورصة وعودتها التدريجية إلى سالف عهدها.
ومن منطلق رؤية الخبير الاقتصادي حجاج بو خضور أن المشهد الاقتصادي والأوضاع السياسية الراهنة تعكس أن السبب الحقيقي لتأزم الوضع داخل الكويت ليست الأزمة العالمية وتداعياتها بل في عشوائية القرارات السياسية والاقتصادية لاسيما القرار الأخير لوقف التسويات وإدخال تعديلات جديدة على شروط البيوع المستقبلية.
وأضاف أن الثغرات وغياب التشريعات وعدم المعالجة الصحيحة للأوضاع الاقتصادية المحلية اضافة إلى قصور فهم المشكلة واختيار الوصفة التي لا تتلاءم مع الحالة الكويتية زاد في تعقيد الأزمة واثر بصفة مباشرة على البورصة.
وبين بوخضور أن اكبر إثبات على القصور في الجهاز التنفيذي محليا هو ما حصل على مستوى ميزانية الدولة حيث انخفضت بنسبة 36% في الوقت الذي تحتاج إلى الزيادة في الإنفاق، مشيرا إلى أن هذا القرار لا يعكس حقيقة الوضع الاقتصادي للبلد، مستشهدا بالإمارات التي عمدت إلى زيادة 36% في ميزانيتها وهي أفضل حالا من الكويت واعتبر بوخضور أن هذه المفارقة على مستوى القرارات الاقتصادية قد أثرت بصفة سلبية على ديناميكية السوق.
الاتجاه الخاطئ
وتعليقا على قرار لجنة السوق في وقف التسويات كشف بوخضور أن هذا القرار يؤدي إلى مزيد من الاتجاه الخاطئ في الوقت الذي من المفروض أن يدعم فيه السوق في ظل شح السيولة مشيرا إلى أن مشكلة الكويت تتلخص في اخذ القرارات الخاطئة والتعامل مع المثلث المقلوب بعشوائية ودون تنسيق أو دراسة.
جني أرباح
ومن جهته لخص المحلل المالي علي العنزي أسباب التراجع الحاد الذي شاهدته البورصة في 3 محاور اعتبرها رئيسية لاسيما عوامل اقتصادية عالمية وأخرى خليجية وأخيرا سياسية.
فعلى مستوى العوامل الاقتصادية العالمية أوضح العنزي أن الاسواق العالمية شهدت عمليات جني أرباح كبيرة على مستوى أسواق العالم مشيرا إلى أن الإفصاح الأخير عن ارتفاع نسبة البطالة في الولايات المتحدة الأميركية أدى إلى حالة من التراجع في مستوى التفاؤل إزاء الوضع الاقتصادي العالمي.
وأضاف أن التراجع الذي شهدته أسعار النفط من 74 دولارا إلى 64 دولارا في ظرف أسبوع يعتبر مؤشرا سلبيا يضاف إلى بقية المؤشرات. أما على المستوى الخليجي بين انكشافات بعض البنوك على مجموعة سعد والقصيبي اثر على مستوى التداول في بداية الأسبوع بالنسبة للبورصة السعودية ومن ثم المحلية، لافتا الى أن الوضع المحلي زاد من تفاقمه التجاذب السياسي والأجواء السلبية التي يشهدها المجلس.
وقف التسويات
وأوضح العنزي أن التراجع الحاد يمكن أن يفسر برسالة موجهة من صناع السوق ضد القرارات المجحفة والخاطئة للجنة السوق لاسيما قرار وقف التسويات وعمليات البيوع المستقبلية، مشيرا إلى أن انكشاف البنوك الكويتية يعتبر عاملا مهما ومفسرا لتراجع السوق ولاسيما قطاع البنوك.
واعتبر العنزي أن إعلان «فرانس تليكوم» عن عدم شرائها لحصة «زين» أضفى بظلاله على سهم «زين» وأدى إلى تراجعه بعد أن كان في الأيام السابقة داعما للسوق، لافتا إلى أن كسر السوق لمستوى 8 الاف نقطة بدفعة واحدة أدى إلى خروج سريع من السوق وبالتالي إلى تراجع حاد في عملية البيع والشراء.
ورأى المدير العام لشركة بوبيان للأسماك وعضو مجلس إدارة شركة الصفاة للاستثمار عزام الفليج أن التراجع الحاد في التداول وراءه تأثير بعض المجاميع لإدارة السوق للتبليغ أن القرار المتخذ حول التسويات والتعديلات الخاصة بالبيوع المستقبلية ولاجل غير صحيح واعتبرها رسالة غير مباشرة عن طريق المجاميع لإدارة السوق تعبيرا عن رفضها واستنكارها للخطأ الذي ارتكبته بسن هذا القرار. واستعرض الفليج جملة من الأسباب الأخرى منها نزول الاسواق الأوروبية والآسيوية والخليجية.
وأضاف الفليج أن النزول الحاد كان بإيعاز وتكتيك مضاربي من المجاميع بالضغط على السوق وصغار المتداولين وتوجيه إيحاء لصغار المتداولين وأن السوق في انهيار.
وتوقع الفليج أن يستأنف السوق نشاطه وأن يجرى عليه تعديل في غضون الأيام القليلة القادمة.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )