لايزال خيار الاندماج بين المؤسسات المالية الكويتية، على الرغم من الازمة المالية التي تعانيها، الخيار الصعب الذي تتحاشاه لاسباب تختلف من مؤسسة الى اخرى حسب طبيعتها وهيكل ملكياتها وخصوصية الادارة التنفيذية فيها. وعلى الرغم من اشتداد حدة الازمة المالية والاقتصادية العالمية وانعكاساتها على القطاع المالي المحلي وارتفاع الاصوات المطالبة بضرورة طرح الدمج كحل اساسي لاخراج وحدات القطاع المالي من الازمة، فإن أيا من الشركات لم تحرك ساكنا في هذا الاتجاه الضروري. وجاء الاعلان الاخير للاندماج بين شركة كويت انفست وشركة جيزان والشركة الدولية للتمويل ليحرك مياه الاندماجات الراكدة، وهو وان كان لايزال في البداية فإنه يمثل محاولة حتى وان جاء في اطار مجموعة استثمارية واحدة وخلال العام الحالي لم تتم الا عملية استحواذ كبيرة واحدة تمثلت في اندماج شركة الديرة القابضة مع الشركة الدولية للمشروعات الى جانب ما اعلن عنه من مباحثات اندماج بين بيت الاستثمار الخليجي وشركة الاولى للاستثمار. وكان محافظ بنك الكويت المركزي ورئيس فريق العمل الاقتصادي لمواجهة آثار الازمة المالية العالمية على الاقتصاد الكويتي الشيخ سالم العبدالعزيز قد صرح في نهاية العام الماضي وقت اشتداد الازمة بأن اعادة الهيكلة والدمج بين الشركات يعتبر «خيارا ازدادت ضرورته بفعل تحديات التداعيات الناجمة عن الازمة المالية العالمية وانعكاساتها على قطاع الشركات ليس في الكويت فحسب بل على المستويين الاقليمي والعالمي».
واضاف الشيخ سالم العبدالعزيز ان تداعيات الازمة المالية العالمية شكلت واقعا جديدا يستوجب على الشركات الكويتية العاملة بمختلف القطاعات النظر بجدية الى الفرص الممكنة لها لاعادة هيكلة اوضاعها، بما في ذلك فرص الاندماج مع شركات اخرى في ذات القطاع او في قطاعات اخرى ومع شركات محلية او اجنبية.
والواقع ان دمج الوحدات المالية والمصرفية في الكويت يعد احد التوجهات الرئيسية للبنك المركزي منذ عام 1989 باعتباره الوسيلة الناجحة للتغلب على المشـــكلات والازمات التي تعرض لها الاقتصاد الكويتي وقتها كأزمة المناخ والحرب العراقية ـ الايرانية وجاءت بعد ذلك ازمة الاحتلال العراقي للكويت واخيرا الازمة العالمية وتقف مجموعة من الاسباب وراء ضعف عمليات الدمج والاندماج في الكويت، ابرزها يتعلق بالملاك انفسهم او كبار المساهمين الذين لاتزال نظرة الكثير منهم الى الاندماج سلبية يرون من خلالها فقدان مزايا معينة، كما تعتبر التشريعات والقوانين الحالية عائقا اخر امام عمليات الاندماج، حيث اصبح من الضروري مراجعة بعض التشريعات القائمة وتعديلها واصدار تشريعات جديدة بما يكفل تبسيط وزيادة كفاءة الدمج كأحد الخيارات المجدية لتطوير أداء الكثير من الشركات في مختلف قطاعات الاقتصاد المحلي بوجه عام ومواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية بوجه خاص وتقديم الحوافز التنموية اللازمة لتحقيق ذلك، ومن ابرز تلك التشريعات ما يتعلق باندماج الشركات عن طريق المزج واعادة الهيكلة قبل اللجوء الى التصفية أو الافلاس وكذلك اصدار التشريع المنظم لخصخصة الكثير من الخدمات العامة، ولعل ابرز ما يثير الانتباه في عمليات الاندماج هو نجاح الكثير من المؤسسات، والبنوك المحلية في الاستحواذ الاقليمي وحتى العالمي ومن بينها بنك الكويت الوطني على سبيل المثال الذي استحوذ خلال السنوات الخمس الاخيرة على الحصة الاكبر في ثلاثة بنوك في كل من تركيا ومصر وقطر.