منى الدغيمي
كشف الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور أن السبب في ترهل الاقتصاد الكويتي ليس الأزمة بقدر ما يفسر بعدم تطبيق القوانين والفراغ الكبير في تفعيلها وعدم وجود رقابة فاعلة، وتابع: «إن الأزمة المالية بريئة من تدهور اقتصاد الكويت كبراءة الذئب من دم يوسف ولم تؤثر عليه إلا بنسبة 20%، لافتا إلى أن الكويت في أزمة أكبر من الأزمة المالية العالمية واكبر من أن تكون مادية، وأوضح أن الكويت تأخذ عن كل ما يحدث من أزمات في العالم وتعايشها وتتعاطاها كالذي يستجدي الجلاد لتعذيبه. وقال في حوار شامل مع «الأنباء» ان من أهم الأولويات التي من المفروض أن تتصدر أجندة مجلس الأمة في الدورة القادمة هي معالجة آثار الأزمة المالية وتداعياتها في أبعادها فيما يتعلق بالمسرحين كذلك أوضاع الشركات وهيئة سوق الأوراق المالية وقانون الشركات والسياسة المالية.
ورأى أن الثقافة الاستثمارية في الكويت ذات نزعة إلى الربح السريع، مشيرا إلى أن النظام الاستثماري بشكل عام هو نظام فيه خلل في هيكلته ما يتطلب إعادة الهيكلة من جديد، وأوضح أن السياسة المالية في الكويت غير مفعلة بالشكل المفروض لخلق فرص استثمارية داعيا إلى ضرورة تحريك ديناميكية السوق. وأضاف أن الجهات الرقابية كوزارة التجارة وإدارة البورصة والبنك المركزي وأيضا مدققي الحسابات الخارجية كلهم يشاركون في عيب عدم تفعيل المعايير والقوانين مما جعل التوجه إلى الاستثمارات عالية المخاطر وعدم التمييز بشكل يعطي نوعا من المزج بين الاستثمارات عالية المخاطر وقليلة المخاطر. وعزا بوخضور تذبذب البورصة غير المبرر إلى التداول القائم على المضاربة وليس وفق النتائج التشغيلية للشركات، مشيرا إلى أن المجاميع الاستثمارية هي التي تحرك التداول في السوق وتعمل بالمضاربة مستفيدة من الثغرات التي تنفذ منها بسبب غياب الرقابة عليها، وأشار الى أن عدم تفعيل القوانين يؤدي إلى التذبذب الذي يكون ضحيته صغار المستثمرين. وعن مدى محدودية الإقبال على قانون الاستقرار المالي، أفاد بأن قانون الاستقرار استوجب مجموعة من الاستحقاقات لتنفيذه وكذلك إصلاحات يجب العمل عليها لاسيما تفعيل قانون الشركات من قبل وزارة التجارة وتغيير النظام الذي يتم به تعيين أعضاء مجالس إدارات الشركات التي تتبع نظام مجاميع الشركات المتحكمة بالسوق، وبين بوخضور أن دخول 7 شركات فقط تحت مظلة قانون الاستقرار من مجموع نحو 300 شركة مؤشر محزن وخطير.
وطالب بوخضور بضرورة وجود محاكم اقتصادية للبت في القضايا، مشيرا إلى أن الأمر لن يستغرق وقتا طويلا نظرا لأن التخصصات والكفاءات القانونية موجودة مما يعمل على مساعدة القضاء الكويتي الشامخ، معتبرا إياه ركنا أساسيا لإقامة الدولة. وكشف أن المشكلة التي يعانيها القضاء الكويتي انه محمل بالفساد والقصور الذي تعاني منه جميع المؤسسات والجهات الحكومية.
ومن جهة أخرى أوضح بوخضور أن الأزمة المالية العالمية تمثل فرصة ذهبية للشركات في الكويت وللاقتصاد الكويتي، مستدركا بقوله ان الشركات لم تفكر في هذا الاتجاه بل استمرت في الدخول في المشاريع ذات المخاطر العالية ولم تركز بشكل استراتيجي للاستفادة من هذه الأزمة بشكل صحيح.
وبين انه بعد مرور سنة على الأزمة المالية مازال الاقتصاد الكويتي مثقلا بالمشاكل ولم يتعاف بعد، وعزا ذلك إلى عدم اختيار القاطرات الصحيحة والاتجاه المباشر إلى العلة في حل المشكلة. وعن القطاع النفطي كشف بوخضور انه أصبح من أكثر القطاعات تدنيا للكفاءات مقارنة بالقطاعات الأخرى في الدولة وعزا ذلك إلى أن الهيكل الذي يعمل به قطاع النفط هو هيكل مشوه وغير منظم والسياسة تطغى على المهنية فيه.
وأشار إلى أن تقدير ميزانية الكويت عند مستوى 35 دولارا للبرميل تقدير خاطئ وهو بمثابة طعنة في خاصرة الاقتصاد الكويتي باتخاذ تقديرات واهية بحجة التحوط. ورأى أن لجوء الشركات لمنع الصحافة من حضور عمومياتها هو اعتراف ضمني من قبلها بعدم شفافيتها ومخالفتها للقوانين وخوف من الرأي العام أن يكشفها ويوثق هذه المخالفات.
وأكد على أن الوقت الحاضر بحاجة إلى انتفاضة كبيرة واستنهاض للهمم، مشيرا إلى انه حان الوقت أن تراجع فيه القوانين ويجب أن يكون احد الأهداف تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري وتحقيق الرغبة السامية لصاحب السمو الامير. في ما يلي تفاصيل الحوار:
أشارت مؤسسة «فيتش» في بيانها الأخير إلى أن نحو نصف الائتمان المصرفي موجه لقطاعات ذات مخاطر مثل المتاجرة بالأوراق المالية والعقار وشركات الاستثمار ما تعليقكم على ذلك؟
البيئة الاستثمارية في الكويت تحتاج إلى إعادة هيكلة والسياسية المالية في الكويت بشكل عام غير مفعلة بالشكل المفروض لخلق فرص استثمارية بحيث تكون ذات مخاطر قليلة، وأنا أؤكد هنا انه لابد أن تكون السياسة المالية موجهة لتنويع الاستثمار وتحريك ديناميكية السوق وكما أسلفت انه بسبب تغييب السياسة المالية هو ما يجعل الاستثمار يتجه إلى استثمارات عالية المخاطر.
والسبب الثاني هو أن الثقافة الاستثمارية في الكويت ذات نزعة إلى الربح السريع والسبب الثالث أن النظام الاستثماري بشكل عام هو نظام فيه خلل في هيكلته ما يتطلب إعادة الهيكلة من جديد والسبب الرابع هو أن عدم تفعيل القوانين المنظمة للاستثمار بشكل عام سواء من قبل الجهات الرقابية كوزارة التجارة أو إدارة البورصة أو البنك المركزي وأيضا مدققو الحسابات الخارجية كلهم يشاركون في عيب عدم تفعيل المعايير والقوانين، يجعل التوجه إلى الاستثمارات العالية المخاطر وعدم التمييز بشكل ما يعطي نوعا من المزج بين الاستثمارات عالية المخاطر وقليلة المخاطر.
الإصلاح الاقتصادي
إلى أي مدى كانت مؤسسة «فيتش»محقة بقولها ان المناخ السياسي في الكويت منذ فترة طويلة يؤخر الإصلاحات ويعيق الاستجابة للازمة المالية؟
اتفق مع «فيتش» في هذا الخصوص وهذا الرأي قد نبهت إليه منذ سنوات وهو سبب مباشر بأن المناخ الاستثماري في الكويت يعاني من هذه المشكلة ومن البطء في الاستجابة إلى الإصلاحات الاقتصادية ولذات الأسباب التي سبق وذكرتها فإن الجهات الرقابية غير فاعلة ووزارة التجارة لا تقوم بدورها بتفعيل ولا بتطبيق قانون الشركات وهذا القانون هو في أمس الحاجة إلى التطوير والإصلاحات فهو قانون قديم وليس له هوية متناسقة وإنما هو اجتهادات بين فترات زمنية ليس بينها توافق وتنظم سلسلة من الإجراءات التي من شانها أن تعطي سلاسة في العمل وضمان وخلق بيئة استثمارية جيدة، أما السبب الثاني بما يؤيد هذا الرأي هو يرجع إلى أن الثقافة بشكل عام تدفع مثل هذه البيئة وتغذي هذه البيئة التي فيها بطء للتجاوب للاصلاح الاقتصادي والسبب الثالث هو للأسف أن السياسة المالية مغيبة.
المجاميع الاستثمارية
تراجع مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية نحو 50% عن أعلى مستوى له والمسجل في يونيو 2008 وسجل أكثر من تراجع في الفترة الأخيرة غير مبرر ما تفسيركم لهذا التذبذب المسيطر على البورصة الكويتية؟
ما في شك أن البورصة الكويتية تداولها يرجع إلى أنه تداول قائم على المضاربة وليس وفق النتائج التشغيلية للشركات وليس وفق التقويم الاستثماري على أساس المعايير الصحيحة ويبنى على الوضع الحقيقي للشركات وهو السبب في التذبذب. والمشكلة أيضا تفسر بأن المجاميع الاستثمارية التي تحرك التداول في السوق هي مجاميع تعمل بالمضاربة وأيضا تستفيد من الثغرات التي تنفذ منها بسب غياب الرقابة عليها وعدم تفعيل القوانين يؤدي إلى التذبذب الذي يكون ضحيته صغار المستثمرين والذي يستفيد منها من يتحكم بهذه المجاميع على حساب المستثمرين.
السياسة المالية
كيف تفسرون محدودية الإقبال على قانون الاستقرار المالي وما تقييمكم لهذا القانون؟
قانون الاستقرار المالي ينطوي تحت ما يسمى بالسياسية المالية والقانون في الأزمات دائما هو الذي يقود الإصلاحات ومن يقود العلاج من الأزمة هو السياسة المالية لكن في الكويت للأسف الذي تم هو أن السياسة النقدية اعتقد أنها القاطرة الرئيسية التي تقود الاقتصاد للخروج من هذه الأزمة وهذا ليس صحيحا حيث انه يجب أن تكون القاطرة الرئيسية السياسات المالية التي يجب اتخاذها هذا من ناحية ومن ناحية أخرى هي أن قانون الاستقرار المالي استوجب مجموعة من الاستحقاقات لتنفيذه وكذلك إصلاحات يجب العمل عليها وهو تفعيل قانون الشركات من قبل وزارة التجارة وتغيير النظام الذي به يتم تعيين أعضاء مجالس إدارات الشركات التي تتبع نظام مجاميع الشركات التي تتحكم بالسوق وهذا التعيين لأعضاء مجالس الإدارة هو تعيين يقوم على تحكم المجموعة بنسبة بسيطة وبتحكمها تستطيع أن تستحوذ على هذه الشركات التابعة التي تستثمر فيها بنسب بسيطة وليس بنسب الأغلبية وليس هناك تمثيل لمجالس الإدارات يعكس التوازن بين أعضاء مجلس الشركات التابعة لهذه المجموعة، والسبب الثالث يرجع إلى أن هناك خروقات كثيرة للرقابة وللشفافية في التداول في سوق الأوراق المالية مما يستوجب تنظيم سوق الأوراق المالية والذي يجب اتخاذه كذلك هو تقييم الشركات. واشدد هنا أن عملية التقييم يجب ألا تستغرق الاسبوعين أو الثلاثة على الأكثر ثم فيما بعد تتم دراسة هيكلة الشركات عن طريق عملية الدمج فيما بينها ومن ثم تقديم برامج ذات خطط لتعمل بها الشركات حتى تحصل على الدعم والرافعة المالية والتمويل الذي تستطيع به أن تنفذ التصور الجديدة والخطط الجديدة التي ستعمل بها الشركات في نشاطها التجاري والاستثماري هذا للأسف كله لن يتحقق وبسبب هذا الجمود في تفعيل القانون هو انه فقط 7 شركات من مجموع تقريبا 300 شركة تقدمت للاستفادة من قانون الاستقرار المالي وهذا يمثل دليلا قاطعا ومؤشرا محزنا وخطيرا جدا أن يتقدم فقط 7 شركات ويفسر بأمرين إما أن الشركات التي تعمل في الكويت هي شركات وهمية غير منظمة وشركات لا تتمتع بإدارة جيدة.أو أن قانون الاستقرار المالي قانون خيالي وليس له طريق للتطبيق على ارض الواقع، وأنا أرجح الرأي الأول وهو أن معظم الشركات غير منظمة وإداراتها تعاني من خلل، وأؤكد على أن يكون دور الوزارة فاعلا، وأنا أقول في هذا الإطار ان السبب في الترهل الاقتصادي ليس الأزمة بقدر ما هو يفسر بعدم تطبيق القوانين وفراغ كبير في تفعيل القوانين وعدم وجود رقابة فاعلة وهنا أقول ان الأزمة المالية بريئة من تدهور اقتصادنا كبراءة الذئب من دم يوسف.
قانون الاستقرار
ما أهم التعديلات التي من الممكن إدخالها على نص قانون الاستقرار المالي وما تقييمكم لهذا القانون؟
المشكلة ليست في قانون الاستقرار المالي فالعلة هي في قانون الشركات هنا يجب أن يكون التعديل والتفعيل للقوانين اذا كان حقا النواب حريصين على أمن الاقتصاد على مجلس الأمة أن يركز على تشديد إنشاء هيئة سوق مال وتغيير المناخ الاستثماري بشكل عام بالكويت وتحسينه هذا هو ما يجب أن يركزوا عليه لكن بخصوص قانون الاستقرار المالي مهما أضفنا أو عدلنا منه فنحن لم نحصد منه شيئا إلى حتى الآن فقط 7 شركات دخلت تحت مظلة القانون هذه أصفها بالمأساة أن يكون فقط 7 شركات بعد 7 شهور الذي كان يفترض انه في ظل شهر واحد على الأقل 70% من عدد الشركات قد تبنت القانون، على الأقل 200 شركة أما أن تكون 7 شركات فهذه الطامة الكبرى، فأنا أدعو أعضاء مجلس الأمة أن يكونوا واقعيين ويأتوا على لب المشكلة التي فيها فعلا معالجة أسباب الأزمة والتي سبق وذكرتها.
أولويات المجلس
الأوليات التي من المفروض أن تكون موجودة على أجندة «المجلس» في دورته المقبلة ولماذا؟
الأوليات هي معالجة آثار الأزمة المالية وتداعياتها في أبعادها فيما يتعلق بالمسرحين كذلك أوضاع الشركات وهيئة سوق الأوراق المالية وقانون الشركات والسياسة المالية هذه القضايا يجب أن تتصدر أي قضايا أخرى بالجلسة القادمة وهذا يتطلب بداية تفعيل السياسة المالية وتحريك معظم المشاريع المستحقة وأيضا دراسة المشاريع المستقبلية المطلوب إقامتها فنحن نتكلم عن ميزانية تتعلق بالتنمية لا تقل عن 100 مليار دولار للفترة المقبلة وما نريده من المجلس مناقشة المشاريع المستحقة حتى يتم تفعيل السياسة المالية وحتى كذلك يتم الاستفادة من الدورة الاقتصادية بانخفاض تكاليف هذه المشاريع بسب الأزمة المالية العالمية فان هذا النقاش سيوفر على الكويت تقريبا 50% من تكلفة هذه المشاريع التي تم تأجيلها وفي نفس السياق مناقشة أسباب المالية وتداعياتها ومراجعة قانون الشركات والحرص على تفعيل القوانين واستحداث آليات جديدة لتفعيل هذه القوانين بما يعطي الفعالية والكفاءة العالية هذه يجب التحرك فيها بشكل سريع جدا، ونأمل أن يكون السقف الزمني لها لا يتجاوز الشهرين في إتمامها على أقصى الافتراضات وحتى تخرج الكويت من هذه الكبوة ومن هذه السقطة التي مازالت تنزل فيها دركا دركا وهذا ما أراه لإنقاذ الكويت ويجب التركيز عليه.
محاكم اقتصادية
سبق أن طالبت بإنشاء محاكم اقتصادية متخصصة فهل هذا فعلا من شأنه أن يقضي على الفساد في الشركات والمؤسسات؟
المشكلة أن القضاء في الكويت يعاني نتائج عدم التعاون بين السلطتين والنتائج التي تأتي بسبب تداعيات الكفاءات في السلطة التنفيذية وأيضا عدم تعاون التشريعية معها كل هذه الموجات من المشاكل توجه إلى القضاء وتلقى العدالة والموضوعية في البت فيها، فكان لابد تقوية هذا الجسد الشامخ بإنشاء التخصصات التي تواكب طبيعة الجرائم التي تستحدث كالجرائم الاقتصادية بسبب عدم وجود هيئة سوق مال وعدم وجود رقابة ومعالجات استباقية وقائية وأيضا بسبب البيئة الاستثمارية والقيم التي يتم غرسها في هذه البيئة كان من متنامي التجاوزات والأخطاء والجرائم فكان لابد من وجود محاكم اقتصادية للبت في هذه القضايا وألا تأخذ الطريق العادي مع القضايا الأخرى لأنها تعرقل بكمها الكبير المتنامي على القضايا الأخرى هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تأخر البت فيها وإصدار الحكم فيها يعطي إشارة قوية «من أمن العقوبة ساء الأدب» وهذا سيزيد أكثر من المشاكل فكان لابد أن يكون هناك محاكم اقتصادية وهذا الأمر أيضا لن يستغرق وقتا طويلا نظرا لأن التخصصات موجودة والكفاءات القانونية موجودة فيكون ذلك من الأمور التي تساعد القضاء الكويتي الشامخ في فـــعاليته التي هو ركن أساسي لإقامة الدولة.
فرصة ذهبية
هل تعتقد أن الأزمة قد خدمت شركات في الكويت على غرار شركات في المنطقة وفي العالم؟
الأصل من هذه الأزمة أنها فرصة ذهبية للشركات في الكويت وللاقتصاد الكويتي لان معظم الاقتصاد الكويتي وكياناته الاقتصادية من شركات مستوردة للسلع والخدمات ووجود هذه الأزمة تسبب في انخفاض تكاليف هذه السلع والخدمات التي تنتجها وإنما تنتجها الدول التي نشأت فيها الأزمة فكان على هذه الشركات والاقتصاد الكويتي أن يستفيد من هذه الأزمة وأن يجد منها فرصة ذهبية له يستفيد منها من خلال التوجه السليم بإقامة كل المشاريع المستحقة وأيضا الاتفاق على المشاريع المستقبلية فيها بظروف هذه الأزمة لكن للأسف لا الاقتصاد الكويتي يفكر ولا القائمون على السياسة المالية يفكرون في هذا الاتجاه ولا الشركات أيضا تفكر في هذا الاتجاه بل استمرت في الدخول في المشاريع ذات المخاطر العالية وعدم التركيز بشكل استراتيجي للاستفادة من هذه الأزمة بشكل صحيح باستثناء قليل من الشركات التي تريد أن تنفذ وتستفيد من هذه الأزمة من خلال الثغرات التي تخترق القوانين والاستفادة من الفساد.
الكويت في أزمة اكبر من الأزمـــة المالية العالمية، فلأزمة محســـوسة ومادية لكــــن نحن في أزمة اكبر من تكون مادية نـــحن نأخذ كل ما يحدث من أزمات في العــالم نتعايشها
ونتــــعاطاها بنوع كالذي يستجدي الجلاد لتعذيبه.
غير مبشر
ما تقييمكم للوضع الاقتصادي الراهن بعد مرور أكثر من سنة على الأزمة المالية العالمية؟
وضع اقتصادي لا يبشر ومحزن وأن تكون الكويت عليه فالكويت لا تستحق فعلا ما يحدث من قبل الجميع بأن تكون عليه بهذا الأداء وهذا الاتجاه فالوضع لا يبشر بالخير فالاستثمارات الخارجية تعاني من مشاكل كثيرة حيث ان الرقابة عليها ضعيفة والمشاريع الداخلية أيضا معطلة ومهمشة ولا يتم تنفيذها بكفاءة جيدة والسياسة المالية مغيبة والبيئة الاستثمارية طاردة ومسممة والكل يعيد إنتاج السيئ في هذا الاقتصاد على أن يقوم بإنتاج الجيد ويقضي على الفساد. للأسف الوضع الاقتصادي لا يبشر لأننا لا نختار القاطرات الصحيحة ولا نتخذ الاتجاه الصحيح ونخرج عن السكة التي من الممكن أن توصلنا إلى المحطة التالية نحن لا نتجه إلى العلة في حل المشكلة وإنما نخرج بعيدا عن العلة ونضيف عليها ثقلا ومشاكل على أن نحاول أن نحلها، نحن أصبحنا ندمن المشاكل وندمن الأزمات وبالتالي لا أرى في هذا الاقتصاد بالشكل الذي نسير فيه أي بادرة خير للأسف، وأنا لست متشائما بقدر ما أوضح الصورة لعل أن تكون هناك انتفاضة حقيقية ونحن في الوقت الحاضر بحاجة إلى انتفاضة كبيرة.
القطاع النفطي
يتردد أن هناك فسادا في القطاع النفطي وتجميد للمشاريع النفطية داخل الكويت مقارنة بدول أخرى كيف ترى ذلك؟
القطاع النفطي كان ينظر له على انه من أفضل القطاعات في الدولة، كان يشترط لتعيين الكفاءات مهنية عالية وهو متشدد في اختيار الكفاءات لما في طبيعة هذا القطاع من حساسية وأيضا مهنية عالية ولكن هذا القطاع أصبح من أكثر القطاعات تدنيا للكفاءات مقارنة بالقطاعات الأخرى في الدولة والسبب يعود إلى أن الهيكل الذي يعمل به قطاع النفط هو هيكل مشوه وغير منظم والسياسة تطغى على المهنية فيه وكذلك المحسوبية والازدواجية في العمل وتضارب المصالح والتعويم للمسؤوليات كل هذه أصفها بأمراض إدارية نتيجة لذلك فلن يكون هناك نمو في هذا القطاع بل فساد لأنه قد يخلق فرصا من الفساد كثيرة جدا فإذا ما توافرت الدوافع فانه ما من شك في أن هذا الفساد وجرائم الاختلاسات والتجاوزات ستكون كثيرة. وأشير كذلك الى أن هذا القطاع لا يتمتع باستقرار نتيجة كل ما سبق ان ذكرت من ملامح وهذا وضع خطير جدا يستوجب التركيز عليه في الفترة المقبلة.
سعر 50 دولاراً
لماذا تم تقدير الميزانية على أساس 35 دولارا؟ وهل تعتقد أن هذا القرار تحوطي وصائب ويخدم الاقتصاد المحلي؟
هذا التقدير هو تقدير واضح لعدم تفعيل السياسة المالية ولعدم فهم الأزمة المالية وتقدير واضح للغوص في المشاكل أكثر وهو سينتج عنه عرقلة التنمية.
النفط معلوم أنه سيكون خلال العام الحالي في حدود 70 دولارا للبرميل أو 60 دولارا بأداء متوسط كان على الحكومة أن تأخذ سعر 50 دولارا للبرميل وفق هذا التقدير تتحدد الإيرادات ووفق الإيرادات يتم تحديد الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري والتشغيلي بشكل عام والتنموي ويتم على أساسه اعتماد خطط وبرامج وفي ذلك يكون تفعيل للسياسة المالية وتكون السياسة المالية واقعية وبذلك تخرج الكويت من عنق الأزمة وستكون الأوضاع الاقتصادية بالكويت أفضل بكثير مما هي عليه بالتأكيد هذا التقدير الخاطئ هو بمثابة طعنة في خاصرة الاقتصاد الكويتي باتخاذ تقديرات واهية بحجة التحوط والتحفظ فان ذلك فيه عدم حكمة وعدم حصافة.
عملة واحدة
ما الفوائد التي ستعود على دول الخليج إذا وحدت العملة النقدية فيما بينها؟
التكامل الاقتصادي يتطلب أن تكون هناك عملة واحدة أو نظام نقدي واحد ينظم العمل الاقتصادي الموحد ودول الخليج كمنظومة اقتصادية، لتستكمل هذا التكامل الاقتصادي كان لابد أن يكون هناك نظام نقدي واحد يجمع هذه الدول وينظم السياسات النقدية فيما بينها من مخرجات هذا النظام النقدي أن يكون هناك عملة نقدية واحدة وذلك لجني فوائد كثيرة أولا سيكون هناك تقليل لفوائد عملات الصرف ووقف التكاليف في صرف العملات، ثانيا من الفوائد أيضا منح قوة تفاوضية لدول الخليج بالنسبة للواردات وباعتبار أن دول الخليج كلها دول مستوردة بالدرجة الأولى للسلع والخدمات وهذه العملة الواحدة تعطي قوة تفاوضية في الحصول على أسعار أفضل لتكاليف هذه الواردات وأيضا قوة تفاوضية أفضل بالنسبة للصادرات الخليجية والتي أهمها النفط، هذا من ناحية، من ناحية ثانية أن الاقتصاد العالمي بشكل عام يتجه إلى الأقلمة والمنطقة وبالتالي لن يكون هناك كما هو قائم النظام الحالي النقدي العالمي وهو هناك عملة احتياط واحدة وهي الدولار بل سيكون هناك نظام عدة عملات والآن موجودة منطقة اليورو وستكون هناك منطقة دول شرق آسيا ومنطقة الروبل ومنطقة جنوب أميركا وبالتالي يجب الاستعداد ومواكبة هذا التحول في الاقتصاد العالمي الذي سيكون احد استحقاقات هذه الأزمة المالية في السنوات القادمة وبالتالي الإسراع والتوجه إلى مثل هذا النظام بالتأكيد سيحقق كل هذه الفوائد وتكون بذلك دول الخليج في موقع اقتصادي مشارك على أن تكون في موقع اقتصادي غير فاعل.
سلة العملات
فكت الكويت ارتباط عملتها بالدولار وربطتها بسلة من العملات فهل ترى ان هذا الاختيار صائب؟
الكويت اختارت نظاما نقديا فيه من الحكمة والبصيرة في ربط عملتها بسلة عملات عندما انطلقت في بداية الستينيات بهذا النظام وظلت عليه تقريبا حتى 2004 وفيما بعد تحولت من نظام سلة العملات إلى الدولار وعملت به كنوع من التجربة وأيضا لإعطاء ذلك التعاون في اتجاه العملة الموحدة مع دول الخليج وحتى يكون التنسيق سهلا مع دول الخليج وتحولها إلى نظام الدولار اثبت للكويت يقينا واثبت لدول الخليج أن النظام الأفضل هو نظام سلة العملات ليس نظام الدولار لأنه يتسبب في ارتفاع التكاليف في الواردات وأيضا يزيد من التضخم وفيه من المشاكل الاقتصادية أكثر من انه لو كان هناك نظام في سلة عملات وبالتالي هذه التجربة وهذا الإجراء أعطى التمهيد للتحول إلى سلات عملات.
صنف المركز المالي الخارجي لدولة الكويت احد أقوى المراكز من بين الدول التي تصنفها «فيتش» هل تعتقدون أن الكويت قادرة فعلا على هذه المرتبة في ظل الوضع الراهن؟
بالشكل الذي نسير عليه لا اعتقد. الكويت في فترة السبعينيات والثمانينيات كانت تعتبر من أفضل الدول وفي مقدمتها كثير من التصنيفات العالمية لأنه كان هناك تفعيل للسياسة المالية وكان هناك تعاون بين السلطتين وكان هناك تعاط مع المعطيات الاقتصادية بشكل أفضل وتشجيع للتنمية.
ديناميكية السوق
جمدت الحكومة معظم المشاريع التنموية في بداية الأزمة ما تقييمكم لهذا التوجه؟
الحكومة اتخذت الاتجاه الخاطئ لتغوص في المزيد من الأزمة وخلقت من لا أزمة، أزمة حيث ان كل الدول اتجهت بزيادة الإنفاق الاستثماري والتنموي حتى تعمل رافعة تمويلية وتحرك ديناميكية السوق ويكون هناك نتائج تشغيلية للشركات ومحفزات لها بزيادة ضخ الإنفاق وتعميم هذه الأموال من الضرائب ومن الاحتياطات في الوقت الذي تتجه فيه الكويت اتجاها مخالفا ومعاكسا فهذه الوصفة التي سارت عليها الكويت وضعتها في أزمة مالية فالأزمة في تداعياتها لم تؤثر على الكويت سوى بنسبة أقصاها 20% والبقية بسبب السياسات الخاطئة التي تعاطت بها الكويت مع الأزمة لاسيما بوقف المشاريع التنموية والإنفاق التنموي والاستهلاكي ووضع الميزانية على تقديرات 35 دولارا للبرميل وعدم معالجة المشاكل الاقتصادية بأنظمة سليمة صحيحة، هذا ما يؤكد فعلا أن الكويت اتبعت وصفة خاطئة في معالجة الأزمة المالية.
الرغبة السامية
هل ان تمسك صاحب السمو الامير برغبته السامية في تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري يعتبر دافعا وحافزا للاقتصاديين لتعديل من التشريعات التي تعرقل التنمية؟
صاحب السمو الامير وضع العنوان الصحيح والمناسب ولخص المهمة والتوجه الذي تستحقه الكويت ويتناسب مع إمكانياتها ومقوماتها وموقعها الجغرافي بهذه الرغبة السامية بتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري. صاحب السمو الامير قام بدوره على أكمل وجه ووضع البوصلة على الاتجاه الصحيح بهذه الرغبة السامية لكن الرغبة السامية لها استحقاقات وهذه الاستحقاقات منوطة بتطوير القوانين فلا يجب أن نعمل بقوانين تخالف هذه الرغبة السامية كان علينا أن نأتي إلى كل القوانين الاقتصادية وذات العلاقة ونجعل احد أهداف تلك القوانين هذه الرغبة.فيجب أن نعيد قراءة هذه القوانين فكل قانون له هدف وكل عمل له أهداف.فحان الوقت أن نراجع هذه القوانين ونجعل احد الأهداف تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري فتساق النصوص وتتواءم وتتناسق فيما بينها بشكل مسلسل سلس في اتجاه هذه الرغبة، وأنا أرى انه لا وجود لأي مانع من تحقيق هذه الرغبة بوجود فريق يفكر ويفعل تجلس معه الحكومة وتبدأ بقراءة كل القوانين حتى تنساق في اتجاه تحقيق الرغبة السامية لصاحب السمو الامير التي هي الوصفة السليمة وذلك التلخيص الرائع الذي وضعه صاحب السمو الامير للسلطتين وللفعاليات الاقتصادية أن يعملوا باتجاهها وهو ذلك الحبل المتين الذي على الكل أن يتمسك به ويسير باتجاه هذه الرغبة السامية لكن للأسف التفاعل مع هذه الرغبة السامية من السلطات تفاعل غير مسؤول وأدعوا بدوري الى استنهاض هذه الهمم في هذا الاتجاه ولا أرى في ذلك مشكلة بتكوين فرص عمل تعمل على إعادة صياغة التشريعات الاقتصادية.
يجب على الحكومة ألا تنتظر من المجلس أن يقوم بهذا الأمر بل عليها أن تراجع هذه القوانين لاسيما قانون الشركات قانون المستثمر الأجنبي وكل التنظيمات الموجودة يجب مراجعتها مادام أن الهدف أصبح معلوم فعلينا بالمهمة المطلوبة نجعل هذه القوانين تنساق في نصوصها إلى ذلك الهدف.
بماذا تفسر رفض الشركات حضور الصحافة لجمعياتها العمومية في الآونة الأخيرة؟
الشركات التي تمنع وجود الصحافة هي شركات فيها من المخالفات القانونية وهي لا تريد أن تكشف هذه المخالفات على الملأ ولا تريد أن تعرض أعمالها بكل شفافية على المساهمين. والمساهمون بدورهم ينتظرون سنة كاملة للاطلاع على مجريات هذه الشركات من خلال النقاش الموضوعي والاستفسارات التي يطرحها المساهمون الحاضرون والتي بدورها ستساهم الصحافة بنشرها ووصولها إلى اكبر شريحة من المساهمين، وأنا رأى أن لجوء الشركات لمنع الصحافة من الحضور هو اعتراف ضمني من قبلها بعدم شفافيتها ومخالفتها للقوانين وخوفا من الرأي العام ان يكشفها ويوثق هذه المخالفات، وألوم هنا وزارة التجارة واعتبرها مشاركة لأنها لا توثق هذه المخلفات ولا تتعامل معها.كذلك اختراق الشركات للقوانين وغياب الرقابة من قبل التجارة جعل الشركات تتجاوز السلطة الرابعة المتمثلة في الصحافة. وهنا على وزارة التجارة إذا كانت فعلا حريصة على تحقيق الشفافية عليها أن تسمح للصحافة بالحضور لاسيما أن الجمعيات العمومية تعقد اغلبها في عقر مقر وزارة التجارة والصحافة لها دور هام في الإصلاح فهي تحضر جلسات مجلس الأمة والمؤتمرات الكبرى فكيف لا يسمح لها بحضور جمعية عمومية وفي عقر دار وزارة التجارة؟ أنا اعتقد أن وزارة التجارة مشاركة بهذه الجريمة لسماحها بمنع الصحافة من الحضور في الجمعيات العمومية.
أكد بوخضور على ضرورة محاربة الفساد في الكويت ونشر ثقافة الإصلاح، مشددا على ضرورة تصدي مجلس الأمة والحكومة لكل التجاوزات غير المسؤولة.
وقال: «ما يخيفني في الفساد في الكويت الآن هو أن هناك تحركا لإسكات الضمائر» وأضاف انه بسبب الفشل في مكافحة الفساد يلجـــأ القياديون والمسؤولون في الشركات بإيعـــاز من المفسدين وأصحاب المصالح الفاسدة لإسكات الضمائر ونشر ثقافة «لا إصلاح» وحياكة المكائــد لمن يصر على الإصلاح، مشيـــرا إلى أن هــذا التوجه يجب على الحكومة ومجلــس الأمــة محاربته.
وتابع «أنا حذرت مــن قبل وأول من حذر عن وقوع الاختلاسات في الاستثمارات الخارجية وأيضا الاستثمارات النفطية وقضية الناقلات. وأنا أول من رفع الراية قبل 20 سنة».
وحذر بو خضور من الفساد، لافتا إلى انه سيقضي على كل أمل في الإصلاح، وقال: «هذا التوجه الجديد لهؤلاء المسؤولين أكثر من الفساد نفسه عندما يتم قتل وتهديد الضمائر ومنعها من الإبلاغ عن وقائع الفساد وشبهات التجاوزات من خلال اتهامهم بالاستيلاء على المستندات أو إفشاء أسرار العمل، هذه الحيلة القذرة غير المسؤولة يجب التنبيه لها حتى لا تنتشر ويجب وقفها وتجريم هذا التصرف من هؤلاء المسؤولين».
وشدد بوخضور على تشجيع الضمائر الحية ودحض التصرفات الدنيئة، وأضاف: «أنبه بصــوت قوي كما نبهت قبل ذلك ان التجاوزات والفســـاد الذي وقع في الكويت وأستنهض الجميـــع في السلطة التشريعية والتنفيذية إلى مثل ذلك».
وأوضح بوخضور أن الجريمة تتطور مؤكدا على ضرورة تطور مكافحتها بالتوازي. ولفت إلى أن الجريمة في الكويت تتطور بفنون كثيرة في ظل غياب هيكل أو جهة تساعد على مكافحتها، مؤكدا على ضرورة إنشاء محاكم اقتصادية متخصصة لمواجهة ذلك التطور في الجرائم.