عمر راشد
صرح المستشار والمحاضر المتخصص في علم الرياضيات وادارة المخاطر وفي نماذج «التمويل الكمي» على مدى 22 عاما بول ولموت بأن الارقام والمبالغ المتداولة في قطاع المشتقات المالية عالميا وصلت إلى حدود خيالية وبلغت 1.2 كوادريليون دولار (وهو الرقم واحد و15 صفرا)، في حين أن حجم الاقتصاد العالمي يقف عند ما يقارب الـ 50 تريليون دولار، معتبرا أنه سبب من الأسباب التي أدخلت العالم في أزمة مالية حقيقية وأخرجت عمليات التداول والتمويل عن السيطرة.
كلام ولموت جاء في الندوة التي نظمها مركز الدراسات الاستثمارية والخدمات المالية التابع لاتحاد الشركات الاستثمارية حول «إدارة المخاطر والمشتقات» بالتعاون مع مؤسسة «سفن سيتي ليرنينغ» اللندنية أول من أمس والتي حضرها العديد من المتخصصين في القطاع المالي في إطار جهود الاتحاد لإقامة الندوات الخاصة بإدارة المخاطر وكيفية التعامل في الأدوات المالية.
ورأى ولموت ان نماذج التمويل الكمي تزداد تطورا، وهي تأخذ على عاتقها يوما بعد يوم مسؤولية استثمارات أكبر وأكبر. كما بين ان نقص التجربة العملية للتمويل الكمي بخبرات العالم الحقيقي والايمان الاعمى بنماذج الرياضيات هو مزيج خطير جدا، مشيرا الى الكثير من الاخطاء الشائعة التي يستمر «التمويل الكمي» في ارتكابها الى اليوم مظهرا أنها يمكن أن تنعكس عبر استخدام نماذج رياضية بسيطة.
وتحدث المحاضر في الجزء الاول من الندوة عن الازمة المالية الحالية والوجه «الكمي» لتلك الازمة، وعن الوسائل التي يمكن تثقيف الناس من خلالها في مستقبل «ادارة المخاطر» بعد كل ما حدث في الازمة المالية، حيث بدأ الحديث في الجزء الأول بالتحدث عن تجربته الشخصية في العمل في مجال التمويل على مدى 22 عاما وتحديدا في ادارة المخاطر والمشتقات من الناحيتين النظرية والتطبيقية، وقد كان يحذر المختصين في القطاع، وعلى مدى فترة طويلة، من تعقيدات المشتقات المالية ومما يمكن أن تؤدي اليه اذا ما لم يتم السيطرة عليها.
ورأى أن عملية التقييم ليست خطية في علم الاقتصاد خلافا لما يرى البعض، بما معناه أنه في علم الرياضيات في حال اعتبرنا أن سعر التفاحة الواحدة دينار واحد لابد أن يكون سعر 100 تفاحة 100 دينار، الا أن هذه المعادلة تختلف في علم الاقتصاد كثيرا وهي تخضع لشروط العرض والطلب، اذ انه ممكن أن يكون سعر الـ 100 تفاحة 90 دينارا في حال ازداد العرض عن الطلب، كما يمكن أن يصل الى 200 دينار في حال العكس، وهي مسألة تبرز التعارض الكبير بين الرياضيات والاقتصاد، وهو أمر لم يأخذه الكثيرون بعين الاعتبار في الفترة الماضية.
ونبه ولموت إلى أن البيئة الاستثمارية في الكويت بحاجة إلى مزيد من التدريب لمواجهة مخاطر إدارة الأدوات المالية المعقدة والتي على رأسها التعامل في المشتقات المالية، مشيرا الى أن تجاهل مثل تلك الأمور قد يفضي إلى كارثة حقيقية تعاني منها بالدرجة الأولى المصارف المحلية.
وحول رأيه في مدى استفادة الكويت من الأزمة المالية، وتفعيل العمل بمفهوم إدارة المخاطر لديها، أجاب ولموت أن هناك درجة كبيرة من الوعي بأهمية التأهيل والتدريب على العمل بالأدوات المالية ذات المخاطر العالية من جانب مسؤولي الشركات والإدارات التنفيذية، وهو ما يعني اتجاه الشركات لتصحيح أوضاعها في الفترة المقبلة من خلال توطين المفاهيم الخاصة بإدارة المخاطر.
وحول توقعاته لمستقبل الاقتصاد، أشار ولموت إلى أن الحاجة باتت ضرورية وملحة لوضع خطط مستقبلية لإدارة الاقتصاد بشكل فعال، مشيرا الى أن النفط لن يستمر إلى ما لا نهاية، وعلى دول الخليج الاستفادة من مواردها المالية بشكل جيد حفاظا على حقوق الأجيال القادمة.
من جانبه، أكد الأمين العام لاتحاد الشركات الاستثمارية د.رمضان الشراح أن تنظيم المركز لمثل تلك الدورات يأتي في إطار إستراتيجية عمل الاتحاد الرامية إلى زيادة الوعي لدى أعضاء الاتحاد من الشركات الاستثمارية وتكوين جيل استثماري قادر على التعامل مع التحديات الاقتصادية العالمية التي أفرزتها الأزمة المالية.
وأوضح أن ندوة إدارة المخاطر ركزت على أهمية أن يكون المتعاملون في الأدوات المالية، خاصة المشتقات المالية، على علم كامل وخبرة بكيفية التعامل في هذا النوع من الأدوات المالية، مشيرا الى أن التأكيد على هذا الأمر يأتي لطبيعة عمل تلك المشتقات والتي تتميز بالصعوبة والتداخل، الأمر الذي يتطلب عناية وحرصا شديدين في التعامل معها.