-
قانون الاستقرار المالي زاد الضغوط على الشركات وحدّ من قدرة البنوك على التفاوض لهيكلة مديونيات الشركات
-
استحواذ صفقة «زين» على الأضواء وتأثيرها الإيجابي والسلبي على السوق وشح السيولة
-
قانون ضمان الودائع الإنجاز الوحيد وشبه التوقف لخطوط الائتمان سيؤثر على أداء القطاع الخاص في 2010
-
قضية «أجيليتي» المفاجئة تحيي عدم الالتزام بالشفافية من قبل الشركة وتؤثر على السوق
هشام أبوشادي
عام 2009 يمكن وصفه بعام الاحباط على كل القطاعات الاقتصادية، خاصة سوق الكويت للاوراق المالية، فحسب مستويات الاسعار، وليس نسب انخفاض مؤشري السوق، فإن اغلب المتداولين في السوق خسروا ما بين 40 و 60% على الاقل من الاموال التي كانت لديهم في بدايات العام، وذلك نتيجة التذبذب الحاد في الاسعار والمضاربات السريعة مع وتيرة جني الارباح القوية.
فمعروف ان اسواق المال تعكس الواقع الاقتصادي والسياسي، وفي الكويت الوضع السياسي من بداية العام وحتى نهايته غير مريح، فقد كانت هناك استقالة للحكومة ومن ثم اعادة تشكيلها، أعقبها حل مجلس الامة، ومن ثم اجراء انتخابات، ثم استجوابات قدمت ضد رئيس الحكومة وبعض الوزراء في الشهر قبل الاخير من العام الماضي، ونجاح رئيس الحكومة ومن قدم ضدهم استجوابات في الحصول على ثقة البرلمان، ثم جاءت الازمة التي أطلق عليها ازمة الفتنة بين طوائف المجتمع وما تبعها من التهديد باستجواب بعض الوزراء، خاصة وزير الاعلام.
وعلى المستوى الاقتصادي، فإن عام 2009 يعد من أسوأ الاعوام اقتصاديا، بل هو أسوأ من أزمة 1998، ففي حال استثناء قانون الودائع وقانون الاستقرار المالي الذي كأنه لم يكن، فإن الوضع الاقتصادي في الكويت يعتبر الأسوأ بين الدول الخليجية على الرغم من الفوائض المالية المتراكمة والتي آخرها الفائض المالي المحقق في اول ثمانية اشهر من ميزانية عام 2009/2010 والمقدر بنحو 6.4 مليارات دينار.
لذلك كان من الطبيعي ان تعكس البورصة الاوضاع السياسية والاقتصادية المتردية، والتي ولدت اجواء من الاحباط سادت اوساط المتداولين في السوق والمسؤولين في الشركات التي جاهد معظمهم في الوفاء بخدمة ديونهم ودفع رواتب ما تبقى لديهم من موظفين دون أن تدخل الشركات في مشاريع جديدة بسبب الافتقار للفرص الاستثمارية من جهة، ومن جهة اخرى شبه توقف البنوك عن تقديم خطط ائتمانية جديدة للشركات، الامر الذي ضاعف من ازمتها وهو ما سينعكس على مستقبل بعضها خلال العام الحالي.
وللوصول الى صورة واقعية لأداء السوق خلال عام 2009، فإنه سيتم استعراض الأداء لكل ثلاثة أشهر.
الربع الأول
مع بدايات العام 2009، واصل السوق اتجاهه النزولي متأثرا باستمرار تداعيات الازمة العالمية، الامر الذي دفع المؤشر العام للتراجع بوتيرة سريعة مع ضعف حاد في قيمة التداول والتي وصلت لأدنى مستوى لها والبالغ 13 مليون دينار في يوم 20 يناير والذي لم تصل له قيمة التداول منذ شهر مايو 2003، فيما ان المؤشر تراجع دون حاجز الـ 6500 نقطة ليصل الى 6496 نقطة مقارنة بإغلاق نهاية عام 2008 البالغ نحو 7782 نقطة، ما يعني انه خسر نحو 1286 نقطة خلال شهر تقريبا. ولكن عادت اجواء التأزيم السياسي مرة اخرى والذي زادت حدته في أواخر 2008 خاصة مع اقتراب انعقاد القمة العربية في الكويت، والتي كانت وراء تأجيل تقديم الحكومة استقالاتها، قامت الحكومة بتقديم استقالاتها، ومن ثم تم تشكيل حكومة جديدة الا ان اجواء التأزيم استمرت الامر الذي دفع صاحب السمو الأمير لحل مجلس الامة، وبحكم ان السوق تاريخيا يشهد نشاطا في اوقات الازمات السياسية، وحل مجلس الامة، شهد السوق نوعا من النشاط القوي مدعوما بالتحركات التي كان يقوم بها البنك المركزي لاتخاذ اجراءات لانقاذ الوضع الاقتصادي والتي بدأت اولا باتجاه لانشاء صندوق لشراء اصول الشركات المتعثرة والذي دارت حوله اشاعات حول رأسمال الصندوق بانه سيقدر بنحو 5 مليارات دينار، ورغم انه لم يعلن البنك المركزي رسميا او اي جهة عن هذا الصندوق الا انه كان تأثيره ايجابيا على السوق في الوقت الذي كان الاتجاه نحو تأسيس الصندوق ثم مناقشته من قبل البنك المركزي والفريق الذي كان يعمل معه، ولكن ما تم اثارته حول التهديد ان استخدام المال العام لانقاذ اخطاء الشركات سيواجه من قبل مجلس الامة باستجوابات، تسبب في الغاء هذه الفكرة، ومبادلتها بقانون الاستقرار المالي، وخلال هذا الزخم ارتفع المؤشر العام للسوق ليغلق في نهاية الربع الاول من العام الحالي على مستوى 6745 نقطة بانخفاض قدره 1037 نقطة مقارنة باغلاق نهاية عام 2008 البالغ نحو 7782 نقطة، وقبل حل مجلس الامة بفترة وجيزة قامت الحكومة بالموافقة على قانون الاستقرار المالي والذي تم احالته الى اللجنة المالية في مجلس الامة لمناقشته، حيث واجه القانون الكثير من الانتقادات من قبل الاوساط الاقتصادية والمسؤولين في الشركات وايضا اعضاء مجلس الامة الا انه مع حل مجلس الامة تم اقرار قانون الاستقرار المالي في اواخر شهر ابريل بمرسوم اميري ليدخل حيز التنفيذ.
الربع الثاني
مع بدايات الربع الثاني من عام 2009، كانت الصورة العامة في الكويت سياسيا مستقرة واقتصاديا، كان هناك مجموعة من الاجراءات المحفزة للسيولة المالية الامر الذي ولد نوعا من التفاؤل وقد انعكس ذلك على مجريات التداول في السوق التي شهدت جميع مؤشراته مستويات قياسية خاصة في مستوى قيمة التداول حتى ان السوق سجل اعلى ارتفاع للمؤشر السعري في يوم واحد في الخامس من شهر ابريل والذي بلغ نحو 225 نقطة، واستمر الاتجاه الصعودي القوي للسوق مع تزايد قوي في حجم السيولة المالية وصلت لقمتها في السابع من شهر يونيو والتي بلغت نحو 296 مليون دينار في يوم واحد والتي تمثل اعلى قيمة تداول تسجل في يوم واحد خلال عام 2009.
وهناك مجموعة من المحفزات كانت وراء القفزات التي سجلتها البورصة في الربع الثاني خاصة في النصف الاول من الربع الثاني.
اولا: اقرار اللائحة التنفيذية لقانون الاستقرار المالي وصدورها بمرسوم اميري، وعقب ذلك الاقرار اعلان محافظ البنك المركزي ان قانون الاستقرار المالي وحده غير كاف لاخراج البلاد من ازمتها، بل لابد ان يتزامن معه وبشكل سريع إنفاق حكومي قوي على مشاريع التنمية. ورغم الانتقادات الحادة التي وجهت للقانون، الا ان ما أدى الى عدم الاستفادة منه خاصة في الباب الخاص بالتمويل ان الحكومة لم تقم بعمليات انفاق رأسمالي ملموس.
ثانيا: وحرصا من البنك المركزي على تخفيف وطأة الديون على الشركات، وتماشيا مع السياسة العالمية في خفض الفائدة، خاصة مقابل الدولار والتي وصلت الى الصفر تقريبا، خفض البنك المركزي سعر الخصم على الدينار بمقدار ربع نقطة لتصل الى 3.5% ورغم ذلك فإن الاوساط الاستثمارية والاقتصادية رأت ان نسبة خفض الفائدة غير كافية، وان سعر الخصم لايزال مرتفعا.
ثالثا: النتائج المالية للشركات لعام 2008 رغم انها جاءت محملة بخسائر كبيرة لأغلب الشركات، الا انها كانت مقبولة لدى الاوساط الاستثمارية، ومع منتصف الربع الثاني انتهت الشركات من اعلان نتائجها لفترة الربع الاول من عام 2009، والتي كانت مؤشرا لقياس الاداء العام للشركات خلال العام كله، كما انها بددت حالة الضبابية حول الشركات، خاصة ما كان يتردد حول افلاسات بعض الشركات، كما ان المؤشر العام قد وصل الى حاجز الـ 8000 نقطة، الامر الذي زاد من حجم السيولة المالية التي سيطرت عليها عمليات المضاربة القوية.
رابعا: ساعد في انتعاش السوق ايضا ارتفاع اسعار النفط الى 60 دولارا بعد ان وصلت الى 36 دولارا، علما ان الميزانية العامة للدولة قائمة على سعر 35 دولارا. ورغم الارتفاع الملحوظ لأسعار النفط في تلك الفترة، الا انه لم يكن له تأثير على نفسية اوساط المتداولين، خاصة ان اسعار النفط حاليا وصلت لأكثر من 70 دولارا، ومع ذلك السوق لم يعرها أي اهتمام نظرا لوجود ضغوط سلبية قوية.
خامسا: رغم ظروف الازمة، الا ان مبادرة البنك الوطني اعتزامه شراء حصة البنك التجاري والبالغة 19.5% بنك بوبيان كان لها تأثير ايجابي باعتبار انها اول عملية استحواذ يعلن عنها في الازمة، ولكنها لم تتم بسبب اعلان دار الاستثمار انها قامت برفع قضية ضد البنك التجاري والتي لم يتم حسمها حتى الآن.
وقد واصلت كل مؤشرات السوق الارتفاع ليصل المؤشر السعري في الثالث من يوليو لأعلى مستوى له والبالغ 8371 نقطة مسجلا ارتفاعا بمقدار 589 نقطة مقارنة بإغلاق نهاية عام 2008.
ولكن السوق بدأ في الهدوء والخروج التدريجي للسيولة المالية اعتبارا من النصف الثاني لفترة الربع الثاني من العام 2009 نظرا لاقتراب فترة الانتخابات النيابية والتي سارعت من حدة عمليات جني الارباح القوية وخروج السيولة المالية، خاصة مع اقتراب نهاية الربع الثاني والترقب للنتائج المالية لفترة النصف الاول من العام 2009 ودخول فترة الصيف والتي في العادة ما يشهد فيها السوق ضعفا.
كذلك ما زاد من وتيرة تراجع السوق المعلومات التي انتشرت حول توقف المفاوضات التي كانت تجريها شركة زين لبيع زين افريقيا، الامر الذي أثر بقوة على سهم زين والشركات المرتبطة بها والسوق بشكل عام.
الربع الثالث
مع بدايات الربع الثالث، واصل السوق تذبذبه النزولي استمرارا لعمليات جني الارباح وخروج السيولة المالية وعدم العودة لبناء مراكز مالية جديدة خاصة على اسهم الشركات الرخيصة، خاصة بعد ان زادت الاشاعات حول بعض الشركات الاستثمارية المهددة بالافلاس، وظهور الارقام الفعلية حول مديونية شركات الاستثمار والتي اعلن وقتها البنك المركزي انها تقدر بنحو 5.2 مليارات دينار، وهناك عوامل اثرت سلبا على السوق خاصة في النصف الاول من الربع الثالث وهي:
اولا: سيطرة اجواء التشاؤم حول النتائج المالية للشركات خاصة الشركات الكبيرة في النصف الاول من عام 2009.
ثانيا: الاشاعات التي انتشرت حول انكشاف بعض البنوك على الشركات وما تبعها من أخذ مخصصات كبيرة من قبل البنوك الامر الذي اثر بقوة على النتائج المالية لقطاع البنوك، وقد كان نتيجة ذلك اعلان بعض البنوك عن خسائر، وتراجعا كبيرا في ارباح البنوك الاخرى.
ثالثا: الاشاعات التي انتشرت بقوة حول انكشافات البنوك على مجموعتي سعد والقصيبي والتي دارت حولها معلومات غير مؤكدة بانها تتراوح ما بين مليار و 1.2 مليار دولار، وحتى الآن لم يعلن البنك المركزي بشكل واضح حجم هذه الانكشافات الامر الذي زاد من جرعة الاشاعات تجاه البنوك ما اثر علي عامل الثقة في السوق بشكل عام، الا ان مبادرة بعض البنوك بالاعلان عن عدم انكشافها على مجموعة سعد والقصيبي قلل من حدة تداعيات هذه الازمة على هذه البنوك.
رابعا: مع بدايات شهر اغسطس، بدأ السوق يستعيد بعض الحيوية ولكن بشكل انتقائي ومركز على بعض الاسهم القيادية خاصة سهم زين والشركات المرتبطة بها، وتحديدا جميع الشركات التابعة لمجموعة الخرافي، وهذا يعود الى انتشار معلومات حول قيادة مجموعة الخرافي مفاوضات لبيع 46% من اسهم زين.
وخلال هذه المرحلة انتشرت اشاعات حول الاطراف الراغبة في شراء هذه الحصة الا انها كانت وقودا لنشاط سهم زين والشركات المرتبطة بها ما جعلها تستحوذ على نحو 60% من اجمالي قيمة التداول، كذلك ما زاد من قوة نشاط هذه المجموعة، المعلومات التي كانت تتردد حول ان من يرغب في المشاركة في الصفقة يقوم بتحويل اسهمه الى محفظة مالية لدى الاستثمارات الوطنية الامر الذي حفز من اقبال اوساط المتداولين على شراء السهم الذي كان يتداول بأسعار ما بين دينار و300 فلس الى دينار و400 فلس املا في بيعها بسعر دينارين.
ولكن مع المؤتمر الصحافي الذي عقدته مجموعة الخرافي ومسؤولون في الاستثمارات الوطنية وممثل السفير الهندي وممثل مجموعة فافاسي حسمت الاشاعات حول الصفقة وبدأت ملامحها في الظهور، فخلال هذا المؤتمر تم الاعلان عن ان الاطراف التي ستقوم بالشراء هم ثلاث شركات هندية ومجموعة بخاري الماليزية وان سعر الشراء سيكون دينارين.
وعقب هذا المؤتمر اعلنت الاستثمارات الوطنية ان من يحق له المشاركة في الصفقة من صغار المساهمين هم حملة السهم حتى تاريخ 6/9/2009، الامر الذي أدى الى تراجع ملحوظ في تداولات سهم زين وانخفاض تدريجي في سعره فيما واصلت اسهم الشركات المرتبطة بزين الارتفاع، خاصة سهم الاستثمارات الوطنية الذي ارتفع الى مستوى 740 فلسا اثر المعلومات التي انتشرت حول حصولها على نحو 50 فلسا لكل سهم من اجمالي اسهم الشركة، وهو ما أثار مشكلة مع شركة مجموعة الاوراق المالية التي اعلنت انها مستعدة لشراء حصة الهيئة العامة للاستثمار في زين والبالغة 24%. وقد جاء هذا الاعلان نتيجة زيادة حدة الازمة مع الاستثمارات الوطنية، كما سبق هذا الاعلان قيام الهيئة العامة للاستثمار بالاعلان عن انها مستعدة لبيع حصتها في زين، الامر الذي خلق تداعيات سلبية على صفقة زين، وزاد من هذه التداعيات تصريحات من المسؤولين في الشركات الهندية التي تمتلك فيها الحكومة الهندية حصصا مؤثرة انها ليست طرفا في الصفقة، الامر الذي زاد من التأثير السلبي على سهم زين، خاصة عقب اعلان النتائج المالية للشركة في الربع الثالث والتي سجلت تراجعا كبيرا في الارباح مقارنة بالربع الثاني من عام 2009. وقد انعكس ذلك بالسلب في مجمله على اسعار اسهم الشركات المرتبطة بشركة زين.
ووفقا للمؤتمر الصحافي الذي اعلن فيه عن التحالف الهندي ـ الماليزي لشراء 46% من زين، فإنه قد جاء فيه ان المفاوضات ستستغرق أربعة اشهر للاعلان بعدها عن اتمام الصفقة أو لا، ومن المفترض ان تنتهي هذه الفترة في الاسبوع الاول من الشهر الجاري.
ومع نهاية الربع الثالث، اغلق المؤشر على 7800 نقطة.
الربع الأخير
اتسم النصف الاول من فترة الربع الاخير لعام 2009 ببعض العوامل الايجابية والتي كان من المفترض ان يكون تأثيرها ايجابيا على نفسية المتداولين ومنها:
أولا: وصول اسعار النفط لحاجز 75 دولارا للبرميل.
ثانيا: النتائج المالية الايجابية لبعض الشركات خاصة الارباح القياسية للبنك الوطني لفترة التسعة اشهر.
ثالثا: انجاز الحكومة لخطة التنمية الاقتصادية، ورغم ذلك ظل السوق في حالة ما يشبه الركود، ولكن مع الدخول في فترة النصف الثاني من الربع الاخير بدأ السوق يأخذ منحى نزوليا قويا لأسباب، أولا: حركة التصحيح التي شهدتها اسواق المال العالمية والخليجية والتي أثرت سلبا على السوق الكويتي رغم انه لم يحقق المكاسب التي حققتها هذه الاسواق.
ثانيا: ازمة دبي، والتي كانت مفاجئة للاسواق العالمية والخليجية، فقبل اجازة عيد الاضحى بيوم واحد اعلنت حكومة دبي عن الصعوبات التي تواجهها شركة دبي العالمية وشركتها التابعة النخيل العقارية والصعوبة التي تواجههم في سداد مديونية مستحقة حتى النصف الاول من العام الحالي تقدر بنحو 26 مليار دولار.
ثالثا: تزامن مع ازمة دبي الكشف عن الاتهامات التي وجهت الى شركة اجيليتي بالتحايل والمغالاة في العقود التي حصلت عليها الشركة من الجيش الاميركي والبالغة 8.5 مليار دولار.
فرغم تجاوز السوق لازمة دبي الا انه تأثر بقضية اجيليتي التي أدت لتراجع حاد في سهمها واسهم الشركات المرتبطة بها خاصة في التزام شركة اجيليتي بعدم الشفافية والكشف عن تداعيات هذه القضية حتى الآن، وقد ادى ذلك الى تدهور حاد لمؤشر السوق الذي وصل في آخر شهر نوفمبر الماضي الى حاجز 6650 نقطة.
الا انه مع تجاه استجواب رئيس الحكومة وثلاثة وزراء آخرين في جلسة استجواب تاريخية، استعاد السوق بعض نشاطه بدعم من السيولة المالية التي ضختها الحكومة والتي تزامنت مع تحرك المجاميع الاستثمارية لتصعيد اسهمها في الشهر الاخير من العام، الامر الذي اعطى جرعة جيدة نسبيا للمضاربات ما دفع المؤشر للاغلاق في نهاية عام 2009 على مستوى 7005.3 نقاط بشق الانفس ولكنه متراجع عن اغلاق نهاية عام 2008 بمقدار 777.3 نقطة بانخفاض نسبته 10%. كما اغلق المؤشر الوزني على 385.8 نقطة بانخفاض قدره 21 نقطة مقارنة باغلاق نهاية عام 2008 البالغ 406.7 نقاط بانخفاض نسبته 5.2%. وسجلت القيمة السوقية خسائر قدرها 3.1 مليار دينار لتصل الى 30 مليارا و684 مليون دينار مقارنة بنحو 33 مليارا و798 مليون دينار بانخفاض نسبته 9.2%.
اما على مستوى المتغيرات الثلاثة، فانه في الوقت الذي سجلت فيه كمية الاسهم المتداولة خلال عام 2009 ارتفاعا بنسبة 31.5% تراجعت قيمة التداول بنسبة 38.9% والصفقات بنسبة 2.9%.
فقد بلغت كمية الاسهم المتداولة في عام 2009 نحو 106 مليارات و331 مليونا و721 ألف سهم مقارنة بنحو 80 مليارا و850 مليونا و771 ألف سهم في عام 2008.
كذلك بلغت قيمة الاسهم المتداولة في عام 2009 نحو 21 مليارا و828 مليونا و882 ألف دينار مقارنة بنحو 35 مليارا و747 مليونا و118 ألف دينار في عام 2008، كما بلغت الصفقات المنفذة في عام 2009 نحو مليون و938 ألفا و987 صفقة مقارنة بنحو مليون و997 ألفا و660 صفقة في عام 2008.
تطور أداء السوق في 2010 مرتبط بسرعة تنفيذ مشاريع التنمية
على الرغم من صعوبة التوقعات لأداء سوق الكويت للاوراق المالية في عام 2010، الا انه ما يجب التأكيد عليه هو ان السوق الكويتي تاريخيا لا يخضع لأي معايير كالتي تخضع لها أسواق المال المتقدمة والناضجة، بل ان المحرك الاساسي له سلبا أو ايجابيا الاشاعات كما حدث في عام 2009، ولكن في ظل استمرار الأزمة فإن نفسية المتداولين تجنح وتتأثر بقوة بالاشاعات السلبية أكثر من الاشاعات الايجابية.
وباعتبار ان اسواق المال مرآة عاكسة للواقع السياسي والاقتصادي، فإن السوق الكويتي سيظل خاضعا لتطورات العلاقة بين السلطتين والتي يغلب عليها طابع التوتر المتواصل، الامر الذي يحد من أي انجاز اقتصادي. واستمرار هذا الوضع على الاقل خلال النصف الاول من العام الحالي ستكون تداعياته السلبية على السوق أسوأ من عام 2009 لأسباب، أولا: ان الشركات المدرجة وغير المدرجة جاهزة بشدة للوفاء بخدمة ديونها ورواتب الموظفين لديها في 2009، وبالتالي ستواجه صعوبة شديدة في استمرار خدمة ديونها في 2010.
ثانيا: اغلب الشركات لم تدخل في مشاريع جديدة، وبالتالي خلال عام 2010 لا يتوقع أي ايرادات تشغيلية باستثناء الايرادات التي ستتحقق من بيع اصول لها والتي إما ان تحقق من ورائها ارباحا محدودة أو خسائر كبيرة.
ثالثا: استمرار معاناة الشركات من وطأة ديونها دون أي تحرك حكومي لمساعدتها قد يدفع الى عمليات افلاس بعض الشركات، وفي ظل التشابك في الملكيات والتداخل في المشاريع المشتركة بين الشركات، فإن اعلان أي شركة عن افلاسها سيؤثر على عدد لا بأس به من الشركات سواء المدرجة أو غير المدرجة وبالتبعية البنوك.
رابعا: استمرار البنوك في ربط احزمة تمويل الشركات والمرونة في اعادة جدولة ديونها سيؤثر بشدة على الوضع الاقتصادي الكلي.
خامسا: استمرار الحديث حول مشاريع التنمية دون خطوات فعلية وحازمة وسريعة سيدفع الشركات المعرضة للافلاس للدخول في هذا المستنقع، ويزيد من أزمة القطاع الخاص، والاهم انه سيؤدي الى افتقاد الثقة في قدرة الحكومة، خاصة انها لم تفعل شيئا ملموسا منذ بداية الازمة وحتى الآن.
سادسا: في ظل الفوائض المالية التي تحققت في ثمانية اشهر والبالغة 6.4 مليارات دينار، والتوقعات بأن تصل هذه الفوائض الى ما يقرب العشرة مليارات دينار، فإنه ليس هناك مبرر امام الحكومة لأن تتقاعس في مشاريع التنمية، والا سيكون هناك عدم ثقة فيها، وبالتبعية سينعكس ذلك سلبا على مختلف القطاعات الاقتصادية، وهو ما ستعكسه البورصة ايضا بشكل سلبي.
ملفات يجب إنجازها على وجه السرعة
وحتى يكون الوضع الاقتصادي وبالتبعية البورصة في عام 2010 أفضل من عام 2009، فإن هناك مجموعة من الملفات الاقتصادية يجب إنجازها، وهي:
أولا: حزم الحكومة في تنفيذ مشاريع التنمية على وجه السرعة ووفقا لبرنامج زمني.
ثانيا: تحفيز السياسة المالية للدولة وتنويع القنوات الاستثمارية.
ثالثا: انجاز القوانين الاقتصادية، قانون هيئة سوق المال، قانون التخصيص والبدء في تخصيص بعض القطاعات الحيوية التي تسيطر عليها الدولة، اقرار تعديلات قانون الشركات التجارية.
رابعا: استحداث قوانين حازمة في الرقابة وفك الازدواجية في بعض التشريعات وتطويرها.
خامسا: الالتزام بحوكمة الشركات والتشديد عليها.
سادسا: تنظيم قطاعات السوق، فهناك دراسة خاصة باعادة هيكلة قطاعات السوق الى 12 قطاعا ولم يتم تطبيقها حتى الآن.
سابعا: ادخال تعديلات على قانون الاستقرار المالي من قبل مجلس الامة ليكون اكثر مرونة، خاصة فيما يتعلق باعادة هيكلة ديون الشركات وضوابط الحصول على تمويلات جديدة.
وفي حال انجاز هذه الملفات بشكل سريع فانه يمكن التوقع ان اداء السوق في 2010 قد يكون افضل من عام 2009 الا انه من الضرورة ان تؤخذ في الحسبان العوامل التالية:
اولا: في ظل استمرار معاناة الشركات من الديون، وضعف العوائد المستقبلية، يجب خفض سعر الفائدة خاصة اذا اخذنا في عين الاعتبار ان هناك جزءا كبيرا من الودائع لدى البنوك خاصة الحكومية بتكلفة متواضعة جدا.
ثانيا: خلال الربع الاول من العام الحالي قد يطرأ على اداء البورصة بعض التحسن النسبي خاصة ان ميزانيات البنوك ستكون نظيفة تماما، وبالتالي فان نتائجها في العام 2010 ستكون افضل من عام 2009 الامر الذي سيخلق نوعا من الثقة.
ثالثا: على الرغم من ان المخصصات التي بلغت نحو 1.9 مليار دينار حتى نهاية الاشهر التسعة من العام الماضي والتي يتوقع ان ترتفع مع نهاية عام 2009 اثرت على مجمل ارباح البنوك الا انها تمثل ارباحا استراتيجية للبنوك ما يقوي من مركزها.
رابعا: التفاؤل بان تتمكن دار الاستثمار من انجاز الاتفاق مع دائنيها في الربع الاول من العام الحالي الامر الذي سيؤثر بشكل ايجابي على الشركات التابعة والمرتبطة بها في السوق، خاصة ان نجاح جلوبل اعطى مؤشرات ايجابية في هذا الشأن.
خامسا: انجاز عمليات الاندماج بين بعض الشركات سيكون له تأثير ايجابي على السوق.
سادسا: وفرة السيولة المالية والتي اكدتها مراحل النشاط القوي للسوق في عام 2009 ولكن هذه السيولة تحتاج الى محفزات قوية حتى تتحول بشكل تدريجي من المضاربات العشوائية السريعة الى النهج الاستثماري متوسط وطويل المدى.
سابعا: افضل مراحل السوق يتوقع ان تكون في النصف الثاني من العام الحالي وقد تكون الاسوأ اذا ما استمر الصراع بين الحكومة ومجلس الامة وعدم احراز اي تقدم في مشاريع التنمية الاقتصادية.