تدخلات «المركزي» لإبطاء الإقراض المصرفي وتقليص المضاربات العقارية قلّصت الخطورة على الاقتصاد الوطني
الكويت استفادت بين عامي 2002 و2008 من الناتج المحلي الإجمالي بمعدل نمو سنوي بلغ 25.3%
أي انخفاض مبالغ فيه بأسعار النفط سيكون له تأثير خطير على احتياطيات الكويت النقدية خطة استثمارات لقطاع الصناعات الهيدروكربونية بقيمة 84 مليار دولار ستعزز من الاقتصاد مستقبلياً
محمود فاروق
اطلقت شركة اكسفورد بزنس جروب اصدارها الاقتصادي السنوي حول الأوضاع الاقتصادية بالكويت تحت عنوان «الكويت 2010» حيث تناول بالتحليل الخطوات التي اتخذتها الحكومة للتقليل من اثار الازمة الاقتصادية، ويعد اشمل دليل حول فرص الاستثمار والأعمال في البلاد لما يقوم به من القاء الضوء على المرونة التي تعاملت بها السلطات الحكومية مع الأزمة المالية وتدهور اسعار النفط منذ ذروة الازمة في يوليو 2008 مرورا بمسارعة الحكومة الى ضخ السيولة في الاقتصاد الوطني مما ساعد على امتصاص موجة التباطؤ التي عصفت باقتصادات العالم.
وتضمن التقرير معلومات إرشادية مفصلة وتحليلات معمقة حول مختلف قطاعات الاقتصاد الكويتي مما يجعل التقرير دليلا شاملا للمستثمرين الأجانب، اضافة الى مجموعة واسعة من الاراء والمقابلات مع ابرز رجال الأعمال واهم الشخصيات الاقتصادية والسياسية في الدولة وعلى رأسهم صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد، ولاسيما تناول وجهات نظر شخصيات مهمة حول تطور الاقتصاد الكويتي من بينهم مدير عام الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية عبد الوهاب البدر ونائب المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية «ريتشارد جونز» ومحافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح.
ويتعرض التقرير الى تحليلات مستفيضة لقطاع الصناعات الهيدروكربونية، ويلقي الضوء على توسعها ودخولها الى عقد جديد، في ضوء اقامة عدد من المشاريع الكبرى، حيث يكشف التقرير عن خطة استثمارات القطاع بقيمة 84 مليار دولار والتي بلا شك ستعزز من اقتصاد الدولة، كما يتناول التقرير المشاريع البرية والبحرية المستقبلية في طور التمويل ويستكشف الخطط الموضوعة لقطاع البتروكيماويات والنقل وانشاء مصفاة جديدة للنفط.
وفي الوقت الذي يتصاعد فيه الاهتمام عالميا بمصادر الطاقة البديلة، يستعرض التقرير خطط الدولة لوضع الطاقة النووية على قائمة مصادر الطاقة بها، كما يتناول بالتحليل التقدم الذي احرز بعد خطوة الكويت الهامة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال والخطط الموضوعة للبناء على هذا القرار.
وفي ذات السياق صرح المحرر الاقليمي في اكسفورد بزنس جروب اوليفر كورنوك ان الكويت كانت في وضعية جيدة وفي جاهزية لتجاوز اثار التباطؤ الاقتصادي بفضل الاجراءات الحصيفة التي تبنتها الحكومة واحتياطات الكويت الضخمة من مصادر الطاقة، مضيفا ان المؤشرات تدل بوضوح على ان اقتصاد الكويت في وضع جيد، واعرب عن ثقته بان الكويت ستكون في مقدمة الاقتصادات التي تتجاوز تداعيات الازمة خاصة مع ظهور مؤشرات تعافي الاقتصاد العالمي من حالة الركود التي مر بها.
إجراءات الحكومة
ومن جانبها قالت مدير اكسفورد بزنس جروب الكويت بيتول كاكالوجو ان الدولة استفادت كثيرا من اجراءات الحكومة للاصلاح الاقتصادي التي ساعدت بلا شك على زيادة تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة في اقتصاد البلاد، واشارت الى ان الاجراءات التي تخلق بيئة جيدة للاستثمار والاعمال مثل نظام التعرفة وخفض تكلفة الطاقة تجتذب اهتمام المستثمرين وتحقق نتائج جيدة في هذا المجال.
وحول الدور الفاعل الذي لعبه شركاء «اكسفورد بزنس جروب» في اعداد التقرير افادت كاكالوجو بان خبرتهم ساعدت في ضمان الدقة والتفصيل في توثيق التطور الاقتصادي في الدولة، واضافت ان المعلومات الاقتصادية الدقيقة التي قدمها هؤلاء الشركاء تضمن للتقرير ان يزود المستثمرين المحتملين بكافة المعلومات التي يحتاجونها عند اتخاذ قراراتهم بشان الاستثمار في الكويت.
وجاءت تفاصيل تقرير اكسفورد بزنس جروب الكويت 2010 على النحو التالي:
في البداية استعرض التقرير بداية تأثيرات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الكويتي منذ أكثر من عام حينما غرق الاقتصاد العالمي في حالة من الفوضى، في غضون أيام قليلة حيث شهدت الأسواق تراجعا، وانهارت المؤسسات التاريخية وجاءت في فترة من عدم اليقين والكآبة، وفجأة ظهرت مصطلحات اقتصادية جديدة وبحتة مثل أزمة الائتمان، والديون السامة، والحوافز المالية.
وذكر التقرير أن الأسواق الغربية قد تضررت كثيرا وبلغت إلى درجة الغليان وسلسلة كبيرة من الفقاعات التي على وشك الانفجار.
وتابع التقرير: أنه من المؤكد ان النمو الهائل خلال السنوات القليلة الماضية الذي حدث بالكويت، بني على زيادة اسعار النفط التي ساعدت على غليان السوق إلا أن الكويت أولا وأخيرا في وضع أفضل من معظم الأسواق نظرا لاستخدامها الحصيف للفوائض الضخمة من النفط، مبينا أن الحكومة قامت بتوفير سيولة ضخمة خلال فترة ما قبل الأزمة ليمكن استغلالها في الاقتصاد الوطني في حالة أن يكون على شفا، أو حتى قرب، أو حدوث انهيار فعلي.
وسلط التقرير الضوء على بعض نقاط الضعف في قطاع الخدمات المالية الكويتية الذي اعتبره واحدا من أكثر القطاعات المتطورة والمتكاملة من حيث الخدمات المصرفية والاستثمارية في المنطقة، حيث قامت الحكومة بعدة إجراءات وقائية وجيدة خلال الأزمة من ضخ مليارات الدولارات لدعم السوق، واتخاذ خطوات للضمان ضد أية تداعيات أخرى واردة.
وأشار إلى ان الاقتصاد الكويتي قبل الأزمة المالية العالمية كان في مرحلة نمو متزايد على خلفية ارتفاع أسعار النفط، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل يقدر بـ 6.4% في عام 2008، مما يعكس ارتفاع إنتاج النفط، الذي شهد ارتفاعا من 2.5% في عام 2007، وقد استفادت الكويت بشكل رائع بين عامي 2002 و2008 من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لمعدل النمو السنوي المركب الذي ارتفع من 22.8% إلى 25.3% موضحا أنه في السنة المالية 2008/2009 سجلت الكويت فائضا في الميزانية قدره 2.7 مليار دينار، بنسبة بلغت 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2008، على الرغم من حدوث زيادة كبيرة في الإنفاق ويرجع ذلك أساسا إلى إعادة الرسملة في صندوق المعاشات الحكومي الذي يساوي 10.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض العائدات النفطية.
جوانب سلبية
وحول الجوانب السلبية في النمو الاقتصادي على وجه التحديد، فقد شكل القطاع العقاري فقاعة في البلاد وسوق الأوراق المالية نظرا لارتفاع دخل الفرد ومرونة الائتمان المصرفي الذي قاد المستهلكين الى اقتراض مبالغ كبيرة لشراء العقارات والأوراق المالية، وأصبحت السلطات قلقة من ارتفاع أسعار السكن ونمو الائتمان.
في أوائل عام 2008 إلى أن تدخل بنك الكويت المركزي في محاولة لإبطاء الإقراض المصرفي وتقليص دور المستثمرين في العقارات السكنية وبدور هذه الأعمال تراجعت حدة الخطورة على الاقتصاد الوطني.
وتطرق التقرير إلى أزمة بنك الخليج التي اعتبرت من كبرى أزمات المصارف الكويتية نظرا لاستثماره في المشتقات المالية.
وعلى ذلك تدخلت السلطات المالية بسرعة ورتبت لحقن رأس المال لاسيما من المساهمين وهيئة الاستثمار الكويتية، وقام المركزي بالتحقيق مع جميع البنوك المحلية للتأكد من سلامتها وخلوها من استثمارات المشتقات.
وأضاف التقرير ان الحكومة سعت لتبسيط نهجها في البيئة المالية الجديدة مع الاستقرار المالي في القانون الجديد، الذي من شأنه أن يبشر في الإصلاح وتعزيز ما هو موجود.
وأكد التقرير أن الاقتصاد الكويتي هو أفضل بكثير من العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم للخروج من الأزمة المالية. حيث أظهرت السلطات أنها مستعدة وقادرة على التحرك بسرعة لتحقيق الاستقرار في القطاع المالي. ومع ذلك، فإن أي انخفاض في الأسعار المطردة كالنفط يكون له تأثير خطير. على الرغم من ذلك، فإن الدولة لا تملك احتياطيات ضخمة من الديون المالية على المدى القصير اثر التباطؤ في قطاع البناء وسوق تداول الأوراق المالية ومع ذلك فإن المسؤولية تقع بقوة على السياسة الداخلية.