قال تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي ان مجلس الامة اجاز باجماع اعضائه الحضور نهاية الاسبوع قبل الماضي قانون خطة التنمية الخمسية في مداولته الاولى، ومن المرجح ان تصبح هذه الخطة قانونا بعد المداولة الثانية خلال الاسبوع الجاري وبعد النشر، ويبدو ان الموافقين ينقسمون ما بين مقتنع بالخطة ومقتنع بان اي وضع هو افضل من الوضع الحالي، ونعتقد ان تصويت مجلس الامة كان في الاتجاه الصحيح، وان الحكومة اصبحت ملزمة بالعمل وفقا لرؤية ـ اتفقنا او اختلفنا معها ـ تظل صالحة لقياس اداء الحكومة والحكم عليه، ومع بعض التطوير لوسائل القياس يمكن الارتقاء بمستوى الانجاز الحكومي للخطة نحو الافضل، فبعد اقرار الخطة بقانون زال الخوف من ان يتسبب انتقادها في تعطيلها، اما وقد اقرت، فإننا نذكر انها ليست سوى اطار عام يحتاج انجاز محتواه الى بعض الضوابط.
واوضح التقرير ان اول هذه الضوابط هو عدم الانجراف وراء ضرورة الاسراع بتلزيم اكبر عدد من المشروعات بدعوى تحريك عجلة التنمية في البلد، فالمشروعات ما لم تكن منضبطة فقد تؤدي الى العكس، تماما.
واول اعداء المشروعات هو الفساد، اذ لا يمكن لمشروع تنمية ان ينجح مع استشراء الفساد الذي يزيد الكلفة الحقيقية للمشروعات اضعافا ويزري بنوعيتها ويحصر دائرة المستفيدين منها في قلة لن تعدم وسيلة لتدويرها في غير عجلة الاقتصاد المحلي لتبييض اموالها ومن يستذكر مشروع الصرف الصحي (محطة مشرف) او يسير باتجاه الجنوب على الطرق السريعة او يتفحص نوعية الطرق والارصفة في المناطق النموذجية يعرف ما يعنيه التسامح مع الفساد.
واشار التقرير الى ان هذه الضوابط يتعلق بتدمير البيئة، وجزيرة بوبيان وجون الكويت هما المنطقتان الحاضنتان لاهم ما تبقى من الاحياء المائية والبرية، والحديث عن جسور وموانئ سيحرم الكويت واجيالا كثيرة قادمة من وجود انواع ثمينة من تلك الاحياء المائية، وما حدث في جزيرة ام المرادم مثال صغير على تدمير الانسان للبيئة، وهو مشهد يجب الا يسمح بتكراره لأن خطأ واحدا ستمتد آثاره المدمرة الى كل الاحياء بعدنا، لقد تعمق مفهوم التنمية ليغدو ارتقاء بنوعية حياة وليس مجرد تراكم كمي، وهو ما غير وسائل القياس والمقارنة بعد تقرير فريق ساركوزي، من رقم مجرد لنصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي الى نوعية الحياة التي يحياها الانسان وبسبب هذا التغيير تخلفت دول المنطقة في جداول الرقي والتقدم.
وعليه، فإننا نعتقد ان انجاز اقرار اطار الخطة الخمسية بقانون هو مجرد بداية طريق صحيح، لكنه طريق طويل ووعر، ولا خيار للكويت سوى المضي فيه، وان التحدي الاكبر قد بدأ، ولا ضمانة للنجاح فيه من دون قناعة بمواجهة مستمرة لتحدي خلق فرص عمل ذات نوعية واختصاص متقدمين، واي خطة خمسية قادمة لن تكون في بساطة اطار الخطة الحالية، انما ستكون جزءا من رؤية طويلة المدى ـ قد تمتد الى ربع قرن مثلا ـ تحسب فيه كل الموارد والاحتياجات الضرورية وتوزع ضمن مصفوفات معقدة لتكون رافدا لبعضها بعضا باتجاه تحقيق هدف نهائي، وهو التحرر من عبودية بيع ثروة زائلة وتوزيع مردود هذا البيع.
ضرورة إنشاء مشروعات توفر دخلاً بديلاً وفرص عمل
اشار التقرير إلى ان ثالث الضوابط التي لابد ان تسير عليها الدولة في الخطة التنموية هو توجيه المشروعات لخدمة هدف استراتيجي واحد، فالـ 130 مليار دولار تقريبا، وهي جملة تكاليف الخطة الخمسية للسنوات الـ 4 المقبلة، هي كل ما وفره البلد من استبدال أصله النفطي الزائل، وما لم يستخدم هذا الوفر في مشروعات تستطيع ان توفر دخلا بديلا وفرص عمل، ستظل مجرد اموال مهدرة وغير مستردة، اما اذا كانت الكويت جادة في التحول الى مركز مالي وتجاري، فجواز تمرير اي مشروع هو الارتقاء بتنافسيتها، للتفوق في هذا الاختصاص، وهنا لابد ان يعمل المال والإنسان، تعليما وتدريبا، والبنى التحتية والسياسة الداخلية والخارجية وعلم الاجتماع، بتناغم تام.
تخفيض سعر الخصم قد يعيد بعض الثقة ويشجع التوجه نحو إنجاز المشروعات المؤجلة
ذكر التقرير في فقرة سابقة بتاريخ 13/12/2009، رأيا حول استحقاق خفض سعر الخصم على الدينار الكويتي، واوضح انه تلقى تعليقات كثيرة، اهمها كان حول تفسير الابقاء عليها عند الـ 3% من قبل بنك الكويت المركزي، وحول تسليمنا بأن قرار البنك المركزي ـ مهما كان رأينا ـ يفترض انه القرار الصحيح. ولأننا لا نملك معلومة حول مبررات بنك الكويت المركزي بالابقاء على سعر الخصم عند هذا المستوى، فسنجتهد في قراءة تلك المبررات، ونحاول مناقشتها، ولو من باب اثراء الحوار.
فالبنك المركزي، في أي دولة في العالم، تنحصر اهدافه في محاربة التضخم وتحفيز النمو، عن طريق توجيه الائتمان، من خلال حركة اسعار الفائدة وأي ادوات مساندة اخرى، مثل سعر الصرف والتدخل المباشر، ولن يتحقق أي من هذين الهدفين ما لم يحرص على حماية النظام المصرفي، بوحداته وعملائه. ولأن هدفي التضخم والنمو في الاقتصادات الصغيرة المفتوحة على العالم، والتي يلعب فيها الانفاق العام ـ السياسة المالية ـ الدور الرئيسي في تحفيز النمو أو اذكاء التضخم، لا يمكن للسياسة النقدية ان تكون فعالة في تحقيقهما، تميل وظائف البنك المركزي الى الجانب الدفاعي، مثل حماية مدخرات الناس وحماية الاقتصاد من التضخم ذي المنشأ المحلي أو تضخم اسعار الاصول. وفي زمن أزمة، ووضع ضمنت فيه الدولة كل ودائع المصارف، ينحصر دور بنك الكويت المركزي في دعم المصارف، لتجاوز الازمة وابقاء سعر الخصم عند 3%، مع هامش للبنوك حتى 4% فوق سعر الخصم لإقراض عملائها. وانخفاض معدل الفائدة على الودائع، الى ما بين 1 و2%، يحقق دعما مباشرا لايرادات البنوك، اذ يمكن للهامش الواسع ما بين تكلفة الاموال على البنوك ـ شاملا الودائع الحكومية أو شبه الحكومية البالغة نحو ثلث اجمالي الودائع ـ وتكلفة اقراض العملاء، ان يكون بمنزلة دعم مباشر لإيرادات البنوك، بما يمكنها من تكوين المخصصات الضرورية، من جانب واعلان تحقيق ارباح، من جانب آخر. وما ندعو اليه، عند الحديث عن خفض سعر الخصم، ايضا هو دعم المصارف، ولكن على نحو غير مباشر، ففي زمن التضخم السالب، قد يكون فاقد قيمة الاصول وتعثر عملاء أعلى أثرا، على بيانات المصارف المالية، من الزيادة في الايرادات المباشرة. فقد يؤدي خفض سعر الخصم الى تحقيق مبكر لهدف استعادة بعض الثقة، ومعها تثبيت قاع لأسعار الاصول، على نحو يشجع اصحاب الودائع على استبدال رصيدهم السائل بأصول، بما يحقق بعض الارتفاع أو حتى ثبات اسعار الاصول، ولكنه يحقق دعم سيولة تبادلها، وهو الهدف الاهم. وذلك قد يحقق خفضا حقيقيا لرصيد مخصصات انخفاض قيمة الاصول، من جانب، ويقلل حالات التعثر المحتمل لعملاء البنوك، من جانب آخر، وقد يشجع، بمرور الزمن، على المضي في انجاز بعض المشروعات الخاصة المؤجلة، بموازاة البدء ببعض المشروعات الحكومية.
12.9 مليار دينار جملة الإيرادات المحصلة في 9 أشهر
6 مليارات دينار الفائض المتوقع للميزانية
أوضح التقرير ان وزارة المالية تشير في تقارير المتابعة الشهرية لحسابات الادارة المالية للدولة، لشهر ديسمبر 2009، الى استمرار الارتفاع في جانب الايرادات، رغم الانخفاض الملحوظ في معدلها الشهري، مقارنة بالسنة المالية الفائتة، فحتى 31/12/2009 (9) تسعة شهور من السنة المالية الحالية 2009/2010 بلغت جملة الايرادات المحصلة نحو 12.9029 مليار دينار، اي اعلى بما نسبته 59.8% عن جملة الايرادات المقدرة للسنة المالية الحالية، بالكامل، والبالغة نحو 8.074 مليارات دينار وبانخفاض قاربت نسبته 30.5% عن مستوى جملة الايرادات المحصلة، خلال الفترة نفسها من السنة المالية الفائتة 2008/2009 والبالغة نحو 18.554 مليار دينار.
وفي التفاصيل، تقدر النشرة الايرادات النفطية الفعلية حتى 31/12/2009 بنحو 12.179 مليار دينار اي اعلى بما نسبته 75.9% عن الايرادات النفطية المقدرة للسنة المالية الحالية بالكامل والبالغة نحو 6.924 مليار دينار وما تحصل من هذه الايرادات في 9 أشهر من السنة المالية الحالية، كان أقل بنحو 5.396 مليارات دينار اي بما نسبته 30.7% عن مستوى مثيله خلال الفترة نفسها من السنة المالية الفائتة، وتم تحصيل ما قيمته 724.323 مليون دينار ايرادات غير نفطية، خلال الفترة نفسها وبمعدل شهري بلغ 80.480 مليون دينار بينما كان المقدر في الموازنة للسنة المالية الحالية بكاملها نحو 1.150 مليار دينار اي ان المحقق سيكون ادنى بنحو 184.2 مليون دينار عن ذلك المقدر اذا افترضنا استمرار مستوى الايرادات بالمعدل الشهري المذكور نفسه.
وبيّن التقــــرير ان اعتمادات المصروفات للسنة المالية الحــالية كانت قد قدرت بنحو 12.116 مليار دينار وصرف فعليا طبقا للنشرة حتى 31/12/2009 نحو 5.6854 مليارات دينار وبمعدل شهري للمصروفــــات بلغ 631.710 مليون دينار ولكننا ننصـــح بعدم الاعتداد بهذا الرقم، لأن هناك مصروفات اصبحت مستحقة، ولكنها لم تصرف فعلا ورغــــم ان النشرة تذهب الى خلاصة مؤداها ان فائض الموازنة في نهاية الشهور التسعـــة هذه قد بلــــغ نحو 7.2175 مليار دينار الا اننا نرغب في نشره دون النصح باعتماده، لأنـــه رقم افتراضي، اذ اننا نعتقد ان رقم الفائض الفعلي للموازنة سيكون اقل، لكامل السنة المالية الحالــــية من الرقم المنشور للفائض في الشهور التسعة منها، فالمعــــدل الشهري للإنـــفاق سوف يكون تصاعديا بما يعمل على تقلـــيص الفـــــائض مع صدور الحساب الختــــامي وكنا قد قدرنا الفائض المحتمل بحدود 5.3 مليــــارات دينار عند معدل اسعار النفط لتسعــــة الشهور الأولى من السنة المالية الحالية بحدود 66.6 دولارا للبرميل ولكنه قد يرتفــــع ما يرفع معدله، ومعه الفائض المحتمل الى حدود 6 مليارات دينار.