-
دور كبير للصناديق في المساهمة في تعافي الاقتصاد العالمي وخروجه تدريجياً من أزمته
-
تخوف من الاستثمار بآسيا بسبب «الفقاعات» التي تنطلق بين الحين والآخر
فواز كرامي
قبل أشهر قليلة من انفجار الأزمة المالية العالمية او ما كان يطلق عليها «أزمة الرهن العقاري»، كانت العديد من الدول الأوروبية بما فيها فرنسا وألمانيا تحضر لوضع ضوابط على دخول الصناديق السيادية الأجنبية للاستثمار في اقتصاداتها بحجة «عدم شفافية هذه الصناديق والأجندات السياسية المخفية»، ولم تستثن هذه الدول أيا من الصناديق السيادية بما فيها الخليجية رغم إعلانها بشكل غير مباشر تخوفها من تلك الصناديق القادمة من العملاق النائم «الصين» والدب الأبيض «روسيا»، الا ان ذلك لم يطمئن الصناديق السيادية الخليجية.
فالمفوضية الاقتصادية للاتحاد الأوروبي أشارت في بدايات عام 2008 إلى تقديمها للمفوضية في بروكسل المقترحات للبرلمان الأوروبي وحكومات دول الاتحاد الأوروبي لصياغة اللوائح الإجرائية لتنظيم عمل صناديق الثروة السيادية داخل دول الاتحاد.رغم ان إجراءات التصدي كانت ظاهرة للعيان قبل الاقتراح فألمانيا التي كانت تطلق على هذه الصناديق تسمية «الجراد الجشع» استطاعت ان تقف امام العديد من صفقات استحواذ لصناديق سيادية كتلك الصفقة التي كانت بشأن استحواذ صندوق سيادي روسي على شركة الاتصالات الألمانية «دوتش تيلكوم»، كما كانت محاولات ألمانية - فرنسية مشتركة العقبة الرئيسية لمنع صفقة استحواذ صندوق روسي آخر من شراء حصة في اسهم مجموعة أي ايه دي اس للصناعات الجوية والدفاعية الشركة الام لشركة ايرباص، حيث قالت فرنسا حينها «لم نخصخص المصالح المملوكة للدولة لنراها تامم من جديد على يد الأجانب «إضافة إلى صفقة موانئ دبي في الولايات المتحدة الأميركية وفـي نيـوزيلانــدا والأمثلــة كثيــرة.
عام على الازمة
لم يمر عام واحد على الأزمة حتى بدأت الأصول الأوروبية في الانهيار والشركات الأوروبية والأميركية بإعلان الإفلاس و«التشابتر الفين» والاستنجاد والاستغاثة لضخ سيولة في زيادة رؤوس الأموال فيما تبقى من شركات واحضار رؤوس أموال حتى ولو من «المريخ».عندها انتهى الحديث عن الضوابط والإجراءات فالصناديق السيادية تحولت من «الجراد الجشع» الى «المضاد الحيوي» ومن «الأبواب الأوروبية الموصدة في وجه هذه الصناديق» الى السجاد الأحمر.وذلك بحسب الزائرين الاوروبيين الى المنطقة بمختلف أطيافها والذين عبروا صراحة عن ان الصناديق السيادية الخليجية موضع ترحيب في أوروبا ولم تعد بحاجة الى «كتاب ضمان النوايا الاستثمارية» الذي كانت مطالبة به في السابق.
ودخلت هذه الصناديق على العديد من الاستثمارات في اوروبا والولايات المتحدة الأميركية رغم التحديات المحلية التي كانت تقف امامها وساهمت بصورة مباشرة في عودة الاستقرار المالي العالمي سواء كان من ناحية الابقاء على العديد من الشركات الاوروبية والأميركية العملاقة على قيد الحياة بدخولها على زيادة رؤوس اموالها او الشراء المباشر لاسهمها وايضا من خلال المحافظة على مئات الآلاف من الوظائف لعدم خروجها من هذه الشركات التي تكبدت خسائر ضخمة والتوجه الى فرص استثمارية كبيرة كشفتها الازمة، فابوظبي دخلت على زيادة رأسمال شركة ديملر العملاقة وقطر دخلت على فولكس واجن وبورشه والكويت دخلت على السيتي غروب اضافة الى المليارات التي ضختها الصناديق الصينية في الاسواق الأميركية والقائمة طويلة جدا الا ان هذا الدخول للصناديق السيادية كشف امرا مهما وهو ان الصناديق السيادية كان لها دور رئيسي وايجابي في مساعدة الاقتصاد العالمي على التعافي من جديد فتحقيق الولايات المتحدة الأميركية لمعدل نمو يتجاوز 5% في الربع الرابع من العام الماضي لم يكن يتحقق لو اعلن السيتي غروب اكبر مجموعة مصرفية في العالم افلاسه.
موسم الهجرة إلى الشرق
الا ان الصناديق السيادية ورغم دورها الكبير في تعافي الاقتصاد العالمي لم تغفل للحظة واحدة سيناريو التحفظات الاوروبية التي من المتوقع ان تطفو للسطح من جديد بعد عام اوعامين على التعافي الاقتصادي لذلك اخذت هذه الصناديق في التركيز خلال الفترة القليلة الماضية على الاسواق الناشئة وخصوصا الصين ودول شرق اسيا لما تحتويه هذه الاستثمارات من عوائد كبيرة ومغرية وعدم وجود أي تحفظات على دخولها الى هذه الاسواق لاسيما ان الهيئة العامة للاستثمار رفعت حصتها في الاستثمارات في اسيا من 3% الى 9% في الفترة الماضية.
الا ان العديد من المحللين الاوروبيين بدأوا في الحديث عن الفقاعة الاسيوية لتخويف تلك الصناديق من الدخول على اسيا معتبرين ان النمو الكبير في اسيا عبارة عن فقاعة وستنفجر لاحقا كي يحافظوا على استثمارات هذه الصناديق في بلدانهم الا ان القاعدة العامة للصناديق هي ذاتها القاعدة العامة لرؤوس الاموال «كثرة القيود تبعد رؤوس الاموال «وقلة القيود تجلب رؤوس الاموال.