أظهر اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط «أوپيك» نهاية الأسبوع الماضي شرخا كبيرا في العلاقة بين الدول الأعضاء، وذلك في ظل تنامي إنتاج النفط من الولايات المتحدة وسعي بعض الدول الأعضاء كالعراق وإيران لبلوغ طاقة الإنتاج الكاملة بعد أن خضعت لعقوبات وعانت من حروب لسنوات.
والأوپيك التي تهيمن على نسبة كبيرة من سوق النفط العالمية، تنتج ما يزيد على برميل من كل ثلاثة براميل تحرق في العالم.
لكن قدرتها على تحريك الأسعار بنحو كبير قد أعيقت مؤخرا بزيادة الخام من غير بلدان الاوپيك، ومن بينها طفرة الإنتاج النفطي في الولايات المتحدة من النفط الصخري.
وانعكس قرار أوپيك بتمديد العمل بسقف الإنتاج البالغ 30 مليون برميل يوميا في النصف الأول من العام المقبل سلبا على الدول التي رفعت إنتاجها سابقا لتعويض إنتاج بعض الدول مثل ليبيا وإيران، غير أن العراق وإيران ثاني وثالث أكبر منتجين في أوپيك أوضحا أنهما لن يشاركا في أي خفض جماعي للإنتاج إذا ما ظهرت حاجة لذلك العام المقبل.
وبذلك يقع على عاتق المنتجين الرئيسيين في الخليج كالسعودية والكويت والإمارات مسؤولية خفض الإنتاج خلال العام المقبل لكي لا يحدث تخمة في المعروض النفطي العالمي بحوالي 300 ألف برميل يوميا، مع احتمال أن تصل الإمدادات العالمية في المدى القصير إلى مستوى تتدنى فيه الأسعار إلى ما دون الـ 100 دولار للبرميل.
خبراء نفطيون قالوا لـ «الأنباء» ان إيران لن تستطيع زيادة إنتاجها النفطي الحالي البالغ 2.7 مليون برميل إلى سقف 3.5 ملايين برميل يوميا إلا في غضون 6 أشهر ولن تستطيع رفع الإنتاج إلى 4 ملايين برميل، وذلك لدخولها ذروة الإنتاج النفطي في عام 1975، كما أن الحظر الاقتصادي الذي استمر لعامين وجه ضربة موجعة للمنشآت النفطية مما يجعل زيادة الإنتاج إلى المستويات التي تأملها إيران صعبا للغاية.
وحول تصريح وزير النفط الإيراني بأن بلاده سترفع الإنتاج إلى 4 ملايين برميل يوميا حتى وإن نزل سعر الخام إلى 20 دولارا للبرميل، قالت ان إيران بتصريحاتها المستمرة تريد إجراء مناورة سياسية للمساومة على أمور سياسية قد تستفيد بها في المستقبل من الدول الصناعية الكبرى لتحقيق مكاسب في ملف سورية وإيران.
وذكر احد المسؤولين النفطيين في وزارة النفط أن إيران والعراق يعملان على جعل سوق النفط غير مستقر بينما إستراتيجية دول الخليج تتمحور في جعل سوق النفط العالمي مستقرا من حيث العرض والطلب، مشيرا إلى أميركا لا تستطيع أن تضحي بانخفاض أسعار النفط سيحدث عجز تجاري وكساد.
وفي ظل المستجدات العالمية لإنتاج واستهلاك النفط، فيما يلي أبرز الدول إنتاجا واستهلاكا على مستوى العالم.
السعودية.. القوية
تصدرت السعودية إنتاج النفط الخام دوليا وتحتل المرتبة اﻷوﻟﻰ، إذ بلغ متوسط إنتاجها اليومي حسب آخر إحصائية لـ «أوپيك» 9.8 ملايين برميل يوميا، انخفاضا من مستوى 10 ملايين برميل، وقلصت السعودية إنتاجها لاستقرار الأسواق بعد زيادة إنتاج إيران والعراق وليبيا بالإضافة إلى تراجع طلبها للخام لتغذية محطات الطاقة المحلية.
العراق.. المنافس
تعتزم العراق زيادة إنتاجها من النفط بأكثر من مليون برميل يوميا ليتجاوز أربعة ملايين برميل يوميا في العام المقبل، في أكبر زيادة منذ نحو عشر سنوات وعن المستوى الحالي البالغ 2.8 مليون برميل، غير أن خبراء الصناعة يقولون إن من المستبعد على ما يبدو بلوغ هدف إنتاج أربعة ملايين برميل يوميا العام المقبل.
إيران.. المشاكسة
تعتزم إيران استعادة كامل قدرتها الإنتاجية النفطية بمجرد رفع كل العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووى، حيث أدت العقوبات إلى تراجع صادراتها من الخام من 3.6 ملايين برميل في اليوم في 2011 إلى حوالي 2.6 مليون برميل. علما أن الاتفاق المبرم بين إيران والدول الكبرى لا يرفع العقوبات، بل يحدها بحوالي مليون برميل في اليوم.
الكويت.. الملتزمة
شهد إنتاج الكويت ارتفاعا على مدار العامين الماضيين ليبلغ 2.8 مليون برميل ارتفاعا من 2.5 مليون في 2011، حيث التزمت الكويت بضخ كميات إضافية من إنتاجها من النفط مساهمة منها في تعويض النقص في السوق بسبب تقلص إنتاج ليبيا وإيران. وتهدف الكويت إلى زيادة إنتاجها النفطي لتبلغ مستوى 4 ملايين برميل يوما في 2020.
ليبيا.. العائدة
تراجع إنتاج ليبيا منذ الصيف بسبب إضرابات وتظاهرات في مواقع الإنتاج والتصدير وسط القتال الجاري بين مقاتلين إسلاميين والجيش، فهبط إلى حوالي 473 ألف برميل في اليوم مقارنة مع إنتاجها المعتاد البالغ 1.5 مليون، وهي اليوم تعود للسوق بقوة.
روسيا.. المخيفة
تعتبر روسيا من كبرى الدول إنتاجا للنفط وصعدت مستويات الإنتاج إلى أرقام قياسية في فترة ما بعد الحقبة السوفيتية، وكما هو معروف فإن روسيا ليست عضوا في «أوپيك»، ويبلغ إنتاجها النفطي 10.5 ملايين برميل يوميا.
أميركا.. المستهلكة
لقد أدمنت أميركا النفط، فهي لن تستطيع أن تعيش من دونه، وذلك على رغم أن عدد سكانها أقل من ربع سكان الصين أو الهند، إلا أنها تعد أكبر مستهلك للنفط والغاز الطبيعي في العالم، فهي تستهلك يوميا نحو 19 مليون برميل من النفط الخام.
الهند.. النامية
بلغ استهلاك الهند من النفط الخام يوميا 3.5 ملايين برميل يوميا وهي تمثل زيادة مقدارها 100 ألف برميل يوميا، وذلك بفضل الإصلاحات الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في الهند لتتجاوز 8%.
الصين.. المتطلبة
تعتبر الصين اليوم ثاني أكبر مستهلك للنفط بما يقارب 10.6 ملايين برميل من النفط في اليوم، ويتوقع أن تصبح الصين أكبر مستهلك للنفط، وأظهرت الأرقام أن استهلاك المنتجات النفطية في الصين زاد عن إنتاجها بمقدار 6.3 ملايين برميل يوميا.
اليابان.. المتحفظة
تراجع إجمالي واردات اليابان من النفط الخام للمرة الأولى منذ شهرين بنسبة 2.9%، ليصل إلى 3.19 ملايين برميل يوميا، وشكلت الشحنات من الشرق الأوسط نسبة 82.7% من وارداتها، ويعتبر استهلاك اليابان متحفظا نظرا لتوسعها في استخدام الطاقة النووية.