أشار بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي إلى ان أسعار النفط سجلت ارتفاعا ملحوظا خلال أبريل الماضي، بعدما كانت قد شهدت نوعا من الاستقرار خلال معظم مارس، وقبل أن تتراجع قليلا في مايو الجاري.
وقد ارتفع متوسط سعر برميل الخام الكويتي إلى 81.5 دولارا، مقارنة مع 76.2 دولارا خلال مارس، لينهي شهر أبريل عند 83.4 دولارا، وهو المستوى الأعلى له بعد تعافيه، وعزا الموجز معظم هذا الارتفاع لعوامل دورية، متفاعلا مع كل نبأ إيجابي تظهره البيانات الاقتصادية، ومنها مؤخرا الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأميركية وبيانات سوق العمل، لكن هذا الارتفاع لم ينجم فقط عن تحسن المؤشرات الاقتصادية وأساسيات السوق، بل ان الأسعار تأثرت بالأنباء التي برزت في نهاية أبريل الماضي عن احتمال أن تؤدي البقعة النفطية العملاقة في خليج المكسيك إلى انسداد خطوط الشحن أمام ناقلات النفط، وبالتالي احتمال ألا تصل الإمدادات إلى الأسواق، رغم أن ذلك لم يترجم على أرض الواقع حتى الآن. ورأى «الوطني» أنه رغم التحسن المتواصل الذي تظهره البيانات الاقتصادية، إلا أن المحللين مازالوا حذرين في توقعاتهم بارتفاع الأسعار بشكل حاد، لاسيما في ضوء حالة الضبابية التي تخيم على الديون السيادية في أوروبا وفي ظل احتمال أن يشهد الاقتصاد الصيني تباطؤا حادا، إذ قد يؤثر هذان العاملان بشدة على الطلب العالمي على النفط. وفيما ارتفعت معظم أسعار الخامات المرجعية العالمية بنحو 5 دولارات للبرميل خلال أبريل الماضي، لحظ «الوطني» ان مكاسب سعر مزيج غرب تكساس جاءت أقل من ذلك بكثير، إذ بحلول منتصف الشهر، كان يجري تداوله عند 83 دولارا للبرميل، أي أدنى بنحو دولارين عن سعر مزيج برنت (غريمه التقليدي)، وذلك على عكس المنحى السابق حين كان يتمتع عادة بفارق سعري ضئيل لصالحه، ويرد البعض هذا التغير إلى بناء المخزونات في منصة التسليم الرئيسية لمزيج غرب تكساس في منطقة كوشينغ في الولايات المتحدة (الغرب الأوسط)، مدفوعا بارتفاع حجم الإمدادات من كندا وانخفاض وتيرة عمل المصافي في موسم الصيانة. ورغم أن أثر بناء المخزونات قد يبدو سلبيا على أسعار النفط الخام، إلا أن بعض المحللين يشيرون إلى أن ذلك قد يكون مرتبطا فقط بعوامل تخص هذه المنطقة، ويرون أن صورة المخزونات الأميركية خارج الغرب الأوسط الأميركي مازالت تشير إلى ارتفاع في توازن السوق.
وأشار «الوطني» إلى أن المحللين يتوقعون أن يستمر نمو الطلب العالمي على النفط خلال العام الحالي بالارتفاع (رغم انه قد يكون من عوامل هذا الارتفاع مراجعة حجم الطلب للعام الماضي وخفضه عما كان مقدرا). فوكالة الطاقة الدولية، على سبيل المثال، رفعت نمو الطلب الذي تتوقعه لهذا العام بمقدار 0.1 مليون برميل يوميا إلى 1.7 مليون برميل يوميا، أي بما نسبته 2%.
ويعزى ذلك بشكل كبير إلى واقع أن حجم الطلب الفعلي للعام الماضي جاء أدنى من توقعات الوكالة، لكن هذه التوقعات تبقى الأكثر تفاؤلا بين المحللين، لاسيما عند مقارنتها مع نمو الطلب الذي تتوقعه منظمة أوپيك، على سبيل المثال، والبالغ 0.9 مليون برميل يوميا (بنمو 1.1%)، وتقدر المصادر الأخرى، ومن ضمنها مركز دراسات الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الحكومية الأميركية، أن يرتفع الطلب بمقدار 1.5 إلى 1.6 مليون برميل يوميا هذا العام، ما يمثل تعافيا معتدلا ومدفوعا بالطلب من خارج دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والذي من شأنه أن يعيد الطلب قريبا من مستويات العام 2007، مع الإشارة إلى أن الطلب من الصين يتوقع أن يسهم وحده بما بين ثلث إلى نصف الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي هذا العام. ولفت «الوطني» إلى أن إنتاج «أوپيك» من النفط ـ باستثناء العراق ـ قد ارتفع بمقدار 83 ألف برميل يوميا خلال شهر مارس الماضي إلى 26.824 مليون برميل يوميا، مرتفعا عن المستوى الأدنى له الذي سجله في مارس 2009 والبالغ 25.745 مليون برميل يوميا، ومرتفعا أيضا بمقدار مليوني برميل يوميا (بما نسبته 8%) عن مجموع حصص الإنتاج الرسمية المحددة من قبل «أوپيك» منذ يناير 2009 والبالغ 24.845 مليون برميل يوميا، علما ان هذا المستوى المحدد لم يتم الالتزام به حتى الآن. ويعزى معظم الزيادة في مارس الماضي إلى ارتفاع إنتاج فنزويلا بمقدار 42 ألف برميل يوميا، والسعودية بمقدار 24 ألف برميل يوميا. وفيما واصل الإنتاج من خارج «أوپيك» ارتفاعه، رأى «الوطني» أن جزءا من هذا الارتفاع يأتى كاستجابة متأخرة لارتفاع أسعار النفط قبل الأزمة، ووفقا لوكالة الطاقة الدولية ارتفع الإنتاج من خارج «أوپيك» بمقدار 0.9 مليون برميل يوميا في مارس الماضي مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، بفضل ارتفاع الإنتاج في روسيا وأميركا اللاتينية (وخصوصا البرازيل) بشكل رئيسي، لكن بالنسبة لكامل العام 2010، فيتوقع أن يكون الارتفاع بحدود 0.5 مليون برميل يوميا فقط، إذ كان الإنتاج قد بدأ بالتعافي في أواخر العام 2009.
وبالإضافة إلى هذه الارتفاعات، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع إنتاج «أوپيك» من الغاز الطبيعي المسال ـ والذي لا يخضع لنظام الحصص ـ بمقدار 0.8 مليون برميل يوميا هذا العام، أي بما نسبته 17%، لكن محللين آخرين يتوقعون ارتفاعا أكثر اعتدالا بمقدار 0.5 مليون برميل يوميا.
وفي المجمل، رأى «الوطني» أن إمدادات النفط من خارج «أوپيك» تبدو في طريقها للارتفاع بما بين مليون و1.3 مليون برميل يوميا خلال العام الحالي، وأشار إلى أن الارتفاعات القوية في كل من العرض والطلب تشكل القاعدة التي ستبنى عليها مختلف التوقعات لأسعار النفط خلال ما تبقى من العام الحالي. ونسبة إلى حجم كل واحد منهما، يبدو أن هناكمجالا لأن يلغي أحدهما تأثير الآخر، ما قد يفضي إلى أن تبقى الأسعار عند مستوياتها الحالية. واشار «الوطني» إلى أنه في حال ارتفع الطلب بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا، وارتفعت الإمدادات من خارج منظمة أوپيك بمقدار مليون برميل يوميا (ومن ضمنها إنتاج «أوپيك» من الغاز الطبيعي المسال)، إلى جانب ارتفاع إمدادات «أوپيك» النفطية تدريجيا، فقد لا تشهد مخزونات الخام تغيرا يذكر في 2010. لكن قد يتبدد مع الوقت أثر ارتفاع الطلب عند مقارنته بالعام الماضي، وبالتالي قد تتراجع الأسعار بنهاية العام. وبالتالي، قد ينخفض سعر برميل الخام الكويتي من المستوى الأعلى له البالغ 77 دولارا للبرميل للربع الثاني إلى 73 دولارا خلال الربع الأخير من 2010، ليبلغ متوسطه لكامل السنة المالية 2010/2011 نحو 74 دولارا. وقال «الوطني» انه في حال جاءت وتيرة تعافي الاقتصاد العالمي أسرع من المتوقع، ما قد ينتج عنه ارتفاع الطلب بنحو 0.2 مليون برميل يوميا إضافية عما هو متوقع، فإن أسعار النفط قد تواصل ارتفاعها إلى مستوى 90 دولارا للبرميل خلال ما تبقى من العام الحالي. إلا أن هذا الارتفاع، ورغم حجمه، قد لا يكون كافيا لحث منظمة أوپيك على رفع إنتاجها بوتيرة أسرع من نمو الطلب، إذ ان المنظمة راضية عن تحرك الأسعار في نطاق 70 إلى 90 دولارا للبرميل. وفي المقابل، أشار «الوطني» إلى إن ارتفاع الإمدادات من خارج «أوپيك» بشكل أكبر من المتوقع، إما لارتفاع الإنتاج في روسيا أو الولايات المتحدة الأميركية، اما لتباطؤ وتيرة انخفاض الإنتاج في المكسيك والبحر الشمالي، من شأنه أن يؤثر سلبا على الأسعار، وفي حال أدى ذلك إلى ارتفاع الإنتاج بنحو 0.2 مليون برميل يوميا إضافية عما هو متوقع لهذا العام، فإن سعر برميل الخام الكويتي قد ينخفض مجددا إلى حدود 60 دولارا بحلول بداية العام المقبل.
لكن يبقى من المحتمل أن تقوم «أوپيك» بخفض إنتاجها لمنع حدوث تراجع كهذا في الأسعار.
ووفقا للسيناريوهات المذكورة آنفا، توقع «الوطني» أن يتراوح متوسط سعر برميل الخام الكويتي لكامل السنة المالية 2010/2011 بين 68 دولارا و85 دولارا، مشيرا إلى أنه عند هذه المستويات قد تأتي الإيرادات الإجمالية أدنى من تلك المتوقعة للسنة المالية السابقة بنحو 9% أو أعلى منها بنحو 17%.
وفي المقابل، توقع «الوطني» أن ترتفع المصروفات الحكومية، وفقا لمشروع الميزانية، بما بين 26% و48% خلال السنة المالية الحالية، وذلك نتيجة ارتفاع المصروفات المعتمدة للمرحلة الأولى من الخطة الخمسية (إلى جانب التحويلات الضخمة المحتملة إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية).
وبناء على هذه الفرضيات، رأى أن ميزانية السنة المالية الحالية قد تحقق فائضا يتراوح بين 0.9 مليار دينار و6.3 مليارات دينار، أي أن فائض السنة المالية الحالية قد يأتي كبيرا بقدر الفائض المتوقع للسنة المالية 2009/2010 (اخذا بعين الاعتبار أن البيانات الرسمية لم تصدر بعد)، وذلك على الرغم من الارتفاع المخطط له في المصروفات الحكومية. وفي حال تحقق، سيكون هذا الفائض الثاني عشر على التوالي في ميزانية الكويت.
تقديرات الميزانية للسنتين الماليتين 9/2010 و10/2011 (بالمليون دينار)
|
|
السنة المالية 9/2010
|
السنة المالية 10/2011
|
الميزانية المعتمدة
|
السعر المتوسط
|
مشروع الميزانية
|
السعر الأدنى
|
السعر المتوسط
|
السعر الأعلى
|
سعر النفط ($ للبرميل)
|
35.0
|
68.6
|
43.0
|
67.8
|
73.6
|
85.2
|
جملة الايرادات
|
8.075
|
17.779
|
9.719
|
16.227
|
17.632
|
20.878
|
الايرادات النفطية
|
6.925
|
16.629
|
8.617
|
15.125
|
16.530
|
19.776
|
الايرادات غير النفطية
|
1.150
|
1.150
|
1.102
|
1.102
|
1.102
|
1.102
|
جملة المصروفات (تقديرات الميزانية)
|
12.116
|
12.116
|
16.162
|
16.162
|
16.162
|
16.162
|
الفائض (العجز)
|
(4.041)
|
5.663
|
(6.443)
|
65
|
1.470
|
4.716
|
بعد استقطاعات احتياطي الاجيال المقبلة
|
(4.849)
|
3.885
|
(7.415)
|
(1.558)
|
(294)
|
2.628
|
جملة المصروفات (تقديرات الوطني)
|
|
11.207
|
|
15.354
|
14.950
|
14.546
|
الفائض (العجز)، وفق تقديرات الوطني
|
|
6.571
|
|
873
|
2.682
|
6.332
|
بعد استقطاع احتياطي الاجيال المقبلة
|
|
4.793
|
|
(750)
|
919
|
4.244
|