- أسعار النفط رهن نمو الاقتصاد العالمي وقد ترتفع في حال جاء النمو أقوى
أشــار بنــــك الكــويـــت الــوطنـــي فــي تقريره الاقتصادي الأخير حول أسواق النفط وأسعار الميزانية إلى أن أسعار النفط شهدت استقرارا ملحوظا خلال يونيو الماضي، بحيث أنهت الشهر عند المستويات نفسها التي سادت بدايته.
وبلغ سعر برميل النفط الخام الكويتي 71 دولارا في نهاية يونيو، لينخفض من المستوى الأعلى له في 19 شهرا والبالغ 84.3 دولارا الذي سجله أوائل مايو، وكان سعر الخام الكويتي قد شهد بعض التذبذب خلال يونيو، حيث هبط سعره إلى 69 دولارا في منتصف الشهر ومن ثم عاد للارتفاع إلى 75 دولارا في وقت لاحق.
ورأى التقرير أن هذا التحسن في أسواق النفط يعزى بشكل رئيسي إلى تراجع درجة التشاؤم التي تحيط بتطلعات الاقتصاد العالمي، وخاصة فيما يتعلق بمخاوف الاستقرار المالي في منطقة اليورو، حيث حقق اليورو بعض المكاسب مقابل الدولار، معوضا بعض خسائره التي شهدها في مايو حين تراجع بواقع 7%، وعادة، يعد ضعف الدولار من العوامل المساندة لأسعار النفط. كذلك الحال، فقد حظيت أسعار النفط بدعم من حالة التوتر التي تصاحب بداية موسم الأعاصير في منطقة المحيط الأطلسي والتي لها تأثير محتمل على حجم إمدادات النفط من خليج المكسيك.
مصافي التكرير
ومن المؤكد أن عدم ضرب الأعاصير لمصافي التكرير كما كان متوقعا وضعف بيانات سوق العمل في الولايات المتحدة قد ظهر تأثيرهما في بداية يوليو، حيث تراجع سعر برميل الخام الكويتي مجددا إلى ما دون حاجز 70 دولارا.
ولاحظ التقرير أن أسعار النفط العالمية الخفيفة التي تعتبر المؤشر المرجعي لأسعار النفط الخام قد شهدت ارتفاعا إلى حدود 80 دولارا للبرميل خلال شهر يونيو، فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر مزيج غرب تكساس إلى 79 دولارا تقريبا في نهاية يونيو، أي أعلى من سعر الخام الكويتي في اليوم نفسه بنحو 6 دولارات.
لكن سعر مزيج غرب تكساس ومثيله الأوروبي (برنت) عاد إلى الانخفاض إلى 72 دولارا مع بداية شهر يوليو، أما بالنسبة للعقود المستقبلية لهذين المزيجين، فيلاحظ أنها مازالت في تصاعد تدريجي متجاوزة 80 دولارا للبرميل للعامين المقبلين، الأمر الذي قد يعكس التحسن المتوقع في الاقتصاد العالمي وعودة المخاوف المتعلقة بنقص إمدادات النفط الخام في المدى المتوسط.
نمو الطلب
وبشكل عام، أشار التقرير إلى أن المحللين يتوقعون نموا قويا في الطلب على النفط خلال عام 2010، مع إجراء تعديلات بسيطة على هذه التوقعات في ضوء ما يستجد من بيانات اقتصادية، فقد رفعت وكالة الطاقة الدولية معدل الزيادة التي تتوقعها للطلب العالمي على النفط من 1.6 مليون برميل يوميا إلى 1.7 مليون برميل يوميا، أي بنمو نسبته 2%، وذلك استنادا إلى البيانات القوية الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مع تأكيد الوكالة على وجود بعض المحاذير المحيطة التي قد تخفض من حجم الزيادة المتوقعة.
الطلب الأميركي
ولفت التقرير الى أن مركز دراسات الطاقة الدولية ألقى الضوء على التعافي الظاهر في الطلب الأميركي على النفط واحتمال أن تقود الولايات المتحدة نمو الطلب إلى جانب الصين، لكن رغم ذلك، خفض المركز معدل نمو الطلب الذي يتوقعه على النفط بمقدار 0.2 مليون برميل يوميا إلى 1.6 مليون برميل يوميا، لما يراه تراجعا في محفزات الاقتصاد العالمي عموما. إلا أنه لا يتوقع تدهور الاقتصاد العالمي في العام 2011، وتوقع بالتالي نمو الطلب بشكل قوي في العام المقبل بمقدار 1.4 مليون برميل إضافية (1.8%).
أوپيك
وأشار التقرير إلى أن إنتاج أوپيك- باستثناء العراق- ارتفع بواقع 17 ألف برميل يوميا خلال شهر مايو الماضي إلى 26.83 مليون برميل يوميا، ما يبقي إنتاج المنظمة الإجمالي فعليا أعلى من المستوى المحدد وفقا لحصص إنتاج الدول الأعضاء بنحو مليوني برميل يوميا.
وقد ارتفع إنتاج نيجيريا وفنزويلا مجتمعتين- تنتجان أصلا أكثر من المستوى المحدد لهما- بنحو 36 ألف برميل يوميا في مايو، ولم يكف تراجع إنتاج بعض الدول الأعضاء الأخرى في تبديد هذه الزيادة.
توقعات المراقبين
وألمح الى ان توقعات معظم المراقبين تدور حول محافظة المنظمة على موقفها الحذر تجاه التغيرات في حصص الإنتاج، رغم عدم التزام البعض بها حاليا. لكن في الواقع، قد تكون هناك عوامل أخرى غير مستويات إنتاج أوپيك من النفط الخام أكثر أهمية لتحديد التغيرات في حجم الإمدادات هذا العام. فإنتاج أوپيك من الغاز الطبيعي المسال- الذي لا يخضع لحصص محددة- يتوقع أن يرتفع بمقدار 0.5 مليون برميل يوميا على الأقل هذا العام، بينما قد تشهد الإمدادات من خارج أوپيك ارتفاعا أكبر. وهذان العاملان قد يضيفان مجتمعين ما مقداره 1.5 مليون برميل يوميا، أي أكثر من ضعف كمية النفط التي قد تضيفها أوپيك.
وتوقع التقرير أن يكون هذا الارتفاع الملحوظ في إمدادات النفط العالمية- والذي قد يبلغ مليوني برميل يوميا العام الحالي - كافيا لمقابلة التعافي المتوقع في الطلب العالمي على النفط، والحد من أي ارتفاع حاد في الأسعار.
النصف الثاني
وفي الواقع، رغم نمو الطلب على النفط بوتيرة صحية هذا العام بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا، إلا أن هذا النمو يتوقع أن يتباطأ في النصف الثاني من العام، ما قد يدفع الأسعار إلى التراجع إلى حد ما.
وبافتراض أن يبقى إنتاج أوپيك دون تغيير عند مستوياته الحالية، فقد يبدأ سعر برميل الخام الكويتي بالتراجع قليلا في الربع الجاري، ليبلغ 71 دولارا بحلول الربع الأول من العام المقبل، وليسجل 73 دولارا في المتوسط لكامل السنة المالية 2010/2011.
ورأى التقرير أنه في حال جاء نمو الطلب على النفط أقل من المتوقع- كأن يسجل مليون برميل يوميا فقط- وفي الوقت نفسه، سجلت الإمدادات من خارج أوپيك ارتفاعا أكبر من المقدر- بواقع 0.8 مليون برميل يوميا مقارنة بـ 0.6 مليون برميل يوميا- فقد تتراجع الأسعار بشكل إضافي، ويبدو العامل الأول بشكل خاص محتملا نظرا إلى السياسات المالية الانكماشية المتوقع اتخاذها في مختلف أنحاء العالم في وقت لاحق من العام الحالي.
الخام الكويتي
وفي هذا الحال، قد يتراجع سعر برميل الخام الكويتي إلى دون مستوى 60 دولارا للبرميل بحلول بداية العام المقبل، ليبلغ 65 دولارا في المتوسط لكامل السنة المالية 2010/2011. لكن يشار إلى أن أوپيك من المرجح أن تتحرك إزاء هذا الواقع، ما يقلل من احتمال حدوثه في المقام الأول.
وفي المقابل، بين التقرير أن الأسعار قد تشهد ارتفاعا في حال جاء نمو الطلب العالمي على النفط أقوى من المتوقع عند 1.8 مليون برميل يوميا (2.1%)، بشكل رئيسي نتيجة تحسن الأداء الاقتصادي للدول من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كذلك قد تأتي الإمدادات من خارج أوپيك أدنى من المتوقع أيضا، متأثرة ربما بموسم الأعاصير في الولايات المتحدة الأميركية، ووفقا لهذا السيناريو، وقد يرتفع سعر برميل الخام الكويتي إلى حدود 100 دولار مجددا بحلول بداية العام المقبل، ليبلغ 86 دولارا في المتوسط لكامل السنة المالية 2010/2011.
وعلى الرغم من تقديرات الحكومة تحقيق عجز بمقدار 6.4 مليارات دينار في ميزانيتها للسنة المالية الحالية، توقع التقرير أن تقود جميع السيناريوهات المذكورة إلى تحقيق فوائض مالية، ولو بدرجات مختلفة.
أسعار النفط
وأوضح أن هذا الفارق بين تقديرات الحكومة وتوقعاته ينبع بشكل رئيسي من تقديرات التقرير لأسعار النفط، والتي تفوق بكثير المستوى المتحفظ المقدر من الحكومة والبالغ 43 دولارا للبرميل.
ووفقا لسيناريوهات «الوطني»، فقد تحقق الميزانية في السنة المالية الحالية فائضا يتراوح بين 0.1 مليار دينار و7.2 مليارات دينار، وذلك على الرغم من ارتفاع المصروفات الحكومية، كما هو مقدر في الميزانية، بنحو 33% خلال السنة، في ظل الخطة الخمسية.