قال تقرير وحدة البحوث والدراسات والتقارير في بنك بوبيان ان عام 2010 حمل بعض الرسائل الايجابية لصانعي السيارات حول العالم حيث ازدادت المبيعات العالمية من السيارات بمعدلات كبيرة مقارنة بالعام السابق 2009، ووصلت الزيادة في المبيعات العالمية لسيارات الركوب الخفيفة إلى قرابة 20% في النصف الأول من 2010 وفق ما أصدرته المنظمة الدولية لصانعي السيارات.
وذكر التقرير انه على صعيد المستوى المحلي فقد واصلت معدلات تسجيل السيارات الجديدة ارتفاعاتها منذ بداية العام 2010 لتتجاوز أعدادها في النصف الأول من 2010 إجمالي ما كان قد تم تسجيله في العام السابق 2009. والمعروف أن السيارات تعد من السلع المعمرة المهمة التي تعطي إشارات واضحة على الرخاء المعيشي وتحسن الأداء الاقتصادي بوجه عام، لذا يمكن اعتبار سوق السيارات مؤشرا هاما من المؤشرات الاقتصادية المستخدمة بفعالية في كثير من الدول المتقدمة وعلى رأسها أميركا لقياس النشاط الاقتصادي وفقا لمبيعات السيارات حيث تعتبر البيانات الخاصة بالمبيعات الشهرية للسيارات واحدة من العلامات الأولى الهامة والأوسع نطاقا لطلب المستهلكين في الولايات المتحدة الأميركية.
وتناول التقرير سوق السيارات وتأثيرات الأزمة المالية العالمية عليه وأين يقف الآن بعد مرور أكثر من عامين على اندلاع الأزمة التي يمكن القول انها غيرت مجرى التاريخ الاقتصادي وأصبحت علامة من علامات التاريخ التي يعتمد عليها في كتابة تاريخ العالم وما ابرز التطورات التي شهدها خلال هذه الفترة والتوقعات الخاصة بسوق 2011؟ وفيما يلي التفاصيل:
أشار التقرير الى أن التوقعات المبنية على إحصائيات وأرقام كبار اللاعبين في السوق تؤكد على أنه من المتوقع أن يصل حجم الإنتاج العالمي إلى 69 مليون سيارة بنهاية 2010 محققا زيادة قدرها ثمانية ملايين سيارة عن العام السابق 2009 (أي حوالي 13%) الذي لم يتجاوز إجمالي الإنتاج فيه سقف 61 مليون وحدة من سيارات الركوب سواء التجارية أو الخاصة وذلك نتيجة لزيادة الطلب على سيارات الركوب الخفيفة من قبل الأسواق والاقتصاديات الناشئة. وما يزيد من جرعة التفاؤل أن كثيرا من شركات صناعة السيارات في العالم تعلن بين الحين والآخر عن زيادة معدلات الإنتاج لديها بمعدلات كبيرة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2009.
وتوقع التقرير أن تستمر الزيادة في معدلات الإنتاج لكل أنواع السيارات في 2011 محققة قفزات كبيرة لكنها ستظل بالطبع دون القمم السابقة بسبب الهبوط الحاد الذي حدث في العامين الماضيين، أي ان تلك القفزات ستؤدي إلى استعادة معدلات النمو التي كانت قبل الأزمة على الأقل، ليشهد 2012 تجاوزا لتلك القمم المسجلة في السابق.
وقال التقرير ان العامين الماضيين 2008 و2009 كانا قد شهدا أدنى مستوى للإنتاج العالمي من السيارات فمن ناحية انخفض الإنتاج العالمي من السيارات في 2008 بواقع ثلاثة ملايين وحدة تقريبا عن العام السابق 2007 (بنسبة 4% تقريبا)، وتبع ذلك انخفاض أكبر في 2009 وصل إلى قرابة 10 ملايين سيارة أخرى مقارنة بعام 2008 وبنسبة قدرها 13.5%، أي ان إجمالي الانخفاض خلال العامين مجتمعين وصل إلى 13 مليون سيارة بمعدل انخفاض قدره 18% تقريبا، وقد كان إجراء هاما قامت به شركات الإنتاج بشكل قصري بعد أن تراكمت لديها المخزونات، فعلى سبيل المثال قامت شركة تويوتا بخفض إنتاجها السنوي من 10 ملايين سيارة إلى 7.5 ملايين بنسبة 25% خفض في الإنتاج.
أكبر سوق في العالم
وبين التقرير انه وبعد أن ظلت الولايات المتحدة الأميركية هي السوق الأكبر للسيارات في العالم لحقبة من الزمن جاءت الصين لتزيح الولايات المتحدة عن مركزها التاريخي من خلال تسجيل مبيعات عالية، ففي العام الماضي وحده بيع في الصين حوالي 13.6 مليون سيارة وفق بيانات منظمة التجارة الصينية في مقابل 10.4 ملايين سيارة فقط في الولايات المتحدة. ويؤكد تلك البيانات إعلانات الشركات الصناعية الكبرى حول العالم حيث أعلنت جنرال موتورز عملاق الصناعة الأميركي أن مبيعاتها في الصين خلال النصف الأول من 2010 بلغت 1.2 مليون سيارة بمعدل نمو قارب 50% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2009، وتبع ذلك أيضا إعلان مرسيدس منذ شهرين تقريبا عن تحقيقها مبيعات قياسية في الصين في منتصف 2010 مما يؤكد تصدر الصين للمرتبة الأولى في سوق السيارات العالمي.
وبين التقرير انه استنادا إلى أرقام المبيعات والإنتاج العالمي من السيارات والتي يمكن اعتبارها من مؤشرات تعافي الاقتصاد يمكننا القول ان عام 2010 هو بوابة الدخول إلى منطقة التعافي الاقتصادي بالفعل وفقا لمعدلات الإنتاج التي أخذت في الارتفاع بشكل مضطرد منذ بدايات العام الحالي 2010.
وفي الكويت شهدت بداية 2010 انتعاشة واضحة في أعداد السيارات المسجلة في الكويت حتى ان أعدادها في النصف الأول من 2010 وحده تكاد تقترب من إجمالي المسجل في عام 2009 بكامله لكافة الأنواع والأحجام، فقد بلغ عدد السيارات المسجلة في النصف الأول من عام 2010 أكثر من مليون ونصف المليون سيارة مقابل حوالي 1.4 مليون سيارة تقريبا في عام 2009 بأكمله.
ويبدو أن عام 2010 يحمل أنباء سارة لوكالات السيارات المحلية حيث شهد الربع الثالث منه أعلى مبيعات على الإطلاق مقارنة بالفترة نفسها من الأعوام السابقة 2009، 2008، 2007 أي ما قبل وأثناء الأزمة، فقد وصل إجمالي المبيعات من جميع الأنواع والأحجام إلى أكثر من 120 مليون دينار (حوالي 420 مليون دولار) خلال الربع الثالث من 2010 وفق ما تشير اليه أرقام المبيعات في معظم وكالات السيارات.
وكان سوق السيارات قد سجل أسوأ معدلات نمو له في العشر سنوات الأخيرة بالكويت خلال عام 2009 حيث انخفضت معدلات النمو في السيارات المسجلة كثيرا في ذلك العام إلى مستوى أقل كثيرا مما كانت عليه في 2008 قبل الأزمة المالية العالمية.
فبينما تشير الإحصائيات إلى أن معدل النمو السنوي في سوق السيارات بالكويت بلغ حوالي 8% في المتوسط للعشر سنوات الماضية لجميع أنواع السيارات، فإن العام 2009 سلك اتجاها مخالفا حيث انخفضت نسبة النمو بدرجة كبيرة إلى أدنى مستوى لها منذ سنوات مسجلة تراجعا فاق 35% في أواخر 2008 وبدايات ومنتصف 2009 بالنسبة لجميع الأنواع والماركات والأحجام كنتيجة مباشرة للأزمة المالية العالمية.
80 %من سوق السيارات معتمد على التمويل
كشف التقرير أن أرقام مبيعات السيارات في السوق المحلي تشير إلى أن 75 – 80% منها يتم عن طريق التمويل سواء من شركات التمويل أو البنوك بأنواعها المختلفة سواء كان تمويلا وفق أحكام الشريعة الإسلامية أو تمويلا تقليديا.
وقال التقرير ان الملاحظة الأهم في هذا الإطار أن التمويل بدا وكأنه تفاعل مع الأزمة حيث زادت المؤسسات التمويلية بأنواعها من شروطها وتشددها في منح التمويل خشية تعثر العملاء عن السداد الأمر الذي اثر سلبا في سوق السيارات في 2009، لكن يبدو أن هذا الأمر قد شهد تحسنا معقولا بعد مرور إعصار الأزمة وإن كان كثير من المؤسسات لاتزال تخشى الغبار وتتحفظ على قبول كثير من طلبات التمويل وفق إفادات الوكالات وتجار السيارات إلا أنها بالطبع ليست كالعام الماضي ويزداد التحسن بشكل تدريجي.
ماذا فعلت الأزمة المالية بسوق السيارات؟
قال التقرير انه بالنظر إلى أرقام المبيعات الرسمية لوكالات السيارات ربما لا نكاد نلحظ تغيرا ذا شأن في حجم المبيعات من 2007 حتى بدايات 2010، وهو أمر يمكن النظر إليه من ناحية غير ايجابية حيث فقدت الوكالات معدلات النمو التي اعتادت عليها قبل الأزمة لصالح المكاتب والشركات الصغيرة التي تقوم بعمليات استيراد محدودة لسيارات مستعملة في الغالب.
وقد نشط هذا السوق كثيرا على حساب الوكالات الرسمية لعدة أسباب أهمها الانخفاض الكبير في أسعار السيارات بدولها المصنعة مثل ألمانيا وأميركا الأمر الذي استفاد منه المستوردون الصغار، وبينما ظلت الوكالات تتمسك بأسعارها للسيارات الجديدة اتجهت شريحة كبيرة من المستهلكين إلى النوعيات الأخرى شبه الجديدة من السيارات المستعملة وهو الأمر الذي يفسر تباطؤ نمو مبيعات الوكالات الرسمية.
إلا أنه يجب أن نضع في الاعتبار بعض التطورات ومن بينها أن سوق السيارات المستعملة الرخيصة قد أوشك على النضوب في البلدان الصناعية وعادت أسعارها شيئا فشيئا إلى طبيعتها مما قلل الفرص أمام مكاتب الاستيراد المتوسطة والصغيرة مؤذنا بعودتها إلى أوضاع ما قبل الأزمة.