ذكر تقرير إدارة بحوث الاستثمار في شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول «كامكو» أنه بعد الهبوط الحاد في النشاط الاقتصادي خلال عام 2009 والذي تشير إليه أرقام الناتج المحلي الإجمالي الذي تراجع بنسبة 21% خلال العام نفسه ليصل إلى 31.5 مليار دينار، وسط توقعات بأن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 17% خلال عام 2010 ليصل إلى 36.9 مليار دينار مدعوما بارتفاع أسعار النفط حيث سجل سعر برميل النفط الكويتي منذ بداية عام 2010 معدل 75 دولارا.
وتوقع التقرير الصادر عن كامكو حول الوضع الاقتصادي للكويت ومستويات نمو الناتج المحلي الإجمالي والإنفاق على الناتج المحلي بالأسعار الجارية بالإضافة إلى تأثير الإيرادات النفطية على الوضع الاقتصادي الكلي والميزانية العامة للدولة، أن القطاع النفطي سيسجل نموا عاليا ليصل إلى مستوى 30% مدعوما بالارتفاع في أسعار النفط الذي قد يتخطى عتبة الـ 35% خلال عام 2010 ليصل بالناتج النفطي إلى 18.7 مليار دينار. اما القطاع غير النفطي فمن المتوقع أن يحافظ على مستوى النمو الذي شهده خلال عام 2009 بنسبة نمو 5% ليصل إجمالي الناتج غير النفطي إلى 18.2 مليار دينار وبذلك يكون الناتج المحلي الإجمالي للكويت قد توزع مناصفة بين القطاعين.
الصادرات من السلع والخدمات
عند تحليل التطور التاريخي للإنفاق على الناتج المحلي بالأسعار الجارية خلال الأعوام 2004- 2009، نجد أن الصادرات من السلع والخدمات كانت الأكثر تأثرا بعد الأزمة الاقتصادية حيث سجلت تراجعا بنسبة 33% خلال عام 2009 لتصل إلى 17.76 مليار دينار مقارنة بصادرات بقيمة 26.45 مليار دينار في عام 2008 مع العلم أن الصادرات النفطية تشكل حوالي 95% من إجمالي الصادرات من السلع والخدمات، وقد جاء هذا التراجع في الصادرات نتيجة الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية من 91.6 دولارا أميركيا كمعدل لسعر البرميل خلال عام 2008 إلى 60.3 دولارا للبرميل خلال عام 2009. والجدير بالذكر أن صادرات الكويت من السلع والخدمات كانت قد سجلت نسب نمو عالية خلال الأعوام 2004-2008 حيث بلغ معدل النمو السنوي خلال الفترة نفسها حوالي 30%.
أما بالنسبة لصافي الصادرات (الصادرات من السلع والخدمات مخصوما منه الواردات من السلع والخدمات) فقد شهد انخفاضا حادا بنسبة 45% خلال عام 2009 لتصل إلى 8.93 مليارات دينار مقارنة بـ 16.18 مليار دينار لعام 2008. وقد تأثر صافي الصادرات سلبا بالهبوط الحاد في أسعار النفط وتراجع حجم الإنتاج نتيجة ضعف الطلب على النفط بسبب الأزمة المالية العالمية وما كان لها من تأثير سلبي على اقتصادات معظم الدول.
الاستهلاك النهائي
وفي نظرة على الاستهلاك النهائي (الإنفاق الحكومي + الإنفاق الخاص) نجد انه سجل نسبة نمو بلغت 11% ليصل إلى 18.19 مليار دينار في عام 2009 مقارنة بـ 16.45 مليار دينار في عام 2008 ويعود السبب في هذا النمو إلى الزيادة في الإنفاق الحكومي بنحو 1.16 مليار دينار حيث شكلت 66% من حجم الزيادة في الاستهلاك النهائي والبالغ 1.74 مليار دينار. وشهد الاستهلاك الحكومي نموا بنسبة 22% خلال عام 2009 ليصل إلى 6.47 مليار دينار مقارنة بـ 5.31 مليارات دينار كويتي في عام 2008، أما بالنسبة للاستهلاك الخاص فقد شهد نسبة نمو 5% وهي نسبة النمو الأقل التي يسجلها الاستهلاك الخاص مقارنة بالفترة السابقة 2004- 2008 حيث تراوحت نسب النمو بين 7% و18%، وقد بلغ الاستهلاك الخاص 11.73 مليار دينار خلال عام 2009 مقارنة مع 11.14 مليار دينار لعام 2008.
إيرادات الكويت من النفط
وتعتبر الإيرادات النفطية المصدر الرئيسي لإيرادات الدولة حيث شكلت خلال فترة السنوات الخمس 2005-2009 نسبة 94% من إجمالي الإيرادات أو ما يعادل 81.5 مليار دينار (285 مليار دولار أميركي)، بينما بلغ إجمالي الإيرادات المحصلة خلال الفترة نفسها حوالي 87 مليار دينار (305 مليارات دولار). وبالتالي فإن الوضع المالي للكويت لايزال قويا بالرغم من الانخفاض في أسعار النفط الذي كان نتيجة حتمية لتباطؤ الاقتصاد العالمي، حيث كان لهذا الانخفاض الحاد في أسعار النفط تداعياته على الميزانية العامة للسنة المالية 09/2008، كما أن الكويت ستحافظ على مستوى عال من الفائض المالي وخصوصا بعد التحسن الملحوظ خلال عام 2010 في معدل سعر النفط الخام الكويتي ليسجل 76 دولارا للبرميل مقارنة بـ معدل 60.3 دولارا اميركيا للبرميل خلال عام 2009. ومن المتوقع أن تتخطى الإيرادات النفطية التقديرات لتصل إلى ما يقارب 18.6 مليار دينار خلال السنة المالية 2010/2011 وبذلك تغطي العجز المتوقع دون الرجوع إلى الاحتياطي العام للدولة، وذلك في حال استمر سعر برميل النفط عند مستواه الحالي حتى نهاية مارس 2011، علما أن سعر برميل النفط قد تخطى عتبة الـ 75 دولارا وهو تقريبا ضعف السعر المتوقع من قبل الجهات الحكومية والبالغ 43 دولارا للبرميل والذي اعتمدت على أساسه ميزانية الدولة للسنة المالية 2010/2011.
وعلى الرغم من التحسن التدريجي في أداء الاقتصاد العالمي وأسعار النفط، فإن زيادة الإنفاق على المشاريع الإنشائية يعتبر من أهم السياسات المالية التي يمكن أن تتبعها الحكومة لدفع عجلة الاقتصاد الوطني وتفاديا لأي أزمة اقتصادية محتملة في المستقبل يكون تأثيرها سلبيا على جميع القطاعات الاقتصادية، هنا تقع المسؤولية لوضع خطط اقتصادية طويلة الأمد من شأنها أن تعزز الوضع الاقتصادي بعيدا عن الاعتماد بشكل أساسي على الموارد النفطية وذلك عن طريق دعم القطاعات الاقتصادية الحقيقية والمنتجة وخصوصا القطاع الصناعي. إن تعدد الموارد من شأنه أن يعزز الاستقرار المالي للدولة وبالتالي الحد من أي عجز محتمل في ميزانيتها نتيجة أي عوامل سلبية قد تصيب قطاعا معينا وكذلك نتيجة تذبذب أسعار النفط المرتبطة بشكل أساسي بأداء الاقتصاد العالمي وتطورات الأسواق المالية العالمية.