تناول التقرير الأسبوعي الصادر عن شركة الشال للاستشارات الدور المرتقب لأداء هيئة أسواق المال في البورصة خلال العام المقبل، مشيرا الى ان واحدا من اكثر الموضوعات تداولا الدور المنتظر لممارسة هيئة اسواق المال لصلاحياتها كاملة في عام 2011 وربما في نهاية ربعه الأول، واثره على تداولات سوق الكويت للأوراق المالية، والمقصود هنا هو ذلك التحول، المحتمل الى تداولات منضبطة ومراقبة وما يترتب على مخالفتها من عقوبات مغلظة وذلك قطعا سوف يؤدي الى انحسار مستوى السيولة ومعها انخفاض القدرة على دعم الاسعار.
والواقع هو ان متغيرين رئيسيين سوف يدعمان تلك الخلاصة اي انخفاض معدل سيولة السوق، وانضباط حركة الاسعار، الأول متغير عام سوف يشمل اسواق العالم كلها والثاني متغير خاص بالكويت والمتغير العام هو انتقال الاقتصاد العالمي الى احضان مدرسة تؤمن بالرقابة المشددة على الائتمان، وهو وقود السيولة وتضخم الاسعار، فلن نرى نماذج اعمال لشركات مضاربة تسرف في الاقتراض حتى 30 ضعف رؤوس اموالها وتعليمات بنك الكويت المركزي بالتبني التدريجي لمقترحات «بازل 3» ووضع سقف لاقتراض شركات الاستثمار لا يتعدى ضعف حقوق مساهميها مع الاحتفاظ بـ 10% من مطلوباتها سائلة، هو جزء من تعليمات المدرسة الجديدة.
ذلك يعني ان العالم قد ودع ممارسات دامت نحو 30 عاما اصبح فيها تحقيق الربحية يحدث في معظمه من انتفاخ اسعار الاصول وليس من الاستثمار الحقيقي.
أما المتغير الثاني فهو خضوع الكويت بشكل مزدوج لتلك المدرسة من جانب متزامنا مع خضوع متأخر لفصل الرقابة على السوق وتنظيمه عن ممارسة تداولاته وذلك يعني انحسارا مزدوجا في سيولة السوق، في جزئه الثاني خاص بضبط التداولات الوهمية وتجريمها ودور هيئة اسواق المال هنا حيوي وصحي فهي معنية بالدرجة الأولى، بتعزيز الثقة بالاستثمار في السوق وتعزيز الثقة يعني خفض مخاطر التعامل فيه الى حدودها الدنيا، فتداولات هدفها رفع اسعار اسهم شركات، من خلال توجيه كمية من الاموال ضمن تداولات كثيفة بين مجموعة من الملاك او الشركات او المحافظ، هي عمليات مجرمة هدفها التربح على حساب اصطياد مدخرات بعض الابرياء، وذلك ينطبق على الرفع الوهمي للأسعار، في آخر ثواني التداولات اليومية وينطبق على التعاملات بالإفادة من معلومات داخلية، او تسريب الاشاعات للتأثير على مستويات الاسعار، والواقع ان تلك الممارسات قد خفت حدتها، في النصف الثاني من السنة الحالية 2010 مع بدء الحديث في شهر يونيو الفائت عن نفاذ قانون هيئة اسواق المال، وانعكس ذلك على مؤشرين كلاهما صحي:
المؤشر الأول كان انخفاض سيولة السوق من معدل يومي لقيمة التداولات بلغ نحو 59 مليون دينار للنصف الأول من العام الى نحو 42.6 مليون دينار للنصف الثاني منه حتى 23 ديسمبر رغم اثر صفقة زين الموجب على سيولة السوق في شهري اكتوبر ونوفمبر الفائتين، أما المؤشر الثاني والمكمل في قراءته للأول فهو ارتفاع مؤشر البورصة الوزني بتاريخ 23/12/2010 بنحو 20.8% مقارنة بنهاية يونيو 2010 رغم انحسار سيولة السوق، لأن معظم التداولات اصبحت حقيقية، ولأن الاموال تم توجيهها للشركات طبقا لأدائها وهو الهدف الرئيس لأي سوق. وعليه نعتقد ان الاثر لممارسة هيئة اسواق المال صلاحياتها كاملة سيكون ايجابيا فمدخرات الناس ستكون آمنة أكثر والسيولة سوف توجه انتقائيا للشركات التي تستحقها واداء السوق بشكل عام سوف يشهد استقرارا اكبر، وسيعني ذلك ايضا تآكلا تلقائيا لبعض الشركات الورقية بما يعنيه من خفض المعروض من الاسهم الرديئة واستبداله تدريجيا بشركات جيدة.
13.2 مليار دينار إجمالي إيرادات الموازنة العامة في 8 شهور
يشير تقرير المتابعة الشهري لحسابات الإدارة العامة للدولة لشهر نوفمبر 2010، الى استمرار الارتفاع في جانب الإيرادات، فحتى 30/11/2010، ـ8 شهور من السنة المالية الحالية 2010/2011 ـ بلغت جملة الإيرادات المحصلة نحو 13.2187 مليار دينار، أي أعلى بما نسبته 36% عن جملة الإيرادات المقدرة، للسنة المالية الحالية، بكاملها، والبالغة نحو 9.7193 مليارات دينار، وبارتفاع، قاربت نسبته 18.3%، عن مستوى جملة الإيرادات المحصلة، خلال الفترة نفسها من السنة المالية الفائتة 2009/2010، والبالغة نحو 11.1734 مليار دينار.
وفي التفاصيل، تقدر الإيرادات النفطية الفعلية، حتى 30/11/2010، بنحو 12.3414 مليار دينار، أي أعلى بما نسبته 43.2% عن الإيرادات النفطية المقدرة، للسنة المالية الحالية، بالكامل، والبالغة نحو 8.6166 مليارات دينار، وبما نسبته 93.4% من جملة الإيرادات المحصلة، وذلك بسبب ارتفاع سعر النفط. وما تحصل، من الإيرادات النفطية، خلال 8 شهور من السنة المالية الحالية، كان أعلى بنحو 2.6903 مليار دينار، أي بما نسبته 17%، عن مستوى مثيله، خلال الفترة نفسها من السنة المالية الفائتة. وتم تحصيل ما قيمته 877.3165 مليون دينار، إيرادات غير نفطية، خلال الفترة نفسها، وبمعدل شهري بلغ نحو 109.6645 ملايين دينار، بينما كان المقدر في الموازنة، للسنة المالية الحالية، بكاملها، نحو 1.10275 مليار دينار، اي ان المحقق سيكون أعلى، للسنة المالية الحالية، بكاملها، بنحو 213.2 مليون دينار، عن ذلك المقدر، اذا افترضنا استمرار مستوى الإيرادات غير النفطية بالمعدل الشهري المذكور نفسه، وهو أمر طيب ان تحقق.
وكانت اعتمادات المصروفات، للسنة المالية الحالية، قد قدرت بنحو 16.310 مليار دينار، وصرف فعليا ـ طبقا للنشرة ـ حتى 30/11/2010، نحو 7.1776 مليارات دينار، بمعدل شهري للمصروفات بلغ نحو 897.2025 مليون دينار، لكننا ننصح بعدم الاعتداد بهذا الرقم، لان هناك مصروفات أصبحت مستحقة، لكنها لم تصرف، فعلا، كما ان الإنفاق في الأشهر الأخيرة من السنة المالية يكون أعلى من مثيله في الأشهر الأولى، ورغم ان النشرة تذهب الى خلاصة مؤداها ان فائض الموازنة، في نهاية الأشهر الـ 8 الأولى من السنة المالية الحالية، قد بلغ نحو 6.0411 مليارات دينار، إلا اننا ننشر هذا الرقم دون النصح باعتماده، إذ نعتقد ان رقم الفائض الفعلي للموازنة، في هذه الشهور الـ 8، سيكون أقل من الرقم المنشور، فالمعدل الشهري للإنفاق سيكون تصاعديا، بما يعمل على تقليص رقم الفائض الفعلي للموازنة، كلما تقدمنا في شهور السنة المالية، ونتوقع ان يكون أقل مع صدور الحساب الختامي، وان اعتمد مستواه بشكل رئيسي على التطور في أسعار النفط.
تردد البنوك في إقراض القطاع الخاص لايزال سيد الموقف
ذكر التقرير ان النشرة الاحصائية لبنك الكويت المركزي خلال الفترة من شهر يوليو وحتى سبتمبر ان بعض المؤشرات الاقتصادية والنقدية، التي تستحق تطوراتها متابعة وتوثيقا، منها تحقيق الميزان التجاري (صادرات سلعية ناقصا واردات سلعية) فائضا، بلغ نحو 3477.1 مليون دينار في الربع الثالث من العام الحالي، بعد ان بلغت قيمة صادرات الكويت السلعية، خلال هذا الربع نحو 4519 مليون دينار منها نحو 93.5% صادرات نفطية، بينما بلغت قيمة وارداتها السلعية ـ لا تشمل العسكرية ـ نحو 1041.9 مليون دينار وكان الميزان التجاري قد حقق فائضا، في الربع الاول من العام الحالي بلغ نحو 3497.2 مليون دينار، وارتفع هذا الفائض الى نحو 3856.9 مليون دينار في الربع الثاني، اي ان الميزان التجاري قد حقق فائضا بلغ نحو 10831.2 مليون دينار في الارباع الثلاثة الاولى من العام الحالي، او نحو 14442 مليون دينار، فيما لو حسب لكامل العام 2010، وهو فائض اعلى بما نسبته 55% من مثيله المحقق في عام 2009 والبالغ نحو 9314.7 مليون دينار ولكن فائض عام 2010 الفعلي يعتمد على حركة اسعار النفط، والمؤشرات توحي بأن فائض الميزان التجاري للعام بكامله قد يتجاوز حاجز الـ 15 مليار دينار وان كان ذلك لا يعني الكثير لان نحو 94%، من الصادرات هي مجرد استهلاك اصل. وتشير النشرة الى استمرار انخفاض المعدل الموزون للفائدة على الودائع الى نحو 2.266% في الربع الثالث من نحو 2.330% في الربع الثاني من العام الحالي، اي بنسبة انخفاض ربع سنوي تقارب -2.7% وكذلك انخفض، قليلا جدا، المعدل الموزون للفائدة على القروض، الى نحو 5.090% من نحو 5.098% للفترة نفسها، اي بنسبة انخفاض ربع سنوي قاربت -0.16%. وبلغ حجم ودائع القطاع الخاص، لدى البنوك المحلية، نحو 24355.6 مليون دينار بانخفاض طفيف من مستوى 24454.7 مليون دينار في نهاية الربع الثاني، اي بنسبة انخفاض ربع سنوي قاربت -0.4%، بينما ارتفعت، قليلا، مطالب البنوك المحلية على القطاع الخاص، الى نحو 27290 مليون دينار عن مستوى 27041.7 مليون دينار في نهاية الربع الثاني، محققة نسبة نمو ربع سنوي قاربت 0.9%، والاخير يعني ان تردد البنوك، في الاقراض، مازال سيد الموقف.
استقرار المؤشرات الاقتصادية في إيران «غير مريح»
تفاعلا مع تداعيات بدء ايران رفع الدعم الحكومي أوضح التقرير انه من المؤكد ان بعض سياسات الدعم الحكومــي أمــر لابد منه فعندما يتخلى الاقتصاد عن بعده الانساني يتحول الى وحش مختطف من قبل المسيطرين على مقدراته وقراراته، حكومة او حزبا او قطاعا خاصــا ولكن الدعم لابد له من التقيد بخاصيتين، الخاصيــة الأولــى هــي ذهابه لمــن يستحقــه فقــط، فــلا معنــى مثــلا لدعــم أسعار الكهرباء او الماء وهما سلعتان شحيحتان ومكلفتان وملوثتان، لمن يستهلك 10 أضعاف من يستحق ويستهلك فقط، ما يكفي لمواجهة ضروراته، أما الخاصية الثانية فهي القدرة المستدامة على الاستمرار في الدعم مقابل تكلفته البديلة، فلا معنى مثلا لزيادة رواتب العاملين وأجورهم ما لم يكن هناك مردود مقابل لتلك الزيادة يعوّض الفاقد، وما لم يكن بالإمكان خلق فرص عمل للمحتاجين اليها من القادمين الى سوق العمل، في المستقبل.
تلك المقدمة ضرورية لتحليل ما يحدث في ايران، هذه الأيام، من رفع لدعم أسعار المحروقات والسلع والخدمات الأساسية ـ ولاحقا ما عداها ـ لترتفع أسعار الوقود المدعوم أربعة أضعاف، لأول 60 ليترا في الشهر من ريال واحد او 10 سنتات أميركية الى 4 ريالات او 40 سنتا أميركيا، ومن 4 ريالات الى 7 ريالات أضعاف لما زاد على ذلك، والمثال الايراني ليس غرضه نقد سياساتها الاقتصادية، فنحن ولمصلحتنا نتمنى لها النجاح والاستقــرار ولكن لكونها حالة متقدمة لدول المنطقــة ففــي ايران التي يبلغ فيها نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي نحو 4484 دولارا ومعدل البطالة برقمين ـ e.i.u ديسمبر 2010 ـ ومعدل التضخم برقمين، يعني هذا القرار المتأخر ألما أكبر واحتمالات أكبر لضعف الاستقرار الداخلي، فقرار الأسبوع الفائت في ايران قرار صحيح، وهو في محتواه لا يختلف عن قرارات التقشف المعلنة في اليونان وايرلندا والبرتغال، وحتى ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا، ولكن فرق التوقيت والقدرة على الاحتمال، كبير بين حالة ايران وحالة أوروبا لصالح الأخيرة.