«الأنباء» على الحدود اللبنانية مع الأراضي المحتلة في ضيافة اللواء التاسع
قصة جيش متمسك بسيادته على كل شبر من أراضي وطنه الحدود اللبنانية مع الأراضي المحتلة عدنان الراشد ـ محمد الحسيني
بحزم وبموقف الند للند يتعامل الجيش اللبناني بمواجهة قوات الاحتلال الاسرائيلي عـــلى طول الحدود الفاصلة بين لبـــنان والاراضي الفلسطينية المــحتلة، دقة الوضع في هذه البـــقعة الحساسة جدا في المنطقة والعالم تتطلب من ضباط وعناصر الجيش يقظة عالية على مدار الساعة وتواصلا مع القيادة ومتابعة لما يجري على طول الخط الازرق وخــــط الانسحاب اضافة للتنسيق المستمر مع قوات اليونيفيل المنتشرة جنوبي نهر الليطاني من الناقورة الى مزارع شــبعا.
تحفظات لبنانية
الخط الازرق هو خط وهمي حدده القرار 1701 الذي انهى عدوان تموز (يوليو) 2006 الغاشم على لبنان الشقيق، لكنه لا يشكل ترسيما نهائيا للحدود بين الجانبين لان اسرائيل تستمر في احتلال جزء من الاراضي اللبنانية التي حددتها مصادر عسكرية لـ «الأنباء» على الشكل التالي: في المنطقة الممتدة من الناقورة الى بلدة الغجر هناك تحفظ لبناني على 3 نقاط في بليدا وعديسة والغـــجر، واعتبارا من النقطة التي تلي الغـــجر يتمسك الجانب اللبناني بإطلاق تسمية «خط الانسحاب» على المناطق الفاصلة ويصر على استكمال اسرائيل لانسحابها من العديد من النقاط والمناطق منها تلال كفر شوبا ومزارع شبعا.
وبالتعاون مع الجيش اللبناني قامت «الأنباء» بزيارة القطاع الشرقي من المنطقة الحدودية الذي يتولاه اللواء التاسع في الجيش اللبناني انطلاقا مـــن ثكنة مرجعيون في مهمة تأتــي استكمــالا لجــــولات سابقـــة لـ «الأنباء» مع الجيش اللبناني.
اللواء التاسع
تخللت الزيارة محطة في الثكنة التقينا خلالها قيادات اللواء التاسع وعلى رأسهم العميد فؤاد هيدموس.
تأسس اللواء التاسع في 1/1/1984 وهو احد الالوية الـ 11 التي يشملها الجيش اللبناني، وهو لواء على غرار الألوية الاخرى يؤدي مهامه بكفاءة وبالامكانيات على مستوى الآليات والعتاد ويقوم بمجهودات جبارة في اداء دوره.
تطــل ثكــنة مــرجعيون، التي يعود بناؤها الى عهد الانتداب الفرنسي على لبنان، على سهل الخيام الخلاب الذي كان قبل تحرير الجنوب اللبناني على يد المقاومة اللبنانية الباسلة في قبضة جيش الاحتلال الاسرائيلي وميليشيات انطوان لحد وقبله سعد حداد.
واضافة لمرورنا على عدد من النقاط الحدودية الاستراتيجية ومنها «بوابة فاطمة» الشهيرة، توقف وفد «الأنباء» عند 3 نقاط رئيسية، أولاها في بلدة الغجر وهي بلدة يسكنها نحو 2200 نسمة سوريي الاصول ويحملون الجنسية الاسرائيلية منذ ان وضعت اسرائيل قبضتها على البلدة في اعقاب حرب 1967، القطاع الشمالي في البلدة يقع بحسب الخط الازرق ضمن الاراضي اللبنانية ويحدده طريق ترابي يمكن رؤيته بوضوح من على نقطة «بسطرة» المطلة عليه والتي يمكن منها رؤية نقاط الالـــتقاء بـــين الاراضي اللبنــانــية والســورية والاراضي الفلسطينية المحتلة معا، في تلك النقطة التي وصلناها في مركبة عسكرية للجيش اوصلتنا الى نقطة الجيش هناك حيث اطلعنا على مواقع سابقة للجيش الاسرائيلي بينها مخبأ محصن هرمي الشكل كان جنود الاحتلال يحتمون فيه خوفا من هجمات المقاومة، وعلى بعد مئات الامتار منه يوجد موقع «فشكول» الاسرائيلي وعلى السفح يوجد ميدان تدريب سابق لميليشيات لحد في بلدة المجيدية التي تضم بيتا قائما تملكه ابنة المير مجيد ارسلان التي علمنا انها عادت تتردد الى بيتها وأراضي العائلة بعد التحرير.
من تلك النقطة ايضا يمكن مشاهدة تلال كفر شوبا الشامخة التي تنتظر استكمال تحريرها وعودتها الى الشرعية اللبنانية في اطار جهود الجيش اللبناني والمقاومة لاستكمال بسط السيادة على جميع الاراضي اللبنانية واستعادة الحقوق المغتصبة.
حماس وثقة
يلفت الزائر الحماس والزخم الذي يتمتع به الضباط والجنود اللبنانيون الذين يتحدثون بفخر عن الوقوف بثقة بوجه جنود الاحتلال.
الغجر ومياه الوزاني
عودة الــــى الغــــجر يتعـــاطف اللبنانيون مع أهلها الـــذين «رغم انهم يحملون الجنسية الاسرائيلية الا انهم عرب» ومن هــــذا المنطلق يسمح الجانب اللبنـــاني لهـــم بالاستفادة من مياه نبع نـــهر الوزاني التي يلتقي فيهـــا مع نهر الحاصباني عبـــر انـــابـــيب تم ايصالها الى الــبلدة لامدادها بالمياه العذبة، وخلال وجـــودنا تابعنا العملية الدوريــــة الــــتي تتم من خلالها عملية نقل المياه حيث يسمح بشكل دوري لعنصرين من البلدة بالنزول الى النبع للاشراف على عملية نقل المياه.
وأثناء وجودنا بالقرب من النبع تلقى الضابط الذي كان يرافقنا اتصــــالا من قوات اليونيـــفيل طـــلبوا فيه الموافقة على ارســـال 4 أشــخاص لتغيير الأنـــابــــيب، لكن الضابط رفض إعطاء الإذن بـــذلك إلا لشخصين من بين الأشخـــاص المعتمدين كما طلب توضيحا لأسباب تغيير الأنابيب والهدف منها والتأكد من أنها لا تهدف الى توسيع الغرض من عملية نقل المياه في مشهد حي عن الجدية في تعامل الجيش اللبناني مع الموقف هناك.
مقاومة من نوع آخر
الجولة شملت ايضا زيارة الى بلدة «الوزاني» حيث يمر نهر الوزاني في طريقه الى مصبه في بحيرة طبريا في الاراضي الفلسطينية المحتلة، في أعالي التلال المطلة على الجهة الجنوبية للنهر يمتد سياج اســـرائيلي فاصل، وعلى بـــعد أمتـــار تـــحت السياج قرر رجل أعمال لبـــناني يـــدعى خليل عبدالـــله خـــوض تـــجربة تجسد روح التحدي والإرادة الصـــلبة للبـــنانيين وارتـباطهم بأرضهم، حيث شرع عبدالله رغـــم المضـــايقات الاسرائيلية في بناء منـــتجع مطل على النـــهر عـــلى طـــراز مغربي فخــــم يبعث المزيد من الحــياة والأمل في تلك المنطقة.
وللحد من التحرشات الاسرائيلية التي تعكس نوعا من الحنق ازاء المبادرة، أقام الجيش اللبناني نقطة لضمان الحماية للموقع الجميل في واقعة تعكس ما لوجود الجيش في تلك المنطقة من أهمية وضرورة.
الى جانب الاهــــتمام بنا خلال الــــزيارة التي رافـــقنا خلالها ميـــدانيا ضباط من اللواء، حللنا ضيوفا على مائدة قائد وضباط اللواء التاسع في نادي الضباط في ثكنة مرجعيون على الافطار صباحا بعد أن تابعنا مراسم رفع العلم الصباحية ثم على الغداء، ولمسنا خلال وجودنا في الثكنة الحماس الكبير لدى الضباط لمهمتهم التي يقومون بها على أكمل وجه بإشراف مباشر من قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي علمنا انه قام بزيارة ميدانية للمنطقة في اليوم نفسه.
انطباعات
جملة انطباعات يسجلها الزائر للواء التاسع تتطابق مع ما سجلناه في زياراتنا للقطاعات الاخرى في الجيش اللبناني، أولها درجة الالتزام العالية والدقة والتفاني في أداء الواجب، وثانيها الكفاءة البشرية الواضحة في ادارة الوسائل وصيانة المركبات القديمة بأغلبها والاستغلال الامثل للآليات والعتاد رغم التناقض في مصادر هذه الآليات الذي فرضته المراحل والتجارب التي اجتازها هذا الجيش، فبينما زود قبيل الحرب الاهلية اللبنانية بتجهيزات أميركية الصنع، صادر الجيش بعيد الحرب معدات الميليشيات المتصارعة والتي كان اغلبها روسياً أو شرقياً.
وأخيرا وهو الأهم، تلفتك ثقة الجنوبيين العارمة بعقيدة الجيش وتقديرهم لجهود المقاومة اللبنانية وما قدمته من تضحيات، يعمل الجيش اليوم على مدار الساعة لاستكمالها وتثميرها والبناء عليها.
|
|
جانب من العرض العسكري في ثكنة مرجعيون
|
المنتجع المبني على الحدود بين لبنان والأراضي المحتلة على الطراز المغربي
|
|
|
الزملاء عدنان الراشد ومحمد الحسيني ومحمود الطويل عند ضفة نهر الوزاني بمحاذاة خط الانسحاب
|
في إحدى حدائق المنتجع وهو قيد الإنشاء على خط الانسحاب بين لبنان والأراضي المحتلة
|
«الأنباء» قامت بجولة ميدانية في قاعدة رياق الجوية بالبقاع اللبناني
.. هكذا غيّر الجيش اللبناني وجه معركته مع الإرهابيين
قاعدة رياق الجوية (البقاع اللبناني)
عدنان الراشد ـ محمد الحسيني
في العام 2007 توجهت انظار العالم بأسره الى مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان حيث خاض الجيش اللبناني ببسالة منقطعة النظير رغم امكانياته المادية المحدودة، واحدة من أشرس المعارك التاريخية ضد الارهاب كان طرفها الآخر تنظيم فتح الاسلام الارهابي. قدم الجيش اللبناني بقيادة العماد ميشال سليمان حينها كوكبة كبيرة من خيرة شبابه في مشهد اثار تعاطف العالم الذي شاهد جيشا لا يملك مقاتلات جوية وهو يبتكر بقدراته الذاتية البحتة تجهيزات لمروحياته المتواضعة والقديمة سمحت لها بتركيب قنابل تعود الى حقبة الستينيات لتدمير تحصينات ومباني الارهابيين بعد مواجهات شرسة في المخيم الذي لم يكن عرض ازقته يتجاوز المتر الواحد، حيث زودت المروحيات في عملية تجسد مقولة «الحاجة ام الاختراع» بقطع واجهزة مستخرجة من آليات قديمة تم تفكيكها وتركيبها لتأمين قدرات قتالية مدهشة وغير مسبوقة في العالم أثارت إعجاب ودهشة واهتمام كل من اطلع عليها وتابعها من الخبراء.
العقول المدبرة والأيادي المنفذة كانت في المشاغل الفنية للجيش اللبناني في قاعدة رياق الجوية في البقاع اللبناني التي قصدتها «الأنباء» حيث التقينا الضباط الفنيين وتابعنا في «هنغارات» الجيش حيثيات تلك التطورات التي أقضت مضاجع الارهابيين ولعبت دورا حاسما غيّر وجه المعركة بمباركة من العماد سليمان الذي اعرب حينها عن فخره الكبير برجال الجيش وعطائهم.
ويضم سلاح الجو اللبناني نحو 1300 عنصر وكغيره من قطاعات الجيش يعتمد على قدراته البشرية في تحقيق نجاحه رغم قدم معداته ومنها مثلا طائرة الـ «هوكر هانتر» الاميركية الصنع التي تعود الى حقبة الخمسينيات، اضافة الى مروحيات الـ «پوما» الـ «غزال» التي حصل لبنان على عدد منها من دولة الامارات الشقيقة. وصلنا الى قاعدة رياق وتوجهنا مع الضابط الفني الى «الهنغارات» حيث اطلعنا على نموذج لمروحية الـ «ريو. ون. اتش» التي تم تزويدها بصفيحة ألومنيوم اقتطعت من ملالة متهالكة تم تثبيتها في قاعدتها وجرى وصلها بنظام ضغط هوائي لالقاء القنابل وبقاذفات صواريخ على جانبي المروحية وفي الاسفل، واستخدمت في العملية كذلك قطع اخرى مستخرجة من سفينة تم تعديلها وتحويلها لنفس الغاية، واستغرقت العملية 25 يوما بعد الحصول على ضوء أخضر من العماد سليمان في ذلك الحين لسد حاجة الجيش لعمليات جوية كانت ضرورية في ظل تطورات الاحداث في معركة نهر البارد.
نجحت التجربة بشكل كبير وجرى تزويد 4 من المروحيات بالقنابل وأغلبها قديمة أو تم تصنيعها ذاتيا وانطلقت من مطار القليعات باتجاه المخيم، حيث أدت مهامها بشكل فاعل، وكانت عمليات تذخيرها تستغرق 6 دقائق وعمليات الوصول للمخيم 3 دقائق وكانت القنابل الموجهة وفق نظام gps ترمى في نطاق عمليات 200×200م بشكل دقيق.
لفتنا خلال الجولة الميدانية حماس الضابط الفني ورجال القاعدة لما أنجزوه ورغبتهم في القيام بالمزيد تحت شعار «ما من شيء مستحيل» والاستعداد لمزيد من الابتكار لتعزيز قوة سلاح الجو.
واطلعت «الأنباء» على عملية حية لإلقاء القنبلة استخدمت فيها قنبلة مصنوعة من «الباطون» تزن 50 كلغ أعدت للتجربة عبر قوالب في أحد المشاغل الفنية بالقاعدة.
كما قمنا بجولة اطلعنا خلالها على عدد المروحيات التابعة للجيش وعلى طائرات الـ «هوكر هانتر» الموجودة في القاعدة والتي تستخدم لغايات القتال الجوي والاستطلاع وفي العروض العسكرية.
كما اطلعنا على الملالة التي اقتطعت منها صفائح الالومنيوم لتعديل المروحيات.
زيارة قاعدة رياق عززت انطباعنا حول الجهود البشرية الكبيرة التي يتمتع بها كوادر الجيش اللبناني والتي يمكن وصفها بـ «كلمة السر» وراء نجاحات هذا الجيش الذي يحظى باحترام اللبنانيين الذين يتحدثون عنه بكل فخر كمؤسسة جامعة لأبناء البلد وكضمانة لمستقبله.
|
|
وفد «الأنباء» داخل ورشة التصنيع في قاعدة رياق الجوية
|
الزميلان عدنان الراشد ومحمد الحسيني أمام طائرة «الهوكر هانتر»
|
|
الزميلان عدنان الراشد ومحمد الحسيني عند مدخل قاعدة رياق الجوية في البقاع اللبناني
|
|
شرح حول كيفية تزويد المروحيات التابعة للجيش اللبناني بقطع وأجهزة مستخرجة من آليات قديمة لتهيئتها للقصف والمهمات القتالية كما حصل في المواجهة في معارك مخيم نهر البارد.. والزميل عدنان الراشد يجرب بنفسه عملية إلقاء إحدى القنابل باستخدام قنبلة غير حيّة
|
واقرأ ايضاً:
الجيش.. رهان جميع اللبنانيين على صون السيادة والاستقلال