بانوراما عن موزاييك شعبي تجمعه الفيدرالية.. والأمل بمستقبل زاهر يتجاوز آلام الماضي
العراق الجديد
- قادة العراق الجدد حريصون على بناء نموذج ديموقراطي عنوانه الشراكة وضمان حقوق جميع مكونات الشعب وإرساء السلام بالمنطقة
- تجربة الحكم الذاتي في كردستان اجتازت مراحل مهمة و4% فقط من سكان الإقليم يعيشون تحت خط الفقر مقابل 23% في باقي المناطق
-
استقرار الديموقراطية والعدالة شرطان للحفاظ على وحدة العراق.. وتوزيع الصلاحيات ضروري لضمان عدم عودة الديكتاتورية
-
عندما كان الأكراد يختلفون مع بغداد كانوا يلجأون إلى الجبال ويقاتلون.. أما اليوم فهم يلجأون إلى الحلول السياسية لمشاكلهم مع النظام
- المالكي يتمنى نجاح مجلس السياسات العليا برسم مستقبل السياسة الخارجية للعراق دون تدخله في التنفيذ
- ماراثونية تشكيل الحكومة العراقية تثمر إيجابيات أبرزها الاحتكام إلى الحوار تحت سقف الدستور
بغداد ـ أربيل ـ النجف ـ كربلاء (العراق) عدنان الراشد ـ محمد الحسيني
بين شمال العراق وجنوبه وعاصمته تنقل وفد الصحافة الكويتية الاسبوع الماضي مسجلا زيارة حافلة بالانطباعات واللقاءات الهامة على اعلى المستويات برفقة سفيري البلدين.
الزيارة كانت ابعد من مجرد مناسبة اعلامية لعقد لقاءات مع مسؤولي بلد جار وشقيق، وكان من بين أهدافها الأساسية تقييم حجم التطور في علاقات البلدين، والمبادرة في الانفتاح الاعلامي على العراق والتأكيد على ايماننا بقدرة العراق على تجاوز ارث الماضي الثقيل سياسيا وأمنيا.
الزيارة كانت ايضا مناسبة لمعايشة اوضاع العراق الفيدرالي على الارض، من خلال جولة ميدانية في إقليم كردستان ورصد الواقع فيه نظرا لما يشكله من اهمية بالنسبة لمستقبل العراق. ولعل أبرز ما سجلناه في الزيارة الحرص الكامل الذي لمسناه لدى الفرقاء العراقيين على بناء نموذج ديموقراطي عناوينه الشراكة وضمان حقوق جميع مكونات الشعب والعمل على ارساء الاستقرار والسلام والانفتاح على دول الجوار.
الديموقراطية شرط الوحدة
في الصيغة العراقية الجديدة، الديموقراطية شرط أساسي للحفاظ على وحدة العراق، وهذا ما أوضحه للوفد رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني الذي جدد التأكيد على حق الأكراد في تقرير المصير، معتبرا انه من المسلمات ان يستخدموا هذا الحق اذا عادت الديكتاتورية الى بغداد وغابت العدالة.
وفي الإطار نفسه أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي استضاف الوفد في قاعة اجتماعات مجلس الوزراء في بغداد على مدى 3 ساعات ان الدستور العراقي يضمن اليوم عدم حصر الصلاحيات في يد شخص واحد، مستشهدا بأنه كقائد للقوات المسلحة لا يستطيع الانفراد بقرارات الحرب وتعيين كبار قادة الجيش وغيرهما من الأمور بما يشكل ضمانة بأن العراق لن يعود الى سابق عهده.
رئيس المجلس الأعلى الإسلامي السيد عمار الحكيم الذي غمر الوفد بكرم ضيافته ورعايته على غرار الزيارات السابقة تحدث مطولا عن التجربة الديموقراطية الحالية في العراق وجوانبها الإيجابية والسلبية.
وأكد الحكيم انه لا ينظر إطلاقا بعين القلق الى تصريحات البرزاني بشأن تقرير المصير، وشرح وجهة نظره بالقول: الحديث عن الطلاق وظروفه ومفاعيله لا يعني وقوع الطلاق ولذلك لم نجد ما يدعو للقلق في حديث البرزاني.
لاحظنا كذلك ان تجربة الـ 9 أشهر التي أثمرت ولادة الحكومة العراقية قد انطوت على كثير من الايجابيات رغم طول المدة وماراثونيتها التي أدخلتها «غينيس بوك» للأرقام القياسية، فقد سمحت هذه الفترة بنقاش تأسيسي مهم عرض خلاله الجميع وجهات نظرهم للمستقبل ومخاوفهم وطروحاتهم والأهم مبدأ الاحتكام الى طاولة الحوار في المسائل الكبرى وضرورة التمسك بالدستور والرجوع اليه أو الى المحكمة العليا بحال الخلاف حول تفسير أي من بنوده.
علاوي والتدخل الإيراني
الاستياء الوحيد الذي لمسناه كان من د.اياد علاوي الذي جدد شكواه من حجم التدخل الايراني الذي بلغ حد وضع «فيتو» - كما أكد - على اسمه في عملية التنافس على رئاسة الوزراء رغم ما كان اسمه يلاقيه من قبول وترحيب في أرجاء المنطقة.
مجلس السياسات العليا
ومقابل ما أبداه علاوي من هواجس حيال فاعلية مجلس السياسات العليا الذي أنيطت به رئاسته، بدا غريمه رئيس الوزراء نوري المالكي متحمسا للدور والزخم الذي يمكن ان يقدمه هذا المجلس.
وقال المالكي انه في الدول المتقدمة مراكز الدراسات وليس السلطة التنفيذية هي التي تصيغ الاستراتيجيات التي تقوم عليها السياسات وهو يتمنى ان يخرج مجلس السياسات العليا باستراتيجيات بشأن مستقبل السياسة الخارجية للعراق وطبيعة النموذج الاقتصادي الذي سيتبناه في ظل تحوله من الاقتصاد المركزي الى اقتصاد السوق، حيث يحتاج العراق الى تحديد أي نموذج من نماذج السوق الحر يريد، خاصة بعدما أظهرته الأزمة العالمية الأخيرة من سلبيات تعتري بعض النماذج الاقتصادية الرأسمالية.
لكن قد بدا جليا ان المالكي لا يريد للمجلس الجديد ان يتدخل في التنفيذ لأن ذلك «يعطل عمل السلطة التنفيذية»، موضحا ان قرارات مجلس السياسات تظل توصيات إلا اذا حصلت على أكثر من 80% لكنه أكد أهمية دور هذا المجلس.
كردستان.. العراق
تحت عنوان «استثمر في المستقبل» نشرت حكومة إقليم كردستان اصدارا عام 2009 حول التوجهات السياسية والاقتصادية والثقافية لحكومة الاقليم، اضافة الى نظرة عدد من كبار المسؤولين في العالم الى تجربة الاقليم ولمحة تاريخية عن التجارب التي مر بها أكراد العراق لاسيما معاناتهم ومآسيهم الكبيرة في القرن الـ 20.
يقول الاصدار انه عندما كان الأكراد يختلفون مع بغداد بالماضي، كانوا يلجأون الى الجبال ويقاتلون، اما اليوم فهم يلجأون الى الحلول السياسية ويؤمنون بها.
والواقع انه يجب ألا نستغرب ذلك اطلاقا، فعلى رأس جمهورية العراق اليوم رئيس كردي هو جلال الطالباني وعلى رأس ديبلوماسية العراق شخصية كردية معروفة للعالم هو الوزير المخضرم هوشيار زيباري، كما ان رئيس اقليم كردستان د.برهم صالح كان نفسه نائبا لرئيس الوزراء في الحكومة الاتحادية.
شعار «عراق ديموقراطي وحكم ذاتي» الذي قام عليه الحزب الديموقراطي أعرق الأحزاب الكردية في العراق عام 1946 هو العنوان العريض للنهج الكردي في العراق اليوم، رغم وجود عدد كبير من نقاط الخلاف والمشاكل غير السهلة بين الحكومة الاتحادية من جهة، وحكومة اقليم كردستان العراق من جهة اخرى، تبدأ بالخلاف حول مستقبل كركوك.
مشكلة كركوك
تنص المادة 140 من دستور العراق الصادر عام 2005 على حسم مصير كركوك وما اذا كانت ستضم الى اقليم كردستان يحسمه استفتاء كان من المفترض ان يجري في 2009.
يصر الأكراد على ان كركوك مدينة ذات غالبية كردية ويخشون ان تبقى خارج الاقليم ويعتبرون ان نظام الشراكة في الحكم فيها مع العرب والتركمان امر غير عادل لأن المشكلة بدأت عندما عمد نظام البعث الى تعريب المدينة وفصل 4 مقاطعات ذات غالبية كردية عنها وعمل على تغيير ديموغرافيتها انطلاقا من غناها بالنفط، وهم يرون انه لابد ان ان تعود المدينة الى وضعها الطبيعي بعودة المهجرين الأكراد ومساعدة الأسر العربية على العودة الى مناطقها الأصلية.
ويعتبر الأكراد ان الحديث عن تخطيطهم للاستئثار بموارد كركوك النفطية أمر في غير محله لأنهم وقعوا أصلا على وثيقة توزيع ايرادات النفط على الجميع في العراق أيا كان موقع هذه الموارد، كما يرون ان اتهامهم بمثل هذا الأمر في غير محله لأن منشآت كركوك النفطية لن تنجح بالانتاج الا عبر الخطوط التركية والعربية، ويقولون ان عدم شمول كركوك بالإقليم قد حرم المدينة من كثير من فرص التطوير على كل الصعد.
وبالمقابل، فإن العرب يرون ان المادة 140 منتهية المفاعيل والمساومات بشأن اعادتها ستدخل كركوك والمناطق المتنازع عليها في نفق خلافات طويل، كما قاطع العرب والتركمان لجنة شكلتها وزارة التخطيط والتعاون لبحث معوقات الاحصاء ورفضوا اجراءه خوفا من تبعاته السياسية وطالبوا بلجنة تقصي حقائق للتقصي عن عمليات يقولون ان الأكراد قاموا بها لإحداث تغيير سكاني منذ 2003.
من يزور مناطق العراق يلاحظ بوضوح ان اقليم كردستان قد حقق خطوات تقدم اكبر على مدى السنوات الماضية من باقي المدن، ولاشك في ان الاستقرار الأمني والعمل المستمر منذ 1991 بدعم أميركي وفرنسي وبريطاني بشكل خاص ودولي بشكل عام قد ساهم في هذا التقدم، وتشير احصاءات العام 2009 الى ان 4% فقط من سكان الاقليم يعيشون تحت خط الفقر بينما تصل النسبة الى 23% في باقي المناطق.
سيطرة الحزبين
اجتازت تجربة الحكم الذاتي في كردستان مراحل مهمة ساهمت في ترسيخها، لكن اللافت ان التجربة الديموقراطية في الاقليم تقوم على تحالف بين أكبر حزبين الحزب الديموقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني متجاوزين خلافاتهما التاريخية.
سيطرة الحزبين على حكومة الإقليم والأغلبية البرلمانية فيه والأغلبية على مستوى التمثيل في المؤسسات الاتحادية وصفها رئيس برلمان كردستان كمال كركوكي بأنها «أمر طبيعي يعكس شعبية الحزبين اللذين من حقهما التحالف».
وبالمقابل تصف المعارضة التحالف بأنه احتكار للسلطة، وتشير الى بروز حزب «التغيير» انطلاقا من معارضة الواقع السياسي الذي فرضه الحزبان.
وجهة سياحية
بمناخها البارد جدا وأجوائها الحالمة ونظافة شوارعها النابضة بالحياة بدت أربيل مدينة ساحرة بامتياز ووجهة سياحية مميزة تشبه الى حد بعيد كبريات المدن السياحية في أوروبا.. يعزز جماليتها واستحقاقها لهذا الوصف مطارها الرحب وفنادقها الممتازة.
بغداد مقيدة
رغم التحسن المستمر في الوضع الأمني لمدينة الرشيد العابقة بالتاريخ، إلا ان الحواجز والقواطع الاسمنتية تبدو كأغلال وأصفاد تكبل المدينة التواقة للحياة، وتضفي جوا كئيبا على جاداتها وأحيائها وشوارعها من الكرادة الى الكاظمية والأعظمية والجادرية وميدان التحرير وشارع أبونواس الشهير، وبالتأكيد المنطقة الخضراء المحصنة كثكنة عسكرية ضخمة، ويمضي نهر دجلة يتثاقل رتيبا في قلب المدينة بانتظار عودة المياه الى طبيعتها.
النجف
مدينة النجف تستقبل زوارها بترحاب، لكن حالة الفقر والجمود التي استمرت عقودا تجعل من إعادة الاشراق الى المدينة عملية شاقة تتطلب استثمارات ضخمة، وفيها فرص واعدة كثيرة.
مسجد أبي حنيفة
رافق الوفد خلال تجوالنا بمختلف المناطق موكب أمني مشدد وتابعنا ولو من خلف زجاج نوافذ المركبات التي أقلتنا إلى معالم مهمة خاصة في بغداد منها مسجد الإمام أبي حنيفة النعمان الذي يحمل ذكرى أحد أعظم الشخصيات في تاريخ بغداد والإسلام.
الوفد.. عن قرب!
عكس الود والانسجام بين أعضاء الوفد وتعاونهم العلاقة المميزة داخل الأسرة الإعلامية الكويتية، وكانت الزيارة مناسبة اطلعنا خلالها على ميزات يتمتع بها أعضاء الوفد ومنها على سبيل المثال لا الحصر الثقافة الموسوعية والمهنية العالية للزميل حمزة عليان (القبس) والسعي الدؤوب للانفراد والتميز والبحث عن الخبر الحصري لدى الزميلة وفاء قنصور (الوطن) التي كانت تتحرك كنحلة مواظبة ونشيطة في كل مكان، والالتزام وأعلى درجات التركيز والدقة لدى الزميلة منى ششتر (كونا)، والمثابرة والجهد عملا بشعار «لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد» لدى الزميل محمد ابراهيم عبدالخالق (مصور كونا) والكياسة والتحليلات المنطقية التي تثري النقاش على الدوام لدى «الساميين» سامي النصف ود.سامي خليفة وكل من د.عصام الفليج ود.وليد الحداد ود. عبدالرضا أسيري، والاهتمام بالتكنولوجيا والدعوة لتنظيم الحياة السياسية والارتقاء بها لدى الزميل حسن الأنصاري (الدار والعدالة) وحب الاطلاع والملاحظات السديدة لدى المحامية فوزية الصباح «الراي» والإلمام بالتفاصيل وحب التاريخ لدى الزميل عبدالله زمان (الراي) والهدوء والتحلي بالمنطق لدى الزميل عادل دشتي (الدار).
الزيارة كانت ايضا محطة ترسخت خلالها نظرتنا الى الزميل الكبير أحمد بهبهاني كأب فاضل للصحافة الكويتية وخير ممثل لها بخبرته الطويلة وتواضعه الجم.
السفير الأب
في مختلف محطات الزيارة أحاطنا السفير علي المؤمن برعاية كاملة، جلس معنا ساعات طوالا أثراها بالحديث عن تجاربه، لفت نظرنا تعامل السفير مع الفريق المحيط به سواء الديبلوماسي أو الأمني بحس أبوي يعكس إنسانيته العالية ووفاءه للكويت ورمزها صاحب السمو الأمير حفظه الله.
العماد
السمات التي تميز الزميلة «النهار» بدءا من خطها الوطني المعتدل وطرحها المتزن والراقي هي نتيجة طبيعية لجهد دؤوب يبذله رئيس تحريرها الزميل عماد بوخمسين، الذي رافقناه خلال الزيارة فكان خير رفيق وزميل برقيه في التعامل وحرصه على إعطاء أفضل صورة عن الإعلام الكويتي الرصين.
السفيران تحدثا على هامش زيارة الوفد الإعلامي الزائر للعراق
المؤمن: سعيد بمصطلح «الكويت الشقيقة والحبيبة» في الإعلام العراقي
- بحر العلوم: نجحنا في إزالة حالة «العراق - فوبيا» بالكويت
أكد سفيرنا لدى العراق علي المؤمن والسفير العراقي لدى الكويت محمد حسين بحر العلوم على هامش مشاركتها في جولة وفد الصحافة الكويتية الزائر للعراق ان العلاقات الكويتية ـ العراقية تواصل تحسنها، مستدلين بكثير من المعطيات السياسية والاعلامية والشعبية في البلدين.
فمن جهته قال السفير المؤمن انه سعيد برؤية مصطلحات مثل «الكويت الشقيقة» و«الكويت الحبيبة» في الاعلام العراقي لان البلدين شقيقان بالفعل، مضيفا: عندما انظر لما كان عليه الحال قبل 3 سنوات مثلا، وما هو عليه اليوم ادرك حجم التقدم في العراق على كل المستويات، بما فيها الامن، وقال المؤمن انه اوصى القيادة السياسية بأن الاوضاع الامنية في العراق اصبحت تسمح بزيارة المسؤولين الكويتيين على جــميع المستويات. من جانبه، قال السفير بحر العلوم انه كان سعيدا لان الهجمة الاعلامية على العراق في الكويت قد خفت بعدما تم تبديد الشكوك، وقال بحرالعلوم: نحن نتفهم معاناة الكويت وقد عملنا بجهد لتبديد حالة «العراق ـ فوبيا» التي كانت سائدة هنا من خلال ايصال الرسائل التطمينية اللازمة، ونحن سعداء بأننا نجحنا في ذلك، ونأمل ان يكون كل ما حصل قد اصبح جزءا من الماضي.
وكيل وزارة الثقافة: نعتذر لأهل الكويت
على هامش زيارة وفد الصحافة الكويتية لنائب الرئيس العراقي د.عادل عبدالمهدي اعرب عضو لجنة دعم العلاقات العراقية ـ الكويتية ووكيل وزارة الثقافة العراقية د.فوزي الأتروشي عن اعتزازه بالزيارة التي تشكل «دعامة أساسية لعملية بناء الثقة بين الجانبين».
وأضاف: نحن نسعى دائما وأبدا لتفعيل علاقتنا مع الكويت الشقيقة والعزيزة على قلوبنا ونتعاطف معها بوجه المخططات الدنيئة لابتلاعها على يد الديكتاتور السابق.
وأضاف الأتروشي: بكل صراحة نعتذر كعراقيين عن العمل الشنيع الذي ارتكبه صدام باسمنا ونطلب من شعب الكويت ان يطوي صفحة المأساة ويفتح صفحة من التسامح والتآلف مع العراق الجديد.
قلعة أربيل.. أقدم مستوطنة بشرية في التاريخ
هي أقدم مستوطنة بشرية في التاريخ، ويعود تاريخها إلى عصر الآشوريين والى حوالي الألف الأول قبل الميلاد.
سميت «أربيل» لأن القلعة كان اسمها «اربأيلو» وكلمة اربيل مأخوذة منها وتعني الآلهة الأربعة في اللغة الآشورية وسميت بالقلعة لانها كانت عالية وأشبه بالدرع في الحروب.
وعدا عن كونها معلما اثريا ومعماريا قديما فهي تحوي العديد من المباني والآثار الأخرى التي تحكي حقبات عديدة مرت على تاريخ المدينة المقدسة صاحبة آلهة الآشوريين ويبرز على الواجهة الأمامية للقلعة نصب تمثال ابن المستوفي وهو مبارك بن احمد شرف الدين المعروف بابن المستوفي، كان مؤرخا ووزيرا في اربيل في حقبة السلطان مظفر الدين كوكبري، ولد ابن المستوفي في سنة 564هـ الموافق لسنة 1169م في قلعة اربيل وتوفي فيها سنة 637هـ الموافق لسنة 1239م كان ابن المستوفي ضليعا في مجالات التاريخ والأدب واللغة وله نتاجات كثيرة أهمها كتابه «تاريخ أربيل» من أربعة أجزاء.
يذكر ان قلعة اربيل اصبحت جزءا من التراث العالمي بقرار من منظمة اليونسكو.
من أجواء الزيارة
- تشرف أعضاء الوفد بزيارة مقامات الإمام علي بن أبي طالب في النجف والإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد في بغداد والإمامين الحسين بن علي وأبوالفضل العباس في كربلاء عليهم جميعا السلام.
- جال الوفد في شوارع اربيل وزرنا مجمع «مجيدي» التجاري الشهير وكان الطقس في المدينة باردا جدا ودرجات الحرارة تنخفض إلى حدود الصفر ليلا.
- التقط الزملاء صورا تذكارية مع عناصر البشمركة في مبنى برلمان كردستان في اربيل، إضافة الى لقطة جماعية مع رئيس البرلمان أمام صورة ضخمة للقائد التاريخي مصطفى البارزاني.
- قام الوفد بزيارة سريعة لقلعة اربيل التاريخية التي يعود تاريخها الى 7 آلاف سنة وأسواق المدينة القديمة.
- اختلفت الأطباق المقدمة بين مختلف المحطات التي زرناها وبينها مطعم «أبوشهاب» في اربيل.
- انتقل الوفد جوا من بغداد الى اربيل ومن ثم من اربيل الى بغداد وبرا من بغداد الى النجف، حيث التقينا السيد محمد سعيد الحكيم والسيد محمد بحر العلوم، التي عدنا عبر مطارها الى الكويت، كما انتقل الوفد برا من النجف الى كربلاء.
- لم تغب الأجواء السياسية في الكويت خاصة تطورات جلسة التصويت على طلب عدم التعاون وما تلاها من مواقف عن الزملاء الذين كانوا يتابعونها أولا بأول عبر الرسائل والاتصالات، وكان التنوع في مكونات الوفد مناسبة لمناقشة التطورات وعرض مختلف وجهات النظر بشأنها، خاصة في فترات التنقل برا بين المدن العراقية.
|
وزير الخارجية العراقي أكد حرص حكومته على معالجة القضايا المتبقية في أسرع وقت ممكن والوفاء بالالتزامات المترتبة على ذلك
زيباري: الحالة بين العراق والكويت تحتاج إلى معالجة عقلانية
- حين كلفت بكرسي الخارجية كان أول من أخذ بيدي في الجامعة العربية د.محمد الصباح وكان لتصرفه معنى رمزي كبير لي وللعراق الجديد
- تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بالكويت سيكون من أولويات الحكومة الجديدة وملتزمون بملفي المفقودين والممتلكات الكويتية مهما طال الزمن
بغداد ـ منى ششتر
اكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري التزام بلاده بتنفيذ القرارات الاممية الخاصة بالحالة بين العراق والكويت وحرص حكومته على ذلك داعيا الى معالجة القضايا المتبقية في اسرع وقت ممكن والوفاء بالالتزامات المترتبة على ذلك.
واعرب زيباري خلال لقائه الوفد الإعلامي الكويتي الزائر عن سعادته بزيارة الوفد الى العراق داعيا الى تبادل الزيارات بين البلدين الشقيقين على المستويات كافة بما من شأنه العمل على تعزيز العلاقات بين البلدين الجارين الشقيقين.
واوضح ان العراق يتفهم حساسية الشعب الكويتي تجاهه «فالكويت والحمد لله لم تتعرض منذ نشأتها الى اعتداء على أراضيها وشعبها وكان الحدث الأكبر في هذا المجال الغزو الصدامي الذي اعتدى وسرق ونهب وأصبحت الكويت بين ليلة وضحاها محتلة».
وقال ان ازالة معاناة الشعب الكويتي ومخاوفه من الجانب العراقي «تتطلب أفعالا حقيقية وليس فقط حسن نية»، مضيفا «نحن نتفهم ذلك وهناك الكثير من القادة والسياسيين في العراق الجديد وغيرهم من أبناء الشعب يعملون على تحسين العلاقات العراقية ـ الكويتية».
واستذكر في هذا السياق ما قام به نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ د.محمد الصباح «حين كلفت بكرسي الوزارة بعد سقوط النظام الصدامي وذهبت الى جامعة الدول العربية وكان اول من أخذ بيدي هو الشيخ د.محمد الصباح الى قاعة مجلس الجامعة أمام جميع وزراء خارجية الدول العربية وكان لتصرفه معنى رمزي كبير لي وللعراق الجديد» في اشارة الى ان ذلك يعني «فتح صفحة جديدة للبلدين».
وعن خروج العراق من الفصل السابع قال زيباري «عملنا كثيرا للخروج من هذا الفصل ومن القرارات التي فرضت على العراق كبلد بعد ان اوفينا بالتزاماتنا في نزع اسلحة الدمار الشامل وبرنامج النفط مقابل الغذاء وحماية الاموال وماتبقى من قرارات مفروضة علينا تحت هذا الفصل هي الحالة بين العراق والكويت».
واضاف ان «تنفيذ هذه القرارات سيكون من اولويات الحكومة الجديدة وواجبنا ومهمتنا ان نعمل في هذا الاتجاه فلابد ان نعالج هذه القضايا المتبقية في اسرع وقت ممكن وان نفي بكل التزاماتنا».
واكد ضرورة تنفيذ العراق للقرارات الاممية «وان لم يكن للشعب ذنب فيما ارتكبته يد النظام الصدامي لأن الامم المتحدة فرضت القرارات على العراق كبلد ولم تذكر اسم صدام حسين او حزب البعث» مبينا ان ذلك يعني ان العراق هو المسؤول عن تنفيذ القرارات «وهذه أمور فنية يجب ان نوضحها ونفهمها ونعمل عليها بعيدا عن الرغبات والعواطف».
وذكر زيباري ان موضوع الحالة بين العراق والكويت يحتاج الى معالجة «عقلانية» من الطرفين العراقي والكويتي «ويجب ان نحصره في قنواته الرسمية ولا نستمع الى اي اصوات خارج هذه القنوات» مضيفا «اننا ان نبدأ الان افضل من ان نبدأ غدا».
وقال ان «الصورة حاليا واضحة جدا وهناك قضايا اساسية وجوهرية في قرار الامم المتحدة رقم (833) في شأن حدود الكويت وامنها وسيادتها وحريتها وهي مفتاح الحل الاساسي للتعويضات والملف الانساني والديون والأرشيف وغيرها من قضايا» مضيفا اننا نعمل على حلها من خلال الحوار والمباحثات.
واضاف انه بالنسبة للملف الانساني والمفقودين والممتلكات الكويتية فان العراق الجديد ملتزم ببحث تلك الملفات والعمل على حلها مهما طال الزمان «ونتفهم مشاعر اهل المفقودين ومعاناتهم وتلهفهم لمعرفة أخبارهم لذا اقترحنا وجود وفد كويتي بشكل دائم في العراق للبحث عن المفقودين ويكون تحت ولاية الامم المتحدة».
وذكر ان من شان ذلك تفعيل البحث بشكل جدي عن المفقودين والقضاء على المعوقات التي كانت تعترض فريق البحث في السابق وتعمل على تعطيل اعماله أو تأخيرها.
وقال زيباري ان الحكومات العراقية التي تعاقبت على حكم العراق بعد سقوط النظام الصدامي لم تأل جهدا في البحث عن الارشيف الكويتي مبينا ان بلده ذاته تعرض للنهب بشكل كامل لاسيما الوزارات والادارات الحكومية والوثائق التي كانت فيها «ومع ذلك لا نزال نبحث عن أرشيف الكويت وأعلنا عن مكافآت لمن يتقدم بمعلومة أو بوثائق من ذلك الأرشيف».
وأكد استعداد الحكومة الحالية لحل كل القضايا العالقة بين البلدين الشقيقين ومعالجتها جذريا «ولا نريد ان يبقى هذا الجرح مفتوحا الى ما لا نهاية» مبينا انه لا مصلحة لأي من الطرفين في ذلك «وانا أرى الآفاق مشرقة أمامنا».
وقال ان الفتور الذي شهدته العلاقات بين البلدين نتيجة للتهور الصدامي في حق الكويت «لم يستطع أبدا ان يقلل من الحب الذي نكنه في قلوبنا لأهلنا في الكويت فلكم مكانة كبيرة عندنا».
وعن استعداد بلاده لاستضافة القمة العربية القادمة اكد زيباري استعداد بلاده لاستضافتها في عاصمة الرشيد مضيفا اننا نعمل بكل ما اوتينا حتى نكون على مستوى التحدي.
واكد حاجة بلاده والدول العربية على حد سواء لعقد القمة في العاصمة بغداد «فهذه القمة تعني اعادة احتضان الامة العربية للعراق» مشيرا الى انه من الطبيعي الا يكون التمثيل بالنسبة للقادة العرب كاملا «وهذا هو حال كل القمم السابقة كما اخذنا تعهدات من دول مهمة بالحضور».
واشاد في هذا الصدد باستجابة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد للدعوة الى القمة مبينا ان سموه كان «اول قائد يوافق على ذلك».
واعتبر وزير الخارجية العراقي ان الوضع الامني الذي تعيشه العراق حاليا هو «الافضل منذ سقوط النظام الصدامي في عام 2003».
وأوضح ان تأهيل الكويت لجزيرة بوبيان وانشاء ميناء دولي فيها من شأنه أن يخدم بلاده من الناحية الاقتصادية من خلال مرور عمليات التصدير الى العراق «لاسيما اننا لا نملك منفذا بحريا على الخليج».
وأكد اهتمام الحكومة العراقية بمواطنيها الذين يعيشون في الخارج لاسيما من ذوي الاختصاصات العلمية والخبرة مشيرا الى ان ثمة مبالغة في عدد الموجودين منهم في كل بلد.
وذكر ان هجرة هؤلاء جاءت بسبب سياسات بعض الانظمة التي تعاقبت على حكم العراق لاسيما النظام الصدامي والتناحر بين الطوائف والقوميات اضافة الى عدم توافر سبل العيش الكريم لعقود من الزمان «والآن عاد الكثير منهم».
وشدد زيباري على حاجة العراق «لهذه الشريحة المهمة فقد كانت القوى البشرية دائما احد مصادر قوة العراق تاريخيا.. عندنا هذه الطاقة ولابد من استثمارها لاعادة اعمار البلاد في المجالات كافة» مضيفا «اننا نحتاج ايضا الى خلق بيئة جيدة وظروف عمل وحياة اجتماعية طبيعية».
واكد دور الاعلام الكويتي والعراقي «الهام والحيوي» وتعاونهما مع القيادة السياسية في البلدين في الدفع باتجاه كل ما من شأنه تحقيق صالح البلدين والشعبين الشقيقين.
واشار الى ضرورة عدم الالتفات الى الماضي والعمل للمستقبل «كما يجب عدم اخذ ما تبثه وسائل الاعلام غير الرسمية او ما يقوله افراد لا يمثلون جهة رسمية بعين الاعتبار» معربا في الوقت ذاته عن تفاؤله بعبور هذه المرحلة بين البلدين «خلال اشهر وليس سنوات وهذا ما نعمل على تحقيقه وان شاء الله سترون مبادرات طيبة في هذا الشأن».