الأنباء - أنقرة
كشفت المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا عن مجموعة من الحقائق، كما ألقت الضوء على عدد من العوامل التي ساهمت في إحباط عملية انقلابية كانت ستترك تداعيات وخيمة ليس على تركيا فقط بل ايضا على جوارها وربما على صعيد العالم ككل.
ففي ليلة 15 يوليو الماضي، فوجئ العالم بأخبار عن استيلاء وحدات من الجيش على السلطة في تركيا، وكان ذلك صادما بشكل خاص، لأنه جاء بعد اشهر قليلة من انتخابات عامة اكدت بأغلبية كبيرة من الاصوات وقوف الشعب التركي الى جانب حكومته بقيادة الرئيس رجب طيب اردوغان.
واذا كان صحيحا ان تركيا شهدت في الاشهر القليلة الماضية عددا من المشكلات، كانت ابرزها التفجيرات الارهابية في مدن تركية، الا ان المفاجئ كان ان تفكر اي جهة في اغتصاب السلطة في مواجهة مثل ذلك التأييد الشعبي الكبير للمؤسسات الديموقراطية في البلاد.
ومنذ اللحظات الاولى بدا ان التأييد الهزيل للانقلابيين جاء من انصار ومؤيدي فتح الله غولن الذي كان يقيم في منفاه الاختياري بالولايات المتحدة.
وكان من الطبيعي ان توجه اصابع الاتهام الى هذا التنظيم الذي كانت الحكومة تشير اليه دائما باسم التنظيم الموازي والإرهابي بسبب تغلغله في معظم مؤسسات الدولة وشبكته الواسعة التي تمتلك وجودا في معظم دول العالم.
والحقيقة ان غولن لم يخف يوما سعيه الى نشر تنظيمه في مختلف دوائر ومؤسسات الدولة التركية، فضلا عن استغلال منظماته ذات الطابع التربوي والاجتماعي ظاهريا لاختراق بعض شرائح المجتمع التركي.
وكانت لدى السلطات التركية معلومات مؤكدة عن البنية الهيكلية للتنظيم الإرهابي التي تقوم على ما يشبه نظام الخلايا التي تركزت بشكل خاص في مؤسسات الدولة القضائية والعسكرية والأمنية.
واتضح اسلوب عمل ما سمي بالكيان الموازي بعد تكشف عمليات واسعة للتجسس على اتصالات سياسيين اتراك من الحزب الحاكم واحزاب المعارضة على السواء، وطالت رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء واعضاء في الحكومة ورجال اعمال وموظفين كبارا، كما اكتشفت السلطات لجوء التنظيم الى التلاعب بامتحانات القبول في كثير من المؤسسات بهدف ادخال انصاره في تلك المؤسسات.
واذا كانت تلك الاساليب تبدو سلمية في الظاهر، الا انها لم تكن كافية لتحقيق الهدف الرئيسي وهو الاستيلاء على السلطة والذي لم يكن ممكنا عن طريق الانتخابات الديموقراطية الحرة التي ترسخت جذورها في النظام السياسي التركي.
ومن هنا، جاءت المحاولة الانقلابية للقفز الى السلطة بقوة السلاح، كما اتضح من خلال لجوء الانقلابيين الى استخدام سلاح الطيران لقصف مباني البرلمان ومقر الرئاسة وغيرهما من الدوائر الحكومية مما أدى الى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى.
انهيار سريع للانقلابيين
مما لا شك فيه ان الشعب التركي لعب الدور الحاسم في إحباط المحاولة الانقلابية، كما تجلى في نزول المواطنين الى الشوارع في مقاومة سلمية للانقلابيين حتى قبل ان يتلقوا الدعوة الى ذلك من الرئيس اردوغان ورئيس الحكومة يلدرين.
إضافة الى ذلك أعلنت معظم الاحزاب السياسية في البلاد والمعارضة منها بصفة خاصة عن رفضها للاعتداء على الديموقراطية التركية وشجبها للمحاولة الانقلابية.
وخلال ساعات قليلة من تحرك الانقلابيين اتضح ضيق دائرة التأييد لهم سواء من وسائل الإعلام الحكومية والخاصة او من الأغلبية الساحقة من المؤسسات والدوائر الحكومية في البلاد.
هذا، كله يفسر سبب الانهيار السريع والكلي للانقلابيين كما يدحض بعض النظريات التي تحدثت عن ان المحاولة كانت مفتعلة من قبل الحكومة.
ومع سيطرة الحكومة على الوضع الأمني كان من الطبيعي ان تتجه الجهود الى تفكيك البنية التنظيمية التي كان يراد لها ان تكون رديفا للانقلابيين، ونظرا للدور الذي لعبه التنظيم داخل الجهاز القضائي كان من الضروري إزاحة أنصار غولن من ذلك الجهاز، وسمح إعلان حالة الطوارئ، وهو خطوة دستورية لا غبار عليها في مثل تلك الظروف بأن تعطى الحكومة سلطات استثنائية لوضع حد لتغلغل أنصار غولن في مختلف مؤسسات الدولة والمجتمع، وفي الواقع لم يقتصر الأمر على استبعاد عدد كبير من القضاة وقضاة المحكمة العليا بل امتد ليشمل واحدا من المعاقل الرئيسية للتنظيم وهو الكادر التعليمي على جميع المستويات بما فيها الجامعي، كما طالت الاجراءات عددا من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة التي اعتبرت جزءا مما أطلقت عليه الحكومة اسم «الدولة العميقة» والمعروفة بدعمها لغولن ومنظمته.
تصحيح المغالطات
وفي الوقت ذاته تعمل أجهزة الإعلام الحكومية والخاصة الملتزمة بالنظام الديموقراطي وان كانت تنتمي الى المعارضة على تبديد الانطباعات المضللة عن حركة غولن التي يروج لها بعض الاعلام الغربي والاميركي. ومن هذه الانطباعات ان تنظيم غولن هو اساسا تنظيم دعوي اسلامي لا يطمح للاستيلاء على السلطة، وهي تورد في هذا السياق مقطعا من احدى مواعظه يقول فيه: «عليكم ان تتحركوا في شرايين النظام من دون ان يكتشف أمركم الى ان تصلوا الى كل مراكز السلطة وعندما تصبح الشروط ناضجة، عليكم الانتظار الى ان تتمكنوا من السيطرة على سلطة الدولة وان تحشدوا الى جانبكم سلطة المؤسسات الدستورية في تركيا، وأي خطوة قبل ذلك ستكون سابقة لأوانها مثل كسر بيضة قبل انتهاء مدة الـ 40 يوما الضرورية لكي تفقس لأنكم ستكونون بذلك كمن يقتل الصوص في داخلها».
ومن الواضح ان تنظيم غولن الارهابي نجح على مدى سنوات في إنشاء آلة ضغط قوية في الولايات المتحدة والغرب. وتشير مصادر موالية للحكومة الى ان الامكانات المالية للتنظيم تتراوح بين 25 مليارا و50 مليار دولار حسب تقديرات الحكومة الأميركية وأن هذه الثروة تُستخدم ضمن أشياء كثيرة في تمويل مدارس وجمعيات خيرية في أكثر من 150 بلدا.
وفي هذا الصدد، تقول الكاتبة إيزجي باشاران في صحيفة «راديكال» التركية إن حركة غولن شهدت عصرها الذهبي في السنوات العشر الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية، عندما شكل الحزب تحالفا معها عام 2007 للتخلص من دور الجيش في الحياة السياسية. وبلغ ذلك التعاون ذروته في المحاكمات التي شهدتها البلاد لضباط ونواب من المعارضة وصحافيين بتهمة الإعداد لانقلاب عسكري، وتبين لاحقا أن التهم كانت ملفّقة من قبل أتباع غولن في أجهزة الشرطة، وتمت تبرئة جميع المتهمين عام 2015، ومن بعدها اعترف الرئيس أردوغان بأنه كان ضحية تضليل من أتباع غولن.
وتضيف الكاتبة أن الضالعين في المحاولة الانقلابية الأخيرة كانوا قد ارتقوا الى مراكزهم في الجيش بعد تلك المحاكمات، حيث شغلوا مناصب كان يشغلها المتهمون.
وتُرجع الكاتبة تغلغل حركة غولن في أجهزة الدولة الى أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وذلك بموافقة ضمنية من رؤساء ثلاث حكومات هم: بولنت اجيفيت وسليمان ديميريل وتانصو تشيلر بالرغم من اعتبار الحركة تهديدا للمؤسسة الكمالية وللجيش الذي يعتبر نفسه وصيا على الدولة العلمانية.
وتقول الكاتبة في «راديكال» إن الإعلام وسياسيين في الغرب احتضنوا غولن كداعية للسلام وللحوار بين المذاهب، في حين أنه غادر تركيا بعد اتهامه بالضلوع في محاولة انقلابية عام 1999 ومع ذلك اعتبره الغرب وسيلة للحد من صعود الإسلام الراديكالي. وتضيف أن السلطات الأميركية كانت قد رفضت منحه تأشيرة تفضيلية بصفته شخصية بالغة التأثير في مجال التعليم، وعللت الرفض بأنه في الحقيقة زعيم لحركة دينية وسياسية واسعة تمتلك قدرات مالية كبيرة. وفيما بعد تراجعت السلطات الأميركية ومنحته البطاقة الخضراء بتوصية من سفير أميركي سابق في تركيا واثنين من مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية.
ماذا لو نجح الانقلاب؟
٭ وفي حين يطرح أنصار الحكومة التركية تساؤلات حول المواقف الغربية والأميركية من المحاولة الانقلابية، يبقى السؤال الأهم حول النتائج التي كانت ستترتب على نجاح الانقلاب على الصعيد الداخلي التركي والإقليمي وحتى العالمي.
كيف كان الانقلابيون سيحكمون تركيا، التي شهدت نموا اقتصاديا وصناعيا عظيمين خلال سنوات من استتباب الديموقراطية في عهد الحكومات المنتخبة لحزب العدالة والتنمية؟
أيا كان حجم التأييد الشعبي للانقلابيين، وهو ضئيل جدا كما أثبتت الأحداث، فلا يمكن تصور نجاح الانقلابيين في حكم بلد صوتت أغلبية ناخبيه لرئيسه ولبرلمانه.
الطريقة الوحيدة التي يمكن تصورها هي قيام نظام عسكري استبدادي يدخل تركيا في فصل آخر من سجل الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي رافقت الانقلابات السابقة. إنها فرضية بعيدة عن الواقع، لكنها تبقى مع ذلك فرضية مخيفة ربما تفسر ليس فقط الرفض الشعبي لا، بل أيضا الرفض القاطع من دول جوار تركيا في المنطقة وخارجها.
الرجل الذي وقف وراء الانقلاب
٭ الاسم: فتح الله غولن
٭ ألقابه: إمام البشر، المهدي، حجة افندي
٭ المولد: 27 أبريل 1941 في ايرزورم
٭ بدأ تعليمه الابتدائي في ايرزورم عام 1946
٭ درس في مدرسة جامع كورسوتلو في ايرزورم عام 1954
٭ تم تعيينه إماما لمدينة ازمير عام 1966 وبقي في هذا المنصب حتى عام 1971
٭ بدأ عملياته رسميا في ازمير، وكان يلتقي مع كبار رجاله السريين
٭ بعد الانقلاب الذي وقع عام 1971 حكم عليه العسكر بالسجن لمدة 6 أشهر بعد اتهامه بالقيام بنشاطات رجعية وجرى اطلاق سراحه فيما بعد عندما تبين لهم انه غير مذنب
٭ 1979 ـ بدأ الكتابة للمجلة الإسلامية الشهرية «الينبوع» التي كان ينشرها اتباعه
٭ 1980 ـ كتب افتتاحية لصحيفة سيزبينتي امتدح فيها عملية الإطاحة بالحكومة
٭ 1981 ـ تقاعد في العشرين من مارس 1981 من منصبه إماما في رئاسة الشؤون الدينية
وفي عام 1986 أسس اتباع غولن صحيفة «زمان»، واستأنفت حركته اللاشرعية نشاطها في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي بتوزيع مقالاته في كل مكان من البلاد. وكان يجري تحويل الأموال التي يتم جمعها الى المدارس التي أنشأها والى المؤسسات الإعلامية والمشاريع الأخرى بهدف تجنيد الأنصار وتوسيع النفوذ.
وهنا بدأ هؤلاء الأنصار في دخول مؤسسات الدولة، لا سيما العسكرية منها، بالإضافة الى جهاز الشرطة والسلطة القضائية، وذلك بهدف الاستحواذ على الحكم من الداخل.
٭ 1991 ـ في نوفمبر 1991 تم التوقيع على أول بروتوكول لفتح مدرسة ثانوية تركية في جمهورية اذربيجان. وتوسعت هذه العملية فيما بعد لتضم مئات المدارس الأخرى حول العالم.
وأصبحت مدارس غولن الرسمية في الولايات المتحدة واحدة من مصادر التمويل الرئيسي لمنظمته غير القانونية.
٭ 1993 ـ في يناير هذا العام تم تمويل تلفزيون سمانيولو بواسطة اتباع غولن، وبدأت حركته بعد ذلك في بناء امبراطورية اعلامية كأداة لزيادة نفوذها السياسي.
٭ 1997 ـ خلال التدخل العسكري في السياسة عام 1997 الذي أرغم رئيس الحكومة على التخلي عن منصبه، وأدى الى حملة قمع قوبلت بإدانة واسعة، دعا غولن أتباعه لاحترام إرادة العسكر.
٭ 1999 ـ مع توقف أعمال السلطة القضائية بعد ذلك فر غولن الى الولايات المتحدة لأسباب صحية، غير ان العقد الماضي شهد نشاطا كبيرا لحركة غولن حينما شن انصاره في السلطة القضائية حملة تطهير واسعة لمعاقبة من يتصورون انهم خصومهم وذلك من خلال وسائل غير قانونية.
وبين عامي 2007 و2013 انتهز غولن حالة عدم الاستقرار في نظام الدولة ومحاكمات العسكريين المتهمين بالتجسس لتعيين قضاة ومدعين عامين تابعين لحركته في السلك القضائي، وشكل ذلك أسرع عملية اختراق للدولة في ذلك الوقت.
٭ 2013 ـ بحلول ديسمبر 2013 اعتقدت الحركة انها كانت قوية بما يكفي للقيام ضد الحكومة المنتخبة ديموقراطيا وذلك بشن عملية مناهضة للفساد من خلال اعضائها في السلطة القضائية والشرطة من اجل الاطاحة بالحكومة.
غير ان تحرك الحكومة السريع آنذاك منع الحركة من الاستيلاء على السلطة ومن ثم الدولة، وبدأت عملية تحقيق شاملة لمواجهة الخطر الذي تشكله أدوات غولن الأمنية، القضائية، الإعلامية، التجارية، وأذرعته التعليمية.
٭ 2016 ـ في الخامس عشر من يوليو الماضي 2016 تحرك من تبقى من عناصر غولن السرية العسكرية داخل الجيش، وقاموا بمحاولة يائسة للإطاحة بالحكومة، غير أن محاولة الانقلاب هذه فشلت بفضل مقاومة الشعب لها وبسبب عدد من العوامل الأخرى.
اعتماد غولن على الخرافات يواجه انتقاداً حاداً
واجهت منظمة غولن في مجال ترويجها أعمال الشعوذة وتفسير الاحلام والخرافة رفضا شديدا من جانب النقاد الذين ذكروا أن الحركة تنسحب بهذا من مواجهة الواقع لتتجنب الاعتراف بالحقيقة التي تبين تناقض قوتها مع انكماشها اجتماعيا، نفسيا، واقتصاديا.
ففي العام الماضي تسربت تسجيلات حول مكالمة هاتفية أجراها غولن مع موظف من الاتحاد الكونفيدرالي لرجال الصناعة والاعمال الموالي لغولن.
وذكر الموظف خلال المحادثة ان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أخبره في الحلم ان يضاعف عدد التغريدات على الإنترنت، ورد غولن بالقول: «إفعل ما يطلبه منك».
بل وزعم اتباع غولن ان الرسول كان حاضرا خلال الالعاب الأولمبية التركية التي نظمتها حركة غولن. وتم نشر هذا الزعم في مقال عبر الشبكة العنكبوتية وقيل ان غولن تلقى الكثير من الرسائل التي تفيد حضور النبي فعلا هذه المناسبة بل ونُقل عن غولن قوله: «صدقوني لقد شرّف رسولنا الحبيب منظمتنا وباركها ايضا».
بنية نظام الـ «إمام» غولن
يتماثل هذا النظام مع نظام التسلسل العرفي في القيادة والاتصال، حيث يتم تعيين الاعضاء فيه على نحو متسلسل بدءا من القمة التي يتربع فيها غولن ومن ثم الهبوط إلى الاسفل الى قاعدة الهرم، حيث يكون كل قيادي فيه مسؤولا عن اشياء معينة كالمدارس والمناطق على الشكل التالي:
1 ـ إمام البشر - فتح الله غولن.
2 ـ أئمة القارات (أوروبا، آسيا، استراليا).
3 ـ أئمة البلدان ـ تركيا، ألمانيا، الولايات المتحدة.
4 ـ كبار الأئمة الإقليميين.
5 ـ أئمة المدن ـ أنقرة، اسطنبول.
6 ـ الأئمة الريفيون ـ سانكايا، بيلكنت بيسيكتاس.
7 ـ أئمة سكن الطلبة ـ الأماكن التي يعيش فيها الطلاب ويتجمعون.
شبكة غولن في العالم
تتألف هذه الشبكة من الآتي:
الدولة الموازية التي تعمل على التسرب الى الأحزاب من خلال ارتباط أعضاء هذه الأحزاب بالمنظمة، كما تعمل هذه الدولة على اختراق الجيش وجهاز الشرطة ووكالة الاستخبارات الوطنية، بالإضافة الى المدارس الخاصة والمدارس الابتدائية وبيوت الطلبة.
وعملت الدولة الموازية أيضا على إنشاء المنظمات غير الحكومية، فهناك المئات من هيئات المساعدة الإنسانية مثل جمعية «كيمز يوك مو»، وغيرها، تعمل تحت غطائها بل يشمل هذا النشاط المؤسسات العاملة في مجال التحاور بين الأديان مثل: «معهد الأطلسي» و«التحالف من أجل قيم مشتركة».
وهناك بالطبع نشاطات اقتصادية للدولة الموازية تتمثل في البنوك والشركات المالية وشركات التأمين.
الإعلام:
وفي مجال الاعلام تمتلك شبكة غولن العشرات من القنوات التلفزيونية مثل: تلفزيون سمانيولو، سمانيولوهابير، القناة التركية، تلفزيون ميهتاب وتلفزيون ايبرو.
وتنتمي لهذه الشبكة صحف عدة مثل «زمان» و«زمان اليوم» والـ «ميدان».. الخ.
وبالإضافة الى المجلات مثل «تيركيش رفيو» و«اكسيون هابر»، هناك ايضا وكالات أخبار دولية ومحطات إذاعية و«مواقع إنترنت» ومكتبات تعمل جميعا تحت إشراف شبكة غولن الإعلامية.
ومن الأنشطة الأخرى لمنظمة غولن يمكن ان نذكر الآتي:
إصدار سلسلة كتب باسم غولن يتعين على أتباعه قراءتها بانتظام وتحمل اسم «الماسة».
وترى حركة غولن ان الجيل المثالي هو الذي يدرس أبناؤه في مدارس الحركة.
ومن الملاحظ في هذا الإطار ان الاتحاد التركي الكونفيدرالي لرجال الأعمال والصناعة مرتبط أيضا بالحركة التي تسيطر على النشاط التجاري في كل أنحاء العالم، كما تستخدم الحركة «الحوار» كغطاء لنشاطاتها غير القانونية كي تقنع البلدان الأخرى بقبولها والتسامح مع وجودها.
العمليات التي نفذتها منظمة غولن الإرهابية
من الواضح ان هذا الزعيم الارهابي غولن البالغ من العمر 77 عاما، لعب دورا بارزا في العديد من الاحداث التي هزت البلاد والتي تضمنت مؤامرات اجرامية ضد شخصيات معارضة يمكن ان نذكر منها التالي:٭ قضية تاهسي: استهدفت حركة غولن مجموعة تاهسي التي هي فرع لحركة «نور»، وقامت بزج اعضائها في السجون من خلال تلفيق تهم غير صحيحة لهم وتقديم أدلة زائفة ووصفهم بالارهابيين.
٭ قضية الرياضة: في عام 2011ـ 2012 تم اتهام عزيز يلديرم، رئيس نادي فينرباس لكرة القدم، بالتلاعب بنتائج المباريات، وتم الزج به في السجن. لكن بعد ان تمت تبرئته عقب سنتين من ذلك، اعلن انه كان ضحية لمؤامرة وقف وراءها غولن وأنصاره الذين لفقوا اتهامات باطلة ضده، ووصف القضاة والمدعين العامين بالمرتبطين بحركة غولن.
٭ قضية باليوز: تم اتهام المتسللين الى سلك القضاء من انصار غولن بانهم قدموا أدلة مزورة في قضية باليوز، التي اصدرت فيها المحكمة العليا حكماً بحبس المتهمين من 6 الى 20 سنة بزعم محاولتهم القيام بانقلاب في سبتمبر 2012.
غير ان كل هؤلاء المتهمين تمت تبرئتهم في المحكمة الدستورية في يونيو 2015، وكان الهدف من وراء كل هذه القضية عزل هؤلاء المتهمين العسكريين من مناصبهم لاحلال عسكريين آخرين من اتباع غولن.
٭ قضية اير جينيكون: اير جينيكون هو اسم لمنظمة يقال انها تنتمي لما يوصف بـ«الدولة العميقة» في تركيا. وكان القضاة التابعون لغولن هم من أجرى المحاكمات في هذه القضية من اجل عزل عسكريين ايضا واحلال آخرين بدلا منهم في الجيش وأجهزة الأمن، لكن ما ان حل يوم الحادي والعشرين من ابريل 2016 حتى تمت تبرئة كل هؤلاء المتهمين بل وجرى اتهام بعض أنصار غولن في القضاء بالتآمر ضد القوات المسلحة التركية.
٭ الزج بالنقاد في السجون بعد توجيه اتهامات غير صحيحة لهم وتقديم أدلة ملفقة:
الحقيقة ان قيام القضاة المرتبطين بغولن بدفع النقاد الى السجون من خلال محاكمات صورية كان شيئا يخيف اعداء غولن، ومن ابرز هؤلاء الصحافي احمد شيك، نديم سينر وحنفي افيتش رئيس الشرطة السابق اللذين تم سجنهما لاصدارهما كتبا تنتقد حركة غولن.
لكن وكما هي العادة خرج هذان الرجلان من السجن بعد قضائهما احكاما طويلة فيه دون اي سبب وجيه.
اذ كان الصحافي سينر (50 سنة)، المعروف بتعليقاته الصحافية التي يتناول فيها الفساد، قد بقي رهن الاحتجاز قبل محاكمته لأكثر من سنة، وذلك لكتابته حول سوء سلوك ضباط الشرطة المتابعين لغولن، غير انه خرج الى الحرية بعد ذلك في مارس 2012.
أما حنفي أفيتش (60 سنة) رئيس الشرطة سابقا فقد تم إلقاء القبض عليه ومن ثم توجيه اتهامات طريفة له، وذلك لأنه كان قد وضع كتابا شرح فيه كيف تسرب الموالون لغولن الى جهاز الشرطة، والمفارقة ان حنفي كان مرة صديقا مقربا لغولن، لكن ما ان تم نشر كتابه حتى ألقي القبض عليه.
٭ المدارس مصدر رئيسي لتجنيد الموالين
هناك أكثر من 2000 مدرسة مرتبطة بحركة غولن في 160 بلدا في العالم، ولقد تم إغلاق بعض هذه المدارس، وتخضع المدارس التابعة له في الولايات المتحدة لمراقبة مكتب التحقيقات الفيدرالية في 4 ولايات، بيد ان هذا المكتب لم يعلق حتى الآن على التحقيقات الجارية حول غولن، لكن ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة أغلقت الدولة التركية المئات من مدارس غولن والعشرات من الجامعات المرتبطة بحركته.
٭ إمبراطورية غولن الإعلامية كوسيلة للدعاية
تمكن الغوليون مع مرور السنوات من التغلغل في أجهزة الدولة، واستخدموا المنصات الإعلامية لتبرير أفكارهم وللتأثير على آراء الناس، والواقع ان صحيفة الـ «زمان» التي كانت تروج انها أكثر الصحف انتشارا منذ سنوات، لم تكن سوى الناطق باسم مجموعة سرية من المتآمرين التابعين لغولن، وكانت لا تبيع سوى القليل من النسخ للناس، لذا مارس أنصار الحركة الضغط على الكثيرين من المتعاطفين مع حركة غولن من اجل الاشتراك في المجلة بل وعمل هؤلاء الأنصار على تقديم الصحيفة مجانا من أجل زيادة التوزيع.
٭ تبرعات إلزامية واستخدام المال لتمويل المنظمة
يتعين على أعضاء المنظمة دفع ما نسبته 20% من دخولهم لأولئك المسؤولين في قيادتها أو لواحدة من المؤسسات العاملة في مجال جمع المال مثل مؤسسة «كيمزيوك مو» الخيرية، ومن المعروف في هذا الإطار ان هناك العشرات من مثل هذه المؤسسة، بل وكشفت التحقيقات ان هذه المؤسسات لا تضع التبرعات الخيرية التي تحصل عليها في حسابات بالبنوك بل ترسلها الى الخارج دون علم الهيئات الحكومية.
٭ أجندات سرية لنشاطات غولن في مجال العلاقات بين الأديان
بزعم التفاهم ودعم السلام، يدير غولن وأتباعه عددا من الجمعيات الدينية الخاصة بالحوار بين الأديان مثل «منتدى رومي» الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له، وهناك العديد من الأفرع لهذه الجمعيات في مختلف أنحاء أوروبا.