- اخترت الطريق الأصعب لأنني أؤمن بالاختلاف وأهمية المنافسة والتغيير والجرأة
- مسؤولية المطاعم تتطلب جهداً ذهنياً وجسمانياً ونفسياً وعاطفياً وافتتاح مطعم جديد في الكويت فيه الكثير من التحدي
- وجود كم كبير من المطاعم في المجمع الواحد يعود إلى غياب التخطيط والسوق لا يتحمل مطاعم أكثر من الموجودة فيه
رندى مرعي
خلال نصف ساعة فقط، يتنقل الحديث مع أحمد البدر من فن الطبخ إلى تصميم المجوهرات والنجارة، لكن من دون أن يتطرق إلى مجال دراسته الأساسي في التمويل، والوظائف المرموقة التي تولاها في عدد من بيوت الاستثمار والبنوك الكبرى.
يختار البدر لحياته نكهة خاصة وثوبا أبيض، لكن من دون غترة وعقال، بل مع «طاقية» الشيف. لا يعتني بما يناديه الآخرون، الأستاذ، المدير، الشيف، أو رجل الأعمال. يكفي أن يكون شغوفا بما يعمل، ومحترفا لهوايته حتى النخاع. أحمد البدر في شركة الاستثمار أو البنك، شخص آخر مختلف عن أحمد البدر الذي يلبس ثوب الشيف هنا.
مهمته التي ابتكرها لنفسه أن يعنى بالتفاصيل «من المقاول ومصمم قائمة الطعام ومصمم الديكور ومصمم الزي المناسب وصولا إلى التمويل ومورد الطعام والتجهيزات الآلية للمطعم حتى اختراع الوصفات والمأكولات وطريقة تقديمها». لهذا السبب اختار البدر أن «يخترع» سلاسل المطاعم الأربع التي أسسها، بدلا من أن يأتي بامتياز أجنبي (فرانشايز) يوفر عليه كل هذا العناء.
أتى البدر إلى شغفه بعد أن درس التمويل في جامعة سافولك اللندنية، وعمل في مجال إدارة محافظ في سوق الأسهم، قبل أن يبدأ مشروعه الأول في مجال المطاعم منذ نحو خمس سنوات. يفترض في ذلك الحين أن سخونة سوق الأسهم كانت تكفي لطبخات مالية أكثر جدوى بكثير من نار الطهاة.
الآن، بات لديه 4 علامات تجارية من صنع شغفه، يرعاها يوميا بعناية خاصة، كما لو أنها بعض منه، وينظر حوله، كما لو أن عينيه تسألان عما إذا كان الآخرون يلاحظون كم هو سعيد بما يعمل. تلك هي قصة البدر مع مطبخ المال ومطبخ الطهاة، أوجزها في هذه المقابلة مع «الأنباء».
ما المطاعم التي أسستها وماذا تقدم؟
بدأت قصتي مع المطاعم منذ حوالي 5 سنوات عندما افتتحت أول مطعم من سلسلة المطاعم التي أسستها وكان مطعم burger hub في منطقة الكويت مقابل قصر السيف يعتمد على البرغر ومشتقاته ويقدم حوالي 70 نوعا من أنواع البرغر المختلفة تلبية لجميع الأذواق وليكون مقصد محبي البرغر.
بعده كان مطعم prime&toast الذي يقدم وجبات الفطور والوجبات الخفيفة حيث يقدم أشهى أنواع السندويشات والسلطات الطازجة المتنوعة وذلك لأهمية وجبة الترويقة التي كانت مهملة لدى المطاعم وليست متوافرة بشكل سهل للناس وقد عزز prime &toast المفهوم الغذائي لدى الناس الذين أصبحوا يقصدون المطاعم في هذا الوقت من النهار، ومن جانب آخر بتنا نجد اليوم أن وجبة الترويقة أصبحت مدرجة على قائمة طعام معظم المطاعم اليوم.
أما المطعم التالي فقد كان eighty6 bistro في مجمع الأفنيوز ويقدم المأكولات الغربية على أنواعها بأفكار متجددة بحيث ترضي ذوق رواد المطعم وليكون الطعم حافزا لارتياد المطعم مرات عديدة أخرى.
كما يتيح eighty6 للزبائن فرصة اختيار لائحة الطعام الخاصة بهم من خلال «chef's table» مرتين في الأسبوع حيث أقوم بالطهي المباشر أمام الزبائن بعدما يكونون قد اختاروا ما يريدون أن يأكلوه بكل التفاصيل حتى المكونات تكون من اختيارهم من خلال التواصل والتنسيق المسبق.
من ثم كان مطعم pizzetta وهو أول مطعم في الشرق الأوسط يقدم بيتزا مشوية على الشواية محافظا على الطعم الإيطالي بمكونات طازجة وغنية إلى جانب قائمة لأشهى أطباق الباستا والسلطات.
وأخيرا مطعم مقرمشة في منطقة الشعب يقدم شاورما معتمدا على معايير الجودة العالية حفاظا على جودة الطعام التي يعتمدها البدر في كل مطاعمه على حد سواء.
كما سيتم افتتاح فروع جديدة لكل من مطعم مقرمشة وpizzetta وeighty6 إلى جانب افتتاح فرع لـ buger hub في البحرين، إضافة إلى افتتاح مطعم جديد the butcher's den وهو مطعم متخصص في تقديم أفخر أنواع الستيك المطهوة بدقة، وكان من المفترض أن يرى النور منذ 4 سنوات تقريبا إلا ان ظروفا حالت دون ذلك إلى جانب مطعم lzakaya للمأكولات اليابانية.
ومن ناحية الأسعار أي فئة من الناس تخاطب مطاعمك؟
كما سبق أن ذكرت فإنني أحاول أن أحافظ على أجود أنواع الأطعمة والمأكولات كما أنني حاولت أن تكون مطاعمي بمتناول معظم فئات المجتمع إذا ليس كلها وذلك لتنوع المطاعم بالتالي حتما لكل شخص ما يناسبه وذلك لأنني حرصت على أن تكون أسعار المأكولات في مطاعمي مناسبة مع التأكيد على أن كل الأسعار مدروسة بدقة على حسب المواد المستخدمة بالطبق وطريقة تقديمه وغيرها من المعايير التي تؤخذ بعين الاعتبار.
تأسيس مطاعم خاصة هو الطريق الأصعب
لماذا اخترت تأسيس سلسلة مطاعم خاصة بك ولم تتجه إلى الفرانشايز؟
على الرغم من أن طريق الفرانشايز أسهل من أن أتخذ خطوة تأسيس سلسلة مطاعم مستقلة وخاصة بي لكن الأخير هو الحلم الذي تعلمت الطبخ لأجله إذ انني أهوى الطبخ منذ كنت في التاسعة من عمري وتعلمته وتخصصت به لأمتهنه.
الفرانشايز يتطلب الحصول على رخصة المطعم والصعوبة تكمن في حسن اختيار الاسم الذي يحقق نجاحا ويرضي ذوق الشريحة الأكبر وليس كل أسماء الفرانشايز تلاقي نجاحا، فالأمر يرتبط بالبيئة المحيطة إلى حد ما، ولكن سهولته تكمن في أن نجاح المطعم لا يتطلب ذلك الجهد الكبير وذلك لأن مع الحصول على رخصة الفرانشايز سيكون هناك طاقم عمل مدربا على هذا العمل، وقد يحتاج الأمر 3 أشهر ولكن مشكلة الفرانشايز أنه لا يمكن التلاعب بقائمة الطعام الخاصة به وذلك لأنها موحدة حول الدول التي يوجد فيها المطعم وما أن يحصل هذا التلاعب يفقد مصداقيته.
لذلك اخترت أن أؤسس المطاعم الخاصة بي وذلك لأضع شغفي وحبي لهذه المهنة في الأطباق التي أعدها والتي مهما تشابهت مع أطباق عالمية إلا أنها تصطبغ بطابع خاص أضيفه بذوقي وطريقة تحضيري وهذا الأمر لم يأت من فراغ بل أخذ مني سنوات دراسة طويلة.
وما الصعوبات التي واجهتها خلال تأسيس مطاعمك؟
إن إنشاء مطعم واحد يأخذ جهدا كبيرا ويتطلب دقة لا متناهية فكيف إذا كان الحال مع سلسلة مطاعم لكل مطعم منها طابعه الخاص الذي استوحيه من أنواع الأطباق التي تقدم فيه.
والمسؤولية تشمل جميع التفاصيل من المقاول ومصمم قائمة الطعام ومصمم الديكور ومصمم الزي المناسب وصولا إلى التمويل ومورد الطعام والتجهيزات الآلية للمطعم حتى اختراع الوصفات والمأكولات وطريقة تقديمها وغيرها من التفاصيل التي تأخذ إلى جانب الوقت جهدا كبيرا لا تبذله لو أن المسألة تتعلق بالفرانشايز. كما أنني ـ وأهم من ذلك كله ـ أؤمن بالاختلاف وأهمية المنافسة والتغيير والجرأة.
من جانب آخر مسؤولية المطاعم تتطلب جهدا ذهنيا وجسمانيا ونفسيا وعاطفيا، فمن الناحية الذهنية يبقى الذهن مشغولا بسلامة المطاعم والموظفين، أما من الناحية الجسمانية فأنا لا أملك مكتبا خاصا بي بالتالي أحرص على التواجد في كل المطاعم بشكل يومي لأشرف على سير العمل ومن ناحية أخرى فإن تأسيس أي مطعم من هذه المطاعم يأخذ مني حوالي 6 أشهر أتفرغ فيها لتدريب الموظفين والعمال وأحرص على ان يكون العمل دقيقا حسبما أريد لنخرج بقائمة طعام متكاملة، اما ما يتعلق بالجهد النفسي بشكل مباشر فذلك نتيجة الضغوطات التي يتحملها معي الموظفون، أما الجانب العاطفي فيتعلق بالعلاقة بيني وبين المطاعم فعلى سبيل المثال هناك دائما علاقة عاطفية شديدة بالمطعم الذي لا يحقق النجاح المطلوب للاستمرارية إذ لا يمكن التنازل عنه بسهولة ولكن أعمل عليه أكثر لأعيد له حيويته.
وكيف تحافظ على التجدد وعلى أي أساس تختار المأكولات الأكثر طلبا؟
في الواقع أنا أطور نفسي من خلال التحاقي بدورات متخصصة بشكل مستمر ومتواصل وكثرة القراءة لمواضيع متعلقة بالطبخ من مختلف أنحاء العالم وذلك لأن الطبخ مهنة كغيرها من المهن وعلى الناس ان تتعامل معه على هذا الأساس وينبغي العمل على دعمها وتطويرها.
أما فيما يتعلق باختيار قائمة الطعام الأكثر طلبا فهذا أمر لا يمكن التحكم فيه بشكل كبير وذلك لأنه عندما توضع القائمة يكون صاحب المطعم يقدم وعودا يجب الإيفاء بها بشكل دائم وهذا الأمر قد يكبدنا بعض الخسائر ولكن المصداقية هي أساس النجاح والاستمرارية.
السوق الكويتي والمطاعم
هل لايزال السوق يتحمل افتتاح مطاعم جديدة؟
لا أعتقد أن السوق الكويتي يتحمل مطاعم أكثر من الموجودة فيه وذلك لأن هناك شريحة كبيرة تمثل حوالي 60% من الكويتيين طبقة ملولة وتحب التغيير وربما ذلك عائد إلى عدم توافر فرص ترفيهية كافية فبالتالي يحبون التغيير الدائم ومن الطبيعي كثرة المطاعم الموجودة اليوم تؤكد أن افتتاح مطعم جديد فيه الكثير من التحدي.
وكيف تصف كثرة المطاعم الموجودة في المجمع التجاري الواحد؟
أنا أرى أن وجود هذا الكم من المطاعم في المجمع التجاري الواحد يعود إلى غياب التخطيط وأكبر دليل على ذلك هو أن 20% من المطاعم التي افتتحت في مجمع الأفنيوز أغلقت خلال سنة واحدة. لذلك يجب إعادة التوازن والتوزيع مع الأخذ بعين الاعتبار الحالات النفسية للمستهلك. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الوتيرة في افتتاح المطاعم أبعدت المنافسة كل البعد عن حدود الربح.
التواضع سر النجاح
ماذا حققت من خلال مطاعمك وأين أنت اليوم من طموحك؟ وما أكثر ما يزعجك في مهنتك؟
إن سلسلة المطاعم التي أنشأتها لاتزال جزءا من حلمي وطموحاتي وأنا لاأزال في أول الطريق وآمل أن أتوسع في مجال تعزيز العلامات الخاصة بنا وأن يكون عدد الطهاة الكويتيين أكثر مما هو عليه الآن والإيمان بحرفية هذه المهنة وأهميتها وأن يضعها الشباب الكويتي من ضمن خياراته في تحقيق أحلامه والتأسيس لمستقبله.
وأكثر ما يزعجني اليوم هو الجبروت في العمل بعد الوصول إلى مرحلة معينة من النجاح وذلك لأن التواضع من أهم عوامل النجاح وكثرة الخبرات تزيد من احترام الفرد لذاته والناس له.