- 1800 طالب وطالبة في جامعة شرق أفريقيا يدرسون في كليات الطب والتربية والشريعة والقانون والحاسوب وإدارة الأعمال
- رواد مسجدي الغانم والعثمان شاركوا في بناء كليتي الطب والحاسوب وم.أشواق المضف جهزت المختبرات بالحواسيب
تقرير ـ د.عصام الفليج
قام وفد كويتي شعبي تطوعي بزيارة تاريخية إلى إحدى ولايات الصومال الآمن، وهي ولاية «بونت لاند» والتي تعني أرض الطيب والعطور، يقال ان أصل الكلمة فرعوني.
تكون الوفد من كل من: ناصر المرزوق ـ رجل أعمال، د.مبارك العجمي ـ استشاري طب العيون، الشيخ د.محمد العوضي ـ الداعية والإعلامي، د.عصام الفليج ـ الكاتب الصحافي، حسين السعيدي ـ رئيس لجنة زكاة العمرية، د.عبدالحميد البعلي ـ أستاذ الشريعة والاقتصاد والقانون، د.هبة البعلي ـ طبيبة، عبدالوهاب الأصبحي ـ مصور فوتوغرافي، محمد حسن ـ مصور تلفزيوني، أحمد العوضي ـ رجل أعمال، م.عبدالرحمن حسين أحمد ـ منسق الزيارة (مدرس في كلية الهندسة بجامعة الكويت).
رحلة طويلة.. ومنوعة
غادر الوفد الكويت جنوبا إلى دبي، ثم جنوب غربي إلى جيبوتي، ثم شرقا عبر طائرة مراوح إلى مدينة «بوصاصو» العاصمة الاقتصادية لولاية بونتلاند في شمال الصومال، وهي تقابل عبر البحر مدينة عدن في اليمن، ويقال ان أصل الكلمة «بندر قاسم» تحولت مع الزمن إلى «بوصاصو».
كان في استقبال الوفد وزير الصحة د.بشير علي بيحي، ووزير المواصلات، ووزير التعليم، ووزير الثروة الحيوانية، ونائب وزير الداخلية يوسف أحمد خيرو، ومستشار رئيس ولاية بونتلاند، ومسؤولون صوماليون كثر، ورئيس جمعية المنهل الخيرية الصومالية منسقة الزيارة عبدالواحد حاشي حسن.
توجه الوفد إلى الفندق قبيل المغرب، عبر طرق برية صخرية وعرة، حيث لا يوجد في المدينة سوى شارع واحد رصف نهاية حكم الرئيس الأسبق محمد سياد بري بعام واحد، ولا يوجد غيره.
وفي المساء حضر الوفد وليمة العشاء المقامة على شرفه من قبل وزير الصحة.
كليات وحواسيب ومكتبة
ثم توجه الوفد لزيارة جامعة شرق أفريقيا التي يتبعها مستشفى الكويت، وكان في الاستقبال وزير التعليم ومدير الجامعة. وبنيت هذه الجامعة بتبرع كريم من الكويت من الوجيه يوسف إبراهيم الهاجري عام 2000م، وهي تحوي خمس كليات: الطب، والتربية، والشريعة والقانون، والحاسوب، وإدارة الأعمال واقتصاد، بالإضافة إلى سكن الطلبة، والمطعم، وبئر ارتوازية، ويبلغ عدد طلبتها حاليا 1800 طالب وطالبة، وتخرج فيها حتى الآن 470 طالبا وطالبة، ولها أثر كبير في تنمية المجتمع.
وشارك في بناء كليتي الطب والحاسوب رواد مسجد الغانم ورواد مسجد العثمان بمنطقة قرطبة، وقام بتجهيز مختبرات الحاسوب بالحواسيب عضو المجلس البلدي م.أشواق المضف، وتضم مكتبة الجامعة 50 ألف كتاب، ساهم بتجهيزها بشكل أساسي إدارة المكتبات بجامعة الكويت بإشراف بدرية العلي، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وجهات أخرى. كما بنى مسجد الجامعة م.د.طارق العيسى.
المحجر الصحي
وبرفقة وزير الثروة الحيوانية زار الوفد بعدها «المحجر الصحي للثروة الحيوانية»، فبسبب انتشار الأمراض والأوبئة الحيوانية في السنوات السابقة، كانت تتعطل عمليات تصدير الثروة الحيوانية لعدم توافر مختبرات الفحص المعتمدة، فقام أحد التجار اليمنيين بإنشاء المحجر الصحي الذي تمر عليه كل يوم مئات الأغنام والأبقار والجمال للفحص وفق أحدث الطرق العلمية والمعتمدة دوليا.
يقدم المحجر خدمات العلف والعلاج والتطعيمات واستصدار شهادات رسمية لها، ويستوعب 400 ألف رأس من جميع الأنواع. وهو أول محجر رسمي في الصومال، ويضم 300 موظف، بينهم 24 طبيبا عدا الفنيين.
وطريقة التعامل أن يقوم التاجر الكبير بشراء الحيوانات من التجار الصغار، ثم يقوم هو بفحصها، ثم تصديرها عبر ميناء بوصاصو.
تجول الوفد برفقة وزير النقل والمواصلات في ميناء بوصاصو، والذي يقع على بحر عدن، وهو بالفعل يقابل مدينة «عدن» اليمنية. ويعتبر هذا الميناء الرئة التي يتنفس منها أهل بوصاصو سواء لتصدير الثروة الحيوانية، أو للاستيراد من الخارج. وهو يغذي معظم مدن الجنوب التي تعطلت فيها حركة الملاحة البحرية بسبب الحروب المتواصلة لأكثر من عشرين عاما.
كان عمق هذا الميناء الصغير الفقير بالإمكانات والخدمات 8م، وبسبب الإهمال طيلة فترة الحروب وصل عمقه إلى 6.5م، وهذا ينذر بخطورة تعطل الحركة في الميناء الذي يستقبل السفن الصغيرة، والتي معظمها تأتي من دبي والهند.
ويأمل المسؤولون هناك أن تتبنى جهة ما إعادة تأهيل هذا الميناء إعادة عمقه إلى 8م، لإحياء الحركة التجارية البحرية بشكل أفضل، والأمنية الكبرى هي بناء ميناء دولي كبير بعمق 20م، وبخدمات لوجستية متكاملة.
كما يأمل المسؤولون ببناء معهد مهني يتعلم منه المواطنون ما يفيدهم كمهنة في الخدمات البحرية وبشكل عام، ليساعد في تغطية النقص من جانب، ويقلل من نسبة البطالة، بالإضافة لبناء سوق السمك الذي تفتقر له المدينة رغم طول الساحل البحري.
مراكز أيتام
وفي وسط الصحراء ضمن حدود مدينة «قرطو» كان في استقبالنا عدد من المسؤولين هناك وعلى رأسهم المحافظ، وقد أطلعونا هناك على موقع مشروع بناء «مركز أيتام» ليخدم العديد من القرى المحيطة بالمدينة. وقد أهدوا الوفد أغناما صغيرة.
وصلنا بعدها مدينة «جروة» عاصمة ولاية بونت لاند السياسية، وتوجهنا مباشرة إلى مركز للأيتام الذي يضم عشرات الأيتام، وهذا المركز يتعامل بنظامين، نظام الإيواء الكامل للأيتام فاقدي الوالدين، ونظام الإيواء الجزئي للأيتام فاقدي الأب، ويتم تعليمهم وكسوتهم وعلاجهم وتغذيتهم لوجبتي الإفطار والغداء من خلال مطبخ مركزي، والمطبخ عبارة عن قدر رز وقدر مرق بلحم قليل فقط، والطبخ بالخشب.
ويحتاج هذا المركز للدعم المالي، حيث انه بلا سور حماية حتى من الحيوانات والكلاب الضالة، وحفر بئر للماء، بالإضافة لكفالة أكثر من 80 يتيما جديدا.
وفي المساء كان اللقاء مع وزير الدولة للشؤون الإدارية أ.محمد فارح عيسى مع عدد من القيادات الصومالية، بدأها الوزير بشكره للوفد الكويتي لتكبده عناء السفر لمؤازرة إخوانهم الصوماليين، مؤكدا أنه من النادر أن تزورهم وفود عربية منذ اندلاع الحرب الأهلية في الصومال منذ عشرين عاما، خصوصا في الجانب الآمن في الشمال الشرقي من الصومال في ولاية بونت لاند.
ودعا الوزير الدول العربية والإسلامية ورجال الخير والجمعيات الإنسانية والإغاثية والخيرية لمساندة المدن الآمنة، والتي يلجأ إليها الآلاف من النازحين، والذين يعانون الفقر الشديد، وفيهم الأرامل والأيتام والمعاقون. ففي التنمية لهذه المدن الآمنة تشجيع للمدن غير الآمنة للاتجاه نحو الاستقرار، فهذه المدن الآمنة هي حلقة وصل مع المناطق غير الآمنة، والذين إذا شاهدوا أثر الاستقرار ودوره في تصاعد عملية التنمية، ستؤثر عليهم بلا شك على المدى القريب.
مشاريع خيرية
في صباح اليوم التالي، بدأنا بجولات بين المشاريع الخيرية، وكانت البداية في «مركز ندى علي البريجس السعيدي» من الكويت، وهو مركز إسلامي يحوي مسجدا ومعهدا لتعليم القضاء وبئر ماء ارتوازية وبني هذا المركز بإشراف لجنة زكاة الفروانية.
ثم توجهنا إلى «معهد البصر للمكفوفين»، وهو المعهد الوحيد لفاقدي نعمة البصر في الشمال الآمن، والثاني يقع في مقديشو. والمكفوفون في الصومال كثيرون جدا بسبب الحروب والأمراض والأوبئة وضعف الوعي الصحي والحالة المزرية التي يعيشها النازحون بشكل خاص والصوماليون بشكل عام، فضلا عن الأمراض الوراثية، مع قلة المراكز الصحية المتخصصة للعيون.
ويوجد في المعهد حاليا 30 طالبا يتعلمون القراءة والكتابة بنظام «برايل»، ويحفظون القرآن الكريم، ويتعلمون العربية والإنجليزية فضلا عن الصومالية.
كما تم افتتاح «مسجد خالد الفوزان» من الكويت، وبني بإشراف لجنة زكاة الفروانية.
ثم مررنا على أحد مخيمات النازحين في العاصمة «جروة»، وهم يعملون في جمع القمامة من البيوت بمقابل مادي زهيد، ولعدم توافر أي خدمات بيئية فإنهم يحضرونها الى القرب من مخيماتهم ثم يحرقونها، لذا كانت المنطقة ذات رائحة كريهة تجمع بين روائح مخلفات القمامة ورائحة الحرق، وبلا شك فإن ذلك مضر للبيئة بشكل كبير جدا.
لقاء الرئيس
وفي العاشرة صباحا جاء موعد لقائنا مع رئيس ولاية بونت لاند عبدالرحمن شيخ محمد، الذي رحب بالوفد ترحيبا حارا، مبينا سعادته بوصول أول وفد كويتي إلى بونت لاند. وقدم تهنئته لصاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد بالعيد الوطني وذكرى التحرير للكويت.
بين الرئيس أن بونت لاند من أكثر مناطق الصومال هدوءا واستقرارا وأمنا، وهو يدعو الدول العربية والتجار للاستثمار فيها، فالمنطقة غنية بالموارد والثروات الطبيعية، فهي من أغنى خمس مناطق في العالم في الثروة السمكية، وتملك رصيدا كبيرا من الثروة الحيوانية البرية من الإبل والبقر والأغنام، وهي الثروة الأولى في الصومال، وبها ثروة مائية من الآبار الارتوازية وسدود الأمطار، فضلا عن النفط والغاز وبعض المعادن الحجرية.
وقد اعتذرت العديد من دول العالم عن عدم مساعدتنا إلا بعد استقرار كل الصومال، وأنا أقول للجميع إن دعم بونت لاند الآمنة هو دعم لاستقرار كل الصومال، فحينما يرى الآخرون تدفق المساعدات للأماكن الآمنة، سيضطرون للاتجاه نحو الاستقرار والأمان. فأي مشروع يتم تنفيذه فإنه سيوفر فرص عمل للآلاف من العاطلين، وسيتحسن الوضع الاقتصادي للمجتمع، ويبعد الناس عن الحرب.
وقال: علاقتنا بالصومال علاقة قديمة جدا، وأنا أعرف أن صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد من محبي الصومال وعاشقيها، ولا أنسى فضل من علمونا من الأساتذة الصوماليين ومن المشايخ والعلماء جزاهم الله عنا خير الجزاء.
التوصيات
- 1ـ دعم الأقاليم الآمنة بمشاريع تنموية (المياه، التعليم، الصحة، كفالة الأيتام، رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة).
- 2ـ إنشاء مركز إنتاج فني لإنتاج البرامج التلفزيونية والإذاعية الهادفة لنشر السلام والمصالحة، ونبذ التطرف ومحاربة الأفكار التكفيرية (يوجد في الصومال 50 إذاعة محلية، و5 قنوات تلفزيونية).
- 3ـ زيادة عدد كفالة الأيتام، ودعم مراكز الأيتام.
- 4ـ إرسال وفد من جمعية الهلال الأحمر الكويتي لتقديم إغاثة عاجلة للنازحين، وللاطلاع على الأوضاع، وتقديم المساعدات اللازمة.
- 5ـ دعم استيراد المواشي من الصومال لدول الخليج العربي.