- حسام الدين: إدارة المخاطر القانونية جزء لا يتجزأ من إدارة العملية الاستثمارية
- باجنيد: كان من الممكن تجنب آثار الأزمة العالمية بوجود إدارات المخاطر
أسامة دياب أكد المحامي عبدالحميد الصراف أن جميع الأنشطة الإنسانية تحوي العديد من المخاطر التي يجب الانتباه لها ليس من باب توخيها فقط ولكن عن طريق دراستها ومعالجة أسبابها من خلال مسارات وآليات علمية تعمل على إزالة الآثار المترتبة عليها، مشيرا إلى أن إدارة المخاطر القانونية لا تحظى بالاهتمام المطلوب في الدول العربية بالمقارنة بالدول المتقدمة التي تعتبر رائدة في هذا المجال.
جاء ذلك في تصريح خاص لـ «الأنباء» على هامش حفل الاستقبال الذي أقامه مكتب عبدالحميد الصراف ومشاركوه للمحاماة والاستشارات القانونية وسبقته محاضرة بعنوان إدارة المخاطر القانونية في تحكيم الشركات بحضور لفيف من الساسة، رجال الاقتصاد، القانونيين والمهتمين بالشأن العام. وأوضح الصراف أن هذه المحاضرة هي ناقوس خطر ينبه لضرورة وجود إدارة المخاطر القانونية كقطاع حيوي في أي مؤسسة اقتصادية لما لها من دور مميز في تلافي الخسائر الفادحة التي قد تتكبدها فيها المؤسسة نظرا لغياب فكر إدارة المخاطر، لافتا إلى أن هذا الفكر يحتاج لتكاتف مجتمعي لتطبيقه. أكد رئيس القسم الدولي بمكتب عبدالحميد الصراف ومشاركوه للمحاماة والاستشارات القانونية ومستشار عمدة نيويورك السابق وأستاذ القانون التجاري بالجامعة البريطانية وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية د.محمد حسام الدين أن الأزمة المالية العالمية التي ضربت الأسواق المالية قبيل الربع الثالث من عام 2008 كشفت عن حقيقة العجز الذي تعانيه الأسواق المالية والشركات الكبرى من سوء وعدم شفافية في اتخاذ القرارات في تلك المؤسسات، مشيرا إلى أن هذه الأزمة نتجت بسبب سوء إدارة المؤسسات المالية والاقتصادية وليس كما يدعي البعض من عجز في النظام الرأسمالي عن القيام بدوره الاقتصادي في المجتمعات.
ولفت حسام الدين إلى أن القائمين على إدارة المؤسسات الاقتصادية والمالية في العالم خاصة الشرق الأوسط لم يفطنوا إلى دور هذه المؤسسات والشركات الاقتصادية في المجال الاقتصادي والاجتماعي، فإدارات هذه المؤسسات تعمل على تحقيق مصلحة كبار المساهمين بها الذين هم في الأغلب الأعم أعضاء مجلس الإدارة المعني باتخاذ القرارات الاستثمارية وهي نظرة ضيقة، يشوبها الكثير من العوار، فمجلس إدارة المؤسسات الاقتصادية مفوض من قبل الجمعية العمومية للمساهمين بإدارة شؤون الشركات وفي سبيل ذلك لا يوجد فرق بين مساهم يملك نسبة مئوية تتيح له السيطرة على القرارات وبين مساهم يملك عدد أسهم لا تمكنه من هذه السيطرة وهذا الأمر في غاية الخطورة وهو ما أدى إلى ظهور بعض القوانين والقرارات التي تحتم على الشركات والمؤسسات حوكمة إدارتها.
وأشار إلى أن كيفية إدارة مخاطر الاستثمار من الناحية القانونية هو شق آخر لم يفطن إليه القائمون على إدارة هذه المؤسسات والشركات الاقتصادية، فالمؤسسات المالية خاصة والاقتصادية بوجه عام تبرم صفقاتها الاستثمارية دون أن يكون الجانب القانوني بارزا في إدارة هذه الصفقات الاستثمارية وهو الأمر الذي يكون مردوده في غاية السوء بعد أن تتعقد الأمور ويسوء تنفيذ تلك العقود من أحد أطرافها، فيلجأ بعد تفاقم المشكلة مجلس الإدارة إلى المستشار القانوني للشركة أو المؤسسة لإيجاد حل يتيح لهم استرداد أموال المساهمين وهذا الخطأ الفادح الذي تقع فيه المؤسسات والشركات الاقتصادية.
وأشار إلى أن الإدارة الناجحة لهذه المؤسسات هي التي تقوم بإدارة المخاطر القانونية كجزء لا يتجزأ من إدارتها للعملية الاستثمارية على حد سواء فإذا كان مدير الاستثمار في الشركات والمؤسسات هو من يقوم بجذب وإيجاد استثمارات تعود بأرباح على الشركات والمؤسسات وبالتالي على المساهمين، فإن المستشار القانوني هو صمام الأمان لهذه الاستثمارات وإلا فما الفائدة في حالة ضياع هذه الاستثمارات المالية عند عدم تنفيذ العقود والاتفاقيات بالطريقة التي أبرمت من أجلها، ودعنا نقول ونصارح أنفسنا اننا قد ورثنا ثقافة أننا نلجأ إلى المستشار القانوني عند حدوث الأزمة وهو الخطأ الفادح الذي يقودنا فيما بعد إلى ضياع أموال المساهمين وإفلاس هذه الشركات والمؤسسات.
وشدد على ضرورة أن نغير ثقافتنا القانونية، فالشق المتعلق بإدارة الصفقات من الناحية القانونية إن لم يكن يوازي العائد من الاستثمار فإنه يفوقه من حيث الأهمية. ولنأخذ مثالا لذلك الكويت، فالاقتصاد الكويتي اقتصاد يعتمد على عملة قوية ووضع خاص في الشرق الأوسط، إلا أنه ناله ما ناله من أضرار جراء الأزمة العالمية ليس بفعل اهتزاز الاقتصاد فيه، وإنما يرجع السبب الرئيسي في تأثره بالأزمة المالية إلى افتقاره إلى إدارة المخاطر القانونية، موضحا أن الشركات الكويتية تبرم عقودا واتفاقيات مع مؤسسات وشركات خارج دولة الكويت سواء في الشرق الأوسط أو في الولايات المتحدة أو أوروبا، عندما ضربت الأزمة المالية هذه الأسواق في بدايتها، تأثرت بالتالي هذه الشركات والمؤسسات الكويتية، وذلك لعدم قدرة الأطراف الأخرى على الوفاء بالتزاماتها التعاقدية، وبالتالي ضاعت هذه الاستثمارات ليس بسبب الأزمة المالية العالمية، وإنما بسبب سوء إدارة المخاطر من الناحية القانونية، وهذا القول ليس المراد منه تعظيم الدور القانوني، وإنما هو حقيقة وأن صياغة العقود والاتفاقيات التي تبرمها الشركات والمؤسسات الكويتية مع أطراف متعاقدة من دول أخرى يجب أن يراعى فيها الجانب القانوني على الأقل ـ ولن أقول أكثر من الجانب الاستثماري ـ أن يكون موازيا مع العائد الاستثماري لهذه الاستثمارات فالصياغة القانونية للعقود والاتفاقيات هي عملية قانونية غاية في التعقيد وتحتاج إلى خبرة ودراية وممارسة في أغلب الأمر لا تتوافر في المستشارين القانونيين بالإدارات القانونية لهذه الشركات والمؤسسات.
وأشار إلى أن المستشارين القانونيين بحكم عملهم داخل الشركة ينحصرون قانونا في ممارسة عمل يومي روتيني إلا فيما قبل، ومن هنا يجب أن يكون دور مكاتب المحاماة المتخصصة في مجال الصفقات والاتفاقيات الدولية أكثر حضورا في ظل تزايد حجم التجارة الدولية بين الأفراد والمؤسسات، ويكفي في هذا أن نشير الى أننا يجب علينا كرجال قانون أن نقوم بدورنا في اعتلاء ساحة الشرق الأوسط من الناحية القانونية، خصوصا في ظل الغزو الأجنبي من مكاتب المحاماة الأجنبية لهذه الساحة الشرق أوسطية وتمثيل دول الشرق الأوسط والحفاظ والدفاع عن حقوق مستثمريها في إبرام صفقاتهم مع أطراف أجنبية.
وبين أن المكاتب الأجنبية العالمية التي تفتح فروعا في دول الخليج والشرق الأوسط تسير وفق سياسة عامة يضعها المكتب الرئيسي وهي في حقيقتها وجوهرها لا تراعي سوى الجانب الذي تنتمي إليه فضلا عن عدم درايتها الكافية بنظمنا القانونية. وبالتالي، فإن دورنا كأحد المكاتب الكويتية الرائدة في الخليج العربي والشرق الأوسط في القيام بهذا الدور الحيوي في سد هذه الفراغ المحاماتي لحماية حقوق دولنا ومستثمرينا وتمثيلهم في إبرام هذه الصفات والاتفاقيات بما يمثل مصالحهم وضمانهم لهذه الاستثمارات، وقد كان هذا المنظور الوطني هو نقطة الانطلاق في عقل الأستاذ عبدالحميد الصراف في تأسيس قسم دولي يضم نخبة متميزة من مختلف الجنسيات من المستشارين القانونيين انتقاهم بعناية فائقة ليكونوا جنودا للدفاع عن حقوق واستثمارات المواطنين والمستثمرين الكويتيين والعرب بصفة خاصة انطلاقا من إيمانه من أنه لن يستطيع الدفاع عن هذه الحقوق والاستثمارات سوى كتيبة من القانونيين المؤهلين علميا وعمليا وتمثيل الجانب العربي والشرق أوسطي في إبرام اتفاقياته وعقوده مع الجانب الغربي الأخر الذي قام ببناء إمبراطورية قانونية من مكاتب محاماة انتشرت في جميع أنحاء العالم للدفاع عن مصالحه، ولذلك انطلق مكتب الصراف للمحاماة والاستشارات القانونية من هذا المنطلق كجيش قانوني للدفاع عن حقوق واستثمارات جانبنا العربي الشرق أوسطي أسوة بما قام به الجانب الغربي. ومن جهته عدد رئيس قسم الاقتصاد وإدارة الأعمال بالجامعة الأميركية بالكويت د.محسن باجنيد المخاطر التي من الممكن أن يواجهها الإنسان في حياته اليومية، موضحا أن المخاطر في المجال الاقتصادي لا تعد ولا تحصي فالتأمين لا يمكن أن يكون حلا ناجعا لكل المخاطر التي يواجهها رجال الأعمال، لافتا إلى أن بعض المخاطر تعالج بتجنبها أو تقليل آثارها السلبية أو بمواجهتها في أحيان أخري، مشددا على أنه على كل رجل أعمال أن يعد لاحتمالات المخاطر قبل البدء في مشروعه من خلال إدارة متخصصة تديرها.
وأوضح باجنيد أن إدارة المخاطر أصبح علما يدرس متعدد الجهات ويتوقف على نوع المخاطر سواء قانونية أو مالية أو البيئية إلى آخره، لافتا إلى أن الأزمة المالية العالمية التي حدثت قبالة عامين كان من الممكن تجنب كل آثارها السلبية لو كان لدى المؤسسات إدارات متخصصة لإدارة المخاطر، معربا عن أسفه لغياب هذا الموضوع المهم في الفكر الاقتصادي العربي فالاهتمام بقضية إدارة المخاطر مازال بدائيا وقاصرا فغالبا ما ننتظر وقوع الأزمة ثم نتحرك بعدها. ونصح المستثمرين العرب بضرورة إعداد خطة إستراتيجية بعيدة المدى لأي نشاط استثماري يتضمن خطة عمل لدراسة المخاطر وتوقعها وكيفية التعامل معها، لافتا إلى أن العالم العربي يفتقد لهذا النوع من التخطيط.