زينب أبوسيدو
تمتاز لغة الشاعرة عبير ريدان بالبساطة والعمق في آن معا وتستخدم الكلمات التي نستخدمها في حياتنا اليومية بعد ان تمنحها طاقة شعرية عالية وكأنها تصنع الشعر من الكلام اليومي، من التفاصيل التي يتحدث بها الناس عادة، دون أن ينتبهوا إلى ما يمكن ان تحمله هذه الكلمات من شحنة روحية، في حال صاغها شاعر:
وجهك الصافي
كبقاع يغمرها الثلج
تحت خيوط الشمس الدافئة
الصورة عند عبير ريدان تلقائية ومذهلة، تأخذك إلى عالم آخر فالوجه صاف، يشبه الثلج الناصع والبارد تحت دفء الشمس وسطوعها والوجه كل هذا الفضاء العميق الدلالة، وعبير لا تتكلف الشعر إطلاقا، بل ينساب من قلمها ومن إحساسها بعفو الخاطر، وهي بذلك شاعرة بالفطرة. وفي كتابها «عندما يتكلم صمتي» الذي يضم بين دفتيه مجموعة شعرية تقع في تسعين صفحة، موزعة على اثنين واربعين قصيدة قسمتها إلى ثلاثة ابواب، جاءت عناوين القصائد موحية وذات دلالة عميقة «عندما يتكلم صمتي» و«يا إنسان» و«الشاعر»، و«رحلة غيم» و«لماذا تهمسين بالفشل» وغيرها، وتقول في قصيدتها الأولى:
عندما يتكلم صمتي
أصبح ذاتا تعيش في الأعماق
صديقها السكون
رفيقها الانطلاق
يسبح سكونها
تائها في الآفاق
ونتأمل في قصيدة «رحلة غيم» السحاب المسافر بصمت وبهدوء، وحيدا في السماء، دون ممرات او طرقات او اسيجة او حدود:
خذني معك لأسبح في فضاء
ليس فيه ممرات أو شوارع
ليس فيه بشر يرددون ترهات
واتركني اغوص بأحلامي بلا سياج
اسامر النجوم عن قرب
اشكو لها دنيتي
اهمس لها حسرتي
عن آمال أضحت سراب
فكل ما يحيط بعبير ريدان قابل لأن يتحول الى شعر، يملأ فراغ قصيدة، من الأرض الى السماء من الشاعر الى الشرفة الى اوراق الخريف والى البحر وحتى الصراع كل شيء في الحياة اليومية فيما حولنا قابل إذا ما لامسته عبير ان يتحول الى شعر مدهش.
مقتطفات من أشعار عبير ريدان
إلى لغتي
هناك يتهامسون.. يقررون
وتداس أنظمة وتهدم مدن
وآلاف الحقوق تذبح
هنا تجلد الديموقراطية
ويزور التاريخ
وهناك يتآمرون.. ويتخاذلون
هم يا لغتي... لهم مآربهم
ونحن إلى أين سائرون؟
حروفك فرت هاربة
من الخداع والسموم
الألف صار في النسيان
والعين في الحرمان
والفاء في الأحزان
وفي الخراب أضحت النون
عائلة الضاد يفرقونها
بلاد الضاد يدمرونها
وبيادر الحصاد يسلبونها
فأين أنت من هذا الجنون؟
أوراق الخريف
أوراق الخريف
تطردها الريح
من رصيف إلى رصيف
تهمس للدروب
حكايا ربيع أخضر
ترافق الجداول
وتغني مع الطيور
على إيقاع الحفيف
أوراق بلون أصفر
رسمت للمفارق
عتبا محملا
بنسيم لطيف
راحلة مع الأيام
تقطن زوايا النسيان
وعند كل سبيل
تترك صورة للخريف
ضيعتي
ضيعتي يا بيتي الفسيح
ومرج أخضر لابتساماتي
فيك تركت قلبا
وتركت أحلى ذكرياتي
رائحة الزيزفون فيك تغمرني
كما يغمر الطيب جناك
ضيعتي يا شجر اللوز والسنديان
ويا حفنة تراب مجدها
الرب في ثراك
هناك، عند دروبك
ركضت وصعدت
إلى وديانك وتلالك
وبين أغصان شجر الرمان
أغار
أحسد العيون التي تلمحك
عند الصباح ولو لحظات
وأغار من الريح إذ ما هب
لتخلط أنفاسك بالنسمات
ومن الليل إذ ما دمس
كيف لا أراك وتراك
آلاف النجمات
أغار يا حبيبي من يراع
تمسكه لتدون الكلمات
ومن جريدة ملقاة
بين أكوام وريقات
حين تقبض عليها يداك
وتنظر إليها عيناك
ومن كأس ترفعه لشفتيك
لترشف منه قبلات
واقرأ ايضاً:
تجارب المرأة في المناصب القيادية في «البنات»
ناصر العتيبي لـ «الأنباء»: زيادة ميزانية الاتحاد في مصر وإيجاد سكن جديد للطالبات في سبتمبر
وحدة الميكروسكوب الإلكتروني حصدت جائزة الكويت الإلكترونية
طرح برنامج أكاديمية مبدعي الكمبيوتر لأول مرة بالكويت 27 الجاري