في 21/2/1987 اضافت الكويت الى صرح حضارتها منبرا من منابر العلم والمعرفة والتراث، عندما افتتح صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، مركز يوسف المرزوق ولولوة النصار للطب الاسلامي بمساحة 15500م2، بحضور كبار رجال الدولة وعلى رأسهم سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله رحمه الله، وصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله.
بناء مركز الطب الاسلامي جاء بتبرع كريم من العم خالد يوسف المرزوق، رحمه الله، الذي قدم 7.7 ملايين دينار لبنائه وتشغيله في مبادرة فتحت الباب واسعا أمام مبادرات واجبة من أهل الخير في الكويت تجاه الديرة وأهلها وبعد الاحتلال العراقي الغاشم كلف ترميم المركز نحو مليون دينار بعد ان تعرض لأضرار كبيرة.
ويواصل المركز دوره الذي تحدث عنه العم خالد يوسف المرزوق، رحمه الله، في كلمته خلال حفل الافتتاح حيث أكد خلالها انه «مهما بذلنا للديرة الحبيبة فهو اقل القليل تجاه ما قدمته الكويت لنا» ونستعيد فيما يلي تلك «الكلمة ـ النهج» في السطور التالية:
كلمة العم خالد المرزوق ـ رحمه الله
ألقى العم خالد يوسف المرزوق، رحمه الله، كلمة أسرة المتبرع ببناء المركز وقال فيها: لله الحمد وللكويت العزة والمجد، وللمخلصين من أهلها والمقيمين بها الصحة والسعادة.
صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه..
سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر..
أيها الحفل الكريم..
لا تاريخ في حياة الشعوب دون ابداع.
ولا ابداع حيث لا يكون انجاز متجدد.
والانجازات الجديدة هي نتاج ايمان وعمل، وصلة الايمان بالعمل كصلة الخلق بالسلوك.
فإذا آمن الانسان بالله العظيم وأيقن باليوم الآخر وصدق بما جاء به المرسلون.. دفعه ذلك الى العمل الطيب والاستقامة فيه. وإذا كان وطننا الكويت بأبعاده البشرية، قد انتزع لنفسه مكانة خاصة في مسيرة التاريخ، فلأن في كل يوم من أيامه انجازا جديدا، يطرح به امام الدنيا بعدا جديدا من ابعاد المسيرة الحضارية الحديثة.
من هنا كان من الطبيعي ان يحفل وطننا الغالي بالعديد من الشواهد والمعالم التي تسجل لمسيرتنا الناهضة بقيادة سموكم، علامات مضيئة تعكس أحلام طموح عجيب، وايمانا وطيدا بالمستقبل، وثقة مؤكدة بأننا في الكويت جديرون بالحياة الفاضلة بكل أهدافها وأفكارها.
تجسيد لمعاني الإيمان
يا صاحب السمو..
نحتفل اليوم بواحد من الانجازات الطبية التي تجسد معاني الايمان، وتترجم تعاليم ديننا الحنيف.. دين الاسلام وآدابه التي تحلق بالانسان دائما الى المستوى الأعلى والأفضل. اننا اذ نحتفل اليوم بافتتاح مركز يوسف المرزوق ولولوة النصار للطب الاسلامي، انما نحتفل بما حققه هذا الوطن الحبيب على امتداد مسيرته الناهضة من انجازات.. وما حفلت به ربوعه من غرس طيب مبارك.
ان الله ـ عز وجل ـ جعل العمل رسالة الوجود ووظيفة الأحياء، ولهذا كان من الطبيعي ان يكون حبنا لوطننا مقرونا بالعمل من أجله، ومكرسا ثقة وولاء لقيادته الرشيدة، بحيث اصبحت صلة العمل من اجل الكويت والايمان بها صلة لا يصيبها ضعف او وهن.
اننا في الكويت نمتلئ فخرا واعتزازا ونحن نرى أسرتنا الكويتية الواحدة بقيادة راعي نهضتنا المباركة وبالتعاون مع رجالاتها المخلصين.. نراها تتسابق لتجعل من الازدهار والتقدم والمشاركة في صنع تاريخ هذا الوطن العزيز، مسؤولية ينهض بها كل المخلصين والأوفياء، ولهذا من الطبيعي ان نجد الجميع في هذا البلد الطيب يشاركون في رفع المزيد من قواعد النهضة، ويسهمون بما أفاء الله عليهم من فضله، في اقامة المؤسسات الانسانية، جاعلين دائرة النشاط الوطني والانساني تنمو وتزدهر وتتسع.
ولاشك ان افضل الاعمال وأحبها الى الله الجهاد.. والسبيل الى ذلك متعدد الميادين وليس مقصورا على حمل السلاح والدفاع عن الدين والوطن، بل يشمل كل عمل شريف الغاية، موصول العطاء.
والكويت اليوم ستظل ذلك الوطن العزيز الذي يجد فيه الجميع احساسهم بالأمن، ويستبشرون بما يحقق فيه من الانجازات الكبيرة وفي مختلف الميادين والمجالات.
ان احتفالنا اليوم بافتتاح مركز يوسف المرزوق ولولوة النصار للطب الاسلامي هو احتفال بكل الرجال المخلصين الذين لا يبخلون بجهد او مال، ويعملون من اجل عزة ورفعة هذا الوطن.. الغني بكرامته.. المحقق لعزة أفراده.. العامل أبدا لرخاء أمته.
نقطة وفاء
ان هذا المركز الطبي الاسلامي هو نقطة وفاء لهذا الوطن في بحر عطائه اللامحدود لأبنائه ومواطنيه، وهو تأكيد لشعور كل مواطن مخلص غيور على ديرته محب لأرضها وترابها الوطني، وهو رمز لمعنى كبير يتمثل قلبا وقالبا في اننا مهما قدمنا ومهما أعطينا ومهما بذلنا من فكر وجهد ومال تجاه الوطن الغالي وتجاه الديرة الحبيبة فإن ذلك هو اقل القليل تجاه ما قدمه الوطن لنا، وما اختصتنا به كويت المحبة، كويت التلاحم، كويت الأسرة الواحدة.
يا صاحب السمو..
ويا ضيوفنا الأعزاء الأجلاء..
انه لمن حسن الطالع ان يأتي افتتاح مركز يوسف المرزوق ولولوة النصار للطب الاسلامي بعد ايام قليلة من حدث اسلامي تاريخي بارز استضافته الكويت على أرضها واحتضنته برعايتها، وكفلت له بفضل حكمة أميرها وحسن قيادته وحنكة ادارته كل مقومات النجاح.
ان نجاح مؤتمر القمة الاسلامي الخامس بكل أبعاده الدينية والسياسية والقومية والدولية، كان علامة بارزة على ما تمثله الكويت من نقطة ضياء مفعمة بالارادة مدعمة بالريادة في عالم اليوم، كما انه دليل حي لا يأتيه الباطل من فوقه ولا من بين يديه على عمق وامتداد ورسوخ الدور الذي تضطلع به الكويت على صعيد الأمة العربية والاسلامية.
ولذلك فإن افتتاح مركز الطب الاسلامي اليوم هو تأكيد على استمرار هذا الدور وعلى ديمومة العطاء الكويتي تجاه العروبة والاسلام.
كذلك، فانه من شرف الاعتزاز لنا ان يتزامن افتتاح هذا المركز مع احتفالاتنا بعيدنا الوطني السادس والعشرين، تعبيرا حيا عن تزامن الاستقلال مع خطوات التنمية الطموحة، وعن مواكبة مسيرة الخير الوطنية مع النهضة الكويتية في كل المجالات والقطاعات والمرافق والميادين.. وفي كل مناحي الحياة.
ان الكويت اليوم، كما كانت في الماضي، ستبقى ذلك البيت الكبير الذي يعتز الجميع بشرف الانتماء اليه، ويتنافسون في شرف العطاء له، ويتفانون في شرف الولاء تجاهه، من اجل رفعة وعزة واستقرار هذا الوطن، القوي بتلاحم وتماسك وتكافل مواطنيه المخلصين، والعزيز بكرامته وأصالة ونقاء أبنائه الغيورين عليه.
على الدرب نسير
يا صاحب السمو..
على الدرب نسير.. وعلى المحبة نلتقي.. وعلى الحق تجتمع كلمتنا.. وعلى العدل تتزن خطانا.. وعلى الخير تمضــي مسيرتنا.. وعلى الاخاء ترتبــط وحـــدتنا.. وعلى الأمل تتحد قوانــا.. على الاسلام نرتــبط.. وعلى العــروبة نتفق.. وعلى الوطن نلتحم.. ونحث الخطى نحو المستقبل.
يا صاحب السمو..
انني واخواني اذ نقدم هذا المشروع الانساني لوطننا الغالي وابنائه الأوفياء انما نسهم بقدر يسير من العمل الطيب، لما لهذا الوطن العزيز من فضل علينا جميعا.. وما هذا المال الذي تبرعنا به لتأسيس هذا المركز، الا من فضل الله، ومن عطاء هذا الوطن الذي أفاء علينا بهذا الخير.
وفي هذه المناسبة لا يسعنا الا ان نتقدم من سموكم، ومن حكومتكم الرشيدة برئاسة سمو ولي عهدكم الأمير، بوافر الشكر وعظيم التقدير وصادق الولاء.. ضارعين الى العلي القدير ان يديم سموكم ويوفقكم لما فيه خير البلاد والعباد.
كما لا يسعنا سوى ان نتقدم بالتقدير لكل من ساهم معنا يدا بيد في انجاز هذا المشروع الانساني الكبير.
يا صاحب السمو..
يقول تعالى في محكم تنزيله (وأما بنعمة ربك فحدّث) ونحن نحاول جهد طاقتنا ان نترجم قوله الكريم عملا نافعا في سبيل عزة الكويت وسلامة ورفاه ابنائها..
حفظكم الله يا صاحب السمو..
وحفظ سمو ولي عهدكم.. وأدام الكويت حرة عزيزة منيعة.
وما النعم الا من عند الله.. أدام الله على الجميع نعمة الاسلام والسلام..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نبذة عن المركز
ويقع مركز يوسف المرزوق وزوجته لولوة النصار، رحمهما الله، في منطقة الصباح الصحية بالكويت، ويهدف لإحياء التراث الطبي الاسلامي وتخليد ما حققه السلف الصالح من علماء الطب المسلمين ومواصلة جهودهم الجليلة في ارساء أسس النهضة الطبية في العالم وتقديم جميع الخدمات الطبية لرعايا الكويت بالاضافة الى ان يكون مقرا دائما للمنظمة الاسلاميــة للعلــوم الطبيــة.
وقد قام العم الراحل بالتبرع للقيام بهذا العمل تصميما وتنفيذا، وخرج المركز بعد عمل دائم لمدة أربع سنوات بالصورة المشرّفة حتى انجز ليكون صرحا اسلاميا معماريا وعلميا، ويتكون من ثلاثة أدوار بمساحة بناء تقارب ستة آلاف ومائة متر مربع، ومسجد، يتكون من ثلاثة أدوار يتسع لألف وخمسمائة مصل بمساحة ألفين وستمائة متر مربع، وتصل بين الاثنين ممرات ذات طابع اسلامي مغطاة، واستخدم الرخام للأرضيات المنقوشة بنقشات اسلامية بمساحة ثلاثة آلاف وستمائة وخمسين مترا مربعا.
يتكون المركز من أربعة أجزاء رئيسية:
الجزء الأول: المركز الطبي بأقسامه وادارة المنظمة الاسلامية للعلوم الطبية.
الجزء الثاني: المسجد وملحقاته.
الجزء الثالث: الممرات المغطاة والحدائق الداخلية.
الجزء الرابع: مواقف السيارات والحدائق الخارجية.